"أحكام مع وقف التنفيذ".. القضاء التركي تحصيل حاصل في عهد أردوغان

كتب: محمد علي حسن

"أحكام مع وقف التنفيذ".. القضاء التركي تحصيل حاصل في عهد أردوغان

"أحكام مع وقف التنفيذ".. القضاء التركي تحصيل حاصل في عهد أردوغان

لا يُطبق القانون التركي فعليا على أرض الواقع، خلال السنوات الأخيرة، في ظل حالة الطوارئ القائمة، ونظام بسط هيمنته على منظومة القضاء، ورئيس لا يتوانى عن تهديد منظومة القضاء الجنائي إذا ترددت في إصدار قرارات أو أحكام تقضي باعتقال منتقديه ومعارضيه.

وأصبح القضاء التركي المحلي غير فاعل، وعمل المحكمة بات مقيدًا بأجندة الحكومة السياسية، فالحكومة التركية الآن تتحكم وتتدخل في إجراءات الطعون المقدمة للسلطة القضائية العليا، وليس هذا فحسب، بل تواجه عمليةُ الدفاع نفسها مشاكل خطيرة، يتمثل بعضها في عدم قدرة المحامين على التواصل مع موكليهم.

واستمرارا للتدخلات في النظام القضائي، فإن لجنة المظالم التي استحدثت بمرسوم طوارئ رقم 685 يقضي بمراجعة ما يقرب من 100 ألف حالة فصل تعسفي، لم يعد بإمكانها أن تمارس صلاحياتها، وأن تطبق قانون حقوق الإنسان في ظل ما يحدث في تركيا من انتهاكات.

وحسب المبادئ التي أقرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن الدفاع يمثل طرفا مهما ومساويا للنيابة العامة في جلسات المحاكمة العادلة، لكن في السنوات الأخيرة بتركيا وتحت ذريعة مكافحة الإرهاب، لم يفقد محامو الدفاع قدرتهم على أداء مهمتهم في الدفاع عن موكليهم فحسب، بل صار أداء هذه المهمة جريمة.

وعقب الانقلاب الفاشل في يوليو 2016، احتجزت الحكومة التركية أكثر من 1000 محام، وتم اعتقال 114 آخرين، ووجهت لهم مجموعة من الاتهامات مثل ارتباطهم بحركات اجتماعية معينة، أو زعم أنهم متواطئون في الجرائم الموجهة ضد المتهمين الذين يمثلونهم، وأحيانا أخرى يكون الاتهام الموجه لهم أنهم دافعوا بحماس عن موكليهم.

أما عن حالات الاعتداء الجسدي التي يتعرض لها المحامون، فهي جزء من حملات التخويف والإرهاب التي تمارسها الحكومة ضد المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

"توجاي بك" هو واحد من هؤلاء المحامين الذين تعرضوا للاعتداء في سبتمبر 2016، وهو أحد المدافعين عن حقوق الإنسان ورئيس لجنة مراقبة السجون في نقابة المحامين بمحافظة "أضنة"، وقد ذكر رئيس نقابة المحامين في أضنة "ولي كوجوك"، أن "توجاي" تعرض للضرب المبرح على يد 40 شرطيًّا، انقضوا عليه بالقبضات والركلات وهو مقيدٌ من خلف ظهره، وانهالوا عليه بالشتم والسباب.

وتعددت أشكال الضغوط على الجهاز القضائي بأكمله ما أفقده استقلاله ونزاهته، وحولته إلى جهاز خاضع للسلطة التنفيذية عبر وسائل وآليات متعددة وممنهجة، بدءًا من عام 2013 بعد الكشف عن فضائح الفساد المالي لقد تعددت أشكال الضغوط على الجهاز القضائي بأكمله ما أفقده استقلاله ونزاهته، وحولته إلى جهاز خاضع للسلطة التنفيذية عبر وسائل وآليات متعددة وممنهجة، بدءًا من عام 2013 بعد الكشف عن فضائح الفساد المالي الضخم الذي طال عددا من الوزراء وأبنائهم في النظام الحاكم، حتى بلغ ذروته بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016 التي مكنت النظام التركي الحاكم من تنفيذ كل أجندته.

ممارسات الفصل التعسفي للقضاة ووكلاء النيابة واعتقالهم، أنشأ جوًّا من الضغط أدَّى إلى تطورات خطيرة تَحُدُّ من حصول الأفراد على محاكمات عادلة في تركيا، وأدى إلى عدم حصول الأفراد على حقوقهم أمام القضاء المحلي.

وأكثر من 4400 قاض ووكيل نيابة تم فصلهم تعسفيًّا من وظائفهم، وما يقارب الثلثين منهم شُطبت عضويته من النقابة 16 يوليو 2016، وهو اليوم التالي لمحاولة الانقلاب، كما جمَّدت الدولة حساباتهم البنكية قبل أن توجِّه إليهم أي اتهامات، وأذاعت الدولة أسماءهم في وسائل الإعلام فأصبحوا مدانين قبل أن يَعرفوا ماهية التهم الموجهة إليهم.

وبعد ساعات قليلة من محاولة الانقلاب الفاشل، أصدر المجلس الأعلى للقضاء  قائمة تضم 2745 قاضيا ووكيلا للنيابة العامة، تم إيقافهم عن عملهم وأجري التحقيق معهم في إطار ما وصفته الحكومة بـ"منظمة كولن الإرهابية - الدولة الموازية".

وألقت الشرطة القبض على هؤلاء القضاة ووكلاء النيابة المذكورين في القائمة، وبعد ذلك تصاعد العدد حتى بلغ 4463 من القضاة ووكلاء النيابة، وبهذا فُصِل من القضاة ووكلاء النيابة ما يقارب 30% من إجمالي العاملين في السلطة القضائية، وهم آنذاك 14661، أما الذين تم اعتقالهم فهم يمثلون 17.6% من إجمالي القضاة ووكلاء النيابة العاملين في تركيا.


مواضيع متعلقة