شكري عن أزمة سد النهضة: نقترب من نقطة حاسمة ومتفائلون بحذر

شكري عن أزمة سد النهضة: نقترب من نقطة حاسمة ومتفائلون بحذر
قال السفير سامح شكري وزير الخارجية إنّ الرعاية الأمريكية أسهمت في وجود أرضية مشتركة، بشأن الإطار العام للاتفاق بشأن سد النهضة، قائلا: "نتفاءل بحذر بأننا نقترب الآن من نقطة حاسمة".
وأوضح شكري في حوار اختص به وكالة أنباء الشرق الأوسط، من خلال مراسلها في العاصمة الأمريكية واشنطن، أنّه بعد مشاورات أجريت على مدى 3 أيام في واشنطن، بحضور وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وستيفن منوتشين وزير الخزانة الأمريكي، وديفيد مالباس رئيس البنك الدولي، تم تحديد موعد متوافق عليه من قبل الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق.
وتابع أنّ الموعد يكون خلال مرحلة ليست كبيرة، لحين العودة إلى واشنطن في 28 و29 يناير الحالي، لإجراء مشاورات فنية وقانونية مرتبطة بوضع الصيغ الكاملة للاتفاق الذي سيتم توقيعه عندما نلتقي مرة أخرى في واشنطن أواخر هذا الشهر.
وقال وزير الخارجية إنّ مصر تتطلع لأن يكون هذا هو نهاية المطاف، ونتعامل دائما بحسن نية وبقدر عال من تفهم الطرف الآخر، لكن نعتبر هذه قضية حيوية لا بد من التعامل معها بكل إخلاص ودقة، حتى نحمي مصالح الشعب المصري، وشعبي السودان وإثيوبيا بشكل متساو.
الخارجية: إذا لم نصل لاتفاق نهائي.. فاتفاق المبادئ يظل ساريا
وعن رد الفعل المصري فيما لو كان هناك تعنت إثيوبي خلال هذه المرحلة، نبه شكري بأنّه "إذا لم نصل إلى اتفاق نهائي، فبالتأكيد يظل مفعول المواد الخاصة باتفاق المبادئ ساريا، لأن اتفاق المبادئ هو الذي ينشئ الالتزام الخاص بالتوصل إلى اتفاق، فإذا لم يتم التوصل، وآمل ألا يكون هذا هو النتاج، فبالتأكيد سيتم تفعيل المادة الخاصة بحل النزاع".
شكري: متفائلون بأن الرعاية الأمريكية لمفاوضات سد النهضة ستحقق الهدف المنشود
وأضاف شكري: "لدينا تفاؤل بأنّ رعاية الولايات المتحدة ومشاركتها والبنك الدولي في الفترة التحضيرية خلال الأسبوعين المقبلين لوضع الصيغة النهائية للاتفاق والوصول به إلى واشنطن، سوف تؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود".
وزاد وزير الخارجية: "نأمل في أنّ التطور الذي أتت به الرعاية الأمريكية والبنك الدولي، غيّر المسار وجعل هناك قوة دفع واستطاعت أن تقرب من وجهات النظر فيما بين الدول الثلاث حول الموضوعات، وأن تكون راعية للمفاوضات من شأنها أن يكون لها أثر إيجابي".
ولفت شكري إلى أنّه كان من المهم أنّه تم الاتفاق على تاريخ محدد للعودة إلى الولايات المتحدة، للتوصل إلى الاتفاق النهائي الشامل وتوقيعه.
شكري: ترامب أكد أهمية الحفاظ على الأمن المائي لمصر والسودان وإثيوبيا
وأوضح أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استقبل وفود الدول الثلاث، وأكد الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لتوصل هذه الدول لاتفاق وتقديره لأهمية الحفاظ على الأمن المائي، لمصر والسودان باعتبارهما دولتي مصب، وما قد يحققه السد من مكاسب في إطار التنمية في إثيوبيا، وتوقعه أن يحضر التوقيع على الاتفاق النهائي وما قد يؤدي إليه ذلك من فتح آفاق التعاون فيما بين الدول الثلاث من أجل تحقيق الرفاهية والازدهار لشعوبها.
وأشار الوزير إلى أنّ الرئيس ترامب أكد أيضا اهتمام الولايات المتحدة بأن تكون شريكا للدول الثلاث في إطار جهودها التنموية واستمرار رعاية هذا المسار، موضحا أنّ هذه كانت لفتة كريمة من الرئيس ترامب وتعبيرا على الاهتمام والرعاية التي توليها الإدارة لهذا الموضوع المهم، وتقديرا لأهمية هذا الموضوع، خاصة فيما يتعلق بحماية المصالح المائية لدول المصب.
وأضاف أنّ الأيام الثلاثة الماضية شهدت اجتماعات مطولة برعاية أمريكية، في إطار الحوار الممتد بعد 4 لقاءات عقدت بين مصر والسودان وإثيوبيا في إطار التوصل إلى اتفاق شامل لملء وتشغيل سد النهضة.
وأشار إلى أنّه تم خلال هذه اللقاءات تحديد الأطر المفاهيمية الخاصة بالاتفاق، والمواضع التي يجب أن يتم تناولها والعناصر المختلفة المرتبطة بالاتفاق والقضايا ذات الاهتمام بالنسبة للأطراف الثلاثة، والتوصل إلى صيغة لبيان ختامي صدر عن الجانب الأمريكي حدد هذه العناصر التي تم التداول بشأنها بصورة مبدئية، موضحا أنّ هذه العناصر لا تمثل اتفاقا في حد ذاته أو توافق على عناصر بعينها، وإنّما محاولة لاستعراض مختلف القضايا التي تم تناولها والعناصر ذات الأهمية.
وأكد أنّه كان من المهم الاتفاق على تاريخ محدد للعودة إلى الولايات المتحدة للتوصل إلى الاتفاق النهائي الشامل وتوقيعه، لافتا إلى أنّ مفاوضات سد النهضة استغرقت بالتأكيد وقتا طويلا، والإنجاز الذي تم فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق المبادئ الذي تم في 15 مارس عام 2015، كان يضع خارطة طريق للتوصل إلى اتفاق كامل وشامل مرتبط بالملء والتشغيل، وبالتالي استغرقت المفاوضات نحو 5 سنوات بما تجاوز التوقعات والآمال.
وأوضح أنّ القضية في النهاية علمية، فهناك أنهار عابرة للحدود تم التعامل معها بنجاح في إطار تعاوني، وبما يحافظ على المصالح المشتركة للدول التي تعبر بها الأنهار الدولية.
الخارجية: مصر أكدت في مناسبات عدة اهتمامها بحصول إثيوبيا على المزايا المرتبطة بالسد
ولفت إلى أنّه كان من المتوقع أن نصل إلى اتفاق، خاصة أنّ مصر أكدت في العديد من المناسبات اهتمامها بأن تحصل إثيوبيا على كامل المزايا المرتبطة بالسد من حيث التنمية وتوليد الكهرباء، والسعي للتأكيد على حقوق مصر المائية واستمرار تدفق المياه إلى كل من مصر والسودان بشكل منتظم وفيه قدر من التعاون، إذ يتطلب هذا المشروع الكبير تعاون دول المصب حتى يستطيع أن يملأ الخزان الخاص به.
وأضاف وزير الخارجية: "على أي حال، ما كان في الماضي هو في الماضي الآن، لكننا نتطلع إلى المستقبل، وأتصور أنّ اللقاءات التي عقدت مؤخرا في العواصم الثلاث ولقائي واشنطن أسهمت جميعا في وجود أرضية مشتركة حول الإطار العام للاتفاق".
وتابع: "كنا نأمل في أن تفتح هذه النقطة مجالات التعاون بين الدول الثلاث وتكرس القدرة على التعاون والعمل بصيغة تصب في مصلحة كافة دول المنطقة".
ونوه الوزير بأنّ المادة الواردة في الاتفاق الإطاري أو اتفاق المبادئ والخاصة بحل النزاع أو تفسير الاتفاق، هي بالتأكيد واردة لأن اتفاق المبادئ هو الذي يقود إلى التوصل إلى الاتفاق النهائي.
وبيّن شكري أنّ المشاورات التي امتدت على مدى الـ5 سنوات أوجدت في مراحل كثيرة مواضع اتفاق وفهما مشتركا لوجهات النظر والتقريب بينها، و"كنا نأمل أن تجري الأمور بشكل أسرع للوصول إلى نقطة الاتفاق النهائي تنفيذا لاتفاق المبادئ".
وأضاف: "لكن دائما ننظر للأمام وعدم إضاعة الفرص وإطلاق العلاقات فيما بين الدول الثلاث خارج إطار مجرد التوصل إلى الاتفاق، لأن هناك مجالات عديدة يجب أن نستفيد منها ونستغلها عندما يكون هذا الموضوع تم الانتهاء منه".
وأشار إلى أنّه لم تتم خلال مفاوضات واشنطن إثارة موضوع اللجوء إلى وسيط آخر غير الوسيط الأمريكي، إذ لم تذكر ذلك لا الأطراف الثلاثة ولا الأطراف الراعية، فالمشاورات تركزت حول الأمور الموضوعية المرتبطة بالقضايا الفنية الخاصة بملء وتشغيل السد واحتياجات دولتي المصب مصر والسودان والرعاية الأمريكية سارية، وبالتالي لم يكن هناك أي طرح لوساطة أو رعاية من قبل أي طرف آخر".
شكري: الرعاية الأمريكية تهدف للاستماع إلى وجهات النظر كافة وتوفير مكان للانعقاد
ونبه شكري بأنّ الرعاية الأمريكية هي رعاية بغرض الاستماع إلى وجهات النظر وتوفير مكان للانعقاد والإمكانيات، من خلال أطقم معاونة لديها خبرة واسعة ودراية بالأبعاد الفنية والقانونية استطاعت أن ترشد إلى التجارب السابقة، وما هو متداول في النطاق الفني والقانوني للتعامل مع مثل هذه القضايا، وأن ييسر أيضا التواصل فيما بين الدول الثلاث وتحديد نطاق التشاور والتناول فيما بينها.
وبشأن لقاءاته الأخرى في الولايات المتحدة، أشار الوزير إلى أنّ لقاءه مع روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي الأمريكي تركز أساسا على العلاقة الخاصة التي تربط بين الولايات المتحدة ومصر وطبيعتها الاستراتيجية والإرادة السياسية المتوفرة لدى الجانبين، لاستمرار تطويرها والارتقاء بها والعمل المشترك على دعم الاستقرار بالمنطقة واستمرار التعاون فيما بينهم لتحقيق هذا الغرض.
وأشار إلى أنّه تناول عدد من القضايا، بينها الأزمة في ليبيا وأيضا القضايا الأخرى مثل التوتر في الخليج العربي والتطورات الحادثة بالنسبة لإيران والعراق وسوريا، والتوسع في النفوذ من خارج الإطار العربي من دول مثل إيران وتركيا، ومذكرتي التفاهم اللتين تم توقيعهما بين فايز السراج وتركيا وعدم شرعيتهما، وما كان دائرا من لقاءات تمت من أجل تسوية ذلك، والتحضير لمسار برلين الذي يتناول القضية الليبية.
ولفت إلى أنّه كان هناك توافقا كبيرا في الرؤى المصرية والأمريكية واستمرار الاعتماد المتبادل في تناولها، وفي الحفاظ على مصالح الدولتين في تحقيق الاستقرار والتوصل إلى تسوية سلمية لهذه الصراعات، كما تم تناول قضية الإرهاب وانتشار هذه الظاهرة وضرورة تكثيف الجهود لتناولها بما في ذلك إدراج قضية تنظيم الإخوان كمنظمة إرهابية.
وعن لقاءاته في الكونجرس، قال شكري: "كما هي العادة، انتهزت فرصة انتهاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة والتي شارك فيها وزير الري وطاقم فني من وزارة الري وطاقم قانوني وسياسي من وزارة الخارجية؛ لتناول العلاقات القائمة بين مصر والولايات المتحدة على مستوى الكونجرس الأمريكي بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ والأعضاء من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي".
وأشار إلى أنّ هناك لجانا كثيرة معنية بالعلاقة مع مصر والأوضاع الإقليمية، حيث كانت هذه فرصة لتناول القضايا الثنائية ودعم العلاقات المصرية الأمريكية السياسية والاقتصادية والأمنية.
ونوه الوزير بأنّه تمّ كذلك توضيح الرؤية المصرية للتطورات التي تحدث في مصر، من حيث نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي ووجود فرصة مواتية للاستثمارات والشركات الأمريكية للعمل والاستفادة من مركز مصر الإقليمي وعلاقاتها مع الدول الأفريقية ودول محيطها العربي، واستمرار الاعتماد المتبادل لتحقيق المصالح المشتركة.