"عبّارات الموت" تهدد المواطنين.. والأهالي: "بنتشاهد على روحنا قبل ما نركب ومفيش بديل"

"عبّارات الموت" تهدد المواطنين.. والأهالي: "بنتشاهد على روحنا قبل ما نركب ومفيش بديل"
المسافات التى تفصل بين كثير من القرى الواقعة على جانبى نهر النيل والترع الكبرى لا تتجاوز بضعة كيلومترات، لكن الرحلة من قرية إلى أخرى تستغرق ساعات طويلة، بسبب عدم وجود كبارى أو جسور تربط بين الجانبين، ما يضطر الأهالى إلى استخدام معديات أو عبارات للعبور عليها، الأمر الذى يعرض العشرات منهم للموت غرقاً، بسبب تهالك الكثير من العبارات، التى أصبحت فى حالة يُرثى لها، إلا أن الأهالى يضطرون لاستخدامها لعدم وجود بديل آخر أمامهم، لدرجة أن بعض الأهالى يقومون بقراءة الفاتحة ونطق الشهادتين، قبل الصعود على متن العبارات، التى يصفها البعض بـ«عبارات الموت».
فى محافظة أسيوط، يلاحق الموت آلاف المواطنين، بسبب تدهور حالة العبارات التى تربط بين مراكز شرق وغرب النيل، نتيجة تهالكها وعدم صيانتها، وحمولاتها الزائدة، نظراً للضغط والإقبال الشديد عليها من جانب المواطنين والطلبة، كونها وسيلة الانتقال الوحيدة فى هذه المناطق.
مليونا "أسيوطى" يطلبون كوبرى فى أبوتيج
وقال «ريمون فتحى»، من أهالى أبوتيج، إن الآلاف يعرضون حياتهم لخطر الموت يومياً فى المعدية الوحيدة، التى تنقل المواطنين والسيارات من المدينة إلى ساحل سليم، بعد توقف مشروع كوبرى أبوتيج العلوى، الذى كان من المقرر الانتهاء من إنشائه خلال الفترة الماضية، ليخدم أكثر من مليونى مواطن فى 5 مراكز بالمحافظة، مضيفاً أنه على الرغم من قيام المحافظ الأسبق بإحالة مسئولى الصيانة بمشروع العبارات إلى التحقيق، لتقصيرهم فى عملهم، على خلفية حدوث عطل مفاجئ فى إحدى العبارات وجنوحها، فإن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً، ليظل الإهمال «سيد الموقف».
ووصف محمد السيد، من أهالى المركز، مشروع الكوبرى العلوى بأنه كان «بمثابة حلم» لجميع أهالى المحافظة، وليس لأبناء مركزى أبوتيج وساحل سليم فقط، معتبراً أن قرار تأجيل تنفيذ المشروع أثار حالة من الاستياء بين الأهالى، وأضاف «خلف محمد»، من أهالى ساحل سليم، أن العبارة لا يوجد لها سور يحمى المواطنين من خطر السقوط فى المياه، حيث يستعين المواطنون «بسلك» يستندون عليه لتجنب السقوط، مشيراً إلى تهالك رصيف الانتظار على مرسى العبارة، ما تسبب فى وجود فجوة بين العبارة والرصيف، الأمر الذى يعرض الأهالى للسقوط فى المياه أثناء صعود العبارة أو النزول منها.
وحذر عدد من الأهالى من أن «الكارثة قادمة لا محالة»، إذا لم يتحرك المسئولون بالمحافظة لتجديد وصيانة العبارة النهرية، حفاظاً على أرواح المواطنين، وطالب أهالى المركزين، رئيس الوزراء، المهندس مصطفى مدبولى، ومحافظ أسيوط، بمحاسبة المتسببين فى توقف مشروع كوبرى أبوتيج العلوى، بعد الشروع فى تنفيذه، واستئناف العمل بالمشروع، والانتهاء منه فى أسرع وقت.
وأوضح «مختار محمود»، من أهالى مركز البدارى، أن العبارات التى تربط بين القرى على جانبى النيل متهالكة، ما يتسبب فى تعطلها بصورة مستمرة، مشيراً إلى أنه سبق وتعطلت إحدى العبارات، بسبب كسر فى «عمود الدفة»، أدى إلى عدم السيطرة عليها، وحدوث جنوح لها، وجرفها التيار إلى قرية «بنى فيز»، وكان على متنها أكثر من 30 شخصاً وحوالى 10 سيارات، وبعض الأغراض والمنقولات الخاصة بالركاب، ما دعا الأهالى إلى الاستغاثة بشرطة النجدة والإنقاذ النهرى والمسطحات المائية، التى تمكنت من نقل الركاب من العبارة المُعطّلة إلى لنشات وقوارب الإنقاذ، وسط مياه النيل، لافتاً إلى أن العطل تكرر مرة أخرى فى نفس العبارة، دون أى تحرك من قبل المسئولين.
قوارب الصيد تنقل سكان جزر المنيا
وتُعد قوارب الصيد هى وسيلة النقل الوحيدة، التى يعتمد عليها سكان الجزر النيلية الممتدة على طول مجرى النهر فى محافظة المنيا، حيث يعتمد هؤلاء البسطاء على مراكب بدائية، معظمها غير مرخصة، فى عبور نهر النيل، لتوصيل أبنائهم إلى مدارسهم، حيث يضطر الأطفال إلى عبور النهر مرتين يومياً، للوصول إلى الجزيرة الواقعة أمام قرى شرق النيل، وهو ما دفع «حسن جودة»، أحد سكان هذه الجزر، إلى القول: «مفيش بديل»، مشيراً إلى أن الجزيرة التى يعيش فيها مع أسرته تقع فى وسط النيل، بين قريتى «الحوارته» شرقاً، و«زهرة» غرباً، وأحياناً يضطر وأسرته إلى استقلال قارب صيد يملكه، للعبور إلى البر الغربى، قاصداً مدينة المنيا، حال تعرض أحد من أفراد أسرته إلى تعب أو مرض مفاجئ، أو لشراء بعض المستلزمات الأساسية، وأكد أن عبور النيل بقارب فى جوف الظلام، يُعد مجازفة كبيرة تنطوى على كثير من المخاطرة، حيث تنعدم الرؤية ليلاً، وقد يصطدم القارب بالأحجار أثناء محاولة الرسو على البر، ما قد يؤدى إلى انقلابه، وغرق جميع من على متنه.
المعاناة امتدت ووصلت إلى محافظة القليوبية، حيث يشكو الآلاف من أهالى القرى الواقعة على جانبى نهر النيل والترع الكبرى بالمحافظة من سوء حالة المعديات والمراكب البدائية التى يستخدمونها فى تنقلاتهم، فى ظل تجاهل الأجهزة المعنية لمعاناتهم، الأمر الذى يهدد أرواح المئات منهم، ورغم كثرة الحوادث التى تسببت فيها، ستظل «تخرج لسانها» للمسئولين بالمحافظة، وفقاً للتقارير الصادرة عن إدارة الملاحة النهرية بالقليوبية، التى تكشف حجم المأساة، حيث أكدت أن معظم هذه المعديات لا توجد بها أطواق للنجاة أو سترات للطوارئ، بالإضافة إلى أن الصدأ أكل هياكل العديد منها، فضلاً عن عدم وجود مراسٍ آمنة يمكن للركاب الانتظار عليها. وقال «محمد خليل»، من قرية «العبادلة»، التابعة لمركز طوخ، إن هناك معديتين متهالكتين تعملان بـ«الرياح التوفيقى»، إحداهما تربط بين قريتى «العمار» و«منشأة العمار»، والأخرى تربط بين قرية «كفر الفقهاء» والعزب المجاورة، مؤكداً أنهما تمثلان تهديداً حقيقياً على حياة الركاب، لافتقارهما لأبسط وسائل الأمان.
معديات القليوبية أكلتها "البارومة"
وفى كفر شكر، قال «عبدالعزيز حليم»، أحد الأهالى، إن جميع المعديات التى تربط قرى المركز مع البر الغربى للرياح التوفيقى، أكلتها «البارومة»، ومعظمها غير مرخصة، وتعمل بنظام «الجنزير»، الذى سرعان ما يأكله الصدأ، ويؤدى إلى انقطاعه، لتجرف المياه المعدية إلى مسافات بعيدة، مشيراً إلى أنه رغم تكرار مثل هذه الحوادث، لم يتحرك أحد من المسئولين لإنهاء هذه المعاناة. وأضاف «عصام عبدالله»، من أهالى الخصوص، أن معظم المعديات التى توجد على «ترعة الإسماعيلية»، أمام كوبرى «مسطرد»، وهيئة الطاقة الذرية، غير مرخصة، ولا تصلح للاستخدام الآدمى، وتعمل بنظام الحبل أو «الواير»، ولا توجد بها أطواق نجاة.
من ناحية أخرى كشف تقرير صادر من إدارة الملاحة النهرية بمديرية الطرق فى القليوبية، عن قيام المديرية بوقف عدد كبير من المعديات المخالفة لشروط الترخيص فى نطاق المحافظة، من خلال القيام بحملات للتفتيش والمراجعة على كافة التراخيص وشروط الأمان الخاصة بالمعديات النهرية، أسفرت عن ضبط العديد من المخالفات فى المراسى والمراكب والمعديات، فى نطاق مراكز بنها وكفر شكر والقناطر الخيرية، وأشار التقرير إلى أنه يتم تمشيط مناطق وجود المعديات، للتأكد من وجود تراخيص لهذه المراكب، فضلاً عن توافر شروط الأمن والسلامة بها، حفاظاً على أرواح المواطنين، حيث تم إلغاء 5 معديات، إحداها كانت تعمل فى ترعة الإسماعيلية بمنطقة «عزبة شكرى»، التابعة لمركز الخانكة، و4 معديات تعمل فى «الرياح التوفيقى»، بمناطق «المنشأة الكبرى»، و«عزبة زكريا»، وكفر عامر»، و«رضوان»، التابعة لمركز كفر شكر، بعد إنشاء مجموعة من كبارى المشاة، ساعدت المواطنين على الاستغناء عن المعديات.