الثأر الإيرانى: فيلم أمريكى سخيف!
فيلم هزلى سخيف ذلك الذى شاهدنا فصوله مؤخراً بين إيران والولايات المتحدة على مسرح أحداث العراق!
فيلم لا احترام فيه لعقول الرأى العام فى المنطقة، ولا فى إيران، ولا يمكن تمريره على الرأى العام والإعلام فى الولايات المتحدة.
تصريحات نارية، رفع درجة الاستعداد والتأهب فى المنطقة، رفع منسوب التوتر والحديث عن أعلى درجات الحرب، ثم تحدث مهزلة مسرحية إطلاق الصواريخ على معسكر «عين الأسد»!
يصرح المرشد الأعلى بأن قرار الانتقام والثأر لدماء الجنرال سليمانى قد اتخذ.
يصرح وزير الخارجية جواد ظريف بأن إيران سوف تنتقم لكن لن تتسرع فى الرد.
فى مساء ذات الليلة تبلّغ إيران أجهزة الاستخبارات العراقية بأنها سوف تهاجم قاعدة «عين الأسد» بعد 6 ساعات.
تقوم الاستخبارات العسكرية بالإبلاغ الفورى لقيادة الجيش الثالث الأمريكى العامل فى العراق الذى يقوم على الفور بإخلاء الجانب الأمريكى من القاعدة من المعدات والأفراد، كما يقوم بإخلاء طائراته من «الدشم» وإبعاد المركبات والمجنزرات.
تطلق إيران 12 صاروخاً لا تتصدى لها أى منظومة دفاع أمريكية ولا يصاب إصبع جندى أمريكى!
وكما صدر الأمر من ولاية «نيفادا» التى تبعد 11700 كيلومتر من «بغداد» تم إطلاق صواريخ تجاه موكب «سليمانى» من طائرة «ريبر إم كى ٩ إيه»، قامت قوات الحرس الثورى بإطلاق 12 صاروخاً باليستياً على قاعدة «عين الأسد» انفجرت فيها اثنان فقط، أما البقية فطاشت بعيداً عن الهدف وتم نزع صواعق التفجير منها عن عمد، أى إن العملية كانت عملية شكلية مسرحية!
تكشف صور الأقمار الصناعية التى أذاعتها قناة «سى. إن. إن» ضعف وعدم دقة الإصابة للمراكز والمواقع والأهداف الخالية.
بعد ذلك يعود جواد ظريف ويقول إن إيران اكتفت بهذه الضربة، ويقول «ترامب» إن القوات الأمريكية بخير، ويؤكد أنه لا يسعى للحرب مع إيران!
وتخرج من «طهران» رسائل تتحدث عن ضرورة العودة إلى الاتفاق النووى.
يطلب «ترامب» من بقية أعضاء الاتفاق النووى الانسحاب منه، ويقرر فرض عقوبات فورية إضافية ضد إيران.
هذه المسرحية كان هدفها امتصاص حالة الغضب الداخلى والشعور بالصدمة والإحباط داخل الرأى العام الإيرانى ولدى الحلفاء فى المنطقة، تحت دعوى: «نعم إيران قادرة على الثأر»!
مسرحية فاشلة ما كان لها أن تتم بهذه الطريقة الرخيصة!
بعدما كانت التحليلات السياسية تتحدث عن أن اغتيال الجنرال سليمانى هو بداية شكل جديد من قواعد الاشتباك فى الصراع، يثبت أن اغتيال الرجل كان بداية لقواعد التفاوض المقبل.
كما قلنا، كل من المرشد و«ترامب»، على خلاف المصالح العليا لبلديهما، يسعيان إلى التصعيد من أجل أهداف ومكاسب داخلية، إلا أنهما أدارا عملية «التصعيد اللاحق لاغتيال سليمانى» بسذاجة لا تنطلى على عقول أطفال الحضانة!
خوفى الشديد، بعد المتابعة الدقيقة للأحداث الأخيرة، أن يكون اغتيال الجنرال سليمانى عملية لتمهيد الجو ومد الجسور بين «طهران» و«دمشق» لإنهاء مرحلة وكلاء إيران فى المنطقة وصياغة تركيبة جديدة مخيفة!
هذه التركيبة هى تسليم الإدارة الأمريكية التى قررت الانسحاب من المنطقة بتكاليفها ولكن مع الاحتفاظ بالنفوذ من خلال تعيين وكيل رئيسى مؤثر هو إيران.
إيران التى ستوافق على إيقاف التخصيب وتجميد الصواريخ الباليستية وتوظيف حلفائها للمشروع الجديد ستكون مقبولة أمريكياً.
دائماً ندفع نحن العرب الثمن! شىء مخيف!
الآن أمام إيران 3 خيارات:
الأول: قبول وساطات: روسيا، سويسرا، قطر، عمان، فرنسا، من أجل إعادة مناقشة وفتح بنود الاتفاق النووى.
الثانى: الانسحاب من الاتفاق النووى واتباع سياسة حافة الهاوية من الآن حتى وضوح نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر من هذا العام.
الثالث: عدم الاشتباك وعدم التفاوض فى ذات الوقت، مع ترك الدور للأعمال العسكرية للوكلاء فى اليمن، ولبنان، وسوريا، وغزة، والعراق، ليس ضد أهداف أمريكية ولكن ضد دول الخليج العربى وإسرائيل.