عالقة بين أنياب الأمريكان وسهام الإيرانيين.. قطر تسقط في "وكر الأفاعي"

كتب: بهاء الدين عياد

عالقة بين أنياب الأمريكان وسهام الإيرانيين.. قطر تسقط في "وكر الأفاعي"

عالقة بين أنياب الأمريكان وسهام الإيرانيين.. قطر تسقط في "وكر الأفاعي"

أثار حضور قطر في التوتر الراهن بين واشنطن وطهران تساؤلات عديدة حول موقفها في ضوء علاقاتها الجيدة بالطرفين، وتعددت دوافع قطر للمسارعة إلى التدخل بين حليفيها المتصارعين أمريكا وإيران، بعد مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة أمريكية بالعراق.

أشارت تقارير عدة إلى تحرك الطائرة المسيرة التي استهدفت سليماني من إحدى القواعد الأمريكية في قطر، وهو ما نفته الأخيرة، حيث سارع وزير الخارجية القطري إلى التوجه نحو طهران للقاء المسؤولين الإيرانيين وللتعزية في مقتل سليماني الذي كان يمثل حصانها الرابح في سباق التدخل في دول المنطقة العربية، لكن الموقف القطري تحيطه عدة محاذير على رأسها صعوبة إرضاء أي من صديقيها المتحاربين.

الدوحة تتأرجح بين حليفيها المتحاربين.. ومعركة "سليماني" تضرب مصداقية موقفها

ووسط التهديدات المتبادلة بين أمريكا وإيران وإعلان المسؤولين الإيرانيين استهداف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، أثار الجدل حول الوجهة المتوقعة للانتقام الإيراني، وسط تساؤلات حول مواقف الدول التي تستضيف القواعد الأمريكية في المنطقة وعلى رأسها قطر التي تستضيف أكبر قاعدة أمريكية في الإقليم، حيث انتشر نبأ انطلاق الطائرة التي قتلت سليماني من قطر، بعد يومين من توجه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بالشكر، إلى قطر "لتضامنها في وجه النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة، بما في ذلك الهجوم على السفارة في بغداد"، بحسب تعبيره.

فيما تحدثت حركة "عصائب أهل الحق" العراقية، عن موقع انطلاق الطائرة الأمريكية التي قصفت موكب قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وقالت الحركة، في بيان لها، إن "الطائرة الأمريكية انطلقت من الكويت وليس من قطر"، زاعمة أن "جميع التقارير حول الطائرة بدون طيار MQ-9، والتي قتلت المهندس وسليماني، والتي قالوا عنها إن مقرها قطر، هي تماما معلومات مغلوطة بالنسبة للتحقيق الأولي".

فيما نفت الكويت رسميا الأنباء التي تحدثت عن إقلاع الطائرة الأمريكية المسيرة، التي استهدفت سيارة قاسم سليماني من أحد قواعدها العسكرية.

وأكدت الكويت، في بيانها، عدم استخدام القواعد العسكرية في الكويت لتنفيذ هجمات خارجية ضد أهداف محددة في دول الجوار. فيما رجح تقرير على قناة الحرة الأمريكية، أن "لا تقدم إيران على ضرب أي أهداف أميركية أو غربية في قطر، لأنها لا تريد تخريب علاقاتها مع الدوحة، كما أنها لا ترغب بحرب مفتوحة مع الولايات المتحدة".

وغداة الضربة الأمريكية قام وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزيارة مفاجأة إلى طهران للقاء نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، والرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني لمناقشة آخر المستجدات على الساحة الإقليمية، لا سيما الأحداث الأخيرة في العراق.

ووجهت إيران العديد من الرسائل إلى واشنطن خلال اللقاءات التي قام بها وزير الخارجية القطري في طهران، حيث أكد له روحاني أن "أمريكا ستدفع ثمناً باهظاً نتيجة سياساتها المتهورة". واعتبر أن "الأمريكيين دخلوا مساراً جديداً يشكل خطراً جسيماً على المنطقة، ما يستدعي التشاور والتنسيق عن كثب بين دولها". وشدد روحاني على أن "إيران لم تكن البادئة بإثارة أي توتر يؤدي للإخلال بأمن المنطقة الذي يتأزم بسبب الإجراءات الأمريكية الهوجاء"، حسب تعبيره.

وعلق رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، قائلا: "في ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، فأنا حتى الآن لا أتوقع مثل ما ذكرت سابقا نشوب حرب شاملة ولا أتوقع أن يقدم الإيرانيون على رد متعجل".

ومن جانبه، قال المحلل السياسي محمد حامد لـ"الوطن"، إن "قطر تسعى لأن تلعب دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة منذ اليوم الأول وكان هناك تركيز كبير على زيارة وزير خارجيتها إلى إيران، وهناك تقارير حول خروج الطائرة المسيرة من قطر، وهذا دليل على أن قطر لا تزال تلعب على المتناقضات الدولية من أجل حضورها، والولايات المتحدة لا ترى فيها وسيطا نزيها في هذا الأمر، حيث تعول واشنطن على دور سلطنة عمان في الوساطة مع إيران، منذ واقعة احتجاز الرهائن الأمريكية بعد الثورة الإيرانية عام 1979".

وتابع: "لكن قطر تبحث عن دور في هذه الأزمة الدولية التي تلقي متابعة واسعة، للحصول على دور ما، ولكن الولايات المتحدة لا تفضل هذا الدور وإنما تلجأ عادة إلى عمان وباكستان".

وكانت وساطة باكستانية يقودها رئيس الوزراء عمران خان، قد نجحت في تخفيف التوتر بين إيران من جانب والولايات المتحدة والسعودية من جانب آخر خلال الشهور الماضية، بعد حادث أرامكو، حيث ساهم ترحيب جميع الأطراف بهذه الوساطة في نزع فتيل التوتر بين الجانبين.

العامر: قطر تلعب على كل الأطراف.. وأدخلت نفسها "وكر الأفاعي" 

وبدوره، قال المحلل السياسي البحريني طارق العامر لـ"الوطن"، إن الموقف القطري يشبه بيت الشعر القائل "كالمستجير من الرمضاء بالنار"، معتبرا أن "قطر أدخلت أياديها في وكر الأفاعي ولا تستطيع الآن التملص أو الخروج منه سالمة، وهذه للأسف نتيجة متوقعة لسياسة اللعب على كل الحبال، فقد لعبت مع الأمريكان والإيرانيين وهي تعلم أن الإيرانيين أعداء للأمريكان، وأدخلت نفسها في لعبة أخرى حينما تحالفت مع الاتراك وهي تعلم أن هذا المثلث لا يمكن أن يجتمع إلا في ظل عداء تام".

وأكمل: "مصيبة قطر أنه لا سبيل لها إلا سوى محاولة الرجوع إلى الخلف، ويمكن أن تكون قطر أول المستهدفين من صراع واسع بين واشنطن وطهران، وهل حاولت تبرئة نفسها من الاتهام باستهداف سليماني من قاعدة قطرية، عبر إرسال وزير خارجيتها بشكل سريع إلى طهران في نفس اليوم لتعزية القيادة الإيرانية وتبعد عنها التهم، ولكنها في الواقع هي شريك وكانت تعلم بالضربة أو علمت بها في نفس اللحظة ورغم ذلك لم تبلغ الإيرانيين".

وتابع: "قطر في وضعية لا تحسد عليها، والتهور السياسي هو ما يغلب على قراراتهم التي تضر بمصلحة دول التحالف العربي والأمن الإقليمي ودول مجلس التعاون، وقد خسرت جيرانها وتحالفاتها العربية لصالح أطماع شخصية وخلافات شخصية مع القيادات العربية والخليجية، واليوم هي في مأزق اشبه بالمأزق العراقي الذي يعاني وجود قوات أمريكية وميليشيات إيرانية على أرضه، وكلاهما سيطاله شرارة الحرب أكثر من أي طرف آخر".

وعززت قطر من علاقاتها بايران منذ إعلان قرار مقاطعة دول الرباعي العربي للدوحة في صيف 2017، حيث كانت العلاقات مع طهران أحد أسباب المقاطعة.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر، أمس الأول إن علاقة بلادها مع إيران قائمة على حقائق الجغرافيا والمصالح المشتركة، مثل "أننا نشترك معهم في أكبر حقل للغاز في العالم بأكمله"، وتابعت: "بلا شك لكن هناك مساحات أيضا للاختلاف بيننا وبينهم قررنا أن نتعامل معها بعقلانية".


مواضيع متعلقة