"المسجد الأموي".. موقع عبادة شاهد على دمشق من 1200 عام قبل الميلاد

"المسجد الأموي".. موقع عبادة شاهد على دمشق من 1200 عام قبل الميلاد
- بوتين
- المسجد الأموي
- سوريا
- دمشق
- الرئيس السوري
- الرئيس الروسي
- بوتين
- المسجد الأموي
- سوريا
- دمشق
- الرئيس السوري
- الرئيس الروسي
زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجامع الأموي والكنيسة المريمية في العاصمة السورية دمشق، برفقة نظيره السوري بشار الأسد، خلال زيارة رسمية لسوريا.
ويعود تاريخ موقع المسجد أو الجامع الأموي، وتحديدا تاريخ البناء الذي أقيم عليه المسجد، إلى قبل الميلاد بما يقارب 1200 عام، وذلك عندما كانت مدينة دمشق عاصمة لإحدى الممالك الآرامية وهي دولة آرام دمشق.
وقد كان الآراميون هناك في ذلك العصر يعبدون الإله "حدد" الآرامي أو الإله "بعل" وهو إله الرعد والمطر والخصب حسب معتقداتهم، فأقاموا له في تلك المنطقة المرتفعة قليلًا معبدًا خاصًّا به، ولا يوجد تصوُّر دقيق عن كيفية المعبد إلا أنَّ الراجح من أقوال المؤرخين والباحثين أنَّه كان موافقًا لنماذج المعابد الكنعانية السامية التقليدية ويشبه معبد القدس كثيرًا، ويقال إنه كان يتألف من ساحة محاطة بسور وفيها غرفة صغيرة للتعبُّد، ويوجد في متحف دمشق حجر واحد من بقايا المعبد الآرامي يرجع إلى فترة حكم الملك حازائيل، وظلَّ المعبد يقوم بدوره الرئيسي لقرون عديدة.
وبعد أن تعرضت مدينة دمشق للغزو من قبل الرومان في 64 تم تحويل المعبد الآرامي إلى معبد للإله جوبيتر، وتمت توسعة المعبد وإعادة تكوينه من جديد وذلك بإشراف مهندس معماري دمشقي هو أبولودوروس، وقد نال معبد جوبيتر إعجاب الناس كثيرا في ذلك الوقت، وتحول بذلك معبد جوبيتر إلى سلطة تشريعية دينية في المنطقة بسبب مركزه المهم، وقد نال المعبد نصيبه من التوسعة والإضافات التي استمرت خلال فترة الحكم الروماني الأولى، وفي نهاية القرن الرابع الميلادي وتقريبا في عهد الإمبراطور الروماني تيودوس الأول تحول المعبد إلى كنيسة أطلق عليها اسم كنيسة القديس يوحنا المعمدان الذي ما زال ضريحه موجود داخل الجامع، ولا تزال بعض آثار المعبد باقية إلى يومنا هذا.
وبعد أن تم للمسلمين فتح مدينة دمشق في عام 634 م على يد كل من خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح تحوَّلت نصف كنيسة يوحنا المعمدان إلى مسجد أو مصلَّى للمسلمين، فقد فتح خالد بن الوليد نصف المدينة الشرقي عنوة بالسيف أما أبو عبيدة فقد فتحها من الغرب صلحًا، ولذلك اتفق القوم على تحويل نصف الكنيسة إلى مسجد يصلي فيه المسلمون، وكان أبو عبيدة بن الجراح أول من صلى في البقعة الشرقية منه والتي تسمى محراب الصحابة، وقد كان المسلمون والمسيحيون يدخلون إليه من بابٍ واحد، وعندما تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة بنى قصر الإمارة إلى جانب المسجد من جهة الجنوب وجعل فيه قبته الخضراء، وبقي المعبد على حاله مقسوما مناصفة بين المسلمين والمسيحيين إلى أن تولَّى الخلافة عبد الملك بن مروان.
في عهد الخليفة الأموي السادس عبد الملك بن مروان ازداد عدد المسلمين وضاق بهم المسجد، فأمر الخليفة بهدم بقية الكنيسة التي كانت ما تزال تستخدم من قبل سكان المدينة المحليين من المسيحيين، وقد أطلق مقابل ذلك أيديهم في عدد من الكنائس مقابل هدم هذه الكنيسة وهي: كنيسة مريم وكنيسة المصلبة الموجودة داخل باب شرقي وكنيسة تل الجبن وكنيسة حميد بن درة التي بدرب الصقل إضافة إلى كنيسة توما، ولم تكن هذه الكنائس قد دخلت في العهد الذي اتفق عليه المسلمون مع الأهالي عند فتح دمشق، وفي عام 706م أمر الخليفة المهندسين والصناع ببناء المسجد مكان الكنيسة بعد أن هدمت هي والمصلى القديم أيضا، وقد أشرف الخليفة بنفسه على مشروع البناء، وتم تغيير مخطط البناء بالكامل ليصبح معلما كبيرا لمدينة دمشق، اكتمل بناء المسجد الأموي في عام 715م بعد أن توفي عبد الملك بفترة وجيزة وبعد أن استمرَّ بناؤه ما يقارب 10 سنوات.
كما أضيفت على المسجد بعد أن تمَ بناؤه في العصر الأموي الكثير من الإضافات التي أضفت عليه مزيدًا من الجمال والروعة ولا سيما في العصر العباسي، وذلك بعد سقوط الدولة الأموية ووصول بني العباس إلى الخلافة، ووجدت بعض الإضافات التي أضيفت في العصر العثماني أيضًا، وسيتمُّ ذكر أهم تلك الإضافات قبة الخزنة التي تم إنشاء قبة الخزنة في العصر العباسي في عام 789م، وقد كانت تستخدم في البداية كخزنة لأموال المسجد، ثم تحولت فيما بعد إلى مكتبة للمخطوطات والكتب الثمينة الخاصة بالمسجد.
أما قبة الوضوء شيدت في العصر العباسي، لكنَها تعرضت للانهيار في عام 1759م، وفي العصر العثماني جُددت بأمر الوالي العثماني آنذاك، تقع قبة الوضوء في وسط الفناء، وقبة الساعات أنشئت في العصر العثماني، وتقع في الجهة الشرقية لفناء المسجد، وسميت بقبة الساعات بسبب نقل الساعات التي كانت موجودة على باب الجامع إليها>
وتعرض المسجد خلال العصور اللاحقة إلى العديد من الحرائق والانهيارات بسبب الزلازل والحروب ما أدى إلى فقدان الكثير من آثاره، وكان أول حريق يتعرض له الجامع في عام 1069م، والمرة الثانية على أيدي المغول بزعامة تيمورلنك في عام 1400م، وفي عام 1759م تعرض لبعض الأضرار بسبب زلزال ضرب المنطقة في تلك الفترة، وأما الحريق الثالث فقد وقع في عام 1893م، وقد كانت آخر عملية ترميم للمسجد في عام 1994م.