"الإفتاء": التعارف أساس الاجتماع البشري والله حدد إطاره

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسى

"الإفتاء": التعارف أساس الاجتماع البشري والله حدد إطاره

"الإفتاء": التعارف أساس الاجتماع البشري والله حدد إطاره

أكدت دار الإفتاء أن التعارف سنة إلهية، وضرورة حياتية، وأساس لا غنى عنه في الاجتماع البشري، أرشدنا إلى ذلك الخالق الحكيم سبحانه وتعالى؛ حيث قال في محكم التنزيل: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾.

وأوضحت الدار في بحث لها، أن التعارف بين الناس له أثر فعال في إحداث الألفة والوئام بين الأفراد والمجتمعات، وبين أفراد الإنسانية كلها؛ فالناس مخلوقون من أصل واحد، مرجعهم جميعا لسيدنا آدم وسيدتنا حواء، ثم جعلهم الله تعالى شعوبا وقبائل مختلفة ومتنوعة ليحصل التعارف والتعاون بينهم؛ فالإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه، والحياة مبنية على حاجة الإنسان لأخيه الإنسان، وذلك يكون من خلال التعاون المتبادل؛ لذا نجد أن الحق سبحانه قد جعل حكمة خلقه الناس شعوبا وقبائل: هو أن يتعارفوا فيما بينهم.

وتابعت أن الناظر في تاريخ المسلمين يجد أنهم قد حولوا التعارف إلى واقع ملموس، وأبرزوه في هيئة سلوك عملي في صورة راقية ونموذج فريد؛ وذلك من خلال المعاملات بصفة عامة، والتجارة بصفة خاصة؛ حيث كان لهذا الأمر دور مهم في نشر الإسلام وفتح أعين الأمم الأخرى عليه.

واستطردت أن التعارف الذي يدعو إليه الشرع الشريف والدين الحنيف تعارف منضبط، يعني الاندماج ولا يعني الذوبان؛ حيث يندمج المسلمون بعقيدتهم وأخلاقهم في ركب الحياة بدوائرها المختلفة، فيصبحون عنصرا فعالا في المعادلة الإنسانية، من غير أن يذوبوا في المجتمعات الأخرى فتنطمس هويتهم التي تميزهم عن غيرهم، كل هذا بدون وقوع في أي حرج ومشقة أو صراع وتصادم مع فطرتهم التي فطرهم الله تعالى عليها.

وأوضحت أن التحقق بالتعارف على الوجه الذي أراده منا رب العالمين يعد ضمانة أساسية لحفظ المجتمع الإنساني كله، وبقائه سليما من الأمراض الاجتماعية؛ إذ من ورائه يكون التعايش بين بني آدم جميعا، تعايش مبناه على العدل والمساواة، حدد إطاره العام رب العزة سبحانه وتعالى في بيان جامع؛ حيث قال: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ۞ إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون﴾، ومن وراء ذلك تحصل عمارة الكون، تلك العمارة التي هي من أهم أسباب خلق الإنسان واستخلافه في الأرض؛ قال تعالى كما جاء لسان نبيه صالح عليه السلام: ﴿يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه﴾، ومعنى ﴿واستعمركم﴾: أي طلب منكم عمارتها.


مواضيع متعلقة