قيادات الإخوان والتقية (2-2)

حمدى السيد

حمدى السيد

كاتب صحفي

خامساً، فى برلمان 95، كان الدكتور عصام العريان عضواً بالمجلس عن الإخوان وطلب منى المساعدة. يريد الإخوان لقاء أحد المسئولين فى الحزب الوطنى.. الأستاذ كمال الشاذلى، الدكتور يوسف والى، الأستاذ صفوت الشريف، أو الأستاذ زكريا عزمى، لأنهم يريدون التصالح مع النظام. فهم، حسب كلامهم، لا يوافقون على أى أعمال إرهابية، ولم يُتهم أى عضو إخوانى فى أى جريمة إرهابية، وهم يوافقون على الممارسة السياسية الهادئة بدون اضطهاد أو استهداف الإخوان، وهم على استعداد للاستماع إلى وجهة نظر الحزب الوطنى والتفاهم معهم. وعدت بأن أحاول، بدأت فى الاتصال بالأستاذ الدكتور يوسف والى، أمين الحزب، ثم الأستاذ كمال الشاذلى، ثم الأستاذ زكريا عزمى، والنتيجة كانت سلبية، لم يوافق أى من هذه الشخصيات على لقاء قيادات الإخوان أو الحديث عن التصالح.

قررت اللجوء إلى وزير الداخلية السيد اللواء حبيب العادلى، وهو شخصية صعبة المراس وصعبة اللقاء، كان لا يحضر اجتماعات مجلس الشعب ولا يقابل أعضاء المجلس، وطلبت وساطة الدكتور إسماعيل سلام للحصول على موعد، وشرحت له الموضوع، وأخبرنى بالآتى: «لا تنخدع يا دكتور بهذه الادعاءات، فهم لا يُظهرون ما يبطنون، الاتفاق هو أن يتولى الإخوان النشاط السلمى، أما النشاط الإجرامى والإرهابى فيتولاه الآخرون، وفى وقت اللزوم يتم ضم الصفوف ويتحدثون بلسان واحد». طبعاً أصبت بخيبة أمل كبيرة، وكنت لا أصدق ما أثبتته الأيام القريبة (التقية). ذهبت لمقابلة الرئيس حسنى مبارك، واقترحت عليه مقابلة عدد من كبار الشخصيات الذين لا علاقة لهم بالإخوان، انتماء أو تعاطفاً، منهم الشيخ محمد الغزالى رحمه الله، والدكتور يوسف القرضاوى، والدكتور أحمد كمال أبوالمجد، والأستاذ الدكتور محمد سليم العوا المحامى، والأستاذ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة. كان رد الرئيس سلبياً، طلب أن أقوم أنا بالالتقاء بهم أو أنسى الموضوع تماماً، ونسيت الموضوع تماماً.

يوم 25 يناير اجتمع عدد من شباب مصر فى ميدان التحرير ولم يتصد لهم أى من قوات الأمن وبقى معظمهم فى ميدان التحرير إلى صباح اليوم التالى، وكان هناك مؤتمر لجمعية الأمراض النفسية بقيادة الزميل المحترم أحمد عكاشة، حضرت المؤتمر وألقيت كلمة، وأشدت بقوات الأمن التى احترمت تجمُّع الشباب بدون أى تدخل أو استخدام للقوة لتفريق المتظاهرين، وقابلت عصام العريان فى المؤتمر، وسألته: أين أنتم من هذا التجمع الشبابى؟ وكان رده: نحن لم نقرر الاشتراك، حيث يُعد هذا إساءة منا إلى البوليس فى عيدهم يوم 25 يناير. بدأ الإخوان فى ركوب الموجة والاشتراك فى المظاهرات بكل قواهم واستخدام قنابل المولوتوف وتدمير مقر الحزب الوطنى والمتحف القومى ثم مهاجمة أقسام البوليس، 49 قسماً فى القاهرة، وتدمير السجون والإفراج عن المسجونين من الجماعات الإرهابية، ومنهم محكوم عليهم بالإعدام، وظهر جماعة الإخوان على حقيقتهم الإجرامية وقتلوا عدداً من أعضاء رجال الأمن، وعندما استقال الرئيس مبارك وعين عمر سليمان وحاول عمر سليمان الوصول إلى حل يرضى الأحزاب والجماعات، رفض الإخوان التعاون فى إيجاد حل يُرضى القوى الوطنية وطلب منى ومن نقيب المحامين الأستاذ حمدى خليفة التوسط مع جماعة الإخوان، وذهبنا إلى مقر الحزب فى الروضة.. لم يقابلنا أحد، ورفضوا الوساطة، وكشف الإخوان عن حقيقتهم.

أثناء انتخابات مجلس الشعب ورئيس الجمهورية الإخوانى، أحد كبار المسئولين فى مكتب الإخوان صرّح لى بأنهم ليسوا متعجلين فى الوصول للحكم وسيكتفون فى الفترة الأولى بشغل مقاعد المعارضة حتى يتمرنوا على أسلوب الحكم لأنه ليس لديهم خبرة فى إدارة شئون الوطن، لأن الحكومة فى الفترة الماضية منعت وصول الموظف من الإخوان إلى أكثر من الدرجة الثانية، وبذلك توقفت خبرتهم فى إدارة المؤسسات، ومع ذلك سارعت قياداتهم فى أخونة الوطن فى أقرب فرصة، تم تعيين أكثر من 25 ألف شاب وموظف، فُتحت كليات الشرطة والحربية لقبول شباب الإخوان فى محاولة لأخونة الجيش والبوليس، عدد ثلاثة آلاف محام من الإخوان أعدتهم الحكومة للدخول إلى هيئة القضاء، صرح أحد قيادات الإخوان بأنهم سيبقون فى الحكم خمسمائة عام.

الخلاصة.. استخدم الإخوان التقية فى خداع الوطن والمواطنين، وكنت أنا على رأس المخدوعين، وتعاملت على أساس أنهم من المخلصين للوطن فى الوقت الذى أباحوا فيه حدود مصر للإرهابيين من الداخل والخارج، ودمروا مراكز الشرطة وسجون مصر والإفراج عن المتهمين، والذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن، وبعضهم بالإعدام، واستخدموا السلاح فى مظاهراتهم، وفى تدمير منشآت الدولة وفى أخونة الدولة، وضد موظفين، وجنود أمن، وكذلك هيئة القضاء، ثم التفريط فى حدود الوطن بدعوى «إيه يعنى مصر»، وأخيراً.. لولا أن هيأ الله لمصر أحد أبطالها لكشف هذه المؤامرة الكبرى وإنقاذ مصر من المستقبل المظلم ورفع شعار تحيا مصر، وفّقه الله وحماه من كل شر ومتّعه بالصحة والعافية.