«أردوغان» يحسم الانتخابات على طريقة «مرسى»: استباق إعلان الفوز.. وقطع التيار الكهربائى أثناء الفرز.. وبلطجية يمنعون وصول المراقبين إلى اللجان

كتب: محمد حسن عامر

«أردوغان» يحسم الانتخابات على طريقة «مرسى»: استباق إعلان الفوز.. وقطع التيار الكهربائى أثناء الفرز.. وبلطجية يمنعون وصول المراقبين إلى اللجان

«أردوغان» يحسم الانتخابات على طريقة «مرسى»: استباق إعلان الفوز.. وقطع التيار الكهربائى أثناء الفرز.. وبلطجية يمنعون وصول المراقبين إلى اللجان

أشارت النتائج الأولية لانتخابات البلدية التركية إلى فوز حزب العدالة والتنمية، حزب رئيس الوزراء «رجب طيب أردوغان»، بنسبة لا تقل عن (45%)، وفق ما ذكرته وكالة أنباء «الأناضول» شبه الرسمية، وسط تنديد من المعارضة بإجراء العملية الانتخابية فى أجواء مشبوهة أبرزها انقطاع التيار الكهربائى خلال عملية فرز الأصوات، وانتشار البلطجية فى أنقرة، وظهور الأقلام القابل حبرها للمسح. وقالت النتائج الأولية إن «الحزب الحاكم حسم البلديات بما لا يقل عن 45%، فيما أشارت النتائج إلى حصول حزب الشعب الجمهورى المعارض على نسبة 28.2%، والنسبة المتبقية توزعت على باقى الأحزاب السياسية». وأبرزت وسائل إعلام تركية أبرزها صحيفتا «حرييت»، و«تودايزمان»، ووكالة أنباء «جيهان»، العديد من الأخطاء التى تعكس أن الانتخابات البلدية لم تجر فى أجواء انتخابية سليمة بدرجة كبيرة، ما ساعد الحزب الحاكم على الفوز بها، مستغلاً ضعف أحزاب المعارضة التركية، رغم الأزمات السياسية التى حاصرت الحكومة خلال الأشهر الماضية، بداية من احتجاجات «جيزى» يونيو الماضى، وحتى فضائح الفساد والتسريبات الصوتية. وقالت صحيفة «حرييت» إن «المعارضة التركية نددت بانقطاع التيار الكهربائى فى عدة مدن رئيسية، أبرزها فى مدينة إسطنبول التى أعلن فيها مرشح حزب الشعب الجمهورى تقدمه فى الانتخابات بنسبة 52%، معبراً عن مخاوفه من أعمال التزوير فى النتائج التى تجرى فى جنح الظلام بعدما تم القبض بالفعل على شخص بحوزته حقيبة خلال محاولته سرقة أوراق اقتراع». وقالت وكالة أنباء «جيهان» إن «المسئولين عن أعمال الفرز فى العديد من مراكز الاقتراع بمدينة غازى عنتاب، جنوب شرق البلاد، فرزوا الأصوات على ضوء الشموع ومصابيح الهواتف المحمولة، فى فضيحة هى النادرة من نوعها فى بلد مثل تركيا». ولفتت الوكالة إلى أن أحزاب المعارضة عبروا عن استيائهم الشديد للسلطات من انقطاع الكهرباء أثناء تعداد الأصوات، ليس فقط فى مدينة غازى عنتاب، وإنما فى أكثر من 30 ولاية مختلفة. صحيفة «حرييت» لفتت إلى أن واحدة من أبرز المخالفات إلى جانب انقطاع التيار الكهربائى، كانت سيطرة أنصار العدالة والتنمية على مراكز الاقتراع، وانتشار البلطجية فى الشوارع لمنع مراقبى المعارضة من الدخول إلى مراكز الاقتراع لمتابعة أعمال الفرز، خاصة فى العاصمة (أنقرة)، وفى مدن الجنوب والشرق التركى. ونددت أحزاب المعارضة كذلك بالدور الذى لعبته وكالة أنباء «الأناضول» فى التلاعب بنتائج الانتخابات البلدية بعد شن الميليشيات الإلكترونية التابعة لحزب العدالة والتنمية، هجوماً على مواقع وكالات الأنباء والصحف المعارضة لمنعها من نشر نتائج الفرز، فى وقت تعلن فيه «الأناضول» عن النتائج دون أن تتعرض لهذا النوع من الهجوم الإلكترونى. وقالت«جيهان» إن «مئات الآلاف من الحواسيب من خارج تركيا تشن هجوماً على المواقع التابعة لنا للحيلولة دون وصول المعلومات المتعلقة بنتائج الانتخابات البلدية». وعقد نائب رئيس حزب الشعب «خلوق كوش» مؤتمراً صحفياً انتقد فيه وكالة الأناضول، قائلاً: «للأسف الليلة تجرى أقبح عملية تلاعب بالانتخابات فى بلادنا، وكالة الأناضول تعمل كمركز لهذا التلاعب». وعقد رئيس حزب الشعب فى إسطنبول «أوجوز كان» مؤتمراً صحفياً، قال فيه إن «مرشح حزب الشعب (مصطفى ساريجول) متقدم بفارق 2% عن مرشح العدالة والتنمية، وليس خلفه بـ(10%) كما تدعى وكالة «الأناضول»، وفق ما نقلته صحيفة «تودايزمان»، مشيرة إلى أنه بعدها أعلن حزب العدالة والتنمية أن مرشحه على وشك الفوز ببلدية إسطنبول. وأوضحت صحيفة «تودايزمان» أن مئات الشكاوى قُدمت إلى المدعين العامّين، أغلبها ضد الحزب الحاكم، وذكرت، فى تقرير لها، عدداً من المخالفات الأخرى التى شابت العملية الانتخابية. وأبرزت الصحيفة أن بعض صناديق الاقتراع تم غلقها دون علم مجلس الانتخابات البلدية فى حى «تاتفان» شرق البلاد، وتقدم مراقبو الانتخابات بشكوى ضد هذا الإجراء، فيما رصد مراقبون أن عدداً من صناديق الاقتراع جاءت مختومة ومغلقة قبل دخولها إلى مراكز الاقتراع وليس بداخل اللجنة، ما زاد شكوكهم أن تحمل بطاقات مزورة، لكن اللجنة الانتخابية بررت الأختام بالحاجة إليها لدواعٍ عملية. وذكر زعيم الحزب الليبرالى الديمقراطى «جيم طوكر»، أن أحد أعضاء حزبه تقدم بشكوى ضد أحد مسئولى لجان الاقتراع بعد إصراره على تقديم قلم بعينه إلى الناخبين للإدلاء بأصواتهم، وسط شائعات عن تقديم أنصار العدالة والتنمية أقلاماً يزول حبرها بعد فترة تمهيداً لتزوير بطاقات الاقتراع، فيما قدمت شكوى مماثلة للسبب نفسه فى أحد أحياء العاصمة. وذكرت صحيفة «تودايزمان» أنه بعد عدة تقارير أشارت إلى أعمال الغش والتزوير فى الانتخابات بسيارات سوداء كانت تسرق البطاقات الانتخابية، تقدم عدد من محامى حزب الشعب الجمهورى بشكوى رسمية إلى مدعى عام أنقرة للتحقيق فى أعمال الغش والتزوير التى جرت، أو التى أشارت التقارير الإعلامية إليها. وفى مدينة «أزمير» التى تمثل حصن المعارضة، رصدت عدة مخالفات أبرزها، وفق ما ذكرته «تودايزمان» تدخل مسئولو الاقتراع فى عملية التصويت بالطلب من الناخبين التصويت لمرشح العدالة والتنمية، وعثر على سيارة تحمل أوراقاً مختومة لصالح مرشح الحزب الحاكم وألقى القبض على السائق واحتجازه ويجرى التحقيق معه. ورصدت مخالفات فى إحدى لجان محافظة «مرسين» بالعثور على بطاقات تم التصويت عليها بـ«نعم» لمرشح الحزب الحاكم، كما أن هناك لجان اقتراع لم تصل إليها الصناديق الانتخابية من الأساس. الصحيفة أشارت كذلك إلى أنه شوهدت عدة حافلات فى مدينة إسطنبول تنقل الناخبين المؤيدين للعدالة والتنمية. ورغم استمرار عملية الفرز وهذه المخالفات، واستباقاً للنتائج الرسمية التى تحظر لجنة الانتخابات إعلانها قبلها، أعلن رئيس الوزراء، مساء أمس الأول، أن حزبه حقق فوزاً كاسحاً فى الانتخابات البلدية، متوعداً خصومه بأنه سيجعلهم «يدفعون الثمن». من جهته، قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات «سعدى جوفن»: «نحن لم نعلن أى نتائج، والنتائج التى تعلنها الأحزاب ووسائل الإعلام تختلف بينهم، لذلك فإن النتائج الأضمن هى النتائج التى ستصدر عن اللجنة العليا للانتخابات». [FirstQuote] وحول أهم المدن الرئيسية المتمثلة فى إسطنبول وأنقرة وأزمير، قالت وكالة «جيهان» إن «كلاً من مرشحى حزب العدالة والتنمية مليح كوكشاك وحزب الشعب الجمهورى منصور ياواش، يزعم بأنه هو من فاز برئاسة بلدية العاصمة أنقرة، ولن يحسم الأمر إلا المعطيات الرسمية التى ستعلنها لجنة الانتخابات العليا». وتشير المعطيات غير الرسمية، وفق الوكالة، إلى ضمان مرشح حزب العدالة والتنمية «قدير طوباش» الفوز بمدينة إسطنبول، وضمان مرشح حزب الشعب الجمهورى «عزيز كوجا أوغلو» الفوز بمدينة أزمير؛ بينما تستمر المسابقة الكبيرة فى العاصمة أنقرة بين الحزبين. وحصل حزب الشعب الجمهورى على نسبة 51٪ فى مدينة أزمير، ضمن بها الحزب الفوز برئاسة البلدية، فيما حصل حزب العدالة والتنمية على نسبة 36٪. وذكرت التقارير الإعلامية التركية أن عدد القتلى فى الاشتباكات التى وقعت خلال الانتخابات البلدية ارتفع ليصل إلى عشرة قتلى، وأصيب العشرات فى اشتباكات بين مؤيدى وأنصار الأحزاب. وبعد إجراء الانتخابات البلدية، أعلن النائب البرلمانى من صفوف حزب العدالة والتنمية فى مدينة قيصرى «أحمد أوز قايا» استقالته من الحزب، دون أن يذكر أياً من الأسباب التى دفعته إلى الاستقالة. وتعليقاً على النتائج الأولية للانتخابات، قالت صحيفة «حرييت» إن «العدالة والتنمية استطاع حسم الانتخابات البلدية، رغم أن المخالفات والفضائح التى ارتكبها خلال الأشهر الماضية لو كانت فى أى بلد ديمقراطى آخر، لكانت كفيلة بهزيمته». وأضافت: «أردوغان فاز رغم المخالفات التى تسود العملية الانتخابية، لكن هذا الفوز أتى نظراً لضعف حزب الشعب الجمهورى الذى يقوده (كمال كليتشدار أوغلو) العلوى، وهو على الأرض ما زال وجوده عملياً ضعيفاً، خاصة فى مدن الجنوب»، مشيرة إلى أن التغيير وصل أنقرة وإسطنبول، لكنه لم يصل بعد إلى باقى مدن تركيا، لافتة إلى أن هذه النتائج لا تعنى أن رئيس الوزراء قادر على حسم الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة. أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فقالت أمس، إن «نتائج الانتخابات البلدية والصندوق ليست الكلمة الأخيرة، ولا تعنى أن الاضطرابات التى تعيشها تركيا ستنتهى، فما زالت هناك الانتخابات البرلمانية التى ستكون فى أغسطس المقبل وستشكل اختباراً صعباً، ثم الانتخابات الرئاسية».