مهام ومسئوليات الشعب فى الجمهورية الجديدة!

على السلمى

على السلمى

كاتب صحفي

تحدثنا فى مقال الأسبوع الماضى عن المهام الجسام التى تنتظر الرئيس القادم لمصر بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، وتلك هى المهام التى تمثل بداية بسيطة من المهمة الأكبر، وهى إعادة بناء الوطن سياسياً وديمقراطياً واقتصادياً واجتماعياً لتعويضه عن الدمار الاقتصادى والأمنى والمجتمعى. واليوم نعرض لمسئوليات ومهام الشعب صاحب هذا الوطن الذى له السيادة على كل مقدراته، والذى يجب أن يأتمر الحاكم والمسئولون جميعاً بأوامره والانصياع لرغباته مهما اختلفت مناصبهم ومستوياتهم فى سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية. يجب أن يفصح الناس عن تفضيلاتهم ورغباتهم، ويجب أن يكونوا أصحاب اليد الطولى فى تقرير الاختيارات واتخاذ القرارات فى مختلف شئون الوطن، انصياعاً للمبدأ الديمقراطى الأصيل بأن «الشعب هو السيد المطاع» الذى تدور حوله صياغات مختلف البرامج الرئاسية والحزبية التى يحاول المترشحون إقناع الناخبين بها فى سعيهم للفوز بمناصب الحكم، سواء فى الرئاسة أو الأغلبية فى البرلمان، ومن ثم تشكيل الحكومات والسيطرة على مقدرات السلطة «باسم الشعب»! إن المصريين إذ يدركون عمق وخطورة المشكلات التى يعيشها الوطن ويكابدون آثارها ويتحملون أعباءها، فهم يتطلعون إلى التغيير والإصلاح فى جميع جوانب ومجالات الحياة والحكم والمجتمع، ويتطلعون إلى نجاح الدولة الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية المنتظرة فى أواخر شهر مايو 2014 فى القضاء على الإرهاب ومصادر الخطر الداخلية والخارجية، ويأملون فى نظام الحكم الجديد بعد أن وافقوا على الدستور الجديد لتحقيق الاستقرار السياسى والسلام الاجتماعى والنهوض الاقتصادى والعلمى. من أجل ذلك يجب أن يؤكد المصريون تصميمهم على المشاركة الجادة والفاعلة فى عملية التغيير الجذرى فى هياكل السلطة فى مصر وآليات وقواعد صنع القرار الوطنى، وعدم السماح تحت أى ظرف من الظروف بالعودة إلى احتكار السلطة وديمومتها لفئة دون غيرها من المصريين أياً ما كانت هويتها. إن المصريين يجب أن يشاركوا بكل جدية فى تقرير مصير وطنهم باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقية فيه وأصحاب القرار الأصيل فى كل ما يمس حاضرهم ومستقبلهم. والمصريون يطالبون الحكم الجديد بالعمل الجاد لتحويل المبادئ والقيم التى تضمنها دستور 2014 إلى منظومات فعالة من التشريعات والنظم السياسية والتنظيمية للدولة بكل مستوياتها، ويرفضون أى تنازلات قد تقبلها الحكومة الحالية للالتفاف على تلك المبادئ التى ألزمها الدستور على الدولة، ومن هذا القبيل ما تردد على لسان وزير المالية الحالى من محاولة الرجوع عن الحد الأقصى للأجور بحجة الاحتفاظ بالكفاءات التى قد تهرب من أجهزة الدولة فى حالة فرض الحد الأقصى الذى كانت حكومة «الببلاوى» قد حددته بعد ارتعاش وتردد فى اتخاذ ذلك القرار. إن المصريين يصرون على أن يحقق نظام الحكم الجديد وبمشاركتهم الفاعلة وتحت رقابتهم المواجهة الحاسمة لإرهاب جماعة الإخوان والعمل على بناء ثقافة مناهضة للإرهاب من جميع المصادر وتنمية تيارات فكرية وممارسات اجتماعية ورؤى ثقافية رافضة للإرهاب الفكرى والمتوافقة مع قيم المجتمع المصرى وتقاليده وثوابته. والمصريون يطلبون تحديد الهوية الاقتصادية للوطن وتطوير استراتيجيات واضحة متفق عليها وطنياً وديمقراطياً لإدارة الاقتصاد الوطنى، وعدم إخضاع الوطن مرة أخرى لسيطرة رجال الأعمال أو إهدار موارد الوطن ومؤسساته الاقتصادية لحساب الاستثمارات غير الوطنية باسم الخصخصة! وسوف يصر المصريون على منع الاحتكارات الضارة بالاقتصاد الوطنى وسيطرة رأس المال على الحكم واختلاط أدوار ومصالح رجال الأعمال مع المصلحة العامة، وحماية المنافسة المشروعة الساعية إلى رفع كفاءة الإنتاج الوطنى وزيادة قدرته على النفاذ فى الأسواق العالمية. ويجب أن يصر المصريون على سرعة التحول المخطط إلى نظام للإدارة المحلية يتوافق مع توجّهات الدستور الجديد ويكرّس اللامركزية ويعظم دورها فى التنمية المحلية، ويحقق العدالة فى توزيع الموازنات والموارد الوطنية بين المحافظات بالتناسب مع فرص التنمية بها وإلغاء التسلط المركزى على مقدرات التنمية المحلية مع بعث فكرة «الأقاليم التنموية» كأساس للتخطيط العمرانى فى البلاد. ومع بدايات الحكم الجديد واستكمال استحقاقات خارطة المستقبل، سوف يصر الشعب على ضرورة تطوير القوانين المنظمة لتأسيس الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية ومؤسسات المجتمع المدنـى على اختلاف أطيافها وفق مبادئ الدستور الجديد وبما يسمح لها بحرية المشاركة بإيجابية فى قضايا الوطن. وسوف يطالب الناس بإيجاد النظم والآليات الدستورية والتشريعية الكفيلة بتطوير وسائل الإعلام والمؤسسات الصحفية والإعلامية العامة والخاصة بما يحقق لها الانطلاق والحرية فى التعبير بشفافية عن مختلف القضايا الوطنية. إن المصريين يجب أن يطالبوا الحكام الجدد بالعمل لاستعادة دور الدولة فى إدارة المجتمع وتأكيد مسئولياتها ووظائفها الأساسية فى تخطيط وإدارة التنمية وتوفير الخدمات والرعاية للمواطنين، والتوفيق بين متطلبات العمل بقواعد السوق والنظم الإدارية الحديثة، وبين اعتبارات العدالة الاجتماعية. كما أنهم سوف يدفعون الحكم الجديد لتأكيد اعتبارات الكفاءة والتميز والجودة فى جميع ميادين العمل الوطنى، وتطوير التعليم والبحث العلمى وتنمية فرص الإبداع والابتكار وتأكيد الريادة الثقافية والعلمية للجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية المصرية. وأخيراً، يجب أن يعلن المواطنون أصحاب هذا البلد حرصهم وتأكيدهم على ضرورة التزام الحكام الجدد بتحقيق أهداف ثورتى الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013.