عام الأزمات.. اقتصاد العالم على صفيح ساخن

عام الأزمات.. اقتصاد العالم على صفيح ساخن
- الاقتصاد
- الحروب التجارية
- الاستثمار الأجنبي
- صندوق النقد
- البنك الدولي
- منظمة التجارة العالمية
- الاقتصاد العالمي
- الاقتصاد
- الحروب التجارية
- الاستثمار الأجنبي
- صندوق النقد
- البنك الدولي
- منظمة التجارة العالمية
- الاقتصاد العالمي
لا تزال وتيرة النشاط الاقتصادى العالمى ضعيفة بعد التباطؤ الحاد الذى شهدته فى عام 2019، وأدى تصاعد التوترات التجارية بين الاقتصادات المتقدمة إلى زيادة عدم اليقين بشأن مستقبل النظام العالمى، ما أثر على ثقة الأعمال، وقرارات الاستثمار، والتجارة العالمية، وكان التحول الملحوظ نحو زيادة تيسير السياسة النقدية قد أمكن من تخفيف أثر التوترات على الأسواق المالية ونشاطها، ومع ذلك، فلا تزال الآفاق محفوفة بالمخاطر، وفى ظل حالة عدم الاستقرار التى تشهدها الساحة العالمية، فإن التشاؤم يبقى هو المسيطر على مؤشرات عام 2019، ومن المتوقع أن يمتد بشكل طفيف إلى الربع الأول من عام 2020، ما جعل منظمات دولية كصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية تعيد النظر فى توقعاتها لمؤشرات الاقتصاد العالمى فى المستقبل، وهذا ما قد يخلف آثاراً سلبية على الأسواق الدولية، خاصة الناشئة منها.
معدل النمو الاقتصادى
انخفض معدل النمو الاقتصادى العالمى إلى 3%، بعد أن كان يتوقع صندوق النقد الدولى أن يبلغ معدل النمو حوالى 3.7% فى 2019، كما انخفض النمو فى الاقتصادات المتقدمة إلى 1.7%، بينما سجلت اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية انتعاشاً فى النمو بـ3.9%.
تراجع الطلب والحروب التجارية يقيدان النمو عند 3%.. وصعود الدين العالمى وتذبذب الأسواق المالية ينذران بعاصفة جديدة
ويرجع هذا النمو الضعيف إلى تزايد الحواجز التجارية، وضعف الطلب العالمى مصحوباً بانخفاض نمو الإنتاجية، بالإضافة إلى شيخوخة التركيبة الديموغرافية فى الاقتصادات المتقدمة، ومن المتوقع أن يتحسن النمو العالمى تحسناً طفيفاً فى 2020 ليصل إلى 3.4%، بينما سيظل مستقراً فى الاقتصادات المتقدمة عند مستوى 1.7%، فيما حققت اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية انتعاشاً فى النمو ليصل إلى 4.6%، وذلك وفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمى.
معدلات الفائدة
شهد الاقتصاد العالمى انخفاض معدلات الفائدة التى تسهم فى تقليل تكلفة التمويل الدولى، حيث لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً كبيراً فى انخفاض هذه المعدلات عن طريق البنك الفيدرالى، الذى اتجه إلى خفض سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالى ليتراوح ما بين 1.5 و1.75% فى عام 2019، وهى المرة الأولى منذ أكتوبر 2008، حيث دفع هذا القرار إلى توجه العديد من البنوك المركزية العالمية، مثل منطقة اليورو وتركيا وبعض أسواق الخليج، لتخفيض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس، وذلك لتعزيز اقتصاداتهم والتحول نحو سياسة تيسيرية نقدية تدفع بمعدل النمو الاقتصادى العالمى.
ويرى بنك «سوسيتيه جنرال» أن قرارات خفض أسعار الفائدة عالمياً توحى بأنها ليست نوعاً من التأمين بل سياسة رد فعل لمواجهة مفاجآت سلبية على مستوى الاقتصاد الكلى، متوقعاً مزيداً من الخفض فى الربع الأول من العام المقبل.
الاستثمار الأجنبى المباشر يصعد إلى 640 مليار دولار فى 6 أشهر.. وقطاع الخدمات المساهم الأكبر فى الناتج العالمى بـ65%
الاستثمار الأجنبى المباشر
تمكن الاستثمار الأجنبى المباشر عالمياً من عودة حركة نموه مرة أخرى خلال النصف الأول من 2019، بمعدل 24% ليصل إلى 640 مليار دولار، مقارنة بـ517 مليار دولار فى الفترة نفسها من 2018، حيث يرجع هذا النمو إلى ارتفاع التدفقات المالية فى الاقتصادات المتقدمة، وانخفاض حدة المخاطر الناتجة عن تقلبات الأسواق المالية العالمية، بالإضافة إلى انخفاض سعر الفائدة العالمى، بعد أن حقق الاستثمار تراجعاً بنسبة 13% عام 2018، نتيجة حالة عدم التأكد التى سيطرت على المستثمرين حول العالم فى ظل تراجع معدلات النمو عالمياً وذلك وفقاً لتقرير «الاونكتاد».
معدل التضخم
واتساقاً مع ضعف نمو الطلب النهائى، تراجع التضخم الأساسى على مستوى العالم إلى 2.3% فى 2019، وكذلك استمر هبوط التضخم الأساسى فى الاقتصادات المتقدمة إلى دون المستوى المستهدف، مثل منطقة اليورو واليابان والولايات المتحدة الأمريكية، كذلك استمر هبوط التضخم الأساسى فى كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، فيما عدا دول قليلة مثل الأرجنتين وتركيا وفنزويلا.
ويعد ضعف التضخم فى الدول المتقدمة تطرقاً إلى التغير فى نظرية العلاقة العكسية بين التضخم والبطالة، التى يجسدها منحنى فيليبس، الذى يوضح أنه كلما انخفضت نسبة البطالة ارتفع التضخم تبعاً لذلك، لكن الذى يحدث الآن هو العكس، حيث إن معدل البطالة منخفض عند أدنى مستوياته تزامناً مع معدلات تضخم أيضاً منخفضة، ما يشير إلى وجود خلل فى الاقتصادات المتقدمة، وهذه الحالة لم تحدث سوى مرة واحدة بعد الأزمة المالية العالمية فى 2008.
نمو التجارة عالمياً
ومن ناحية أخرى، تراجع الأداء الاقتصادى فى عدد من المؤشرات، حيث تُشير الإحصائيات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية إلى هبوط معدل نمو تجارة البضائع عالمياً إلى 2.6% فى 2019 مقابل 3% فى 2018، وتوقعت أن تواصل النمو البطىء لتسجل 2.7% فى عام 2020، وكانت التوقعات السابقة للمنظمة تشير إلى تحقيق تجارة البضائع عالمياً نمواً يتراوح بين 0.5% و1.6% فى 2019.
الدين العالمى
كما تشير التقديرات إلى أن الدين العالمى وصل إلى 250.9 تريليون دولار بنهاية النصف الأول من 2019، ما يعادل 320% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وسيتجاوز الـ255 تريليون دولار بنهاية العام، حيث تصدرت ديون الشركات غير المالية القيمة الأكبر من إجمالى الدين العالمى لتسجل 74.2 تريليون دولار، تليها الديون الحكومية، التى بلغت 68.4 تريليون دولار.
وأشار تقرير معهد التمويل الدولى إلى أن النسبة الأكبر من الديون العالمية تتركز فى اقتصادات الدول الكبرى بنسبة 105% من إجمالى الناتج المحلى، وفى الدول الناشئة تبلغ نسبة الدين 50%، و40% فى الاقتصاديات منخفضة الدخل.
وأصدر صندوق النقد الدولى فى تحليله للأزمة تقريراً يوضح أن سبب ارتفاع الدين العالمى يتمثل فى عدم استغلال الدول لمواردها وأصولها بكفاءة، وأنه من الضرورى أن تُحسن الحكومات من إدارة ممتلكاتها وديونها، فقد تمتلك كثير من الدول المقترضة أصولاً ضخمة مثل اليابان والولايات المتحدة ولكنها أيضاً تلجأ للاقتراض.
أسعار النفط
ولم تقتصر تحديات العام الحالى على تفاقم الدين وضعف نمو التجارة عالمياً فحسب، بل اتسعت لتشمل تذبذب أسعار النفط الذى سجل أدنى وأعلى مستويات له ضمن نطاق تراوح بين 56 و74 دولاراً للبرميل فى 2019، حيث خفضت منظمة الأوبك تقديرها لنمو الطلب العالمى على النفط بنسبة 4% فى 2019 ليصبح أقل من 1 مليون برميل فى اليوم، كما خفضت تقديرها للنمو عام 2020 إلى 1.08 مليون برميل يومياً، وتشكل التقديرات الحالية أدنى مستوى للنمو السنوى للطلب على النفط منذ 2012.
وترجع أسباب الانخفاض إلى ضعف آفاق النمو العالمى عن التوقعات، وتراجع نمو الطلب على النفط من الولايات المتحدة والصين والهند، حيث تشكل مساهمة الدول الثلاث فى النمو السنوى للطلب 60% من النمو الإجمالى فى 2019، بعد أن كانت تشكل 78% فى 2018، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط ليصل إلى 13 مليون برميل فى اليوم بنهاية العام.
النشاط القطاعى
ومن منظور قطاعى، ظل نشاط قطاع الخدمات صامداً عام 2019، حيث بلغت مساهمة القطاع فى الناتج العالمى 65% ترتفع هذه النسبة فى الاقتصاديات المتقدمة إلى 75% من الناتج المحلى الإجمالى، وتنخفض إلى 50% فى الدول النامية التى تمتلك فرصاً كبيرة لتعزيز أداء هذا القطاع مستقبلاً، فى المقابل تباطأ نشاط الصناعة التحويلية على مستوى العالم، نتيجة ضعف الإنفاق فى قطاع الأعمال المتمثل فى الآلات والمعدات.
الأسواق الناشئة V.S المؤشرات العالمية
يبدو أن الصورة مغايرة بالنسبة للاقتصادات الناشئة، فعلى الرغم من انخفاض نمو الاقتصاد العالمى إلا أن الأسواق الناشئة تمكنت من تحقيق معدل نمو بلغ 3.7% فى العام الحالى، وهو يفوق المعدل العالمى، بالإضافة إلى تحقيق العديد من الدول الاستفادة من النزاعات التجارية القائمة على الساحة العالمية بالتوسع فى إنتاجيتها للعالم وزيادة حجم الصادرات، كما انخفضت معدلات التضخم فى الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، نتيجة منح البنوك المركزية المجال كى تصبح أكثر تيسيراً فى سياستها النقدية، الأمر الذى ساهم فى انخفاض نسبة الدين العالمى فى الأسواق الناشئة إلى 50% فى 2019. ومن ناحية أخرى سجلت جميع أصول الأسواق الناشئة، سواء العملات أو الأسهم أو السندات، عودة قوية هذا العام بعد أن سجلت أكبر خسائرها فى 3 أعوام خلال عام 2018، حيث قاد الاحتياطى الفيدرالى البنوك المركزية العالمية إلى خفض أسعار الفائدة لدعم النمو المتراجع، ما دفع المستثمرين إلى النظر إلى الأصول ذات العوائد المرتفعة فى الأسواق الناشئة.