50 جنيها مكافأة من الملك فاروق.. أول حساب بنكي تفتحه تحية كاريوكا

50 جنيها مكافأة من الملك فاروق.. أول حساب بنكي تفتحه تحية كاريوكا
أول مرة تقود سيارة بمفردك، أول مرة تسافر رحلة خارج الوطن، أول مرة تحصل على راتب، من المرات التى لن ينساها الإنسان، مهما تقدم به العمر، وازدحمت الذاكرة، من هذه المرات، أول مرة يقرر الإنسان فتح حساب مصرفي بأحد البنوك، الذي فى الغالب، يرتبط ببداية استقلال الإنسان ماديا، ربما يكون نقطة تحول، وبهذا الشكل كان الموضوع، بالنسبة للفنانة الراحلة تحية كاريوكا، التي فتحت حسابا بنكيا لأول مرة، بمكافأة قدرها 50 جنيها، تلقتها من القصر الملكي، بعد إحيائها حفل فني في عهد الملك فاروق، وهو الحفل الذى كان نقطة تحول فى مسيرتها الفنية.
فى أحدث الكتب، التي تتناول مسيرة تحية كاريوكا، يضم مذكراتها، التى كتبها الكاتب صالح مرسي، نشرت فى الستينيات فى مجلة "الكواكب"، وجمعها وأضاف إليها، الكاتب محمد توفيق، صادر عن دار نهضة مصر للنشر، بعنوان "مذكرات كاريوكا"، والذى تتحدث فيه الفنانة، عن كواليس من حياتها، ومعاناتها فى بداية حياتها، ومراحل صعود نجمها، وعلاقاتها بحكام مصر، بدءً من الملك فاروق، مرورا بعبد الناصر والسادات، وصولا إلى مبارك.
نكتشف من خلال الكتاب، أن تحية كايوكا لم تكن مجرد راقصة، جعلت من الرقص الشرقى فنا، تميزت حركاتها بالرشاقة والتفرد فى آداء فن الرقص، بل هى رمز ثقافي، أدت أدوار غير معروفة في النضال السياسى، قبل ثورة يوليو 1952، كما ساهمت بدور كبير، في جمع تبرعات لدعم وتسليح الجيش المصري بعد الثورة، كما تعرضت للسجن أكثر من مرة لأسباب سياسية.
لكن "كاريوكا"، حالة إنسانية اختلط فيها الواقع بالأسطورة، ليس في عدد أزواجها الذي بلغ 14 وفي رواية أخرى 17 زوجا، منهم 2 مسيحي ويهودي أشهرا إسلامهما لأجل الزواج منها، ولا فى حياتها التى تحولت من قمة الشقاء والتعاسة، بسبب سوء معاملة أخيها لها، بعد رحيل والدها وهى فى سن الطفولة، إلى قمة المجد، بعد أن هربت من هذه الظروف بالإسماعيلية، إلى القاهرة لتتبناها الراقصة الشهيرة بديعة ماصبني، حين انتبهت إلى تميز تحية واستعدادها.
فى الكتاب ورد على لسان "كاريوكا"، حكاية صداقتها بالفنان سليمان نجيب، والذى كان مشرفا على حفل فنى يحضره الملك فاروق- وكان الملك فى بداية عهده- ليرشح "نجيب"، صديقته تحية كاريوكا لإحياء الحفل.
وافق القصر على الترشيح، وأستعدت للرقص الشرقى، وأتقنته فى هذه الليلة، في صباح اليوم التالي، فوجئت بمكتب كبير أمناء الملك، يستدعيها إلى القصر، لبت الدعوة فى فرح ودهشة، وعندما دخلت مكتب كبير الأمناء فى قصر عابدين، استقبلها الرجل بترحاب ودعاها للجلوس، وجلست لكن القلق تسرب إلى نفسها، إلى أن بدأ فى الحديث، مشيدا بفنها، وأبلغها الرجل إعجاب الملك برقصها، ثم أخرج شيكا بمبلغ 50 جنيها، وقال لها: "مولانا باعت لك دول يا تحية هانم".
يومها تناولت الشيك، وكادت تطير فرحا، فقد شاهدت الورقة الحمراء لكن يدها لم تمسها، وغادرت القصر، وكأنها فى حلم، وسارت فى الطريق لا تدرى ماذا تفعل بكل هذه الثروة، وكان لها أحد الأصدقاء، يعمل ببنك مصر فتوجهت إليه لتقص عليه الأمر، فصاح الصديق فرحا "حافتح لك حساب"، فكانت هذه هى المرة الأولى، التى تتعامل الراقصة مع البنوك، وخرجت من البنك وهى صاحبة رصيد.