فخر كل من نطق الضاد.. "اللغة العربية" بين تألق وركود

كتب: ماريان سعيد

فخر كل من نطق الضاد.. "اللغة العربية" بين تألق وركود

فخر كل من نطق الضاد.. "اللغة العربية" بين تألق وركود

"بلسان عربي مبين" نزل القرآن الكريم، ليوحد لهجات الجزيرة العربية، متوجًا الفصحى "لغة أم"، يتحدثها نحو 422 مليون نسمة، ينطقون أكثر من 80 ألف مادة، تجعلها الأغزر بين اللغات، واللغة التي تنتمي إلى أسرة اللغات السامية، المتفرعة من مجموعة اللغات "الأفريقية الآسيوية"، مرت بظروف عدة على مر العصور، اندثرت لغات وحيت أخرى، وبقت العربية من أقدم اللغات الحية، يحفظها القرآن، ويطورها العلماء على مر العصور.

لم تكن العربية ساحرة لناطقيها فحسب، بل سحرت كل من مر عليها، فيقول الفرنسي وليم مرسيه عنها: "عبارات كالعود، إذا نقرت على وتره رنت جميع الأوتار، محركة في أعماق النفس ما وراء حدود المعنى المباشر، موكبا من العواطف والصور"، فالعربية من الأشياء التي سحرت الغرب، وتغزل فيها المستشرقين من كل صوب، مزاحمين العرب الذين كتبوها على أستار الكعبة بالذهب، عشقًا.

والعربية التي نحتفل بيومها العالمي اليوم، بها "أكثر من 80 ألف مادة" بحسب معجم لسان العرب لابن منظور، وفي المقابل في اللغة الإنجليزية، فإن قاموس صموئيل جونسون يحتوي على 42 ألف كلمة فقط.

مع انتشار الإسلام، تركت العربية أثرا  كلغة للدين، ومصدر للتشريع الأساسي في الإسلام (القرآن، والأحاديث النبوية)، فضلا عن الصلاة وبعض العبادات الأخرى، التي لا تتم إلا بإتقان بعض كلمات من هذه اللغة، ومع تعريب دواوين الأمصار حديثة الفتح، في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، أصبحت العربية لغة السياسة والإدارة، بعد أن نُقلت إليها المصطلحات الفنيّة في الإدارة والحساب.

القرن الثالث عشر عصر ركود العربية

في القرن الثالث عشر، تعرضت العربية لعصر من الركود، حيث اجتاح الشرق العربي المغول بقيادة هولاكو خان، فأمعنوا في معالم الثقافة والحضارة تدميرا وتخريبا، الأمر الذي ترك المسلمين في حال وصفته المستشرقة كارين آرمسترونج بـ"اليتم"، ففقهاء وعلماء العصر المملوكي، لم يهتموا بتطوير الفتاوى والاجتهادات الفقهية والعلوم المختلفة، بقدر ما كانوا مهتمين بإعادة تجميع ما ضاع وفقد منها، لكنها أيضا استمرت لغة مهمة في البلدان الإسلامية.

وبعد 4 قرون من الركود، ظهر بصيص في آواخر القرن التاسع عشر، تجلّى بنهضة ثقافية في بلاد الشام ومصر، بسبب ازدياد نسبة المتعلمين، وافتتاح الكثير من المطابع التي جمعت الحروف العربية، ونشرت الصحف الحديثة بهذه اللغة لأول مرة، وكذلك ظهرت عدّة جمعيات أدبيّة، وأدباء وشعراء كبار، ساهموا في إحياء اللغة العربية الفصحى، حيث أسسوا القواميس والمعاجم الحديثة، مثل دائرة المعارف وقاموس محيط "المحيط"، ووفروا مؤلفات قيّمة في مختلف فنون المعرفة، بعد أن ترجموا واقتبسوا روائع الفكر الغربي، كما يسروا اللغة العربية وقواعدها، فوضعوا لها المعاجم الحديثة، التي لا تزال متداولة حتى الآن.

وقبل 7 أعوام فقط، وتحديدا في عام 2012، قرر المجلس التنفيذي لـ"يونسكو"، عند انعقاد الدورة 190، تكريس يوم 18 ديسمبر، يوما عالميا للغة العربية، لتكون اللغة العربية هي اللغة الوحيدة المنحدرة من الأسرة السامية، التي يتم الاعتراف بها عالميًا.


مواضيع متعلقة