أساتذة طب نفسي: "الوسواس القهري" مرتبط بالقلق والمخاوف.. لكنه ليس وصمة عار ويمكن علاجه

أساتذة طب نفسي: "الوسواس القهري" مرتبط بالقلق والمخاوف.. لكنه ليس وصمة عار ويمكن علاجه
- وزارة الصحة
- الوسواس القهري
- مصطفى شحاتة
- علاج الوسواس القهري
- أسباب الوسواس القهري
- وزارة الصحة
- الوسواس القهري
- مصطفى شحاتة
- علاج الوسواس القهري
- أسباب الوسواس القهري
قال الدكتور مصطفى شحاتة، مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية التابع لوزارة الصحة، إن الوسواس القهرى نوع من الاضطرابات النفسية المرتبطة بالقلق، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية، مشيراً إلى إصابة البعض بتصرفات وسواسية فى مرحلة ما من حياتهم أو قد تكون جزءاً من شخصياتهم، وهذا لا يعنى بالضرورة أنهم مصابون باضطراب الوسواس القهرى، حيث إن ما يميز المرض أنه يعوق أداء المهام اليومية ويهدر الكثير من الوقت.
وتابع مدير مستشفى العباسية لـ«الوطن» أن جميع مستشفيات العلاج النفسى توجد بها عيادات خاصة بالوسواس القهرى ولكن لا توجد مراكز بعينها له، موضحاً أن علاج الوسواس القهرى قد يستمر فى بعض الأحيان إلى مدى الحياة، والعلاج المتبع له نوعان؛ العلاج النفسى وهو عبارة عن عدة جلسات، والعلاج الدوائى، ويختلف العلاج الأفضل لاضطراب الوسواس القهرى تبعاً للمريض نفسه، ووضعه الشخصى وتفضيلاته، وغالباً ما يكون الدمج بين العلاج النفسى والعلاج الدوائى الأفضل معاً.
"شحاتة": نوعان للعلاج دوائى ونفسى
ويضيف أن هناك أدوية لمعالجة الأمراض النفسية يمكن أن تساعد فى السيطرة على الوساوس والسلوكيات القهرية التى تميز اضطراب الوسواس القهرى، منها مضادات الاكتئاب التى قد تفيد فى علاج الوسواس القهرى، لأنها تعمل على رفع نسبة السيروتونين، التى قد تكون منخفضة لدى أشخاص يعانون من اضطراب الوسواس القهرى.
ويتابع «شحاتة» أن الأدوية قد لا تكون مجدية بما يكفى لمعالجة أعراض اضطراب الوسواس القهرى، وفى هذه الحالة تتم الاستعانة بطرق علاج أخرى، منها على سبيل المثال إدخال المريض إلى قسم الأمراض النفسية، واستعرض كيفية تشخيص مريض الوسواس القهرى من خلال ملاحظة الشخص أن تصرفاته مبالغ فيها ويتصرف بصورة وسواسية وتكون أفكاره ودوافعه فى الحياة اليومية مقلقة.
من جانبها، تقول الدكتورة منى الرخاوى، أستاذ الطب النفسى بقصر العينى - جامعة القاهرة، إن مرض الوسواس القهرى نوع من أنواع القلق الذى يظهر فى أمرين؛ أولهما فى شكل أفكار تهاجم المريض بشكل متكرر تسبب له ضيقاً وتؤثر على حياته الاجتماعية أو مزاجه أو عمله، وقد تكون هذه الأفكار مرتبطة بأفكار محرمة كالجنس أو الذات الإلهية، أما الأمر الثانى فيكون مرتبطاً بالأفعال، كقيام المريض بتكرار أفعاله بشكل غير طبيعى، كأن يتأكد من الفعل الذى قام به أكثر من مرة مثل غسل اليدين أو غلق الموقد أو باب الشقة.
"الرخاوى": ربما ينتقل من الأم إلى الأطفال.. ومستشفيات الصحة والجامعات تعالج المرضى بأسعار زهيدة
«الرخاوى» أكدت لـ«الوطن» أنه يمكن احتواء هذا المرض فى البداية قبل تطوره، ويكون علاجه بسيطاً، مشددة على أهمية نشر التوعية بالأمراض النفسية حتى لا يؤثر هذا المرض على الأفراد المحيطين، خاصة إذا أصيبت به الأم لأنه يمكن أن ينتقل إلى الأولاد، وتابعت: «هناك أمهات مصابات بمرض الوسواس القهرى، خاصة فيما يتعلق بالنظافة الشديدة للبيت وترتيب الأشياء بشكل مبالغ فيه، وسوف تنتقل هذه العادات إلى الأطفال ويتعاملون معها كأنها أمر عادى وهنا الأطفال يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض».
وتنتقد «الرخاوى» نظرة المجتمع للأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية واعتبارهم «مجانين»، واصفة هذا الأمر بأنه مؤذٍ بشكل كبير، فالمرض النفسى مثله مثل أى مرض عضوى يحتاج إلى المتابعة مع طبيب مختص للتخلص منه وعلاجه، مشيرة إلى أن الدولة والأفراد عليهم دور كبير جداً فى زيادة الوعى ونشره بين الأفراد بماهية المرض النفسى وأنه لا يشكل وصمة عار على صاحبه.
وتؤكد أن مستشفيات الدولة سواء الجامعية أو مستشفيات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة تقدم خدمات جيدة للمرضى بأسعار زهيدة، تساعد المرضى غير المحتاجين الذين يعانون من أمراض نفسية من الحصول على استشارات طبية وكذلك يتم فى بعض المستشفيات صرف الأدوية مجاناً أو بشكل مدعم.
وتوضح أن علاج الوسواس القهرى بشكل خاص والعلاج النفسى بشكل عام يتم على مستويين؛ مستوى خاص بالعلاج الدوائى، ومستوى آخر خاص بالعلاج السلوكى، منبهة الأسرة التى يعانى أحد أفرادها من مرض الوسواس القهرى بألا يتجاوبوا مع المريض وأن يقوموا بتنفيذ طلباته أولاً بأول، خاصة أن المرضى بالوسواس القهرى مهووسون بالسيطرة على من حولهم باعتبار أنهم يفعلون الصواب طوال الوقت.
قال الدكتور فادى صفوت، أخصائى الطب النفسى وعلاج الإدمان، إن الوسواس القهرى مرض نفسى ينتج عن أسباب عضوية ووراثية ونفسية. وأضاف، فى حوار لـ«الوطن»، أن المرض قد يدفع صاحبه أحياناً إلى الانتحار، رغم أنه يمكن التعافى منه من خلال الأدوية والعلاجات السلوكية.
"صفوت": أحد اضطرابات القلق ويمكن التعافى منه بالعلاج.. وإهمال العلاج قد يؤدى للانتحار
وأضاف أن مرض الوسواس القهرى مرض نفسى، وهو عبارة عن أفكار تراود الشخص بعضها منطقى والآخر غير منطقى «يعنى مثلاً فكرة أن الشخص يغسل إيده دى منطقية لكن المبالغة فى غسيل الإيد أكتر من مرّة بدون مبرر غير منطقية، للدرجة اللى ممكن تصيبه بالتهاب الجلد خوفاً من الجراثيم»، وحتى يتخلص المريض من قلقه وضغوطه الناجمة عن تلك الأفكار التى تطرق على رأسه فيقوم باتباعها والانصياع لها بصورة متكررة، ما ينتج عنها تصرفات تثير غرابة المحيطين به.
وأكد «صفوت» أنه ليس هناك سبب دقيق للإصابة بالوسواس القهرى، ولكن هناك بعض الأسباب التى قد تؤدى إلى الإصابة بالوسواس، فعلى سبيل المثال هناك سبب عضوى وسبب وراثى وآخر ناتج عن الضغوط النفسية، وبالنسبة للسبب العضوى فهو يتمثل فى نقص واضطراب فى الناقلات العصبية والكيميائية التى تنقل الإشارات الكهربائية من خلية عصبية إلى أخرى فى مناطق معينة فى المخ، وهناك علاقة بين النقص فى نسب النواقل الكيميائية فى المخ مثل الدوبامين والسيروتونين والتى يتم التحكم فيها عن طريق العلاج الدوائى ومن ثم تحسن حالة المريض.
وهناك سبب وراثى؛ وهو عبارة عن علامات فى الجينات الوراثية ترتبط بالإصابة باضطراب الوسواس القهرى، حيث إن اضطرابات الوسواس القهرى تنتقل عبر العائلات بشكل واضح، وهناك نسبة كبيرة من المصابين لديهم أفراد فى عائلتهم يعانون من نفس المرض أو من اضطرابات القلق الأخرى. وفيما يخص الجزء النفسى فإن تعرض الشخص لبعض الضغوطات النفسية المتكررة قد يكون سبباً فى إصابته بالوسواس القهرى أو الزيادة من حدّة وأعراض المرض إذا كان الشخص بالفعل يعانى منه.
وشرح أن المصاب بالوسواس القهرى يحتاج إلى العلاج، فى حال قضاء وقت طويل من يومه وبذل مجهود إضافى فى أفعاله الإلزامية بالدرجة التى تتعارض مع أنشطة حياته اليومية فى المنزل والعمل، والمصاب قد يقدم على الانتحار فى حالة عدم الاستعانة بطبيب نفسى أو عدم تعاطى جرعات الدواء اللازمة، وبالتالى تزداد حدّة وأعراض المرض، الأمر الذى قد يدفع الشخص إلى الانتحار للتخلص من الحياة القاسية التى يعيشها، وفى أغلب الأحيان يبدأ مرض الوسواس بأفكار قد يعتقد الشخص أنها ناتجة عن الضغوط التى يمر بها وأنها ستذهب إلى حال سبيلها فور زوال الضغوط النفسية، وهو ما يجعل المريض لا ينتبه لذلك إلاّ عند تجاوز الأفكار المدى الطبيعى لها، ومن هنا تبدأ مرحلة الخطر على حياته التى قد تنتهى بالانتحار، وتحديداً عندما يقوم الشخص بتصديق تلك الأفكار، ومن ثم تنفيذها، وتبدأ حينها الهلاوس والأعراض الذهانية تهاجم عقل المريض ولا يستطيع الفكاك والخلاص منها.
وأضاف أن هناك نسبة كبيرة يتماثل فيها الأشخاص المصابون بالوسواس للشفاء خاصة لمن لديهم وعى بالأمراض النفسية وضرورة استشارة أطباء لمعرفة كيفية تجاوز الأمر ومن ثم التعافى، فهناك أشخاص تتحسن حالتهم إلى حد أشبه بالطبيعى عند تناولهم لجرعات الدواء اللازمة والمناسبة، وهناك أفراد آخرون لا بد من الدواء والمتابعة بشكل دورى لدى الطبيب المختص حتى يستطيعوا تجاوز الفترة الحرجة والوصول إلى بر الأمان، ويستطيع بعدها الشخص التكيف مع المرض والعيش بشكل طبيعى.