د. أحمد الشراكى يكتب: الاستزراع السمكى والمصايد الطبيعية

د. أحمد الشراكى يكتب: الاستزراع السمكى والمصايد الطبيعية
- أحمد الشراكى
- الأرض الطيبة
- أمراض الدواجن
- إنتاج الأعلاف
- الثروة الحيوانية
- الثروة الداجنة
- اللقاحات
- اللقاحات البيطرية
- الثروة السمكية
- أحمد الشراكى
- الأرض الطيبة
- أمراض الدواجن
- إنتاج الأعلاف
- الثروة الحيوانية
- الثروة الداجنة
- اللقاحات
- اللقاحات البيطرية
- الثروة السمكية
هناك من يريدونها حرباً أو مشاجرة بين الاستزراع السمكى والمصايد الطبيعية ليجعلوها «أهلى وزمالك» وينشغل كل طرف بمهاجمة الطرف الآخر والتقليل من شأنه بل وشيطنته فى أغلب الأحوال.. والحقيقة أنه لا غنى عن أيهما كجناحين للإنتاج السمكى الذى يستوعب الملايين من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. وما يزيد من تعقيد هذه الخناقة هو تدخل غير المتخصصين فى الموضوع سواء أكانوا مسئولين حكوميين أو أساتذة جامعة ومراكز بحوث أو مواطنين عاديين ومستهلكين أو صيادين يفتون فى الإنتاج السمكى أو العكس بدون علم.
موقف الحكومة
فى نفس الوقت الذى تنفق فيه الحكومة مليارات كثيرة فى تطوير وتنمية البحيرات، وهذا ليس عيباً طبعاً، إنما العيب فى المعاملة غير المتكافئة مع الجناح الآخر وهو الاستزراع السمكى الذى لم يكلف الدولة مليماً واحداً لا فى البنية الأساسية ولا فى أى نوع من أنواع الدعم بل على العكس تماماً.. عداء ظاهر وضغوط من كل نوع، ففى نفس الوقت الذى يعانى فيه المزارع من زيادة تكلفة الإنتاج من أعلاف وطاقة وإيجار وعمالة وغيره وقلة ثمن المنتج النهائى وتحقيق خسائر أثقلت كاهله وتسببت فى خروج كثيرين من العملية الإنتاجية وتسريح كثير من العمالة وسجن كثيرين بسبب تراكم الديون.. نجد فرض ضرائب جديدة وزيادة فى الإيجارات ورفع سعر الطاقة، ويتحول فكر الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية من فكر تنموى إلى فكر جباية فقط بدون أى خدمة حقيقية ويصبح همها الوحيد رفع الرسوم والإيجارات وتهديد من يعجز عن الدفع بالطرد من أرضه التى تسلمها «بوراً» لا تصلح لشىء وجعلها مزرعة إنتاجية تسهم فى جعل مصر مصنفة عالمياً من ضمن العشرة الكبار فى الإنتاج السمكى من الاستزراع.
هل تستطيع البحيرات والمصايد الطبيعية سد الفجوة التى تتركها المزارع السمكية؟
يحكم المصايد الطبيعية والبحيرات قانون بيئى طبيعى لا يمكنها الفكاك منه وهو القدرة الاستيعابية أو السعة التحميلية القصوى Carrying Capacity، وهو الذى يحدد الكتلة الحية القصوى التى تستطيع وحدة المساحة استيعابها وتستطيع العوامل البيئية توفيرها.
لأنه باختصار لكل مجتمع قدرة على التزايد ومع هذه الزيادة يزداد الاستهلاك للموارد، والبيئة لن تستطيع تلبية الحاجة لهذه الموارد إلى ما لا نهاية وبالتالى يتوقف المجتمع عن التزايد.
والحقيقة التى يجب أن يعرفها الجميع هى أن المصايد الطبيعية فى العالم كله قد توقفت عن النمو من منتصف ثمانينات القرن الماضى لغلبة هذا القانون البيئى المهم وتحديده لإمكانية التطوير والتنمية فيها.
هل هذا القانون ينطبق أيضاً على الاستزراع السمكى؟
طبعاً ينطبق على المزارع السمكية وهو الذى يحدد مستوى التكثيف فيها، لكن الفرق هنا هو إمكانية تغيير وزيادة السعة التحميلية القصوى بصورة لا تقارن والمصايد الطبيعية عن طريق تغيير والتخلص من العوائق البيئية التى تحد أو تمنع الزيادة فى الكتلة الحية وذلك مثلاً عن طريق زيادة الأكسجين عن طريق معدات التهوية وضخ الأكسجين أو عن طريق التخلص من نواتج التحلل باستخدام الفلاتر الميكانيكية والبيولوجية أو استخدام تقنيات جديدة لأنظمة تخلص نفسها من الملوثات كنظام البيوفلوك.. وعن طريق هذه التقنيات وصل الإنتاج فى وحدة المساحة إلى أرقام خيالية فى الأنظمة عالية التكثيف حيث وصلت فى بعض الأصناف كالتراوت والقرموط إلى أكثر من ربع طن فى المتر الواحد.
هل هناك سبيل لوقف هذا الاشتباك؟
على الحكومة، ممثلة فى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، اتباع العدل فى توزيع الاهتمامات فعلى حسب بياناتها الرسمية التى تفيد بأن المزارع السمكية تسهم بنحو 80٪ من إجمالى الإنتاج السمكى يجب عليها توزيع دعمها واهتمامها بنفس هذه النسبة أو على الأقل بالتساوى فلا يصح أبداً دعم تطوير البحيرات بمليارات الجنيهات فى نفس الوقت الذى تفرض فيه أعباء شديدة فى صورة إيجارات ورسوم على المزارع السمكية.
وقد يقول قائل بأن الحكومة تدعم الاستزراع السمكى فى صورة مشاريع سمكية كبيرة تكلفت مليارات، نقول لهم إن هذه المزارع لا تمثل شيئاً فى نشاط الاستزراع السمكى الأهلى المفروض دعمه والذى تجاوز إنتاجه مليوناً و400 ألف طن سنوياً.
وبِناءً عليه!!
يجب على حكومتنا الرشيدة فك هذا الاشتباك وتحديد مساحات البحيرات الحالية وعمل جسر واقٍ عليها يحميها من التعدى، والاهتمام بإدارة البحيرات والمصايد إدارة رشيدة تحقق مفهوم الاستدامة والرقابة الفعالة والاستعانة بالخبراء وليس قوى الأمن فقط ومنع الصيد الجائر للأسماك والزريعة والغزل المخالف وتنظيم جهد الصيد والتعامل بعدل ودعم الاستزراع السمكى بدلاً من التضييق عليه، وسماع أصحاب المصلحة والخبراء فى عمل السياسات واستيعاب القيمة الحقيقية لنشاط الاستزراع السمكى فى توفير فرص عمل وإنعاش الاقتصاد حفاظاً على هذه الصناعة التى لو انهارت -لا قدر الله- سندفع الثمن جميعاً من مستقبل أولادنا.