تكليف الأطباء وزمالات التخصص

حمدى السيد

حمدى السيد

كاتب صحفي

يدور لغط شديد بين الأطباء حول أسلوب جديد اقترحته وزيرة الصحة وبدأت تنفيذه فى ربط التكليف بنظام الزمالة بحيث يرتبط التكليف باختيار وتوزيع الوزارة على التخصصات المختلفة، وحول معايير لم توضحها الوزارة.

ودار خلاف مع نقابة الأطباء، التى لم يؤخذ رأيها فى هذا الموضوع المرتبط بقضايا كثيرة.

أرجو أن يتسع صدر الوزيرة النشيطة. وقد قررت أن أسهم ببعض الآراء التى أرجو أن تساعد فى تقريب المسافة بين الوزارة والنقابة وإرضاء شباب الأطباء.

نعلم جميعاً أن إعداد الطبيب الجيد للممارسة الجيدة ولتحسين صورة الخدمات الصحية يحتاج إلى مراحل ثلاث:

أولاً: تعليم طبى جيد تتاح له كل الإمكانيات الضرورية بما فى ذلك مستشفيات جيدة تؤدى خدمة جيدة للمرضى وتطبق معايير الجودة وأخلاقيات مهنة الطب، والتى ليست فى حاجة إلى التأكيد عليها ولا أمل من ذكرها وتذكير زملائنا بها وهى فى الأساس خدمة جيدة إنسانية ترضى تطلعات المريض وترفع من معنوياته وحالته النفسية، وأنا غير راضٍ عن الإسراع فى إنشاء كليات طب جديدة ملحقة بالجامعات الخاصة بعد أن خضنا معركة قانونية وإنسانية حتى وصلت كليات الطب الخاصة إلى مستوى مقبول ويحتاج إلى مزيد من الرعاية والاهتمام بدلاً من الإسراع فى إنشاء كليات ترتبط بأحد مستشفيات الوزارة للتعليم الإكلينيكى وهذا موضوع فى حاجة إلى مزيد من الدراسة حفاظاً على مستوى المهنة ولا يكون الكم على حساب الكيف وأن نريد أن نصل إلى مستوى الأطباء الحفاة أو مساعدى الأطباء لأن العدد السنوى أكثر من عشرة آلاف طبيب من 24 كلية طب وفى خلال سبع سنوات قادمة سيتخرج نحو 60- 70 ألف طبيب، أرجو أن تستطيع الوزارة استيعابهم وتدريبهم وأريد أن أركز على تدريب الأطباء حديثى التخرج على المهارات الإكلينيكية وعلى مشاكل المجتمع الصحية وعلى الاشتراك فى برنامج التأمين الصحى الذى يحتاج إلى أطباء الأسرة وعلى الأقل نصنف الخريجين ليلتحقوا بهذا التخصص ويكون هناك حوافز لتشجيع الأطباء، خصوصاً المتميزين، على ذلك أسوة بما يحدث فى إنجلترا حيث يلتحق بتخصص الممارس العام أو طب الأسرة أوائل الخريجين حيث يحصلون على دخل أكثر بكثير من كبار الأخصائيين.

المرحلة الثانية هى مرحلة التخصص، وأحسنت وزارة الصحة فى إنشاء نظام الزمالة، الذى التحق به وتخرج فيه أكثر من 1800 طبيب. وبشهادة الزملاء من أساتذة الطب المشاركين فى التدريب والامتحان أن المستوى مقبول، ويمكن أن يتحسن بالمشاركة الإيجابية لأساتذة الطب، وأنا لا أفهم كيف يتم ذلك فى غيبة من التنسيق مع كليات الطب والجامعات بل إن القانون الجديد للجامعات أنشأ برنامجاً للزمالة المصرية متجاهلاً برنامج وزارة الصحة الذى يعمل منذ أكثر من عشر سنوات وله تجربة رائدة والعديد من المعلومات والإحصائيات ولا يعقل أن يكون هناك زمالة لكليات الطب وزمالة للصحة ولا يعقل ألا تتحدث وزارة الصحة مع عمداء كليات الطب ووزير التعليم العالى كأنما نعيش فى مستعمرات منفصلة ولم أسمع كلمة واحدة من الجامعة أو وزيرة الصحة وهل سيستمر برنامج زمالتها أم هل يضم الصفوف ويحسن الأداء لتدريب الأطباء (أكثر من أربعين ألف سرير من الدرجة الثالثة العالية وأكثر من ثلاثين ألف عضو هيئة تدريس معظمهم لديه الوقت والرغبة فى المشاركة فى المشروع القومى الموحد للزمالة)؟

وفى رأيى أن التدريب المهنى فى غاية الأهمية للأسباب التالية:

1- لا بد من تدريب كل خريج من كليات الطب مهنياً حسب برنامج موصَّف وفى أماكن معينة للتدريب بواسطة مدربين حاصلين على خبرة فى التدريب وذلك حسب الاحتياجات الحقيقية للخدمة الصحية الحالية والمستقبلية ولا يكون ذلك اعتباطاً أو إهداراً للقوى البشرية بدون أن تكون الخدمة الصحية فى حاجة إليها. نحتاج بياناً من وزارة الصحة حول عدد الأخصائيين فى كل تخصص والنقص المطلوب استكماله فى كل فروع الطب على المستوى القومى والمستوى المحلى، خصوصاً فى المحافظات النائية واستكمال المستشفى الموجود فى بعض التخصصات، خصوصاً فى ظل التأمين الصحى الشامل.

2- على الأقل، نصنف الخريجين: تخصص طب الأسرة. ونستخدم كل موارد الصحة فى التدريب من الوحدات الريفية والعيادات فى المدن والمستشفيات القروية والمركزية ومستشفيات وتخصصات الدرجة الثالثة ويعطى الأطباء حوافز للإقبال على هذا التخصص رقم (1) فى الدولة خصوصاً فى المناطق النائية، أى يجب أن يكون هناك بدلات مجزية ترضى الأطباء وتغنى عن الهجرة للخارج.

أعلم وجود أطباء مصريين يعملون فى أواسط أفريقيا وفى أماكن نائية مثل ناميبيا وغيرها من الدول الأفريقية لأن المرتبات مجزية ونفس الشىء للأطباء العاملين فى أماكن بعيدة فى دول الخليج والسعودية مقابل مرتب بالريال السعودى من السهل الحصول على مثله من العمل فى التأمين الصحى وطب الأسرة.

تحدد الوزارة الاحتياجات لكل محافظة وتعلن عن أعداد المطلوبين والإعلان عن المطلوبين مع تفاوت الحوافز حسب قرب مكان المحافظة أو بعدها عن العمران واستمرار التعليم ويكون هناك بدل ندرة مجزٍ فى التخصصات النادرة التى تعانى منها وزارة الصحة مثل التخدير وأطباء الرعاية الحرجة وأطباء حديثى الولادة والعظام والأوعية الدموية والأعصاب والطب النفسى وغير ذلك. ويكون هناك بدل مناطق نائية مجزٍ للمحافظات النائية. وكما سبق أن ذكرت أن الطبيب المصرى يهرب من أجل أربعة آلاف ريال هو مرتب طبيب حديث التخرج فى السعودية والخليج بينما تستطيع الدولة أن توفر هذا المرتب للعاملين فى سيوه وشلاتين والغردقة والعريش ولا يمكن الاعتذار بالميزانية أو أىّ أسباب أخرى ويمكن للطبيب أن يلتحق ببرنامج للتدريب والتعليم المستمر فى هذه المناطق عن طريق التعليم والتدريب عن بعد وندوات وورش عمل مركزة فى أحد المراكز الغربية.

أما باقى التخصصات التى بها فائض فى الأخصائيين ولا تخشى الوزارة من نقص فى القوى البشرية بها فيمكن للوزارة أن تحدد العدد والأماكن حسب الاحتياجات وبالتالى نربط التدريب وإعداد الأخصائيين بالاحتياجات ولا نعتمد على القهر وعدم الرضاء بإيجاد الحوافز المناسبة والتى أؤكد عليها.

المرحلة الثالثة من إعداد الطبيب هى التعليم والقدرة المستمرة على التدريب وهذا يطبق فى معظم بلاد العالم المتقدم بما فى ذلك عدد من البلاد المجاورة كل عدة سنوات (5 مثلاً) على الطبيب أن يقدم ما يفيد استمراره فى التعليم والتدريب بحضور محاضرات ومؤتمرات ودروس وورش تدريب تنظمها الدولة والهيئات العلمية (ساعات معتمدة) وهناك مشروع قانون أعدته لجنة الصحة بعد موافقة نقابة الأطباء قبل تركى مجلس الشعب فى عام 2010 يمكن إحياؤه ومناقشته فى الدورة الأخيرة للمجلس ويكون هذا التدريب المعتمد ضرورياً للسماح للطبيب باستمرار ممارسة تخصصة.

توصيات:

بعد هذه المقدمة الطويلة أقترح التوصيات التالية:

1- تأجيل هذا المشروع حتى تتم دراسته بشكل أوسع ومناقشته مع نقابة الأطباء وعدد من كبار الأخصائيين والشخصيات الطبية الكبيرة من أمثال كبار الأساتذة ووزراء الصحة السابقين ورؤساء لجان التعليم الطبى فى الجامعات.

2- توصية إلغاء الزمالة التى اقترحها وزير التعليم العالى للجامعات وتُضم إلى زمالة وزارة الصحة مع التطوير والعمل المشترك مع كليات الطب.

3- النظر فى استكمال التخصصات الناقصة فى وزارة الصحة خصوصاً بعد تطبيق التأمين الصحى الشامل على 120 مليوناً من المواطنين خلال خمسة عشر عاماً قادمة، ولقد اقترحت عدداً من التوصيات.

4- نحتاج من وزارة الصحة بياناً عن عدد الأخصائيين فى كل تخصص وفى كل محافظة.. منذ عشر سنوات، فى زيارة لجنة الصحة برئاستى إلى واحة سيوة تبين وجود أخصائى تخدير واحد وعدد من المستشفيات وعند عدم توافره إما ينقل المريض 350كم إلى مرسى مطروح أو يطلب أخصائى تخدير من هناك، وهذا وضع لا يرضى أحدًا، وأنا متأكد أن نفس الشىء يحدث فى تخصصات أخرى ومناطق نائية أخرى ولقد قدمت توصيات للمجلس لحل هذه المشكلة.

5- أبدى تعجبى وعدم رضائى عن عدم التنسيق بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة وأنا أعتبر أن النقابة هى الجناح الشعبى والرقابى للوزارة وينص القانون على التنسيق معها وأطالب الأستاذة الوزيرة والأستاذ الدكتور النقيب بالاجتماع العاجل ومناقشة هذا الموضوع.