في ذكرى استقلال لبنان.. عرض عسكري رمزي وحرق "قبضة الثورة"

كتب: حسن رمضان

في ذكرى استقلال لبنان.. عرض عسكري رمزي وحرق "قبضة الثورة"

في ذكرى استقلال لبنان.. عرض عسكري رمزي وحرق "قبضة الثورة"

أحيا اللبنانيون، اليوم، الذكرى السادسة والسبعين لاستقلال الجمهورية، وسط أجواء احتفالية وحماسية لم تعهدها هذه المناسبة الوطنية سابقا، يحدوهم الأمل باستقلال جديد، على وقع الاحتجاجات غير المسبوقة التي تعم البلاد منذ أكثر من شهر مطالبة برحيل الطبقة السياسية كلها.

وبينما اقتصر الاحتفال الرسمي على عرض عسكري رمزي في مقر وزارة الدفاع، بحضور الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ملأ عشرات الآلاف من اللبنانيين وبينهم مغتربون عادوا خصيصا للمشاركة في الذكرى، الشوارع، ونظموا في وسط بيروت عرضاً مدنياً بعد وصول مسيرات من مناطق عدة رافعة الأعلام اللبنانية ولافتات تطالب بمحاسبة الفاسدين وبحياة كريمة، فيما شهد لبنان حرق مجسم "قبضة الثورة" في ساحة الشهداء في العاصمة اللبنانية "بيروت".

ونال لبنان في 22 نوفمبر 1943 استقلاله عن الانتداب الفرنسي منذ العام 1920، قبل أن يتم جلاء آخر القوات الفرنسية من البلاد في العام 1946، ليشكل ذلك آخر محطة يجمع اللبنانيون على رواية موحدة لها، وجراء الانقسامات السياسية الحادة منذ قيام الجمهورية، لا يتفق اللبنانيون على رؤية موحدة للأحداث الكبرى التي طبعت مسار الحياة السياسية على مدى عقود، لا سيما الحرب الأهلية "1975-1990" التي تربع العديد من أمرائها على مقاعد السلطة، ويطالب المتظاهرون اليوم برحيلهم.

 

فنّانون محترفون من "أبناء بيروت" صنعوا مجسم "قبضة الثورة" بأنفسهم

وصنع فنّانون محترفون من "ابناء بيروت"، من "المؤيدين للتغيير، مجسم "قبضة الثورة" بأنفسهم ورفعوها في "ساحة الشهداء" في العاصمة اللبنانية "بيروت" قبل أسابيع، "بيروت"، وذكر موقع النهار اللبناني، أنه في مبادرة "عفوية" في أوقات تاريخية، ولّدت مجسما ضخما لقبضة يد بيضاء، بيضاء، "من دون اي صبغة سياسية" لها، جمعت حولها ثوار لبنان.

واليوم، استيقظ المتظاهرون اللبنانيون على صورة سوداوية صادمة، حيث اشتعلت النيران بـ"مجسّم الثورة" أو ما يعرف بـ"قبضة الثورة" المرفوع في ساحة "رياض الصلح" وسط العاصمة اللبنانية "بيروت"، وقالت قناة  "LBCI" اللبنانية، حضر أحد الشبان على دراجة نارية عند الساعة السادسة صباحا وألقى بعض المواد الحارقة على المجسم وأعطاها النيران، فاشتعل المجسّم بسرعة فائقة، ولم يبق منه أي شيء، فيما حاول بعض الشبان كانوا ينامون في الخيم وحاولوا إطفاء النيران لكنهم لم ينجحوا بسبب سرعة النيران، وفقا لما ذكره موقع "الكتائب" اللبناني.

 

مغرّدون يستنكرون إحراق اليد التي تمثل "الثورة"

ووجهت الاتّهامات عبر وسائل التواصل إلى المدعو "زيكو". وقال مصدر في قوى الأمن لقناة "النهار" اللبنانية، إنّه لم يتم توقيف "زيكو" للتحقيق معه وهناك شبهات حوله، ولا دليل حتى الآن بأنّه مَن أحرق قبضة الثورة، ويتم سحب كاميرات المراقبة من المكان ليتم معرفة المرتكبين ومَن يقف خلفهم، فيما استنكر مغرّدون إحراق اليد التي تمثل "الثورة". ومساء اليوم، أعيد رفع مجسم الثورة في ساحة الشهداء بعد اعادة بنائه، وذكرت قناة "إل بي سي" اللبنانية، أنه قبيل السادسة مساء بتوقيت لبنان، شقّ شعار "قبضة الثورة" طريقه بصعوبة بين آلاف المعتصمين نحو ساحة الشهداء ، وقد حالت كثافة الموجودين دون رفعه بسهولة تجنبا لأي حوادث. وبعد نحو ساعة أحضر "ونش" وتعاون عشرات الشبّان على رفع الشعار من جديد وهو شعار ٌأكبر من السابق وسط صيحات المشاركين. وأظهرت صورا نشرتها وكالة الانباء الفنسيية "فرانس برس" تجمع المتظاهرون اللبنانيون حول علامة عملاقة جديدة بقبضة تحمل الكلمة العربية "ثورة" عليها ، في ساحة الشهداء.

 

صوت أمريكا: لبنان الآن على شفا الانهيار المالي

ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي،  مظاهرات غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية، فيما ذكرت وكالة الانباء الفرنسية "فران برس": يبدو الحراك عابراً للطوائف والمناطق، ويتمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء، إذ يأخذ عليها المحتجون فسادها ويتهمونها بنهب الأموال العامة، فيما قال خبراء اقتصاديون، إن لبنان الآن على شفا الانهيار المالي، والسبيل الوحيد للخروج هو بناء حكومة وإنهاء الاضطرابات. لكن القيادة الحالية لا تزال غير قادرة على الاتفاق على رئيس وزراء أو عقد جلسات تشريعية، وفقا لما ذكرته إذاعة "صوت أمريكا"، أمس الخميس.

وأوضحت قناة "النهار" اللبنانية، الخبر اليقين يزيل الغموض حول المجسم الضخم الذي شغل كثيرين، واستخدمت جهات المجسم للهجوم على الثورة والتشكيك في الثوار، عبر ربطه بحركة "أوتبور" الصربية، واعتباره علامة على "تمويل خارجي" للانتفاضة اللبنانية الجهة التي تقف وراءها هي الشركة البيروتية المعروفة، Styro 3D، المتخصصة بصناعة المجسمات الثلاثية الابعاد، والتي تولت انتاج فعاليات I Love Beirut، وقال صاحب الشركة طارق شهاب لموقع صحيفة "النهار" اللبنانية على الانترنت ، في وقت سابق: "نعم، المجسم تقدمتنا"، مضيفا: مبادرة "عفوية"، تلقائية"، بتعبيره.  وأوضح شهاب:"نحن من أبناء المدينة قبل كلّ شيء، ومن مؤيدي التغيير والمطالبة بحقوقنا كمواطنين. في كلّ تحرّك، تنبعث أفكار عفويّة. وهذا (اي المجسم) أقلّ شيء يمكننا أن نفعله كمحترفين في مهنة الفنّ والستايروفوم، من خلال مشاركتنا في نقل روح الاندفاع ورمز الشجاعة في المطالبة بأبسط حقوقنا كلبنانيّين".

 

حركة "أوتبور" الصربية بدأت في 1998 بـ20 شابا

وحركة "أوتبور" الصربية والاسم يعني "مقاومة" بالعربية، وله وقع كبير في تاريخ تلك البلاد لارتباطه بحركة كفاح سلمي شبابي بدأت بـ20 شابا من معارضي رئيس الحكومة الصربية  سلوبودان ميلوسيفيتش، في عام 1998 كان لها دور كبير في اسقاط حكم ميلوسيفيتش في  2000، فيما اشتهر ايضا شعارها وانتشر: قبضة يد بيضاء مشدودة على خلفية سوداء، وتحولت بعد ذلك إلى حزب سياسي في أواخر عام 2003

 وStyro 3D شركة ديكور رائدة "متخصصة بنحت الستايروفوم Styrofoam ثلاثي الأبعاد. وهي تضم مواهب شابة ومصممي المنتجات ومهندسين معماريين متخصصين بالعرض ثلاثي الأبعاد"، على ما تعرف بذاتها. وفي 25 أكتوبر الماضي، قدمت "قبضة الثورة" إلى الثوار، ورفعتها في ساحتهم. نسأل شهاب عن قبضة اليد وتصميمها، فيشرح "أنها حركة عفويّة، طبيعيّة عند الإنسان، منذ آلاف السنين. ويقوم بها الشخص عندما يطالب بحماسة، ويشجّع. ونشاهدها دائماً في المناسبات الرياضيّة وغيرها".

 

 

وأوضح شهاب: "لم نرد أن نختار أيّ لون لها، لأنّ كلّ حزب لبنانيّ لديه لون، وتفادياً لأن يكون للمجسم اية صبغة سياسيّة، وايضا كي نترك للشعب اللبناني حرية التعبير من خلال رسوم وكتابات عفويّة يخطها عليها".وبالنسبة الى ما يتردد عن "تكلفة عالية" لانجاز المجسم، أشار رئيس الشركة إلى أنه "انها لم تتجاوز 300 الف ليرة، ذلك ان المجسم يتألف من اربعة ألواح خشب فقط".

من جانبه، قال مؤسس "الاوتبور"، المدير التنفيذي لمؤسسة كانفاس سرجابوبوفيتش،  ردا  الاتهامات المساقة ضد "الاوتبور"، بأنها "تقف وراء ثورة لبنان"، وبان "قبضة يد الثورة في وسط بيروت دليل على ذلك"، إنه لا يوافق اطلاقا على هذه الاتهامات،  مضيفا لـ"النهار" اللبنانية: هذه المزاعم "غير صحيحة"، وقال في وقت سابق: "الاوتبور كانت حركة صربية حاسمة في إطاحة الديكتاتور الصربي ميلوسوفيتش. لقد تم حلها، ولم تعد موجودة منذ عام 2003. لذا، بالتأكيد لا يمكن أن تشارك في أي شكل في الاحتجاجات اللبنانية الحالية. ومع ذلك، أصبح شعار الاوتبور، القبضة المشدودة، مصدر إلهام قوي لعشرات الحركات المؤيدة للديموقراطية في جميع أنحاء العالم، موضحا: لكن استخدام هذا الشعار لا يعني على الإطلاق أن أوتبور ضالعة في التمويل، بل هو مجرد شعار استلهمته تحركات أخرى حول العالم من التحرك الصربي الناجح وغير العنفي، أي أنها ظاهرة تاريخية شائعة إلى حد كبير".


مواضيع متعلقة