"التخفيض الثالث على التوالي".. تراجع "الفائدة" يدفع الاقتصاد للنمو السريع

"التخفيض الثالث على التوالي".. تراجع "الفائدة" يدفع الاقتصاد للنمو السريع
- لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى
- البنك المركزى
- تخفيض أسعار الفائدة
- أسعار الفائدة
- سعر عائد الإيداع
- الاقتصاد المحلى
- الأوعية الادخارية
- لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى
- البنك المركزى
- تخفيض أسعار الفائدة
- أسعار الفائدة
- سعر عائد الإيداع
- الاقتصاد المحلى
- الأوعية الادخارية
استمرت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى فى سلسلة تخفيض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالى والرابعة خلال العام الجارى، وذلك وفقاً للسياسة التوسعية التى ينتهجها المركزى، تزامناً مع وصول معدلات التضخم لمستويات قياسية هى الأدنى منذ ديسمبر 2005، حيث قررت اللجنة خلال اجتماعها الأخير الذى عُقد نهاية الأسبوع الماضى تخفيض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 12.25% و13.25% و12.75% على الترتيب، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 12.75%.
ويُقدر بذلك إجمالى التخفيضات التى قام بها البنك المركزى خلال 2019 بـ450 نقطة أساس (4.5%)، لتنتقل معدلات الفائدة من الشريحة المرتفعة إلى مستويات متوسطة.
ويؤثر أى تحرك بسيط للفائدة بشكل دقيق على العديد من محددات الاقتصاد المحلى، سواء معدلات الاستثمار وتحفيزه، أو نسبة الإقبال على القروض والائتمان بالتكلفة الحالية، وفى المقابل مدى الإقبال على الأوعية الادخارية وما ينتج عنه من مستويات السيولة لدى البنوك، فضلاً عن تأثر الموازنة العامة للدولة بتراجع معدلات فوائد الدين وغيرها من المحددات الاقتصادية التى ستجعل من عملية تحريك أسعار الفائدة مستقبلاً أمراً دقيقاً للغاية.
القرار يدعم توسع البنوك فى منح الائتمان.. ويعزز من عوائد توظيف الودائع
وأرجع البنك المركزى أسباب استمراره فى سلسلة الانخفاضات فى معدلات الفائدة ومتابعة خطوات السياسة التوسعية التى بدأها منذ مطلع العام الجارى، إلى استمرار معدلات التضخم فى تحقيق مستويات قياسية وتراجعها لتصل إلى 3.1% فى الحضر خلال شهر أكتوبر، ليُقدر بذلك معدل التضخم خلال الفترة من يناير وحتى أكتوبر من العام الجارى بـ9.6%، وهو ما يتماشى مع النسب المستهدفة للتضخم عند 9% بزيادة أو نقصان 3% خلال الربع الأخير من عام 2020.
التضخم يهبط لمستويات تاريخية.. و"الاستثمار" أبرز الرابحين من تخفيض الفائدة 4.5% خلال 2019
وأشار «المركزى»، فى البيان الذى أصدره، إلى أن القرار جاء مدعوماً باستقرار معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى ليسجل 5.6% خلال الربع الثالث لعام 2019، بعدما سجل 5.6٪ خلال العام المالى 2018/2019 وهو أعلى معدل له منذ العام المالى 2007/2008، فضلاً عن ارتفاع مساهمة ناتج القطاع الخاص خلال الربع الثانى لعام 2019، وذلك للمرة الأولى منذ الربع الثانى من عام 2017، كما ارتفعت مساهمة الطلب المحلى الخاص، مما ساهم فى الحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادى.
كما تطرق فى بيانه إلى تراجع معدلات البطالة بنحو ست نقاط مئوية لتصل إلى 7.5% خلال الربع الثانى لعام 2019، مقارنة بذروتها خلال الربع الرابع من 2013، وتأثير ذلك على الاستقرار الاقتصادى فى مصر، وامتد فى تحليله إلى التطورات العالمية، وتأثير استمرار تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمى وتيسير الأوضاع المالية العالمية وكذلك المخاطر المرتبطة بالسياسات التجارية العالمية على آفاق النمو فى مصر.
وأوضح أن النظرة المستقبلية لمعدلات التضخم المحلى تُشير إلى استمرار احتواء الضغوط التضخمية، على الرغم من التأثير السلبى المتوقع لفترة الأساس على معدلات التضخم السنوية فى الأجل القريب بسبب انتهاء أثر صدمات العرض المؤقتة لأسعار الخضراوات الطازجة فى العام الماضى.
ومع اقتراب معدلات الفائدة إلى مستوياتها قبل قرار تحرير سعر الصرف بعد خفضها بـ6.5% منذ بداية 2018 وحتى الآن بعد أن تم رفعها بـ7% منذ تنفيذ القرار فى نوفمبر 2016، فقد تسترد آلية تحريك أسعار الفائدة فاعليتها فى التأثير المباشر والسريع على بعض المؤشرات، خاصة على مستوى القطاع المصرفى بما يشمله من قروض وودائع ونسب سيولة، وهو ما يدفع البنك المركزى للاعتماد على بدائل لآليات السياسة النقدية الأخرى لضبط هذه المؤشرات والسيطرة على التضخم خلال الفترة المقبلة.
مؤشرات القطاع المصرفى
أدى رفع معدلات الفائدة بنسب كبيرة خلال السنوات الماضية وخاصة فترة ما بعد التعويم التى شهدت زيادة بنحو 3% مرة واحدة وتوالت بعد ذلك الزيادات، إلى تدافع القطاع العائلى وجزء من القطاع الاستثمارى إلى توجيه أموالهم للادخار على هيئة ودائع وأوعية ادخارية للاستفادة من العوائد المرتفعة التى تقدمها البنوك، حيث ارتفع معدل نمو الودائع خلال السنة المالية لقرار التعويم بنحو 43.29% لتصل إلى 3.04 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2017، وذلك مقابل معدل نمو 22% فقط خلال العام الذى يسبقه، ومن ناحية أخرى تراجع معدل نمو التسهيلات الائتمانية المقدمة للعملاء وفقاً لبيانات البنك المركزى إلى مستويات متدنية عقب القرار، حيث قُدرت بـ2.58% خلال النصف الثانى من 2017، مقارنة بـ37.9% خلال الفترة نفسها من 2016.
وبالنظر لهذه المؤشرات عقب بدء المركزى السياسات التوسعية فى 2018 سنجد أن معدل نمو التسهيلات الائتمانية قد ارتفع إلى 11.35% خلال النصف الثانى من 2018 مقارنة بـ2.58% فقط خلال النصف الثانى من 2017، وعلى العكس فيما يخص ودائع العملاء فقد حققت معدل نمو بـ12.26% خلال العام المالى 2018/2019 لتُقدر بنحو 4 تريليونات جنيه نهاية يونيو الماضى، مقابل 43.29% خلال العام المالى 2016/2017، كما تراجع متوسط نسبة السيولة الفعلية لدى البنوك بالعملة المحلية إلى 41.9% بنهاية يونيو 2019 مقارنة بـ44.3% بنهاية ديسمبر 2018 و55% فى 2016.
ويمكن للقطاع المصرفى أن يستفيد من وصول أسعار الفائدة لهذه النسب من خلال تعظيم أرباح البنك عن طريق زيادة معدلات استغلال الودائع على هيئة قروض بشكل أكبر مع السياسة التيسيرية التى يتبعها المركزى خلال الفترة الراهنة، كما يمكن استغلال إقبال القطاع العائلى والاستثمارى على الاقتراض بعد فترة من الركود فى زيادة انتشار الشمول المالى خاصة بين فئات القطاع العائلى فى ظل منح الائتمان لهذه الفئة بشكل أكبر.
قد يغير البنك المركزى من منهجية الاعتماد على بعض الآليات لضبط معدلات التضخم خلال الفترة القادمة، خاصة مع خروج آلية سعر الصرف من المعادلة بعد قرار التعويم، فضلاً عن ضرورة اتباعه سياسة تيسيرية لإنعاش السوق المحلية مرة أخرى بدلاً من دخوله فى حالة ركود كما يفعل الآن، ولكن مع وصول معدلات الفائدة لهذه المستويات الجيدة فقد تتأثر معدلات التضخم بشكل كبير مع زيادة السيولة المالية وخروجها من القطاع المصرفى للأسواق.
لذا من المتوقع أن يستخدم البنك المركزى بعض البدائل التى تمكّنه من السيطرة على معدلات التضخم للحفاظ على توجهاته التوسعية التى ينتهجها، وتبرز آلية الاحتياطى الإلزامى كأحد البدائل التى يمكن أن يعول عليها «المركزى» خلال الفترة القادمة، وذلك للسيطرة على المعروض النقدى فى الاقتصاد التى يمكن أن تتسبب فى زيادة معدلات التضخم إذا ما تم تداولها فى الأسواق، حيث استخدم البنك المركزى هذه الآلية مرة واحدة فقط بعد قرار تحرير سعر الصرف، حيث قام برفع هذه الاحتياطيات من 10% إلى 14% فى أكتوبر 2017، وهو ما أدى إلى تراجع المعروض النقدى بنحو 400 مليار جنيه بنهاية الربع الثالث من 2018 وفقاً لورقة بحثية أصدرتها «سيجما كابيتال».
ويذكر أن البنك المركزى قد استخدم هذه الآلية بشكل أكبر خلال ثمانينات القرن الماضى، حيث قام بتعديلات كبيرة عام 1979 شملت رفع نسبة الاحتياطى إلى 25%.
ومع تبنى البنك المركزى معايير بازل III وبدء تنفيذه بشكل تجريبى منذ 2017، قد يكون هذا بديلاً للاحتياطى الإلزامى لأنه يُعتقد أن نسبة الاحتياطى الإلزامى بمثابة عبء ضريبى على البنوك، ما يؤدى بدوره إلى عدم كفاءة توظيف الودائع، لذا قد يستبدل الاحتياطى الإلزامى التقليدى بنسبة تغطية السيولة التى يتضمنها المعيار الجديد، والتى يبلغ الحد الأدنى منها بمقتضى بازل III حالياً 100%، وتم تطبيقها تدريجياً منذ العام المالى 2017 بدءاً من 70% مع زيادات سنوية تدريجية بنسبة 10% حتى تصل إلى المستوى الحالى، ويمكن تطبيق هذه النسبة على جميع البنوك التى لديها أصول موحدة تزيد على 250 مليار دولار أو 10 مليارات دولار من مخاطر سعر الصرف داخل الميزانية.