3 سنوات بعد "التعويم".. الإفلات من قبضة "تجار العملة" و"فرملة" التلاعب

كتب: إسماعيل حماد

3 سنوات بعد "التعويم".. الإفلات من قبضة "تجار العملة" و"فرملة" التلاعب

3 سنوات بعد "التعويم".. الإفلات من قبضة "تجار العملة" و"فرملة" التلاعب

أكد مصرفيون وخبراء أن عملية تحرير سعر الصرف، المعروفة إعلامياً بـ«التعويم»، كانت أحد أهم بنود برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى أنقذ مصر من أزمات حقيقية كانت تهدد البلاد.

وعلى الرغم من أن المشكلات الهيكلية، التى يعانيها الاقتصاد المصرى جراء تراكمات عقود طويلة كانت ولا تزال من أهم الملفات، التى يجب العمل على حلها والاستمرار فى تطويرها، فإنه وقبل نحو ٣ أعوام من هذه الأيام، وصل الاقتصاد المصرى إلى حالة من الاحتقان الشديد.

حالة الاحتقان تلك من وجهة نظر مصادر بالبنك المركزى وخبراء اقتصاديين وقيادات مصرفية، لم تكن فقط نتيجة لخلل هيكلى فى الاقتصاد متراكم منذ سنوات، لكن كانت هناك مشكلة أكبر نتيجة لكل تلك المشكلات، ولا تحتمل أى تأخير وهى أزمة سوق صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه، التى لم تنحصر فى ارتفاع سعر الدولار أو اشتعال السوق السوداء، لكن أساس المشكلة فى تراجع موارد الاقتصاد الوطنى من النقد الأجنبى، ما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار واختفاء بعض السلع والأدوية، وعدم قدرة موردى السلع الأساسية والإنتاجية على تلبية احتياجات السوق المحلية فى وقت واحد، فيما سيطر مستوردو سلع الأغنياء على ما تبقى لدى السوق السوداء من دولارات.

مصدر مسئول بالبنك المركزى المصرى قال، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن «الاقتصاد المصرى كان مهدداً بالانهيار، فكانت هناك ديون خارجية مستحقة بمبالغ كبيرة وموارد النقد الأجنبى إلى السوق فى انخفاض، حتى السوق السوداء انتقلت إلى خارج البلاد من الأساس، وتراجعت قوة الجهاز المصرفى على تلبية احتياجات الاقتصاد من النقد الأجنبى، وسط ضوابط وتعليمات تقييدية أدت إلى مزيد من الاختناق فى السوق».

وقال المصدر: الأمور وصلت إلى انخفاض الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى أدنى معدلاته على الإطلاق وبخصم ما علينا من ودائع والتزامات خارجية، فقد وصلنا إلى مرحلة ما تحت الصفر بالفعل، ولم يكن أحد قادراً على استمرار دعم الجنيه أمام العملات الأجنبية، خاصة مع تراجع الموارد وارتفاع عجز ميزان المدفوعات، بسبب انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وارتفاع الواردات مقابل أرقام متواضعة للصادرات المصرية، الأمر الذى بات مهدداً واضحاً للاقتصاد المصرى.

خبراء: القيادة السياسية اتخذت أجرأ قرار إصلاحى فى تاريخ البلاد بمشاركة شعبية جريئة تستحق التقدير

وأكد المصدر أن البدء فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى كان قراراً جريئاً وصائباً من القيادة السياسية، لافتاً إلى أن القرار نجح بسبب تنفيذه اقتصادياً وبمشاركة شعبية جريئة وقوية بامتياز تستحق التقدير، وهو ما قاله العالم كله من مؤسسات وشركات عالمية عن وصف ما قامت به مصر من إصلاحات، والدور الشعبى المهم فى مساندة ذلك البرنامج.

ورداً على سؤال حول شكل الأوضاع فى مصر، إذا لم يتم تنفيذ الإصلاح الاقتصادى، قال المصدر إنه لولا الإصلاح الاقتصادى لكنا غير قادرين على استيراد الأدوية أو مواصلة الإنتاج، ولكانت الأمور اتجهت إلى سيناريوهات أكثر سوءاً تعانى منها بلدان مثل فنزويلا والأرجنتين على سبيل المثال، فى الوقت الحالى، حيث وصلت معدلات التضخم إلى أرقام غير مسبوقة لديهم فى حين أن مصر استطاعت بفضل الإصلاحات التى تمت، تجاوز أزمات تلك البلدان، فيما يعرف بأزمة الأسواق الناشئة.

البنوك استعادت السيطرة على سوق الصرف

وتابع المصدر أن الأزمة فى مصر لم تكن فى ارتفاع سعر الدولار فقط فى السوق السوداء، الأزمة الحقيقية كانت فى انخفاض موارده للاقتصاد المصرى من الأساس، وهو ما كان يهدد بعدم القدرة على سداد التزاماتنا الخارجية أو الوفاء باحتياجات الاقتصاد المحلى من السلع ومدخلات الإنتاج المستوردة من الخارج.

وقال إن الأزمة كانت تتمثل فى ارتفاع اعتماد السوق المصرية على المنتجات المستوردة وإغلاق المصانع المحلية، وهو ما كان مهدداً بأزمات أكبر مثل ارتفاع البطالة وتراجع الإنتاج، ويصل فى نهاية الأمر إلى ارتفاع كبير فى أسعار تلك السلع أيضاً.

وأشار المصدر إلى أن تحرير سعر الصرف المعروف بـ«التعويم»، كان واحداً من أهم بنود الإصلاح الاقتصادى، الذى أدى إلى توافر النقد الأجنبى داخل الأسواق المحلية، بما يتجاوز 150 مليار دولار بعد الإصلاح، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك «التنمية الصناعية»، قال لـ«الوطن» إن تحرير سعر الصرف كان أمراً حتمياً، وإنه لم يكن باستطاعتنا الاستمرار على النهج نفسه، لأن الوضع كان صعباً للغاية، وكانت هناك سوق سوداء للعملة الأجنبية، وقوائم طويلة لفتح الاعتمادات بالبنوك للاستيراد من الخارج، ووصلت الاحتياطيات النقدية الأجنبية إلى أدنى مستوياتها، وكانت الشركات الأجنبية لا تستطيع تحويل أرباحها ومستحقاتها.

وأضاف أن الوضع اليوم أصبح مستقراً ولم تعد هناك قوائم انتظار لتدبير الدولار للاستيراد، والاحتياطى النقدى وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق متجاوزاً ٤٥ مليار دولار، وسعر الدولار اليوم انخفض أمام الجنيه، وهو إشارة إلى تصحيح مسار قيمة العملة المحلية، وتحسن الميزان التجارى لصالح مصر.

"فهمى": القرار كان حتمياً ولولاه لواجهت مصر صعوبات كبيرة والشركات رفعت التصنيف الائتمانى لمصر

وأكد أن القرار كان لا بد منه، خاصة أن مكتنزى الدولار اليوم تخلوا عنه، وحولوا مدخراتهم بالجنيه المصرى، وذلك لتحسن الثقة فى العملة المحلية بعد الإصلاح الاقتصادى.

وتابع أن شركات التصنيف الائتمانى رفعت التصنيف الائتمانى وحسنت من ترتيب مصر وجودة ديونها السيادية، وبالتالى انعكس ذلك على رفع درجة جدارة الاقتصاد المصرى الائتمانية نتيجة لتحسن الأوضاع الأمنية والسياسية والإصلاح الاقتصادى، وهو أمر جاذب للاستثمار الأجنبى.

"الشاذلى": كنا فى الطريق إلى الانهيار

من جهته قال أحمد الشاذلى، الباحث الاقتصادى، إن برنامج الإصلاح الاقتصادى أنقذ مصر من أزمات حقيقية، لافتاً إلى أن الوضع كان يتجه إلى الانهيار وكان لا بد من اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة، وهو ما قامت به القيادة السياسية بتنفيذ أكبر برنامج إصلاح اقتصادى عرفته مصر فى تاريخها.

وتابع «الشاذلى» أن التعويم أعاد النقد الأجنبى إلى مساره الصحيح داخل البنوك بعد أن كان يتم تداوله فى السوق السوداء، دون أى سيطرة أو رقابة، وهو ما أدى إلى فقدان الثقة فى الاقتصاد، وبالتالى تراجعت موارد العملة الصعبة، وانتهى الأمر إلى عدم قدرة الحكومة والبنوك على توفير الدولارات اللازمة لاستيراد السلع المهمة والأساسية، إلا أن تحرير سعر الصرف أعاد الانضباط إلى السوق.

ثمار الإصلاح الاقتصادى من خطر الإفلاس إلى التنمية

أداء قوي للسياسة المالية وزيادة في بنود الحماية الاجتماعية

شهادات الثقة العالمية تضع اقتصاد مصر في قائمة "الاقتصادات المتطورة"


مواضيع متعلقة