حكاية معاناة ممرض كردي مع الحصار في مستشفى في رأس العين بسوريا

حكاية معاناة ممرض كردي مع الحصار في مستشفى في رأس العين بسوريا
خلال حصاره مع طاقم طبي كردي داخل مستشفى في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا، مرّت لحظات ثقيلة شعر فيها رامان أوسو أنه لن يتمكن من النجاة.
وبقي هذا الممرض الكردي البالغ 27 عاماً ستة أيام محاصراً في مستشفى روج في مدينة رأس العين مع فريق طبي صغير عند بدء الهجوم التركي في شمال شرق سوريا لتقديم المساعدة الطبية للجرحى.
في ممرات المستشفى الوطني في مدينة الحسكة حيث يتواجد اليوم، يتلقى الترحيب والابتسامات. يخرج بين الحين والآخر الى غرفة في إحدى زوايا المستشفى مخصصة للتدخين وشرب القهوة. ويسرد تفاصيل تلك الأيام بحزن.
يروي مرتدياً قميصاً أخضر ونظارات "لم نكن نصدق بأننا سوف نعيش ونخرج من المدينة من جديد"، مضيفا "لم أكن أتوقع بحياتي أنني سوف أعيش هذه التجربة الصعبة".
وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية لها هجوما في 19 أكتوبر ضد قوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، في شمال سوريا، وتمكنت خلال وقت قصير من الاستيلاء على أراضٍ بطول 100 كلم على الحدود السورية-التركية كانت تحت سيطرة الأكراد.
وجاء ذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، في قرار اعتبر بمثابة تخلٍ عن الأكراد وضوء أخضر لتركيا لبدء الهجوم.
ولعبت قوات سوريا الديموقراطية دوراً أساسياً في قتال التنظيم الدولة الإسلامية بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
- الشعور بالعجز -
وحاصرت القوات التركية التي تملك أفضلية على قوات سوريا الديموقراطية من حيث المعدات العسكرية، رأس العين، ما قطع عنها الإمدادات. وقتل العشرات في معارك شرسة بين الطرفين في المدينة.
وبقي رامان الذي درس ليصبح مساعد تخدير في المعهد الصحي في مدينة الحسكة وهو عضو في الهلال الأحمر الكردي، داخل المستشفى الرئيسي في رأس العين فيما كانت المعارك تتصاعد والقصف التركي يستهدف البلدة، بهدف معالجة الجرحى من المقاتلين والمدنيين.
واشتدت حدة المعارك التي امتدت إلى عمق المدينة وتعرض المستشفى لأضرار خلال الاشتباكات، فيما كان الطاقم الطبي محاصرا في الداخل.
ويروي الشاب "فقدنا بعض الجرحى بسبب نقص في الكادر الطبي والمعدات الطبية والمختصين".
ويوضح كيف كان مضطراً بسبب النقص في الطاقم الطبي "للقيام بالعمليات الجراحية وعمليات بتر الأطراف" لإنقاذ أكبر قدر من الأشخاص، حسب قوله، لكنه مع ذلك يقول إن الكثير فارقوا الحياة "ولم يكن باستطاعتي أن أفعل لهم شيئاً".
ويخبر أن كثيرين كانوا مصابين "في الوجه والبطن، الكثير منهم كانوا يعانون من الحروق وإصابات بالشظايا في أجسادهم وكسور متعددة والعديد من الإصابات الدماغية والوعائية".
وخلال حصارهم في المستشفى، "جرت محاولات للسيطرة عليه، لكن الهجمات كانت تفشل وكنا نكمل عملنا الذي كان كثيراً"، بحسب رامان.
ويشير الى أن "الدماء كانت في كل مكان، والقصف والاشتباكات في الخارج كانت عنيفة. لم نكن نصدق بأننا سوف نعيش ونخرج من المدينة من جديد".
ويتحدث رامان عن خشية سادت من اقتحام المستشفى. ويتابع رامان "كانت معنا ممرضات، وكنا نخاف أن يتم أسرهن، وكن يبكين طوال الوقت لأنهن فقدن الأمل بالخروج".
- وقف إطلاق النار -
بعد أيام من الحصار، توصلت واشنطن وأنقرة لوقف إطلاق النار في 17 أكتوبر أتاح لقوات سوريا الديموقراطية والمدنيين الخروج من المنطقة.
ويقول رامان إن أفراد الطاقم الطبي لم يصدقوا في بداية الأمر أنه تمّ توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، لأن الاشتباكات تواصلت.
ويوضح مسؤول في الهلال الأحمر الكردي لوكالة فرانس برس أن فرق الهلال الأحمر لم تتمكن من دخول المدينة إلا بعد وقف إطلاق النار بفترة وتم إجلاء الجرحى عبر الصليب الأحمر. وأشار إلى إجلاء عشرات الجرحى و11 قتيلاً على الأقل. وأكد أنه لا يزال هناك الكثير من الجثث تحت أنقاض المدينة.
في نهاية المطاف، تمكن الممرض رامان أوسو وزملاؤه من الفرار إلى مدينة الحسكة ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سوريا.
ويروي أنه بكى كثيراً حين رأى والدته للمرة الأولى بعد خروجه من رأس العين إلى الحسكة.
ويتابع "أشعر الآن بالقليل من الراحة"، متعهداً بأنه سيكمل عمله في المستشفى حيث يتواجد الآن، آملاً في أن ينتهي النزاع السوري المتواصل منذ ثماني سنوات.
ويقول "أتمنى أن تنتهي هذه الحرب ويعود كل شيء على ما يرام".