بائعو الصحف وأصحاب الأكشاك: شغالين 24 ساعة.. و"برك المياه" فى الشوارع لا تشغلنا

كتب: أحمد العميد

بائعو الصحف وأصحاب الأكشاك: شغالين 24 ساعة.. و"برك المياه" فى الشوارع لا تشغلنا

بائعو الصحف وأصحاب الأكشاك: شغالين 24 ساعة.. و"برك المياه" فى الشوارع لا تشغلنا

لم تشغله بِركة المياه الصغيرة التى أمامه حتى لو اتسعت ومنعت الناس من الوصول إليه لشراء ما يحتاجونه من «الكشك» الذى يقف بداخله محاصراً بالبضائع فى مساحة لا تزيد على نصف متر مربع، فإغلاق «الكشك» وأخذ إجازة ليس خياراً بالنسبة لإبراهيم محمد كباقى أصحاب المهن الكثيرة التى تأخذ إجازاتها وعطلاتها الأسبوعية والاستثنائية فى حالات الطوارئ، فهو لم يعرف الراحة أو العطلة على مدار الشهور والسنين، يقول: «أنا شغال فى كشك، يعنى البضاعة بتاعتى مرمية فى الشارع ما أقدرش أسيبها، ولا هو محل علشان أنزل الباب وأقفل بالقفل وأمشى».

"إبراهيم": "بضاعتنا مرمية ما نقدرش نسيبها لحظة"

ويشير إبراهيم محمد، صاحب الـ29 عاماً، الذى يعمل بائعاً فى أحد الأكشاك بشارع مصدق بالدقى بمحافظة الجيزة، إلى أنه يعمل فى هذا «الكشك» قبل 5 سنوات، ولم يحدث يوماً أن أغلق الكشك بابه، وأن البضائع هى موضوعة على الأرصفة من دون أى أبواب أو حواجز حديدية يمكن غلقها، وأنه فى أحلك الظروف يتناوب هو وزملاؤه على «الكشك» ليغطوا الـ24 ساعة، موضحاً أنه يعمل 12 ساعة يومياً جالساً على مقعد وليس لديه حرية الحركة سوى أن يلف نفسه فى حركة دائرية، معلقاً: «أحياناً المطر بيزيد وبيبقى فيه بِركة قدام الكشك بتخلّى الزباين مش عارفة تجيلى تشترى، ورغم كده بافضل فاتح ومفيش حاجة بتتغير كل سنة، المطر يكون بِركة قدامى والحكومة لا بتيجى تعمل صرف ولا بتشوف حل للمشكلة»، مطالباً بحل مشكلة مياه الأمطار التى تعيق حركة المواطنين وتجبر التلاميذ والطلاب على عدم الذهاب إلى مدارسهم، وإيجاد شفاطات أو مصارف لصرف مياه الأمطار فيها.

لم يختلف الوضع كثيراً عند محمد عادل، 33 عاماً، صاحب كشك «البطل» فى شارع البطل أحمد عبدالعزيز بالمهندسين بمحافظة الجيزة، حيث يقف داخل «الكشك» محاصراً بينما يعبر إليه الناس من جميع الجوانب ليشتروا حاجاتهم، بينما هو يبدو عليه الإرهاق والتعب، قائلاً: «مهنتنا ما بترحمش شغال فى كشك، يعنى مش هتعرف تنام ولا ترتاح، الناس كلها أجازات وأنت لازم تقف صاحى جنب بضاعتك، لأن بضاعتنا فى الشارع هنسيبها ونرَوّح إزاى؟!»، مشيراً إلى أن مهنة أصحاب «الأكشاك» مهنة لا تعرف الإجازة حتى فى الأعياد والمناسبات والطوارئ، وأن جميع المناسبات سواء أكانت مبهجة كالأعياد بأنواعها أو الأحزان كالثورات والطوارئ يظل الكشك يعمل حتى فى أحلك الظروف، معلقاً: «إحنا مالناش عيد ولا مناسبة».

"عبدالرحيم": "إحنا زى الصحفيين ما عندناش راحة"

وفى منتصف شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، يقف أحمد عبدالرحيم، فى العقد الخامس من عمره، أمام فرشته الأرضية على رصيف الشارع مرتدياً قبعة وإلى جواره صندوق حديدى لديه أبواب وسلاسل حديدية لإغلاقه، بينما يفترش أمامه عشرات الصحف والمجلات، هو هنا فى هذه المنطقة قبل 25 عاماً، حيث كان يتنقل بين ميدان سفنكس وفى أطراف شارع جامعة الدول العربية، لذا فهو معروف لدى المارة، كما أنه أحد أبناء حى «ميت عقبة» المجاور لشارع جامعة الدول العربية، لم يمنعه هو الآخر هطول الأمطار الغزيرة من العمل وبيع الصحف، فقد عالج أمر بِركة المياه التى هددت فرشته بصندوق خشبى وحجر وضعه فى عرض الشارع، ليجبر السائقين على تخفيف سرعتهم، ويتجنب دفع عجلات السيارات لمياه البرك المتجمعة من تلويث فرشته.

يقول «عبدالرحيم»: «إحنا مالناش أجازة، الحكومة تدّى أجازات علشان المطر أو أى مناسبة، لكن أنا فرشتى مفتوحة والعربية بتيجى تسلم الصحف كل يوم، إحنا زى الصحفيين ما عندناش راحة»، مشيراً إلى أنه يعمل منذ السابعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، وأن لديه «كود» من الإدارة العامة للتوزيع بمؤسسة الأهرام، وتأتى السيارة يومياً بلا انقطاع لتسلم الصحف وتأخذ «المرتجع»، وأنه لا يقدر على أن يتوقف يوماً واحداً عن العمل، موضحاً أنه كان موجوداً حتى فى أيام الثورات، قائلاً: «حتى أيام الثورة كنت ببقى شغال، لأنه كمان الناس بتكون عايزة تعرف الأخبار».

"أبوالدهب": "فرشتنا نافذة لا تغلق بابها"

وفى شارع 26 يوليو أمام مسجد الزمالك الملاصق لـ«ساقية الصاوى» بحى الزمالك بمحافظة القاهرة، يقف محمد أبوالدهب، 40 عاماً، أمام فرشته الخشبية لبيع الصحف والكتب، غير مبالٍ بأوضاع الطقس وهطول الأمطار، حيث يحتمى أسفل الشجر ولديه أكياس بلاستيكية ضخمة «مِشَمّع» يستخدمها وقت الحاجة، موضحاً أن مهنته ترتبط بشكل مباشر بالمؤسسات الصحفية التى تقدم الصحف والمجلات، ولأنها لا تتوقف عن العمل، فهو كذلك يعتبر نافذة لا تغلق بابها أبداً، معلقاً: «ما أقدرش أسيب الفرشة يوم، ممكن تتسرق أو حاجة تتاخد، وفيه مرتجعات ومسلمات لازم أكون موجود أنا أو أخويا، وبعدين ده فرشة أبويا وبقالها 50 سنة هنا، وما بتقفلش، فرشتى نافذة لا تغلق بابها».


مواضيع متعلقة