«قولار» أردوغان.. ووهم الخلافة
يبدو أن هناك شرطاً شفهياً «غير مكتوب» ولازماً للانضمام لجماعة الإخوان الملاعين.. إنه الغباء الذى أصابهم الله به من أكبر قيادة إلى أصغر عضو، والدليل على ذلك هو «تفننهم» فى اكتساب عداء المصريين وكل أبناء الأمة العربية. ومن تجربتهم الفاشلة فى حكم مصر إلى ممارساتهم السياسية فى الشتات، وجرائمهم الإرهابية فى أكثر من قطر عربى، يؤكدون لنا عظمة ثورة 30 يونيو التى قضت على تنظيمهم الإرهابى.
آخر ممارساتهم الغبية ظهرت فى تأييدهم العلنى الصريح للعدوان التركى الأخير على سوريا، ومرة أخرى -وليست أخيرة- يكشفون عن كفرهم بفكرة الدولة الوطنية، وانقيادهم الأعمى وراء وهم دولة الخلافة، ذلك الوهم الذى يسيطر على عقل مجرم الحرب أردوغان.
من الواضح أن هؤلاء الأغبياء لا يقرأون التاريخ، أو ربما قرأوه ولم يستفيدوا شيئاً، وفاتهم أن المصريين على مدى تاريخهم عاشوا أسوأ سنواتهم تحت الاحتلال العثمانى الذى امتد لأكثر من أربعمائة عام، إلى حد وصفه بعصر الاضمحلال الثانى.
يرصد ابن إياس فى «بدائع الزهور فى وقائع الدهور» الأهوال التى شهدها المصريون وجرائم العثمانيين فى حقهم فور سيطرتهم على مصر. يقول: اتجهوا إلى الطحانين فأخذوا البغال والخيول، وأخذوا جمال السقايين، ونهبوا كل ما فى شون القمح من غلال، ثم صاروا يأخذون مواشى الفلاحين ودجاجهم وإوزهم وأغنامهم، وحتى أبواب بيوتهم وخشب السقوف أخذوه. وأرسل السلطان (الخليفة) سليم الأول واحداً من أكثر رجاله توحشاً هو جان بردى الغزالى إلى الشرقية، فوصل إلى نواحى التل والزمرونين والزنكلون ونهب ما فيها من أبقار وأغنام وإوز ودجاج، وقام بأسر الصبيان وسبى الفتيات باعتبار أنهم أبناء كفار، وراح يبيعهم فى المحروسة (القاهرة)، وسارع المصريون بشرائهم من أسواق العبيد والجوارى ثم يهبونهم لأهاليهم.. ويضيف: صارت جثث المصريين مرمية من باب زويلة إلى الرميلة إلى الصليبة فوق العشرة آلاف إنسان. وترك سليم الأول فى مصر والياً تركياً، وصفه ابن إياس قائلاً: «كان يصبح كل صباح وهو مخمور، فيحكم فى الناس بالعسف والظلم وهو سكران».
ويلخص ابن إياس الأيام الأولى للاحتلال العثمانى: «وأشعلوا فى مصر جمرة نار»، ولم تكن الشراسة والغطرسة مقصورة على تعامل العثمانيين مع شعب مصر، بل شملت كل شعوب البلدان التى احتلوها.
اللافت أن الغطرسة كانت السائدة على نظام الحكم فى تركيا ذاتها وقتئذ، فالهيئة الحاكمة من أصغر موظف إلى الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) كانت بكل أعضائها عبيداً للسلطان، ويطلق عليهم فى الأوراق الرسمية المصطلح التركى «قولار»، أى العبيد، ومفردها «قول» أى العبد، ويقصد به عبد السلطان، ونص القانون العثمانى الأساسى (الدستور) على أن «ذات الحضرة السلطانية مقدسة وغير مسئولة أمام أحد».
الإخوان الإرهابيون -ولأنهم ككل الأغبياء ممن يحفظون ولا يفهمون- يتماهون مع أوهام أردوغان الموروثة من أسلافه الطغاة. ومما قاله مؤسس الجماعة حسن البنا «إن الخلافة تقوم لوراثة النبوة».
هم فى الشتات فى تركيا يعيشون دور «قولار» أردوغان، يستهدفون مرضاته ولو كان ذلك على حساب مصر والمصريين أو حتى على حساب الأمة العربية بكاملها، شأنهم فى ذلك شأن من نافق الخليفة شعراً قائلاً:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
فكأنما أنت النبى محمد
وكأنما أنصارك الأنصار
وفى مواجهة أنفار المنافقين للخليفة كان هتاف المصريين جميعاً: «يا رب يا متجلى أهلك العثمانلى».