سيد يتحدى الإعاقة البصرية والتنمر بالعمل.. قصة مدرس ضعيف البصر

كتب: نهال سليمان

سيد يتحدى الإعاقة البصرية والتنمر بالعمل.. قصة مدرس ضعيف البصر

سيد يتحدى الإعاقة البصرية والتنمر بالعمل.. قصة مدرس ضعيف البصر

"أعذورني أصلي مش بشوف كويس".. كلمات جاءت على لسانه لكنه لم يكن متذمرا أبدا من إصابته بضعف البصر أو انعدامه إذا غاب الضوء، ولا يضيق ذرعا من اضطراره، رغم إعاقته وتعرضه للتنمر، للعمل في أحد النوادي، بجانب كونه مدرسا، ليشكل عمله في مدرسة مبصرين أكبر عائق في حياة شاب ثلاثيني من الإسكندرية.

سيد مختار مدرس ضعيف البصر يتعرض لتنمر الطلبة

في الثانية عشر ظهرا، يبدأ عمل سيد مختار ذو الـ32 عاما في مدرسة العروة الوثقى بإدارة وسط التعليمية في الإسكندرية، يشرح دروس مادة الدراسات الاجتماعية باقتدار، لكنه منذ عمله هناك في عام 2012 وهو بين إهانات وتنمر الأطفال، تمنعه إعاقته من بدء الحصة دون وجود مدرس يسبقه إلى الفصل كي يكتب عناوين ومعلومات مهمة على السبورة، "اتولدت كفيف عندي ضمور في عصب العين وعملت عملية تصحيح نظر بتخليني أقدر أمشي طول ما فيه نور لكن لو قطع ماعرفش.. اتعملت برايل من صغري ومعايا ليسانس.. الحمد لله عندي وظيفة لكن بتعرض لسخافات من الأطفال كل يوم".

مدرس في بداية يومه حتى الرابعة مساء ثم عاملا في أحد نوادي الإسكندرية، يجوب بين الزبائن يجمع ينظف الطاولات وينقل الأشياء بين المخازن والغرف، غير آبه بإمكانية تعثره في كرسي هنا أو عائق آخر هناك، لا يفكر سوى في دخل آخر يمكنه من الإنفاق على نجليه وزوجته، وإذا كان تعثره قد تسبب في ضيق أحد الزبائن يقف معتذرا مبينا أن ذلك لم يكن بإرادته، ويكمل عمله في النادي حتى الثانية عشر مساءً، "أصحاب المكان ربنا يبارك لهم لما بيجوا يقفلوا الأنوار قبل الانصراف بيعرفوني لأن لو مفيش نور بتضلم عندي تماما والنور عندهم عالي وبقدر أتحرك واجيب لهم بضايع ولوازم من المخزن وماشي الحال"، وذلك بحسب حديث سيد مختار لـ"الوطن".

سيد: دخل المدرسة ضعيف وبشتغل في النادي علشان أصرف على ولادي

كف البصر أو ضعفه لم يكن عائق الشاب السكندري، فهو يبغي فقط عملا حلالا ينفق منه على أسرته، لتلتقط أحد الزبائن صورته هذه، لعله يجد من خلالها من يستجيب لحل طالما أمله قد يزيل كثير من الضيق الذي يستشعره، ليحكي، لـ"الوطن"، عن أقصى أحلامه، "نفسي اتنقل لمدرسة للمكفوفين سواء اللي في محرم بك أو زيزينيا علشان أتعامل مع طلبة زي وماشوفش الإهانات اللي بشوفها من الأطفال التانين.. هناك هنكون كلنا زي بعض ومش هحتاج مدرس يدخل يكتب لي على السبورة وهنتعامل برايل والطلبة هتستفاد اكتر لأن دة تخصصي.. معايا مدرسة وموجهة بتابع مادتي ربنا يجازيهم خير دايما يدعموني لكن لو مش موجودة مش هدخل أشرح".

التعليم تستجيب للمدرس الكفيف

في لفتة إنسانية، استجاب يوسف الديب، وكيل مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، لأحد معلمي الدراسات الاجتماعية، يدعى سيد مختار، على ضوء طلبه لدراسة مدى إمكانية تلبية رغبته للعمل بمدرسة النور والانتقال من مكان عمله، حيث إنه يعاني من تطاول بعض الطلاب عليه كلاميا، وبعض محاولات التنمر به في المدرسة التي يعمل بها.

وقال الديب إن مختار، متعلم بطريقة برايل، ويعاني من ضمور في عصب العين لكونه وُلد كفيفا وبدأ في الإبصار بشكل طفيف للغاية بعد إجراء عملية جراحية له، مشيرا إلى أنه يعمل عملا إضافيا بأحد النوادي الرياضية والاجتماعية بالمحافظة في الفترة المسائية، وفور علمه بالواقعة قرر مقابلته.


مواضيع متعلقة