النقاد الأمريكيون: فيلم "الجوكر" مثير للجدل بين الدعوة للفوضى وإدانة الظلم!

كتب: محمد البلاسى

النقاد الأمريكيون: فيلم "الجوكر" مثير للجدل بين الدعوة للفوضى وإدانة الظلم!

النقاد الأمريكيون: فيلم "الجوكر" مثير للجدل بين الدعوة للفوضى وإدانة الظلم!

«كنت أعتقد أن حياتى كانت مأساة، لكننى أدرك الآن أنها كوميديا».. كانت تلك أهم الجمل الحوارية فى فيلم «الجوكر» المثير للجدل، الذى قام بإخراجه تود فيليبس، صاحب سلسلة الأفلام الكوميدية «ذا هانج أوفر»، وخلال الفيلم ظهر الممثل خواكين فينيكس مدهشاً وحقيقياً ومخيفاً، ولكن دون أدنى شك على روعة أدائه للشخصية، وبدا «فينيكس» كسيراً أحياناً قبل أن يغير ملامحه ليبدو سعيداً أمام الناس الذين لا يتوقفون عن أذيته ويردد جملة: «أمى كانت دائماً تقول لى أن أبتسم، أن أضع وجهاً سعيداً، أخبرتنى أنه لدىّ هدف: جلب الضحك والفرح إلى العالم»، وأثار الفيلم حالة من الجدل حول العالم، واتهمه البعض بالترويج لنشر الفوضى والفلسفة الأناركية، إلا أنه يبدو أقرب إلى الماركسية، فهو لا يدعو إلى الهدم التام والفوضى غير المنضبطة، وإنما يدعو لشىء فريد، وهو الفوضى المقننة من وجهة نظر «الجوكر».

وكتب العديد من النقاد حول العالم عن الفيلم بعد الحالة التى أثارها، وتحت عنوان «خواكين فينيكس يغوص بثقة فى أعماق الجنون» قالت الناقدة الكندية كارين جوردون إن دور الجوكر مرشح ليكون أفضل بطولة سينمائية لهذا العام، ولكنها لا تنصح بمشاهدة الفيلم لمن سمتهم بـ«ضعاف القلوب»، وأضافت جوردون فى مقالها بموقع «أوريجينال سن» الكندى أن المخرج تود فيليبس يحفر بعمق فى الجانب المظلم من المجتمع ويؤرخ لأحد أحلك الأفلام فى الذاكرة الحديثة، وتابعت أنه فى قصص «كوميكس» باتمان، يعد الجوكر هو مجرد أحد الأشرار الذين ابتليت بهم مدينة جوثام، وإن كانت الأكثر شهرة، ومن بين كل الأوغاد الذين جسدتهم هوليود كانت شخصية الجوكر إحدى أهم الشخصيات الذين فضلتهم السينما الأمريكية، فالمخرجون انتقلوا بتلك الشخصية إلى أماكن مظلمة، منذ عام 2008 عندما جسد الممثل هيث ليدجر الشخصية فى فيلم «فارس الظلام»، وفى الآونة الأخيرة جسدها الممثل جاريد ليتو فى فيلم «فرقة الانتحار»، ولكن فى كلا الفيلمين كان الجوكر لاعباً فى فرقة ضمن قصص باتمان، وحتى فى فيلم «فارس الظلام» ظهرت فيه الشخصية بشكل أكثر خطورة، لكنها لم تفارق شكل قصص باتمان الهزلية، وقد تجاوز فيليبس رؤية الكتاب الهزلى لجوثام بسبب شىء أكثر حزناً، فالأحداث تدور فى أوائل الثمانينات، عندما أصبحت الفجوة بين الأغنياء والفقراء أكثر اتساعاً، حيث يتم قطع الخدمات التى تفيد المجتمع، وتواصل إضراب عمال النظافة وتكدست القمامة ما زاد من الفوضى فى شوارع المدينة مع الكثير من التوترات، وعلى جانب آخر هناك انتخابات بلدية أيضاً، حيث يقود صدارة الأثرياء توماس واين، والد الشاب بروس الذى لم ينظر إليه كصديق للناس، وأضافت أن خواكين فينيكس يلعب فى الفيلم دور آرثر فليك، الذى يعمل مهرجاً ليكسب رزقه، ويحلم بأن يكون ممثلاً كوميدياً، وهو يعيش مع والدته المريضة، بينى فليك (فرنسيس كونروى)، فى شقة متهالكة فى مبنى قديم، وهى تشجعه على عدم التخلى عن طموحاته، وتقول له إنها لقبته بـ«سعيد» لأنها تعتقد أنه وُلد ليجلب الفرح للناس، ويشاهد آرثر التليفزيون مع والدته خاصة برنامج حوارى فى وقت متأخر من الليل، يقدمه ممثل كوميدى اسمه موراى فرانكلين (روبرت دى نيرو)، ، ويكون أعظم أمانى «فليك» هو أن يكون ناجحاً بدرجة كافية ليصبح فناناً كوميدياً يستحق بطولة عرض، ويمكننا أن نرى أن فليك لديه بعض المشاكل، فهو لديه حالة تجعله يضحك ضحكاً هيستيرياً، مع سلوك وردود أفعال غريبة.

أما الناقد الأمريكى كريس جور فهو يرى أن الفيلم يحاول الإجابة عن سؤال هام، وهو ما الذى يدفع شخصاً ما إلى حافة الجنون والتصرف بناء على هذه الأفكار السلبية؟ وتابع «جور» فى مقاله بموقع «فيلم ثريت» الأمريكى أن هذه هى المنطقة الخطرة التى يستكشفها الجوكر ربما تكون السبب الرئيسى للجدل حول الفيلم، ويرى «جور» الغضب والنقد السلبى الذى يتعرض له الفيلم يأتى من قبل مجموعة من المتصيدين الذين يسعون للحصول على الشهرة والإعجاب، ويأتى بوضوح من أشخاص لم يشاهدوا هذا الفيلم أو يقرأوا أى شىء عن الشخصية فى قصص «باتمان»، لأن نبرة هذه القصة يجب ألا تفاجئ أى شخص كان يقرأ عن الشخصية فى الكوميديا منذ الثمانينات عندما تطورت شخصية الجوكر لتصبح القاتل المسلسل الذى نعرفه اليوم، وإذا راجع أحدهم جذور الشخصية فسوف يرى أنها فى الحقيقة أسوأ بكثير مما تم تصويره فى فيلم تود فيليبس، وتابع «جور» أن المخرج صرح أن الجوكر كان مستوحى من أفلام من سبعينات القرن الماضى، التى ذكر الكثيرون أنها كانت آخر عصر عظيم للسينما الأمريكية.

وفى موقع «رولنج ستون» قال الناقد بيتر ترافرس: مشاهدو الفيلم من عشاق قصص «باتمان» سوف يحتاجون إلى الحفاظ على هدوئهم، لأن الممثل خواكين فينيكس والمخرج تود فيليبس، الذى شارك فى كتابة السيناريو مع سكوت سيلفر، قد ابتكرا قصة قائمة بذاتها لا تشبه قصص «باتمان» التى اعتادت على نشرها شركة كانون دى سى يونيفرس، فالشخصية ربما بها بعض الشبه من مارتن سكورسيزى، «سائق التاكسى» عام 1981، وتابع أن «فيليبس» قد استخدم تأثير هوليود الجديد لإضافة ظلال أغمق على لوحته، لكنه وجد أسلوباً متطرفاً ومتقلباً، وبالنسبة إلى «فينيكس»، يكمن التحدى فى مزج جهل الجوكر وهوسه مع الاكتئاب والمشكلات النفسية التى لم تتخل عن نفسية آرثر، والحكم الحقيقى على الفيلم أو آرثر متروك لكل مشاهد، فقد تضحك على هذه الشخصية المكررة، ولكن ربما لن يمكنك ذلك أبداً، وليس من المستغرب أن يكون العامل المساعد فى انتقال شخصية آرثر إلى الجريمة هو العنف من قبل الأشرار فى الشارع وفى وقت لاحق فى مترو الأنفاق.

ويرى الناقد الأمريكى تيم جيريسون أن شخصية «الجوكر» الشريرة قد تحولت إلى قصة ملحمية بشكل مناسب فى الفيلم، والذى سمح لموهبة رائعة مثل خواكين فينيكس بالظهور فى أروع مراحلها حتى الآن، وفى خروج هام عن الأفلام الكوميدية مثل «ذا هانج أوفر»، يحقق المخرج والمؤلف المشارك تود فيليبس هدفين متناقضين فى وقت واحد، فهو يقدم مجموعة من الصفات التى تبرز الشخصية على نحو آسر، بينما يقدم فى الوقت نفسه نقداً رصيناً من العدمية السادية التى كانت منذ فترة طويلة طريقة أسلوب عمل شخصية الجوكر، وفى تلك الأثناء، يقوم جوكر بتفكيك الأسطورة الخاصة بعدو باتمان الخبيث.


مواضيع متعلقة