الإفتاء توضح الحكمة من تعدد المذاهب الفقهية

الإفتاء توضح الحكمة من تعدد المذاهب الفقهية
بينت دار الإفتاء الحكمة من تعدد المذاهب الفقهية، بهدف جعل الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان وفي كل الأحوال ولكل الأشخاص.
وقالت الدار إن مسائل الشرع الإسلامي قسمت على قسمين:
الأول: المسائل التي اتفق عليها المسلمون، كعدد الصلوات المفروضة، وتحديد شهر الصوم، وجهة القبلة، ومكان الحج، وتحريم الخمر والزنا والربا، وغير ذلك مما يشكل هوية الإسلام، وهذه لم يقع الاختلاف فيها؛ حيث نزل الدليل الشرعي فيها قطعيًّا لا احتمالية فيه.
الثاني: المسائل التي اختلف فيها الفقهاء؛ نظرًا لأن الله تعالى جعل الأدلة فيها ظنية ومحتملة لأكثر من فهم واحد.
وأضافت في بحث للدار حول "الحكمة من تعدد المذاهب الفقهية" وكان يمكن أن يكون الشرع كله قسمًا واحدًا متفقًا عليه لا خلاف فيه، ولكن الله تعالى قدر ذلك؛ لأن هذا الدين هو كلمة الله تعالى الأخيرة للعالمين، وهو العهد الأخير الذي عهد الله به إلى خلقه، فكان هذا القسم دليلاً وشاهدًا على مرونة الشريعة الإسلامية وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان وفي كل الأحوال ولكل الأشخاص.
وقد أقر النبي الاختلاف في فهم الدليل المحتمل عندما قال: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة"، فمن الصحابة من أبى أن يصلي العصر إلا بعد وصوله إلى بني قريظة بعد المغرب؛ عملاً بظاهر النص، ومنهم من فهم من النص المبادرة وعدم التأخر فصلى العصر في الطريق قبل أذان المغرب؛ إعمالا لروح النص ومعناه، وهما طبيعتان في أصل النفس البشرية (التمسك بظاهر النص، والأخذ بروحه ومعناه)، ولم ينكر النبي على أي واحد من الفريقين، فدل ذلك على مشروعية الاختلاف، وأنه من باب خلاف التنوع وليس التضاد، ولذلك ورد في الأثر: "اختلاف أمتي رحمة"، ولو كانت الأدلة في هذا القسم قاطعة لَمَا اختلف العلماء، ولكن شاءت حكمة الله تعالى أن ينزلها محتملة وظنية؛ تخفيفًا على الخلق وتيسيرًا على الأمة، فكان ذلك من محاسن الدين الإسلامي.
وأوضحت الدار أنه إن ظهر التنازع والاختلاف عند بعض المسلمين الذين لم يفهموا هذه المعاني العالية من فلسفة الشريعة الإسلامية في الخلاف وأنه رحمة، فراحوا يتعاملون مع المسائل الظنية بسياسة الرأي الأوحد والمذهب القاطع الذي لا يجوز غيره، ويجعلون مخالفهم مخطئًا أو مبتدعًا أو فاسقًا، وكل ذلك غلو مقيت.