أبو الغيط في القمة العربية الطارئة: الأكراد جزء من النسيج السوري

كتب: الوطن

أبو الغيط في القمة العربية الطارئة: الأكراد جزء من النسيج السوري

أبو الغيط في القمة العربية الطارئة: الأكراد جزء من النسيج السوري

قال الدكتور أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن ما تقوم بها تركيا في شمال شرق سوريا "غزو وعداون" على دولة عربية وسيادتها، ولا يمكن أن يقره العالم أو يتماشى معه.

وأضاف أبو الغيط في كلمته، في الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية لبحث العدوان التركي على سوريا: الحق أن أحداً لا ينكر الوضع المعقد القائم في سوريا منذ أكثر من ثماني سنوات، وهو وضعٌ كان من شأنه أن غابت الدولة السورية حتى هذه اللحظة عن احتلال مقعدها في مجلس جامعة الدول العربية، على أن هذا الوضع، المؤقت بطبيعة الأمور، لا يُمكن ولا ينبغي أن يُتخذ تكئة لسلخ سوريا من عروبتها، سوريا دولة عربية عضو في هذه المنظمة، كانت وستظل أرضها هي أرض عربية، وأمنها جزء من الأمن العربي، والاعتداء، بهذه الصورة التي نراها اليوم على وحدة التراب السوري، هو بكل تأكيد تهديد للأمن العربي الجماعي.

نعم، لقد تصارعت أجندات ومصالح أجنبية على الأراضي السورية لسنوات على خلفية حرب طاحنة مزقت نسيج هذا البلد، وهذا المجلس أدان ويُدين كافة أشكال التدخل الأجنبي على الأراضي السورية، أياً كان الطرف الذي يمارسها، بل يعتبر هذه التدخلات سبباً في نكبة سوريا وإطالة أمد أزمتها على أن ما نشهده اليوم من جانب تركيا هو أمر مختلف في مداه وغاياته فالعدوان التركي، كما طُرحت خططه وحُددت أهدافه، يرمي إلى اقتطاع مساحة من الأراضي السورية بعمق يصل إلى 32 كيلومتراً، وبطول يتجاوز 400 كيلومترا، ويسعى إلى اقتلاع السكان من هذه الأراضي ثم إحلال آخرين محلهم من اللاجئين لديه، وإن لم يكن هذا احتلالاً وغزواً، فبماذا يُمكن تسميته؟

لقد شهدت الساعات الأولى للغزو فرار عشرات الآلاف من منازلهم، وقد تصل أعداد الفارين والنازحين مع استمرار العمليات، ووفقاً لبعض التقديرات إلى أكثر من 300 ألفاً، وهناك مخاوف حقيقية من تطهير عرقي محتمل للأكراد في هذه المنطقة، أما عن خطط التغيير الديموغرافي بتسكين الملايين - كما أعلن الجانب التركي - محل من سيتم طردهم، فهي في حقيقة الأمر عار أخلاقي وإنساني، فضلا عن كونها منافية على طول الخط للقانون الدولي الذي ينص على العودة الطوعية الآمنة والكريمة للاجئين، إن ما سمعناه في الأيام الأخيرة من استخدام اللاجئين كورقة مقايضة في مواجهة الجانب الأوروبي يعكس انحداراً جديداً غير مسبوق، إن الضغط على العالم بالتلويح بمصير اللاجئين ليس من الأخلاق، وليس من الإنسانية.. وليس من الإسلام.

وفي إمكاننا أن نتجادل كثيراً حول ما أوصل الأمور في سوريا إلى هذه النقطة البائسة، وأي طرف يتحمل أي نصيب من المسئولية، ولكن أحداً لا يجادل أبداً في أن أهل سوريا، عرباً وكرداً، هم أهلنا نتألم لألمهم ونهتم بمصيرهم، قد يكون للبعض منا تحفظاته المشروعة على أجندات وأهداف وتصرفات بعض الجماعات والتنظيمات الكردية، التي لا تصب في صالح وحدة التراب السوري، ولكن يظل الأكراد جزءاً من نسيج الدولة والمجتمع السوري، بل ونُشيد بما تحملوه من تكلفة – بالدم والعرق- من أجل إزاحة كابوس الحكم الداعشي من مناطق شرق سوريا، ولا يُمكن أن نُقر أبداً أن يتعرضوا للإبادة أو التطهير العرقي، أو أن يهجروا من بيوتهم التي جاءها الكثير منهم نازحاً من مواطن أخرى هاجمهتها تركيا في وقت سابق.

إنه من الواضح لدينا جميعاً أن هذا العدوان التركي سوف يُفضي إلى أزمات جديدة ولاجئين ونازحين جدد، وعذابات إنسانية بلا حصر، وربما كان الأثر الأخطر متعلقاً بتهديد الإنجازات التي تحققت في الحرب على داعش، هناك 12 ألف عنصر إرهابي متحتجزين في سبع سجون، ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية في المناطق التي تسعى تركيا إلى احتلالها، من بين هؤلاء أربعة آلاف من المقاتلين الأجانب، إن العدوان التركي، في ضوء هذه المعطيات، لا يُمثل فقط تهديداً للاستقرار الإقليمي، وإنما يُعد خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين، وإننا ندعو المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته حيال هذا التهديد الحال والداهم لأمن العالم.

من المؤسف أن مجلس الأمن قد صادف فشلاً واضحاً، حتى الآن، في التعامل مع العدوان التركي، بسبب بعض الاختلافات داخله، وبالأخص ما يتعلق بمواقف بعض الدول دائمة العضوية فيه وإنني أحث مجلس الأمن، بما يمثله من مرجعية للشرعية الدولية، لتحمل مسئولياته حيال هذا الموضوع الخطير، والعمل بجدية أكبر من أجل التوصل لموقف دولي موحد بإدانة هذا العدوان ووقفه، وإزالة الآثار المترتبة عليه.

إننا إذ نُدين العدوان، نطالب تركيا بوقف فوري وكامل لكافة العمليات العسكرية وسحب قواتها التي توغلت داخل الأراضي السورية، ونحملها المسئولية كاملة عن التبعات الإنسانية والأمنية التي قد تترتب على هذا العدوان الخطير.


مواضيع متعلقة