مهاجر كردي يهدي منزل والده لنازحي شمال سوريا.. "أورهان": عانيت مثلهم

مهاجر كردي يهدي منزل والده لنازحي شمال سوريا.. "أورهان": عانيت مثلهم
استيقظ أهالي الشمال السوري مع بزوغ أول ضوء ليوم أمس، على أصوات المركبات والمدرعات والمدافع التركية، التي احتشدت على الحدود مع الجنوب التركي، وهتاف الجنود الأتراك المدججين بالسلاح الذين اصطفوا بجانب الآليات العسكرية، استعدادا لعملية عسكرية أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مستغلا قرار نظيره الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب العسكري من سوريا، ما أدى لنزوح الأهالي من منازلهم إلى مناطق لم يجُل في أذهانهم الذهاب إليها من قبل، ليصبحوا ضحايا لحرب لا ناقة لهم فيها و لا جمل.
وفي أحد الأحياء في الشمال السوري، نشأ شاب على مشهد الرجال الذين يتوافدون على أحد محال الجيران مجتمعين، حيث الأحاديث تتنوع حسب القصص المسرودة هناك، حيث البساطة في الكلام والود في الأحاديث والمحبة السائدة بين الأزقة والحواري في المدينة.. ذكريات الدراسة في جميع الفئات العمرية، حيث تسكن الروح التي ابتعد عنها الجسد، ولكن الشاب الكردي "أورهان خلف" يشتاق لكل شيء فيها.
"أقيم في بريطانيا منذ أكثر من خمس سنوات، لكن هناك طفولتي وأصدقائي من أبناء الجيرة والحواري الأخرى ومدرستي الواقعة على بعد مئتي متر من بيتنا، هناك الأزقة التي كنا نلهو فيها أمام مرأى أعين نساء الحي اللاتي كنّ يجتمعن ما بعد العصر أمام أبواب المنازل يسردن الأحاديث لبعضهن"، هكذا بدأ أورهان حديثه لـ"الوطن" عن الشمال السوري وأجوائه.
وتابع "أورهان" موجها نداء للنازحين "لدى أبي بيت في الحسكة تل حجر الشارع العام خال ولا يسكنه أحد وهو تحت تصرف المدنيين الذين نزحوا من المناطق التي تتعرض للقصف الوحشي الأردوغاني"، وحين سؤاله عن سبب هذا التبرع، قال "رأيت ما حدث لي يتكرر بنفس القسوة، حيث أجبرت على التهجير قسريا من منزلي وبلدتي، وأول ما جال بخاطري التبرع بمنزل العائلة للنازحين من مناطق القصف التركي، هذا ليس بمحل فخر لي قطعا، هذا أقل من الواجب المترتب عليّ القيام به تجاه أبناء شعبي، الذين تنهال عليهم القذائف الأردوغانية بشكل وحشي، لا ترحم أحدا من الكبار والصغار".
انخرط "أورهان" قبل أن يهاجر بتنظيم طلابي كان يُطلق عليه "كونفدرسيون الطلبة الكرد الوطنيين" الهدف منه تنظيم شؤون الطلبة وتلبية حاجاتهم كونه كانت الطرق المؤدية بين المدن السورية حينها مقسمة تحت نفوذ جهات عدة سواء من النظام السوري وتنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وغيرهم من الجماعات المسلحة الأخرى، وحينها كانت مناطق الشمال السوري "روج آفا " تُدار من قبل وحدات حماية الشعب الكردية، والتي أصبحت الآن تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى تدبير شؤون الطلبة في الجامعات والمعاهد، كان أولئك الطلبة يعقدون اجتماعات ثقافية للشعب في الساحات ضمن المدينة.
واختتم أورهان حديثه لـ"الوطن" قائلا "هذا الأمر جعل من الجماعات المسلحة وأبرزها (لواء التوحيد) و(أحفاد الرسول) أن تقوم بتهديدي بالقتل وحرق جسدي، حسب رسائلهم التي كانت تصلني عبر مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بصوري مع بعض الأصدقاء، ناهيك عن الوضع المعيشي الضعيف التي كانت تعيشه عائلتي آنذاك، كل هذه الأمور جعلتني أعيد حساباتي وأسافر خارج البلاد".