ملك الغاب: عملت كوبايات وطواقى وأطباق فاكهة من البوص

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

ملك الغاب: عملت كوبايات وطواقى وأطباق فاكهة من البوص

ملك الغاب: عملت كوبايات وطواقى وأطباق فاكهة من البوص

جاء من بلدته الصغيرة فى محافظة الدقهلية للمشاركة فى معرض «تراثنا» المقام بمركز مصر للمعارض الدولية فى التجمع الخامس، وهدفه الأساسى التأكيد أن الفن اليدوى لا يموت، ومن يعملون به يتركون خلفهم أبناء وأحفاداً يعلمون قيمة ما تعلموا من الآباء والأجداد، ويدركون جيداً حجم الأخطار التى تواجه الصناعات اليدوية.

حسان مندور، ٥٧ سنة أحد العارضين ومتخصص فى صناعة منتجات الخوص التى برع فيها وذاع صيته بين أبناء محافظته حتى لقب بملك الغاب، نظراً لبراعته الفائقة فى تشكيل أعواد البوص وتحويلها من مجرد عصى لا قيمة لها، إلى أدوات وأوانٍ تجذب الأنظار وتخطف الأعين، وتدر عليه الأرباح، رغم أنه لم يخطر بباله يوماً أن يشارك بمنتجاته فى أحد المعارض، بعدما اعتاد على التنقل بين قرى ومدن الدقهلية، لا يبيع سوى «السبَت» أو «السلة».

"حسان": الشغلانة خلاص بتموت والحال واقف.. والمعرض طوق نجاة لنا وأنا جاهز للافتتاح

«عمدة البلد يعرفنى وعارف شغلى، وفى يوم لاقيته جايلى ومعاه ناس من المحافظة، وقال لى فيه معرض هيتعمل فى القاهرة، إيه رأيك تشارك فيه، ماصدقتش نفسى من الفرحة وقلت له موافق طبعاً»، هكذا تحدث «حسان»، عن أولى خطوات مشاركته فى المعرض وهو ما دفعه إلى التفكير فى ابتكار أدوات لم يصنعها من قبل لجذب الأنظار، وتابع: «ده معرض كبير وفى القاهرة كمان، لازم أفكر فى حاجات مختلفة وجديدة».

وأضاف أنه فكر فى البداية المشاركة ببعض الشنط التقليدية و«السبَت»، لكنه قرر أن يبتكر أشياء أخرى لأن فرصة العرض داخل هذا المعرض، ربما لا تتاح له مجدداً، فتذكر طلب أحد السياح منه ذات يوم، بأن يعمل «طاقية» له من الغاب ولكنه حينها لم يتمكن من القيام بهذا الأمر، فاستحضر الفكرة مجدداً وبدأ فى الإعداد لها، بدأ فى جمع أعواد البوص واختار منها الأجود والأمتن.

«دخلت فى تحدى مع نفسى، وقلت لازم أعمل شغل جديد ماحدش عمله قبل كده علشان أتباهى بيه، يمكن يعجب الناس ويتطلب منى كميات بعد كده، وفعلاً قدرت أعمل برنيطة بوص ودى أول مرة تتعمل فى مصر، لأنها دايماً بتتعمل من الخوص، فضلت يوم كامل شغال عليها، لأن الموضوع مش سهل، البوص لازم يتلف بطريقة معينة علشان مايجرحش راس الزبون، وقدرت أعمل كوبايات كمان، وأحجام وأشكال مختلفة، وأوانى تقديم الفاكهة، وقوارب زمان كانت الحاجات دى بتتعمل من الخوص وبس، لكن أنا قررت أغير المفهوم ده عند الناس»، جملة قالها «حسان» بفخر واعتزاز بموهبته وهو يتحدث عن ابتكاراته الجديدة.

وحول التفرقة بين أنواع البوص التى يستخدمها فى عمله قال: «الغاب نوعين ريحى وعادى، الريحى ده الأجود والأفضل لكنه قليل وده بيكون حوالين الأراضى الزراعية، والبوص العادى ده بيكون موجود فى البحيرات وشبعان ميّه، أنا باستخدم العادى لأنه منتشر، لكن دلوقتى البواقى على الجسور الكراكات بقت تقطعها وهى بتطهر الترع والمصارف، وبقى اللى عنده شوية غاب كأنه عنده كنز».

مهنة «السلال» كما يطلق عليها «حسان» انقرضت، بسبب عوامل دفعت الكثيرين إلى الابتعاد عنها ومحاولة البحث عن صناعات أخرى مربحة، وعن هذه الأزمة قال: «الشغلانة خلاص بتموت، والحال واقف، والمعرض طوق نجاة لنا، ومهنتنا زى غيرها من باقى المهن اليدوية، محتاجة دعم وتشجيع، وده فعلاً بدأنا نحس بيه الفترة دى».

وعن مشاركته فى المعرض وتجهيزات يوم الافتتاح تحدث الرجل الخمسينى بتفاؤل، قائلاً: «جيت النهارده الصبح وبدأت أجهز الشغل وأرتبه علشان مابقاش يوم الافتتاح محتار هعمل إيه ولا إيه، لذلك قررت أجهز كل حاجة النهارده، علشان كمان لو ناقصنى حاجة أكملها، خصوصاً إنى ماعنديش خبرة بالمعارض، لأن دى أول مرة أشارك، ومش هتكون الأخيرة، لأنى ماصدقت تيجى الفرصة وأعرض على الناس شغلنا وتراث أجدادنا، وباتمنى المعرض يتعمل كل سنة».


مواضيع متعلقة