بريد الوطن.. أكشاكٌ على ناصية الحياة

كتب: الوطن

بريد الوطن.. أكشاكٌ على ناصية الحياة

بريد الوطن.. أكشاكٌ على ناصية الحياة

لقد كنت بحاجة إلى أن أبتعد. أبتعد عن كل شىء، ربما حتى عن نفسى القديمة. احتجت أن تضمنى تلافيف الشوارع، وتغمز لى نواصى الحارات، وتشاور لى نوافذ البيوت، وتضىء السيارات العابرة لى الطريق، فأنا السائر الغـريب بين جموع أغرب، لكنها تأتلف! ابن الشارع أنا، عاشق لكل ما يمت له بصلة، أتوه بين أناسه فى حبور غريب، وأذوب فى أسراره فى سفر بعيد، وأمد الطرف فيه لعلّى ألمح طيف أنسٍ عابر يطبطب على الطفل المذعور بداخلى. الحقيقة المرعبة أجدها فى الشارع، الحب، الغضب، الحزن، الحقد، الكره، الموت. والحياة تكتنف كل ذلك فى أريحية مدهشة. أنا الرجل الصغير تفيض عينى دهشة وحزناً وأملاً حيياً، أبحث عن الشوق المسروق والصدق المهزوم واللحن الذى يختبئ خلف قسوة الحياة أحياناً، لكنى أسمعه!

فأنا والبساطة صديقان، نحيك الحكايات الدائرة بمخيط الصدق وخيط الحب. ومن كُشك الحياة نبتاع سجائر المرح، وعلكة الضحك. نجلس على صخرة فى أول شارعنا، نرد السلامات، ونتبادل كلمات الحزن. للبساطة عنوان هو قلوب الخلق. عند أول كشك فى صدرى الرحب تبتاع البساطة من الخوف زجاجة ماء بارد وتنثرها فى وجهه، وتمسك بيديه ويسيران دون أن يعبأ كلاهما بنداء الموت الصارخ فى الأرجاء. وحدها البساطة تعرف خبايا النفوس. تلك خِلسة من اختلاساتنا الفرحةَ فى جنبات عالمنا، ولهذا فإن سرقاتنا الصغيرة من خزائن الحياة تصبح ثروات الذاكرة فيما بعد!

                                             رضا شُكر

يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي

bareed.elwatan@elwatannews.com


مواضيع متعلقة