محمد غزاوي يحول تليفزيون خردة إلى حوض سمك بديع: نقاوم الاحتلال بالفن

كتب: سمر صالح

محمد غزاوي يحول تليفزيون خردة إلى حوض سمك بديع: نقاوم الاحتلال بالفن

محمد غزاوي يحول تليفزيون خردة إلى حوض سمك بديع: نقاوم الاحتلال بالفن

ساعات طويلة من يومه يقضيها في معزل عن المحيطين به من أسرته، يجلس أمام مكتبه الصغير وقد أحاط به أكوام من أسلاك الكهرباء والكابلات المتناثرة في كل أنحاء الحجرة، يقص جزءا من هذا ويصله بآخر يحاول - حبا في التجربة- إصلاح جهاز أتلفه عامل الزمن وسرعان ما تحول حب التجربة إلى هواية، أبدع فيها ثم حرفة يتكسب منها، فغلب بفنه عراقيل الاحتلال كورقة رابحة في الحرب، تجمل بشاعة المنظر، وتسكت أصوات الرصاص قليلا.

من بيت صغير في شارع يافا بمدينة غزة الفلسطينية، ولد الشاب محمد عبد العال، صاحب الـ25 عاما، لأسرة بسيطة يعولها أب يمتلك ورشة صغيرة لتصليح الأجهزة المنزلية الكهربية، لم يرهب الابن الصغير التعامل مع دوائر الكهرباء وأسلاكها المتشعبة، بل تعلّم كثيرا من صبر أبيه على عُطل استعصى عليه، وفي عمر الثانية عشرة، وحسب تعبيره بدأ هو الآخر يترك بصماته على الأجهزة القديمة يفك أجزائها ويصلح ما بها من عطل ثم يعيدها كما كانت عليه من قبل.

لم يلحظ الشاب العشريني ذات مرة أنه جاره يراقبه باهتمام كبير حين ينهمك في إصلاح الأجهزة القديمة، حتى أخبره ذات يوم بمتابعته له بشكل دائم، وحسب رواية الشاب الغزاوي محمد، لـ"الوطن"، أقنعه جاره بضرورة استغلال موهبته وإتقان إعادة تصليح الأجهزة فتحول شغفه إلى حرفة يتكسب منها خلفا لأبيه العجوز.

من المهارة والحرفة إلى الهواية والإبداع، هكذا أصبح ابن مدينة غزة الفلسطينية، معروفا بين جيرانه في أحد الأزقة الضيقة بشارع يافا الشهير هناك، فبدأ توظيف مهارته في إعادة تدوير الأجهزة الكهربية التي لافائدة منها ولا إصلاح لها، وتحويلها إلى أشياء مفيدة كتحويل "التليفزيونات" القديمة المتهالكة إلى أحواض سمك للزينة والديكور.

محمد يبدأ بتفريغ جسم التلفاز من الأسلاك ليستبدلها بأخرى لإضاءة حوض السمك

"لم تعجبني فكرة التخلص من هذه الأشياء، كنتُ أرى أنه بالإمكان أن نوهبها الحياة بطريقة أخرى"، لهذا السبب لم يفرط محمد في الأجهزة القديمة، فبدأ بتفريغ جسم تلفاز قديم من الأسلاك والوصلات الكهربية المتشابكة ليستبدلها بأسلاك قليلة كدائرة كهربية لإضاءة ذات ألوان مبهجة ومُشغل موسيقي يصدر نغمات هادئة، فإذا بالجهاز البالي ينفض ترابه ويتحول إلى حوض سمك يلفت أنظار كل من رآه، "هذا التلفاز كان مفترضًا أن يذهب إلى مكب النفايات، لكنني التقطته كمولود اعتنيتُ به وحولته إلى حوض سمك ذات قيمة فنية جمالية"، حسب تعبيره.

 

 

هوايته أصبحت تدر دخلا مقبولا عليه بعد أن نشرها عبر قناته، التي ساعده في تدشينها أحد أصدقائه بغزة، فبذلك ينشر فنا وعلما ينتفع به غيره إلى جانب مساهمته في الحفاظ على البيئة من آثار المخلفات، "وضعنا الاقتصادي صعب بسبب الاحتلال ولكن نحيا بفننا وعملنا دائما وأتمنى أن أجد من يدعمني"، حسب تعبيره.


مواضيع متعلقة