بالبكاء والصراخ والهتافات ودع المصريون والعرب "ناصر": «ماكانش فيه زيه»

بالبكاء والصراخ والهتافات ودع المصريون والعرب "ناصر": «ماكانش فيه زيه»
رغم مرور 49 عاماً على رحيل الرئيس «جمال عبدالناصر»، فإن «محمد عبدالجليل»، صاحب الـ73 عاماً، ما زال يتذكر تفاصيل ذلك اليوم «المشئوم»، على حد تعبيره، وكأنه أمس، إذ فوجئ أثناء استماعه للراديو بعدما انتهى من أداء صلاة العشاء، ببيان للرئيس السادات ينعى للأمة المصرية والعربية الرئيس «عبدالناصر»، قائلاً بصوت حزين: «فقدت الجمهورية العربية المتحدة وفقدت الأمة العربية وفقدت الإنسانية كلها رجلاً من أغلى الرجال، رجلاً من أغلى الرجال وأشجع الرجال وأخلص الرجال، هو الرئيس جمال عبدالناصر، الذى جاد بأنفاسه الأخيرة فى الساعة السادسة والربع من مساء اليوم 28 سبتمبر 1970 ليس هناك كلمات تكفى لعزاء جمال عبدالناصر»، ليقع عليه الخبر كالصاعقة، بحسب كلامه: «كانت صدمة بالنسبة لنا، وماكناش مصدقين اللى سمعناه، لأن ماحدش كان يعرف بمرضه، فالخبر وجعنا وأثر فينا حتى بعد وفاته بسنين».
لم يتمالك الرجل السبعينى ابن مركز أشمون بمحافظة المنوفية، بمجرد سماعه خبر وفاة «عبدالناصر»، أعصابه وأجهش بالبكاء، فهو كان بالنسبة له زعيماً مناضلاً ظل يدافع عن الطبقة الكادحة وكأنه واحد منهم حتى آخر لحظة فى حياته، بحسب كلامه، موضحاً أن «عبدالناصر» كان وما زال يسكن قلوب الشعب المصرى لما فعله معه خلال فترة توليه الحكم: «كان بيهتم بالفقراء، وماكانش فيه فرق عنده ما بين الغنى والفقير، بالعكس كان بيحاول يوفر للشعب أكل وشرب وتعليم وفرص عمل، ماكانش فيه حد فى حياته بيشتكى من العيشة، ولما كنا بنمر بفترات صعبة كان بيطلع فى خطابات يشرح الوضع، فالكل كان فى حالة حزن حباً فيه».
"عبدالجليل": الكبير قبل الصغير كان بيبكى على رحيله.. والستات كانت بتصرخ وكأنها فقدت واحد من عيالها
ويوضح «عبدالجليل» أنه بعد مرور أقل من نصف ساعة من إعلان خبر الوفاة، خرج أهالى قريته فى الشوارع متشحين بالسواد حزناً على فراق «عبدالناصر»، حيث قرر بعضهم إقامة سرادق للعزاء داخل قريتهم تكريماً له، لكن الرجل السبعينى قرر حضور الجنازة ليودع جثمان «عبدالناصر» بنفسه، ففى صباح يوم 1 أكتوبر، توجه للقاهرة مستقلاً القطار الذى امتلأ عن آخره بالمواطنين، بحسب كلامه: «ماكانش فيه مكان نقف فيه فى القطر، الناس كانت بتتسابق عشان تحضر الجنازة، وماحدش كان وقتها بيتكلم غير عن إنجازات عبدالناصر واللى عمله مع الشعب، لأنه كان مهتم بالناس البسيطة ولذلك الكل كان خايف إن اللى يتولى الرئاسة بعده مايكونش زيه».
هتافات عديدة كان يرددها الشعب المصرى أثناء تشييعهم جثمان الرئيس عبدالناصر، من بينها «يا جمال يا حبيب الملايين.. رايح فين وسايبنا لمين»، «لا إله إلا الله.. ناصر هو حبيب الله»، وفقاً لكلام «عبدالجليل» الذى أكد أن شوارع وميادين القاهرة احتشدت فى ذلك الوقت بالملايين من الجماهير بداية من قصر القبة حتى كوبرى قصر النيل، رافعين أعلام مصر وصور الزعيم الراحل: «لما وصلت قصر القبة كان زحمة جداً، ماكناش عارفين نتحرك، الكبير قبل الصغير كان بيبكى على رحيله، والستات اللى كانت موجودة كانت بتصرخ وكأنها فقدت واحد من عيالها». من جانبه، قال «عاصم الدسوقى»، أستاذ التاريخ، إن جنازة الرئيس الراحل «عبدالناصر»، كانت مفعمة بالحزن والدموع، حيث زحفت جموع الشعب من كل أرجاء مصر إلى القاهرة لتلقى النظرة الأخيرة على جثمانه، موضحاً أن الحياة حينها توقفت تماماً، حيث أغلقت المصانع والمحال التجارية والمدارس أبوابها لمدة 3 أيام حداداً على روحه، واتشحت المنازل والميادين بالسواد، فيما أذاعت المساجد القرآن الكريم بمكبرات الصوت حزناً على رحيله، على حد قوله: «الناس كانت بتبكى بالدموع على وفاته لأن عبدالناصر كان مهتم بقضايا الشعب المصرى وخصوصاً التى تتعلق بالأسعار، وحريص على إرضائه، ولذلك يوم وفاته، الكل أعلن وبدون اتفاق مسبق حالة الحداد، لأنهم كانوا شايفين أنهم هيكونوا يتامى من بعده»، لافتاً إلى أن أغلب الشعب المصرى حينها قضى ليلتين فى الشارع دون نوم وهم مستمرون فى البكاء على «عبدالناصر». ويتابع «الدسوقى»: «مشهد جنازة عبدالناصر لا يوصف، مافيش حد ماحضرهاش، لدرجة أنى ماقدرتش أوصل لكوبرى القبة وفضلت فى ميدان التحرير، فهو كان حبيب الملايين بالفعل».