التجارب الأولى تصيغ سحر أول أيام "الجونة" السينمائي

التجارب الأولى تصيغ سحر أول أيام "الجونة" السينمائي
- مهرجان الجونة السينمائى
- الأفلام الروائية
- مهرجان الجونة
- مهرجان الجونة السينمائى
- الأفلام الروائية
- مهرجان الجونة
فى ليلة مليئة بسحر السينما ممزوجة بإبداع وطزاجة التجارب الأولى، انطلق أول أيام عروض الدورة الثالثة من مهرجان الجونة السينمائى، الجمعة الماضى، حيث شهد المهرجان عرض 3 أفلام هى تجارب روائية طويلة أولى لصناعها، الأول الفرنسى «Le Miserables» للمخرج لادج لى، فى قسم الاختيار الرسمى - خارج المسابقة، ومن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة «Song Without a Name» للمخرجة ميلينا ليون، و«ستموت فى العشرين» للمخرج السودانى أمجد أبوالعلا.
نجح «لى» فى تجربته الأولى فى الحصول على جائزة لجنة التحكيم بالدورة السابقة من مهرجان كان السينمائى، وهو الفيلم الذى رشحته فرنسا للمنافسة على جائزة أوسكار عن فئة أفضل فيلم عالمى فى النسخة الـ92 من حفل توزيع الجوائز الشهير، وحظى الفيلم فى عرضه الأول بمهرجان الجونة بحضور مكثف لعدد من السينمائيين والنقاد، من بينهم يسرى نصرالله، مروان حامد وأحمد داود، فضلاً عن إشادات نقدية واهتمام جماهيرى، حيث حظى بتصفيق مدوٍ فى القاعة بعد انتهاء عرضه.
«لا توجد نباتات سيئة أو رجال سيئون، يوجد فقط مربون سيئون»، اختار المخرج الفرنسى تلك الجملة المقتبسة من رواية «البؤساء» للكاتب فيكتور هوجو، لينهى بها أحداث فيلمه الذى بدأه بمشهد يظهر فيه كل الأشخاص فى فرنسا بالشارع، احتفالاً ببطولة كأس العالم 2018، لكن النهاية كانت النقيض تماماً عندما تحتدم المواجهة بين الجميع، تبدأ الأحداث مع ضابط الشرطة «داميان»، الذى ينضم إلى قوة مكافحة الشغب فى «مونتفرميل» الفرنسية، وتتطرق الأحداث إلى تعامل الشرطة مع المسلمين والأقليات من أصول أفريقية فى تلك الأحياء الفقيرة، ويدخلون فى مناوشات مستمرة مع الأطفال، لكن يشتعل الوضع عندما يصيب أحد رجال الشرطة أحد الأطفال فى وجهه، ولسوء حظه يتم تصوير ذلك عبر طائرة دون طيار، فيخوض رحلة للبحث عن صاحب الطائرة، ليخفى كل دليل على جريمته، وضرب بكل القوانين عرض الحائط، قائلاً «أنا القانون»، وينجح فى إخفاء الحادث، لكن تصبح النفوس أكثر احتقاناً عندما يقرر الأطفال الثأر فى مشهد عنيف كل من الشرطة فى مواجهة جيش من الأطفال المتشحين بالسواد، وهم يستعدون للقضاء عليهم بوحشية شديدة، وفى تلك اللحظة يقرر المخرج إنهاء الفيلم، ويترك النهاية إلى خيال المشاهد، فى واحد من أعمق المشاهد، وأكثرها جاذبية على الشاشة الكبيرة.
الفيلم مستوحى بالفعل من أحداث الشغب التى وقعت فى باريس عام 2005، وبه الكثير من الأحداث الحقيقية، مثل الطائرة دون طيار، التى التقطت الأحداث، وهو ما أوضحه المخرج فى أحد لقاءاته الصحفية السابقة.
ما بين «بؤساء» فيكتور هوجو و«بؤساء» لادج لى، ما يجاوز قرناً من الزمان، لكن إعادة العمل فى أحداث معاصرة هى ضرورة كما وصفها رب العمل الأول «هوجو» فى مقدمة كتابه، قائلاً: «تخلق العادات والقوانين فى فرنسا ظرفاً اجتماعياً هو نوع من الجحيم البشرى، فطالما توجد لامبالاة وفقر على الأرض فإن كتابة كتاب كهذا ستكون ضرورية دائماً».
وتظل الأحداث الحقيقية وقود صناع السينما، حيث ركنت المخرجة ميلينا ليون فى تجربتها الأولى بالأبيض والأسود فى فيلم «Song Without a Name» إلى قصة حقيقية حول بعض العيادات الوهمية، التى تقوم باختطاف الأطفال فور ولادتهم وتهريبهم إلى الخارج، وهى القضية التى تورط بها عدد من المسئولين والأسماء الكبرى فى بيرو، حيث عُرض الفيلم للمرة الأولى فى مسابقة نصف شهر المخرجين فى الدورة الـ72 من مهرجان كان السينمائى.
تبدأ الأحداث مع السيدة الحامل «جورجينا»، التى تضع طفلتها فى إحدى عيادات الإنجاب، لكن لا يتسنى لها حتى حمل طفلتها الرضيعة، لتقع ضحية تلك المافيا، لتخوض برفقة زوجها رحلة للعثور على ابنتها، يكون الفشل حليفها الدائم، رغم المساعدة التى تلقتها من أحد الصحفيين الذى قاد حملة للكشف عن ذلك التنظيم الإجرامى، وافتقد العمل الكثير من العناصر الفنية، سواء على مستوى التصوير أو القصة نفسها التى جاءت سطحية إلى حدٍّ كبير.
أجواء صوفية تستطيع عبرها شم رائحة البخور، الذى يمتزج بأصوات الابتهالات، عندما يتلقى «مزمل» وهو لم يتجاوز عمره أيام حكم الموت وهو على قيد الحياة، وذلك فى الفيلم السودانى «ستموت فى العشرين» للمخرج أمجد أبوالعلا، الذى حصل على جائزة أسد المستقبل فى الدورة الماضية من مهرجان فينيسا السينمائى، فهو الفيلم الروائى الطويل السابع فى تاريخ السينما السودانية، وقرر مخرج العمل إهداءه إلى ضحايا الثورة السودانية.
الفيلم فى الأساس مأخوذ من قصة قصيرة للكاتب حمور زيادة بعوان «النوم عند قدم الجبل»، حيث تدور الأحداث حول الطفل «مزمل»، الذى يتنبأ له أحد الشيوخ بأنه سوف يموت فى العشرين من عمره، ومنذ ذلك الوقت وهو ميت بالنسبة للجميع، وأولهم والدته التى ارتدت السواد، ووالده الذى قرر الهرب بعيداً، فبعد وفاة شقيقه غرقاً لا يستطيع تحمل خسارة أخرى، أو بالنسبة لأطفال القرية الذين أعطوه اسم «مزمل ابن الموت».
كل يوم يمر تضع الأم علامة على الحائط لتحسب الوقت الذى ستفقد فيه ابنها الوحيد، لكن الحياة تقترب من «مزمل» عن طريق الفتاة التى وقعت فى حبه منذ الصغر، وفى باب أوسع هو «سليمان» الرجل العجوز الذى يعود إلى القرية، فهو الحياة بوهجها وصخبها ومجونها فى مواجهة الموت داخل بطلنا الصغير، محمد عبدالوهاب يشدو، صور مارلين مورنرو وسامية جمال، مشاهد من فيلم «باب الحديد» ومقاطع فيديو من القاهرة وأوروبا.