خطاب مفتوح إلى ‬الفريق سامى ‬عنان ننتظر قرارك‮!!‬‬

مصطفى بكرى

مصطفى بكرى

كاتب صحفي

السيد الفريق‮ ‬سامى ‬عنان..‬ أكتب إليك هذا الخطاب، ‬أناشد فيك شرف العسكرية المصرية، ‬وتاريخاً طويلاً كنت فيه فارساً وطنياً أصيلاً‮.. ‬أعرف أن بداخلك جرحاً، ‬وأدرك أن قلبك موجوع، ‬وصدرك ‬يعتمل بالألم، ‬تحملت الكثير، ‬وكنت دوماً عفّ اللسان، ‬لم تردّ ولم تتكلم، ‬بل كنت أقوى ‬من كل شىء‮.‬‬‬ وتعرف، ‬يا سيادة الفريق، حجم التقدير الذى ‬أُكنّه إلى ‬شخصك الجليل، ‬وحبى ‬لك، ‬وهو ليس من فراغ، ‬فأنت كنت واحداً من هؤلاء الرجال الذين اتخذوا أشجع القرارات فى ‬مواجهة نظام الرئيس الأسبق حسنى ‬مبارك‮.‬‬ كان قرار سيادة المشير وقرارك مع بقية أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة منذ اليوم الأول برفض إطلاق الرصاص على ‬المتظاهرين وتحمُّل المسئولية التاريخية بحماية الوطن من الفوضى‮.‬‬ وفى ‬الأول من فبراير ‬2011 ‬كان هناك الاجتماع التاريخى ‬الذى ‬أقسمتم فيه على ‬المصحف الشريف بحماية الشعب وحماية الوطن، ‬وأصدرتم البيان الذى ‬أعلنتم فيه باسم القيادة العامة للقوات المسلحة بكل بسالة تفهُّم المطالب الشعبية للمتظاهرين ورفض استخدام أساليب العنف ضدهم‮.‬‬ كان البيان صدمة لأركان النظام السابق، وفى ‬مساء ذات الليلة كان الحوار الحاد بينكم وبين الرئيس مبارك حول معنى ‬ومغزى ‬هذا البيان، ‬وكنت أنت قبلها قد طلبت من قائد الحرس الجمهورى ‬سحب الذخيرة الحية من رجال الحرس الجمهورى ‬وعدم التعرض إطلاقاً للمتظاهرين، ‬إن أحداً لا ‬يستطيع أن ‬ينكر دورك أو ‬يتجنى ‬عليه‮.‬‬ لم تتآمر ضد أحد، ‬وأشهد أنك فى ‬كل لقاءاتك معى ‬كنت دائم الإشادة بالسيد المشير حسين طنطاوى، ‬وكنت تكنّ له كل التقدير والاحترام، ‬وكذلك الحال بالنسبة لبقية القادة من أعضاء المجلس العسكرى‮.‬‬ وحتى ‬بعد أن قام مرسى ‬بإعفائك أنت والمشير وقادة الأفرع الرئيسية، ‬كنت حريصاً على ‬الجيش المصرى ‬وصورته، ‬هل تتذكر ‬يا سيادة الفريق لقاءاتنا المتعددة فى ‬دار الدفاع الجوى، القرية الأولمبية، ‬وهل تتذكر ماذا قلت لى ‬فى ‬آخر لقاء قبل ثورة الثلاثين من ‬يونيو؟‮!‬‬ لقد أشدتَ ‬يومها بالسيد الفريق أول عبدالفتاح السيسى ‬فى ‬هذا الوقت، ‬وقلت إنه من خيرة القادة وإنه وطنى ‬أصيل، ‬وإنك سعدت كثيراً باختياره وزيراً للدفاع، ‬كانت كلماتك من القلب، ‬وكنت تقولها لى ‬بسعادة ‬غامرة كنت أراها فى ‬عينيك‮.‬‬ وعندما ترددت أنباء عن وجود نوايا بترشحك للرئاسة فى ‬مواجهة المشير السيسى، ‬لم أصدق لأنى ‬أعرفك خير المعرفة، ‬لكننى ‬اكتفيت بالرد على ‬الاتهامات التى ‬ساقها البعض ظلماً وعدواناً بأنك مرشح الإخوان والأمريكان‮.‬‬ لقد أصابنى ‬هذا الكلام وأصاب كثيرين ‬غيرى ‬بحالة من الدهشة والاستغراب، ‬رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، ‬الرجل الذى ‬أعطى ‬عمره للدفاع عن الوطن أصبح فجأة مجرد أداة فى ‬يد الأمريكان والإخوان ضد وطنه وقواته المسلحة، ‬كان السؤال: كيف، ومتى، ‬ولماذا؟‮!‬‬ إننى ‬وغيرى ‬نعرف وطنيتك جيداً، ‬وندرك أن قائداً عسكرياً مثلك لا ‬يمكن أن ‬يختم حياته ليكون رأس حربة فى ‬مواجهة وطنه وجيشه، ‬فمثلك وأنت تنتمى ‬إلى ‬مؤسسة عريقة وأسرة كبيرة ووطن ‬يفخر كل من ‬ينتمى ‬إليه، ‬لا ‬يمكن أبداً أن ‬يبيع نفسه ولو بمال الدنيا وبأعلى ‬المناصب فيها‮.‬‬ يا سيادة الفريق‮.. ‬‬ أنت تعرف أن لك محبيك فى ‬الجيش، ‬وتدرك أن المشير السيسى ‬لم ‬يكن ‬يرغب فى ‬أن ‬يرشح نفسه، ‬بل استجاب لتكليف شعبى، ‬بعد أن أدرك حاجة الوطن إليه فى ‬هذه اللحظة التاريخية المهمة‮.‬‬ أعرف أن هذا حقك، ‬وأدرك أن لك أنصارك، ‬ولكن منذ متى ‬يقف القادة فى ‬مواجهة بعضهم البعض، ‬ألا ‬يعطى ‬ذلك إشارة خاطئة للداخل والخارج بأن هناك شرخاً كبر أم صغر، ‬وأن هناك اختلافاً‮.‬‬ يا سيادة الفريق‮.. ‬‬ إن الوطن فى ‬هذه اللحظة ‬يحتاج منا إلى ‬نكران الذات من أجل الأهداف الكبيرة، ‬وأنا أعرف أنك لن تضن‮.. ‬صدقنى، ‬أنت تعرف تقديرى ‬وحبى ‬لك، ‬جمعتنا لقاءات مطولة على ‬مدى ‬أكثر من ثلاث سنوات، ‬كنت تأمننى ‬على ‬الكثير، ‬وكنتُ دائماً أميناً معك فى ‬كل كلمة تقولها، ‬سعيت معى ‬كثيراً فى ‬عام ‬2012 ‬لأرشح نفسى ‬لرئاسة الجمهورية، ‬طلبت من أصدقاء لى ‬بإقناعى ‬وطلبت من آخرين فى ‬المجلس العسكرى ‬بالحوار معى، ‬اعتذرت عن ذلك، ‬لكننى ‬لم أنسَ لك ثقتك وتقديرك، ‬كنت ألتقيك فى ‬أى ‬وقت، ‬ولم تكن تبخل فى ‬منحى ‬القدر الكافى ‬من وقتك الثمين، ‬ساعات طوال كنا نقضيها، ‬وكنت أرى ‬فى ‬ذلك تقديراً لشخصى ‬لا ‬يمكن أن ‬يُنسى‮.‬‬‬ ومع كل ذلك أقول لك وأنت القريب إلى ‬العقل والقلب، ‬مصر أكبر منى ‬ومنك، ‬وأغلى ‬عندك وعندى ‬من كل شىء، ‬لذلك أطلب منك أن تقف معنا فى ‬ذات الخندق، ‬وأن تعلن أنك لست عازماً على ‬الترشح والوقوف فى ‬مواجهة رجل أنت تعرفه جيداً وتعرف أنه لا ‬يريد من الدنيا شيئاً‮.‬‬ صدقنى ‬يا سيادة الفريق‮.. ‬إن وقوفى ‬بكل جسارة خلف المشير السيسى ‬ووقوف الملايين مثلى، ‬ليس وراءه سوى ‬هدف واحد ووحيد هو إنقاذ الوطن من المؤامرات التى ‬تحاك ضده، ‬وضمان عودة الأمن والاستقرار بأقصى ‬سرعة، ‬وتحقيق الفوز من أول مرة حتى ‬لا ‬يكون مصير البلاد ‬يمضى ‬إلى ‬المجهول‮.‬‬‬ إن إعلانك التراجع عن الترشيح لن ‬يقلل من قدر الفريق سامى ‬عنان، ‬بل سيعطى ‬مثالاً ‬جديداً تؤكد فيه على ‬ثوابتك ومبادئك، ‬وترفض فيه أى ‬محاولة لجرّك إلى ‬ساحة الخلاف‮.‬‬ يا سيادة الفريق‮.. ‬نحن فى ‬انتظار قرارك، ‬ونحن على ‬ثقة أنك لن ترد لمحبيك طلباً‮!!‬‬‬