خطاب مفتوح إلى الفريق سامى عنان ننتظر قرارك!!
السيد الفريق سامى عنان..
أكتب إليك هذا الخطاب، أناشد فيك شرف العسكرية المصرية، وتاريخاً طويلاً كنت فيه فارساً وطنياً أصيلاً.. أعرف أن بداخلك جرحاً، وأدرك أن قلبك موجوع، وصدرك يعتمل بالألم، تحملت الكثير، وكنت دوماً عفّ اللسان، لم تردّ ولم تتكلم، بل كنت أقوى من كل شىء.
وتعرف، يا سيادة الفريق، حجم التقدير الذى أُكنّه إلى شخصك الجليل، وحبى لك، وهو ليس من فراغ، فأنت كنت واحداً من هؤلاء الرجال الذين اتخذوا أشجع القرارات فى مواجهة نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
كان قرار سيادة المشير وقرارك مع بقية أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة منذ اليوم الأول برفض إطلاق الرصاص على المتظاهرين وتحمُّل المسئولية التاريخية بحماية الوطن من الفوضى.
وفى الأول من فبراير 2011 كان هناك الاجتماع التاريخى الذى أقسمتم فيه على المصحف الشريف بحماية الشعب وحماية الوطن، وأصدرتم البيان الذى أعلنتم فيه باسم القيادة العامة للقوات المسلحة بكل بسالة تفهُّم المطالب الشعبية للمتظاهرين ورفض استخدام أساليب العنف ضدهم.
كان البيان صدمة لأركان النظام السابق، وفى مساء ذات الليلة كان الحوار الحاد بينكم وبين الرئيس مبارك حول معنى ومغزى هذا البيان، وكنت أنت قبلها قد طلبت من قائد الحرس الجمهورى سحب الذخيرة الحية من رجال الحرس الجمهورى وعدم التعرض إطلاقاً للمتظاهرين، إن أحداً لا يستطيع أن ينكر دورك أو يتجنى عليه.
لم تتآمر ضد أحد، وأشهد أنك فى كل لقاءاتك معى كنت دائم الإشادة بالسيد المشير حسين طنطاوى، وكنت تكنّ له كل التقدير والاحترام، وكذلك الحال بالنسبة لبقية القادة من أعضاء المجلس العسكرى.
وحتى بعد أن قام مرسى بإعفائك أنت والمشير وقادة الأفرع الرئيسية، كنت حريصاً على الجيش المصرى وصورته، هل تتذكر يا سيادة الفريق لقاءاتنا المتعددة فى دار الدفاع الجوى، القرية الأولمبية، وهل تتذكر ماذا قلت لى فى آخر لقاء قبل ثورة الثلاثين من يونيو؟!
لقد أشدتَ يومها بالسيد الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى هذا الوقت، وقلت إنه من خيرة القادة وإنه وطنى أصيل، وإنك سعدت كثيراً باختياره وزيراً للدفاع، كانت كلماتك من القلب، وكنت تقولها لى بسعادة غامرة كنت أراها فى عينيك.
وعندما ترددت أنباء عن وجود نوايا بترشحك للرئاسة فى مواجهة المشير السيسى، لم أصدق لأنى أعرفك خير المعرفة، لكننى اكتفيت بالرد على الاتهامات التى ساقها البعض ظلماً وعدواناً بأنك مرشح الإخوان والأمريكان.
لقد أصابنى هذا الكلام وأصاب كثيرين غيرى بحالة من الدهشة والاستغراب، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الرجل الذى أعطى عمره للدفاع عن الوطن أصبح فجأة مجرد أداة فى يد الأمريكان والإخوان ضد وطنه وقواته المسلحة، كان السؤال: كيف، ومتى، ولماذا؟!
إننى وغيرى نعرف وطنيتك جيداً، وندرك أن قائداً عسكرياً مثلك لا يمكن أن يختم حياته ليكون رأس حربة فى مواجهة وطنه وجيشه، فمثلك وأنت تنتمى إلى مؤسسة عريقة وأسرة كبيرة ووطن يفخر كل من ينتمى إليه، لا يمكن أبداً أن يبيع نفسه ولو بمال الدنيا وبأعلى المناصب فيها.
يا سيادة الفريق..
أنت تعرف أن لك محبيك فى الجيش، وتدرك أن المشير السيسى لم يكن يرغب فى أن يرشح نفسه، بل استجاب لتكليف شعبى، بعد أن أدرك حاجة الوطن إليه فى هذه اللحظة التاريخية المهمة.
أعرف أن هذا حقك، وأدرك أن لك أنصارك، ولكن منذ متى يقف القادة فى مواجهة بعضهم البعض، ألا يعطى ذلك إشارة خاطئة للداخل والخارج بأن هناك شرخاً كبر أم صغر، وأن هناك اختلافاً.
يا سيادة الفريق..
إن الوطن فى هذه اللحظة يحتاج منا إلى نكران الذات من أجل الأهداف الكبيرة، وأنا أعرف أنك لن تضن.. صدقنى، أنت تعرف تقديرى وحبى لك، جمعتنا لقاءات مطولة على مدى أكثر من ثلاث سنوات، كنت تأمننى على الكثير، وكنتُ دائماً أميناً معك فى كل كلمة تقولها، سعيت معى كثيراً فى عام 2012 لأرشح نفسى لرئاسة الجمهورية، طلبت من أصدقاء لى بإقناعى وطلبت من آخرين فى المجلس العسكرى بالحوار معى، اعتذرت عن ذلك، لكننى لم أنسَ لك ثقتك وتقديرك، كنت ألتقيك فى أى وقت، ولم تكن تبخل فى منحى القدر الكافى من وقتك الثمين، ساعات طوال كنا نقضيها، وكنت أرى فى ذلك تقديراً لشخصى لا يمكن أن يُنسى.
ومع كل ذلك أقول لك وأنت القريب إلى العقل والقلب، مصر أكبر منى ومنك، وأغلى عندك وعندى من كل شىء، لذلك أطلب منك أن تقف معنا فى ذات الخندق، وأن تعلن أنك لست عازماً على الترشح والوقوف فى مواجهة رجل أنت تعرفه جيداً وتعرف أنه لا يريد من الدنيا شيئاً.
صدقنى يا سيادة الفريق.. إن وقوفى بكل جسارة خلف المشير السيسى ووقوف الملايين مثلى، ليس وراءه سوى هدف واحد ووحيد هو إنقاذ الوطن من المؤامرات التى تحاك ضده، وضمان عودة الأمن والاستقرار بأقصى سرعة، وتحقيق الفوز من أول مرة حتى لا يكون مصير البلاد يمضى إلى المجهول.
إن إعلانك التراجع عن الترشيح لن يقلل من قدر الفريق سامى عنان، بل سيعطى مثالاً جديداً تؤكد فيه على ثوابتك ومبادئك، وترفض فيه أى محاولة لجرّك إلى ساحة الخلاف.
يا سيادة الفريق.. نحن فى انتظار قرارك، ونحن على ثقة أنك لن ترد لمحبيك طلباً!!