خالد منتصر يكتب عن مشروع "انقذ قلب" بدلا من قصائد الرثاء أنقذوا الضحايا المحتملين للسكتة القلبية

كتب: خالد منتصر

خالد منتصر يكتب عن مشروع "انقذ قلب" بدلا من قصائد الرثاء أنقذوا الضحايا المحتملين للسكتة القلبية

خالد منتصر يكتب عن مشروع "انقذ قلب" بدلا من قصائد الرثاء أنقذوا الضحايا المحتملين للسكتة القلبية

وصلتنى رسالة من أستاذى الكبير أ. د. شريف مختار، أستاذ أمراض القلب ورئيس مجلس إدارة الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة، تعليقاً على ما كتبته فى هذه المساحة من قبل عن الموت المفاجئ، يقول فيها:

بين الحين والآخر تطالعنا الصحف وأحاديث الأصدقاء بأخبار السقوط المفاجئ لشخص ما كان يتمتع ظاهرياً بكل مقومات الحيوية والصحة، ويكون وقع الصدمة أشد وأنكى إذا كان الضحية شاباً أو شابة من المشهود لهم باللياقة البدنية وممارسة الرياضات العنيفة، وتُعرّف السكتة القلبية أو الموت المفاجئ بحدوث وفاة غير متوقعة فى خلال ساعة من حدوث الأعراض أو بدون أعراض، وفى أكثر من الثلثين يفاجأ المحيطون بحادثة الوفاة بدون حضورها أو التحقق من ميعاد حدوثها، ويندر حدوث السكتة القلبية فى القلوب السليمة، وما يطلق عليه القلب السليم قد لا يكون كذلك، والأمر يعود إلى القصور فى وسائل التشخيص الحديثة، والتى كلما ازدادت دقة وارتفع مستواها، تبين اعتلال القلب عضوياً أو كهربياً.

ومن الحقائق العلمية التى أظهرتها الأبحاث أن السكتة القلبية أكثر شيوعاً فى الذكور من الإناث (2-3 أضعاف)، وهى أكثر فى المصابين أصلاً بأمراض القلب (6-8 أضعاف). وفى البالغين تكون جلطات الشرايين التاجية هى الأكثر شيوعاً (60 - 80%)، ويزداد معدل الوفاة المفاجئة مع تقدم السن، إلا أنها قد تحدث فى أشخاص لا يعانون من أمراض عضوية ظاهرة (خلل فى كهربية القلب) فى أعمار صغيرة نسبياً نتيجة استعداد وراثى (كمرض تضخم القلب الوراثى)، ويجب الإشارة إلى أنه لا توجد لدينا إحصائية مماثلة.

ويلعب التاريخ الأسرى لتوقف القلب المفاجئ، خاصة فى الأعمار المبكرة، دوراً هاماً فى تحديد الضحايا المحتملين. وفى دراسة أُجريت بالولايات المتحدة على أكثر من 1400 رياضى سقطوا نتيجة توقف القلب فى شبابهم، تبين أن تضخم القلب الوراثى يتصدر قائمة الأسباب. أما اضطرابات كهروفسيولوجيا القلب فهذه لا يمكن اكتشافها إلا بإجراء التخطيط الكهربى للقلب أولاً، وقد يحتاج الأمر إلى إجراء دراسات كهروفسيولوجية، كما قد تكون هناك حاجة إلى فحص التركيب الجينى لتحديد الجينات أو الطفرات الجينية التى قد تسبب الموت المفاجئ.

وقد تحدث الوفاة المفاجئة نتيجة النشاط الرياضى العنيف (ضربة مؤثرة بالقفص الصدرى أثناء مباراة ملاكمة أو مضرب الهوكى أو كرة البيسبول)، أو لأسباب خارج القلب كجلطة الشريان الرئوى. ومن الجدير بالذكر أن بعض العقاقير المثيرة للجهاز العصبى اللاإرادى قد تُعجّل بحدوث الوفاة، خاصة الأدوية المحتوية على مضادات الاحتقان (إذا استُعملت بإفراط) فى حالات نزلات البرد أو الأدوية المضادة للاكتئاب.

80% من حالات السكتة تحدث قبل النقل بواسطة الإسعاف.. وتدمير المخ يحدث فى خلال ٦-٨ دقائق من توقف القلب 

وتحدث 80% من حالات السكتة قبل النقل بواسطة الإسعاف، أى بالمنازل، منها 60% مشهودة، وتصل نسبة من فارقوا الحياة عند الوصول إلى المستشفى 50%. ويحدث التدمير لخلايا القشرة المخية (المسئولة عن الوعى والقدرات المعرفية) فى خلال 6-8 دقائق من توقف القلب، ومن هنا تأتى أهمية التدخل السريع بالتدليك الفورى والتنفس الصناعى، وفى حالة عدم التدخل الفورى لعدم وجود مسعف مدرَّب من أفراد الأسرة أو المحيطين فإن فرص العودة إلى الحياة السليمة تتناقص بمعدل 7% مع كل دقيقة تمر، أما إذا تمت عملية الإنعاش بواسطة المحيطين فقد يرتفع معدل إمكانية إنقاذ الضحايا إلى 30%، خصوصاً مع استعمال جهاز الصدمات الخارجى.

تشغل مشكلة توقف القلب المفاجئ خارج المستشفيات «Out of Hospital Cardiac Arrest» (OHCA) حيزاً متميزاً من اهتمام الهيئات الطبية والعالمية، ليس فقط لدراما الموت المفاجئ، ولكن لإمكانية إنقاذ المريض وعودته إلى حياته الطبيعية إذا تم التدخل سريعاً من قبَل المحيطين به، فيما يُعرف باسم «Bystander CPR»، وفى بلد كبير كمصر (مليون كيلومتر مربع وأكثر من 100 مليون نسمة و28 محافظة) تكمن الصعوبة القصوى لهذه المشكلة فيما يلى:

أولاً: عدم وجود إحصاءات دقيقة عن حجم المشكلة وأعداد المرضى المعرضين للإصابة بالسكتة القلبية، خاصة مع عدم توخى الدقة فى تقارير الفحص الإكلينيكى عند استخراج شهادة الوفاة، والاكتفاء بذكر العبارة النمطية «هبوط مفاجئ بالدورة الدموية».

ثانياً: صعوبة القيام بعملية الإنعاش من قبَل المحيطين، وذلك لعدم كفاية برامج التدريب التى تقتصر حالياً على الأطباء، بينما يجب أن تمتد لتشمل كل أطباء الامتياز والمهن المساعدة طبياً (تمريض، فنيين، ومساعدين)، كما يجب أن تمتد عمليات الإنعاش لتشمل أيضاً مجموعات منتقاة من الأشخاص.

ثالثاً: عدم كفاءة وكفاية برامج التوعية التى يجب أن تهدف إلى حث أفراد الأسر من محتملى التعرض للإصابة بحكم التاريخ العائلى على الفحص الشامل بوسائل التشخيص الحديثة من تصوير ودراسات كهروفسيولوجية أو دراسات جينية، كما يجب أن تهدف إلى حث الفئات المختلفة على الالتحاق ببرامج التدريب على الإنعاش.

وقد رأت الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة (وهى تنظيم يضم كل العاملين بهذا المجال وتم اعتماده بقرار من مجلس نقابة أطباء مصر عام 2011) أن تضطلع بمشروع يهدف إلى التصدى لهذه المشكلة التى لا يُعرف لها إحصاء تقريبى، وليس أمام الأطباء المتخصصين سوى الإحصاءات الأمريكية التى تتحدث عن معدل إصابة يصل إلى 1 فى كل ألف شخص، وإلى واحد فى كل 50 ألفاً من الرياضيين، ويبلغ معدل الحدوث واحداً لكل ألفين فيمن تقل أعمارهم عن 18 سنة (7 ملايين على مستوى العالم).

يهدف المشروع إلى التدريب على عملية الإنعاش القلبى الأساسى والإنعاش المتقدم ببرامج معتمدة من الاتحاد الأمريكى لأمراض القلب

ويهدف المشروع إلى:

البحث الاستقصائى عن الضحايا المحتملين وأقاربهم من الدرجة الأولى والثانية وعرضهم للفحص الإكلينيكى والتخطيط الكهربى والتحليل المعملى بهدف العلاج الوقائى أو النهائى لمن يثبت تعرضه للمخاطر.. عن طريق:

1- المسح الإحصائى للمحافظات (تم اختيار هذه المحافظات لتمثيل التوزيع الجغرافى للسكان قبلى وبحرى ومدن جديدة للأماكن المستهدفة)، وذلك لتحديد حجم المشكلة لجمهورية مصر العربية عن طريق اختيار عيّنة مماثلة للشعب المصرى عن طريق قوافل طبية يتم فيها ملء استمارات استبيان بواسطة أفراد أسر الضحايا الفعليين أو المحتملين، أو بواسطة أطباء الاستقبال والرعايات بمستشفيات تمثل مناطق معينة يواجه أطباؤها احتمال وصول أشخاص تأكدت وفاتهم بالسكتة القلبية أو وصلوا إلى الاستقبال فور توقف القلب ولم تنجح محاولات إنقاذهم أو أمكن إجراء عملية الإنعاش القلبى بنجاح.

2- فحص أسر ضحايا السكتة القلبية عن طريق دراسة التاريخ الأسرى والقيام بالفحص الإكلينيكى والتخطيط الكهربى والبحث المعملى وتسجيل رسم القلب الديناميكى (24 ساعة فيما يُعرف بجهاز الهولتر) والفحص بالموجات فوق الصوتية.

3- إجراء الدراسات التشخيصية المتقدمة التى قد يحتاجها الضحايا المحتملون كالدراسات الكهروفسيولوجية والقسطرة القلبية والرنين المغناطيسى.

4- مرحلة العلاج التدخلى للناجين من السكتة القلبية «Survivors of cardiac arrest» أو الأقارب المهددين بخطر السكتة، وتشمل زرع المنظمات والأجهزة المضادة للارتجاف البطينى وعمليات كىّ البؤر الكهربية وتوسيع الشرايين التاجية والدعامات.

كما يهدف المشروع إلى التدريب على عملية الإنعاش القلبى الأساسى «Basic Life Support» والإنعاش المتقدم «Advanced Cardiac Life Support»، ببرامج معتمدة من الاتحاد الأمريكى لأمراض القلب للأطباء، وببرامج مصرية معتمدة من الكلية المصرية لأمراض القلب لهيئة التمريض والمهن الطبية المساعدة (فنيى المعمل والقسطرة والأشعة ورجال الإسعاف) وللمواطنين المؤهلين نفسياً وجسدياً للمشاركة والقيام بالإنعاش الأساسى حال توقف القلب فى أماكن التجمعات من (المدارس ودور التعليم والجامعات والمصانع والشركات والمؤسسات الكبرى والأندية الرياضية... إلخ).

ومع بداية عام 2014 بدأ تنفيذ المشروع بالدراسة الاستطلاعية التى شملت 8786 فرداً عن طريق ملء استمارات الاستبيان لأعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة ونادى الصيد والنادى الأهلى وخروج خمس قوافل طبية بالمرج والصف والمنيب وعين الصيرة والفسطاط، وتم الانتهاء من هذه الدراسة عام 2016، ونُشرت فى دورية الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة.

https: //www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2090730318300057

ثم بدأت الدراسة الفعلية باختيار عدة محافظات ممثلة لجمهورىة مصر العربية، حيث تم فحص 13889 استمارة من محافظات مختلفة، متضمنة قوافل طبية ببنى سويف وأسوان والنوبة والوادى الجديد، بالإضافة إلى الوراق والمطرية وشبرامنت. وجارٍ العمل من خلال استكمال قوافل محافظة بنى سويف (شمال الصعيد) ومحافظة بورسعيد (مدينةساحلية) ومحافظة المنوفية (الدلتا).

ويجرى حالياً تحليل النتائج التى تم التوصل إليها فى نفس الوقت الذى تسير فيه عمليات التدريب على الإنعاش القلبى الأساسى بكل من البرنامج الأمريكى والبرنامج المصرى، حيث يجرى بنجاح تدريب ممرضات مستشفى المنيل الجامعى (مشروع الألف ممرضة). كما تُبدى الكلية استعدادها لتدريب من يتم اختيارهم فى المؤسسات التى ترغب فى المشاركة على البرنامج المصرى للإنعاش القلبى. وبدلاً من رثاء الضحايا والاكتفاء بالدعاء لهم بالرحمة بعد أن يقع المحظور، فإن الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة تناشد المصريين تسهيل مهمتها فى جمع المعلومات وملء استمارات الاستبيان (مع التأكيد على سرية المعلومات) وعلى الإبلاغ عن أى حالة وفاة مفاجئة بالاتصال التليفونى أو البريد الإلكترونى. وفى هذا الإطار تم توقيع بروتوكول بالتعاون مع وزارة الاتصالات سبتمبر عام 2016.

Website: ecccp.org

Email: l.abdelwahab85@gmail.com

Tel.: 23684302

Fax: 23654474


مواضيع متعلقة