"جري معاها السباق".."عثمان" يدعم ابنته المولودة دون ذراعين: محستش بتعب

كتب: سمر صالح

"جري معاها السباق".."عثمان" يدعم ابنته المولودة دون ذراعين: محستش بتعب

"جري معاها السباق".."عثمان" يدعم ابنته المولودة دون ذراعين: محستش بتعب

صدمته الأولى التي تلقاها بعد ولادة ابنته الكبرى بذراعين غير مكتملين، لم تنل من عزيمته وإصراره على أن يراها بين صفوف الناجحين من أبناء عمرها، بل جعلت من الرجل الخمسيني الذي ملأ الشيب رأسه، أبا بدرجة صديق وفيّ، يساندها في الأوقات الصعبة قبل السهلة، وحبيبا داعما لا يرى فيها نقصاً ولا عيباً، ومدربا صبورا على تلميذته، رابط بجوارها حتى وضع قدميها على أول طريقها للنجاح الرياضي.

"ذراعان غير مكتملان وإعوجاج في الأرجل" منذ الولادة جعلت من مروة عثمان صاحبة الـ19 عاما، بطلة في السباحة، وعداءة تسبق منافسيها، بدعم من والدها معلم الرياضيات للمرحلة الثانوية، الذي رافقها رحلتها الطويلة بين عيادات الأطباء، حيث خضعت إلى 4 عمليات في القدم وواحدة في اليد، حتى قهرا معا الإعاقة، وباتت تمشي بشكل طبيعي ولمسافات طويلة، حسب قول الأب عثمان البغدادي.

الأب: نزلت معاها تمرين السباحة لمدة سنة لحد ما اتعودت على المياه

"العلاج بالماء" نوع من العلاج الطبيعي رأى فيه الأطباء المتابعون لحالة مروة طالبة الفرقة الثانية بكلية التجارة، فرصة جيدة لتمكينها من المشي والحركة بشكل طبيعي، فكانت أولى تجاربها بالسباحة في الثانية من عمرها، وكعادته لم يفارقها خطوة في طريقها الطويل كان والدها حاضراً معها يحملها في حمام السباحة ويكسر رهبتها من الماء، وحسب روايته لـ"الوطن" ظل عاما كاملا يرافقها في تدريبات السباحة على يد مدربها كابتن خالد حسان حتى جاءت اللحظة التي اعتمدت فيها على نفسها دون حاجة لمن يحملها في الماء.

استجابة سريعة للسباحة لاحظها كابتن "خالد حسان" في تلميذته الصغيرة، حفزت والديها على أن يكملا بها طريق النجاح في الرياضة، انعكست بالتوازي على خطوتها التي بدت طبيعية بمرور الوقت، ورغم انشغالها قليلا باجتياز الثانوية العامة والالتحاق بالجامعة إلا أنها عادت لتكمل تدريباتها مرة أخرى.

اعتاد مدرس مادة الرياضيات تقسيم وقته بين مدرسته وطلابه وابنته، فكثيرا ما كان يصحبها بنفسه إلى الدرس الخصوصي ويذهب إلى عمله ثم يعود إليها، "بنظم شغلي وحياتي عليها هي"، حسب تعبيره.

الأب: جريت معاها 5 كيلو وكان عندي استعداد أجري 50 كيلو عشانها ومحستش بالمسافة

من محافظة السويس، وفي الأسبوع الأول من الشهر الجاري، انطلقت بطولة الجمهورية للترايثلون، وهي البطولة التي تجمع الأصحاء بذوي الاحتياجات الخاصة، فحرصت مروة - بدعم من والدها الجندي المجهول وراء نجاحها - على المشاركة وكان عليها اجتياز سباقي السباحة والجري المقررين في فعاليات البطولة، وكعادتها تفوقت على منافسيها من نفس التصنيف الطبي البارالمبي "S3".

خلال البطولة، وبعد أن قطعت مروة المسافة المقررة في عرض البحر، استعدت لبدء سباق الجري على طول الكورنيش بمسافة 5 كيلومترات، في الجولة الثانية من المنافسات، وجاءت تلك الدقائق كاشفات لدور الجندي المجهول في حياتها، عندما اختل توازن الفتاة قليلا أثناء صعودها مطلعا قابلها فور خروجها من المياه، وقبل أن تغمض عينيها وجدته ممسكا بذراعيها يساعدها على النهوض سريعا قبل أن تلامس الأرض يردد في أذنيها "قومي شدي حيلك..معندناش حد يقع"، حسب وصفه.

مسافة 5 كيلومترات، قطعها المتسابقون جميعا على طول كورنيش السويس ضمن سباق الجري المقرر بالبطولة، لم يترك فيها "مستر عثمان" ابنته مروة، رافقها خطوة بخطوة، يحفزها ويدعمها بعبارات تشجيع خرجت من قلب أب محب، كلما دخلت أذنيها زادتها سرعة وقوة وثباتاً، حتى كانت الميدالية الذهبية من نصيبها، وصف الأب تلك المشهد بكلمات قليلة قائلا،"جريت معاها 5 كيلو محستش بحاجة وكان عندي استعداد أجري 50 كيلو المهم هي تكسب وتفرح".

لحظة الوصول إلى نهاية السباق وتسليمها الميدالية الذهبية، كانت كافية لأن تهدأ نبضات قلب الأب المتلاحقة سريعا من الجري، فهو وحسب وصفه، لن يتوان يوما عن الدفع بابنته الكبرى إلى المراكز الأولى في الرياضة وفي التعليم أيضا، برفقة والدتها التي تحمل معه كثير من المسؤولية.


مواضيع متعلقة