الضحايا يروون تجاربهم.. و"جروبات" الجامعات على "فيس بوك" سبيل النصابين للإيقاع بفرائسهم

كتب: سارة صلاح

الضحايا يروون تجاربهم.. و"جروبات" الجامعات على "فيس بوك" سبيل النصابين للإيقاع بفرائسهم

الضحايا يروون تجاربهم.. و"جروبات" الجامعات على "فيس بوك" سبيل النصابين للإيقاع بفرائسهم

كأى أم تحب لابنها الخير، كانت «منى» تحلم بدخول ابنها كلية الطب، لكن مجموعه فى الثانوية العامة حينها لم يؤهله لتحقيق حلمها، ما دفعها إلى البحث عن بديل بين الجامعات الخاصة حتى صادفت إعلاناً على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، مكتوباً فيه: «أنا بدرس طب فى ماليزيا.. اللى عايز يقدم هنا يكلمنى هقدم له فوراً بدون مقابل»، تواصلت «منى» مع صاحب الإعلان على أمل أن يساعدها فى إلحاق ابنها بكلية الطب، وبعدما استفسرت منه عن طبيعة الدراسة وتكاليفها، طلب منها إرسال بعض الأوراق الخاصة به كشهادة ميلاده وشهادة الثانوية العامة وصورة من جواز السفر سريعاً قبل أن يغلق باب القبول بالجامعة، ولم تتردد «منى» فى تنفيذ ما طلبه منها، وبعد أقل من أسبوع أخبرها بأنه تقدم بأوراق نجلها وعليها تحويل ما يعادل 20 ألف جنيه مصرى على الحساب الخاص بالجامعة، بحسب كلام الأم، حاولت بالفعل إيداع المبلغ فى حساب الجامعة لكن فى كل مرة كانت تفشل عملية التحويل لوجود خطأ به، فعادت إليه لتخبره بما حدث، فنصحها بإرسال المبلغ على حسابه الشخصى مبرراً ذلك لها بأن: «الحساب ممكن يكون فيه مشكلة بسبب الضغط عليه».

شكت «منى» فى بداية الأمر فى كلام «الوسيط»، لكنه ظل يُطمئنها بأنه ليس لديه أى مصلحة فى قبول ابنها وإنما هدفه مساعدتهم، فهو مجرد وسيط بينهم وبين الجامعة: «حولت له المبلغ اللى طلبه، ومعايا ورق بكل التحويلات دى ومواعيدها، وقال لى بعدها انتظروا لما أبعت لكم دعوة القبول بالجامعة».

"منى": حولت 20 ألف جنيه على حساب الوسيط علشان أدخل ابنى كلية الطب فى ماليزيا.. والجامعة قالت لى: نصاب

3 أسابيع مرت كانت «منى» خلالها على تواصل مستمر مع «الوسيط» للتأكد من إتمامه الإجراءات، لكن بعد إلحاحها لمعرفة موعد تسلم دعوة قبوله بالجامعة، بدأ تغيير كلامه معها، وأخبرها أنه يعمل بإدارة الجامعة، وأنها لم تتمكن من تسلم الدعوة لأن التقديم بالجامعة ما زال مفتوحاً وهو ما يتنافى مع كلامه فى بداية التواصل معه، على حد قولها: «كان قايل لنا إن التقديم هيقفل خلال أيام وخلانا نستعجل على أساس إننا هنستلم الدعوة بعدها بأسبوعين بالكتير، ولما المدة عدت بقى يماطل معانا ويقول لنا أصل الجامعة لسه ما قفلتش ولو عايزين تقدموا لناس ابعتو لى وخدوا نسبتكم»، الأمر الذى أثار شكوكها، ودفعها إلى التراجع عن فكرة السفر ومطالبته بالمبلغ الذى تم تحويله له من قبل، لكنه ظل يتهرب منها ويتحجج لها فى كل مرة بأمر مختلف، وفقاً لكلامها.

لم تجد «منى» حلاً أمامها سوى تقديم شكوى فى السفارة المصرية بماليزيا ضد الجامعة، باعتبار «الوسيط» موظفاً بها، لتكتشف هنا المفاجأة التى وقعت عليها كـ«الصاعقة»، على حد تعبيرها، حيث أخبرها أحد المندوبين بالجامعة بعدما تواصل معها واستمع إلى شكواها أن «الوسيط» الذى تعاملت معه خلال هذه المدة ما هو إلا «نصاب»: «الجامعة قالت لى إن مفيش حاجة اسمها رسوم إدارية بتدفع وإن كل ده كان نصب، وطلبت منا نسحب الشكوى لأن مفيش أى مسئولية عليها وإن حقنا المفروض ناخده من الوسيط لأننا حولنا الفلوس على حسابه الشخصى مش حساب الجامعة»، لافتة إلى أنها ما زالت تحاول التواصل مع «الوسيط» لاستعادة أموالها.

"عبدالرحمن": السمسار كان عايز 65 ألف "عمولة"

«عبدالرحمن أحمد» ضحية أخرى لسماسرة الجامعات، فبمجرد الإعلان عن نتيجة الثانوية العامة وحصوله على مجموع 93% علمى علوم، سعى إلى تقديم أوراقه بكلية الصيدلة بإحدى الجامعات الخاصة بعد إعلان وزارة التعليم العالى أن الحد الأدنى للقبول بها 90%، لكنه فوجئ بعد ملء «الأبليكشن» بأن العدد اكتمل، وأنه ضمن قوائم الانتظار بالكلية، الأمر الذى أثار خوفه من ضياع حلم طفولته، حتى وقعت عيناه على بوست منشور على أحد «الجروبات» الخاصة بالجامعات المصرية مرفق معه رقم تليفون يفيد بأن «اللى عايز يدخل الجامعة يكلمنى».. ظن «عبدالرحمن» فى بداية الأمر أن صاحب البوست طالب وأنه سيقوم بالتحويل من الجامعة، ما يتيح له الفرصة للدخول مكانه، لكن بعد حديثه معه على «الواتس آب»، اكتشف أنه «سمسار»، سيساعده على دخول الكلية «فورى» مقابل الحصول على 65 ألف جنيه كـ«عمولة»، بحسب كلام «عبدالرحمن»: «لما عرف إن شهادتى مصرية قال لى ادفع 65 ألف وهخليك تدفع المصاريف وتسجل فورى، فافتكرت قصده المبلغ ده كمصاريف للجامعة، قال لى لأ ده عمولة عشان أدخلك بمجموعك ده الكلية اللى انت عايزها».

لم ينه «عبدالرحمن» حديثه مع «السمسار» وإنما طلب منه فرصة للتشاور مع أهله فيما حدث، فأخبره الأخير بأن عليه تحديد موقفه سريعاً قبل أن يأخذ طالب آخر مكانه، مبرراً له ذلك بأن الكلية ليس بها سوى مكان لطالب واحد: «قال لى إن مفيش غير مكان واحد، ولازم أرد عليه بسرعة، قلت له هرجع لأهلى لأنهم هما اللى هيدفعوا الفلوس، قال لى تمام هستنى ردك»، وبمجرد أن حكى الشاب الذى لم يكمل عامه الـ18 بعد لأسرته ما حدث بينه وبين «السمسار»، تواصل والده معه تليفونياً للاستفسار عن كيفية إلحاقه بالجامعة رغم اكتمال العدد بها، ليرد عليه قائلاً: «متشغلش بالك بالموضوع ده، إحنا لينا سكتنا»، يقول: «بعدها عرفت إنه نصاب، ومكملناش معاه».

أما «مينا»، طالب بالمرحلة الثانوية، فكانت له حكاية أخرى، بدأت حينما أعلنت إحدى الجامعات الخاصة عن فتح باب التقديم للمنح الدراسية، حيث قام على الفور بتقديم أوراقه فى كلية «صيدلة» على أمل أن يكون من ضمن الحاصلين عليها، فهى بالنسبة له كانت الفرصة الوحيدة لتحقيق حلمه، بعدما فشل فى الالتحاق بالجامعات الحكومية بسبب مجموعه المنخفض. كان «مينا» كلما تحدث مع زملائه أو أقاربه عما فعله، ينصحونه بالبحث عن «واسطة» تساعده فى دخول الكلية كما يفعل أبناء محافظته، فلم يتردد فى تنفيذ ما سمعه حتى دله أحد أقاربه على «سمسار» يساعد الطلبة فى الحصول على المنحة مجاناً مقابل مبلغ مالى يحدده مع كل طالب على حدة: «فى البلد قالوا لى على واحد ليه معارف جوه الجامعة بتساعده إنه يدخل الطلبة وبيقاسموا مع بعض المبلغ اللى الطالب بيدفعه، وإن فيه ناس كتير من عندنا اتقبلوا بالشكل ده»، تواصل «مينا» مع «السمسار» للاستفسار عن شروطه، فبعدما تأكد من أنه قام بتقديم أوراقه، طلب منه دفع 145 ألف جنيه كـ«عمولة» مقابل دخوله الكلية، بحسب كلامه: «طبعاً ما قدرتش أدفع المبلغ ده، ده غير إن فيه ناس حذرتنى إنى لو بعد كده ماجبتش تقدير الجامعة هتطالبنى بدفع مصروفات زيى زى أى طالب، ولو ما دفعتش هتفصل، فرفضت عرضه وسايبها على ربنا».

"الجامعات الأهلية": إجراءات قانونية ضد من يتجاوز شروط القبول

رفض صديق عبدالسلام، أمين عام مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، التعقيب عما تكشفه «الوطن» عن وقائع السمسرة فى دخول الجامعات، دون وجود شكوى محددة بالتحاق طالب غير مستوفٍ للشروط التى وضعها المجلس الأعلى للجامعات بأى جامعة خاصة، مؤكداً أنه فى هذه الحالة سيجرى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الجامعة ومعاقبة المسئول عنها. متابعاً: «لو الجامعة مسموح لها بـ300 طالب وقبلت 299 وفيه طالبين مجموعهم واحد، وقبلت واحد ورفضت الآخر، ما قدرش أحاسبها لأن بعض الجامعات لها سياسة داخلية، زى الإنترفيو أو اختبار للطلبة اللى مقدمين، وبناء عليه بتحدد إن كانت هتقبلهم أو لأ». واختتم «عبدالسلام» حديثه بأن المجلس الأعلى للجامعات قرر اعتماد نظام جديد للتنسيق الإلكترونى للقبول بالجامعات الخاصة، بداية من العام الدراسى المقبل 2020- 2021، حيث سيجرى فيما بعد تحديد الحد الأدنى للقبول بكل كلية فى كل جامعة، ودفع رسوم التقدم إلكترونياً، وترتيب الطلاب بناء على المجموع، كما يحدث فى الجامعات الحكومية لضمان تحقيق النزاهة والعدالة بين الطلاب.


مواضيع متعلقة