جرائم "دواعش ليبيا":تخابر.. خطف.. تعذيب.. وفدية

كتب: الوليد إسماعيل

جرائم "دواعش ليبيا":تخابر.. خطف.. تعذيب.. وفدية

جرائم "دواعش ليبيا":تخابر.. خطف.. تعذيب.. وفدية

يوماً بعد يوم، تتكشف فصول وحكايات من وحشية تنظيم داعش الإرهابى وجرائمه بحق المصريين، ليس فى مصر فقط، وإنما فى دولة ليبيا أيضاً، التى استغل عناصره فيها وجود عدد كبير من المصريين فيها، لارتكاب واحدة من أقذر جرائمهم، باختطاف بعضهم وتعذيبهم، لإجبار أهلهم فى مصر، على دفع مبالغ مالية لافتدائهم وإطلاق سراحهم. استغل «التنظيم» عناصر تتعاون معه فى مصر لجمع المعلومات عن المصريين فى ليبيا، ليخطفوا من يتمتع بأموال منهم، وفى الوقت نفسه تلقى منهم معلومات عن أعداد وأماكن إقامة المصريين المسافرين إلى المدن الليبية، للعمل بها، ليدخل المجنى عليهم حلقة مفرغة من الخطف والتعذيب الشديد، ليحصل «التنظيم» على أموال تحول إليه هناك ليمول عملياته الإجرامية، مستغلاً حالة الانفلات التى تضرب الأراضى الليبية، والتى مكنته من خطف عدد من المصريين هناك وممارسة أبشع طرق التعذيب بشأنهم، طمعاً فى الأموال، محدداً فدية كل منهم وفق قدراته وقدرات أسرته المالية، رابطاً كل تلك الجرائم بشبكة إجرامية تتفاوض وتتوعد وتتسلم الأموال وترسلها إليه فى ليبيا. فى السطور التالية جانب من حكايات الوجع والقهر والموت على لسان أصحابها ممن تعرضوا للخطف هناك، وكذلك روايات العذاب التى عاشتها أسرهم لتوفير مبالغ الفدية المطلوبة منهم، حتى يحافظوا على حياة أبنائهم وأقاربهم، بالإضافة إلى اعترافات المتهم المصرى الذى تعاون مع «داعش» فى ارتكاب جرائمهم وتفاوض مع أهالى المختطفين لجمع الأموال وتحويلها إلى عناصر «التنظيم» فى ليبيا.

"الوطن" تنشر تفاصيل عمليات وحشية ارتكبها أعضاء "التنظيم" بحق المخطوفين بعد تهديدهم بالقتل 

فى أحد أيام شهر رمضان عام 2017، كان ميلاد سعد يمارس عمله بشكل طبيعى فى ليبيا، كما اعتاده لفترات طويلة، وبعده سلك الطريق ذاته إلى مسكنه، لكن اليوم لم يكن عادياً كباقى الأيام، إذ كان القدر على موعد معه، ليدخل فى مغامرة كادت تودى بحياته استمرت عدة أسابيع، ومعها تكشفت خيوط واحدة من أكبر جرائم تنظيم داعش الإرهابى فى السنوات الماضية.

دخل «ميلاد» إلى مسكنه، فسمع صوتاً ينادى عليه، ولما خرج يستكشف الأمر كانت المفاجأة.. ثلاثة عشر مسلحاً يقفون بالخارج، مشهرين أسلحتهم فى وجهه، ومعهم مجموعة أخرى من رفاقه المصريين من العاملين فى ليبيا، مهددين بالسلاح.. باغته أحدهم وأمسكوا به، وضموه إلى رفاقه تحت وطأة السلاح والرعب يخيم على أجواء المكان، وعبارات التهديد تصم آذانهم قبل أن يوسعوه ضرباً بكعوب أسلحتهم الآلية، ويدخلوه إحدى سياراتهم وينطلقوا به إلى أحد الأماكن التى تبين فى ما بعد أنها كتيبة مسلحة تخص عناصر تابعة لتنظيم داعش الإرهابى.

أدخلوه غرفة مظلمة حتى نهار اليوم الثانى، ثم أخرجوه وكبّلوا يديه وقدميه وعلقوه فى أحد جوانبها، وبدأت رحلة تعذيب عنيفة اتضحت دوافعها فيما بعد.

بعد ساعات، بدأت تتكشف خيوط المسألة، ويعرف أنه وقع ضحية لتنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا، والذى اختطفه ليطلب فدية من أهله فى مصر مقابل إطلاق سراحه، وإلا فإنهم سيقتلونه.

ظهر أحد عناصر «داعش» وأمر أعضاء جماعته بإنهاء وصلة التعذيب مؤقتاً، وأخرج هاتفاً وأجرى اتصالاً بأحد الأشخاص، وأعطى لـ«ميلاد» الهاتف ليُحدث شخصاً آخر عرف نفسه له بأنه العقيد على السلمونى الذى طلب منه دفع مبلغ 118 ألف دولار حتى يطلقوا سراحه، وإلا فإن تعذيبه واحتجازه سيستمر إلى ما لا نهاية.

فى اليوم التالى، اتصل أحد أعضاء «التنظيم» بوالد «ميلاد» وهدّده بقتل نجله إذا لم يوفر المبلغ المطلوب وطلب من الأب والابن أن يسلموا المبلغ المطلوب لشخص يُدعى «أبوحسام» من محافظة الفيوم بمصر، لأنه القائم على تحويل الأموال إليهم بدولة ليبيا، وأعطاهم رقم هاتفه، ليتواصلوا معه، وبالفعل بدأت أسرة «ميلاد» فى التواصل مع هذا الرجل فى مصر، واستمر احتجاز ابنهم فى ليبيا لمدة 54 يوماً كاملة، حتى تمكن من الهرب منهم بمساعدة مصريين وليبيين علموا بأمره، وعاد إلى مصر فاراً بحياته.

عناصر مصرية زودت الإرهابيين بمعلومات وبيانات ومكان إقامة الضحايا لتنفيذ جرائمهم.. والفدية طبقاً للحالة المادية

كان هذا الفصل أحد مشاهد قصة أكبر وأعمق من مجرد خطف تنظيم داعش الإرهابى لمواطن مصرى يعمل فى ليبيا، لطلب فدية من أهله، ولم تكن كذلك حالة فردية، لكنها متعدّدة وممنهجة، ووصل صداها إلى السلطات المصرية، التى بدأت تعمل على كشف ما وراء حكايات شبيهة تعرض لها مصريون فى ليبيا سافروا للعمل فى ليبيا، لتكشف التحقيقات أن الدواعش لم يتوقفوا فقط عند خطف المصريين فى ليبيا، وإنما اتفقوا مع متعاونين معهم فى مصر على مساعدة عمال مصريين من مختلف المحافظات بشكل غير شرعى إلى ليبيا، ثم خطفهم بعد وصولهم إلى هناك ومفاوضة أهلهم فى مصر على دفع فدية لإطلاق سراحهم.

التحقيقات كشفت عن جانب إجرامى آخر يسلكه تنظيم داعش ومعاونوه فى مصر، يتبادل فيه الجانبان المعلومات حول مصريين يعملون فى ليبيا، ليبحثوا فى مدى ملاءة أسرهم المادية، لاختيار من يقومون بخطفه هناك، ويطالبون أهله بمبالغ مالية لإطلاق سراحه بعد دفع تلك الأموال، وبين لحظة الخطف ولحظة إطلاق سراح المجنى عليهم فصول من التعذيب والترويع للإسراع فى توفير الأموال، انتهت فى بعض الحالات بوفاة المخطوفين.

قبل عدة أشهر، ألقى القبض على «أبوحسام»، مسئول توريد الأموال إلى «داعش ليبيا»، بعد تحصيلها من أهالى المصريين الذين خطفهم «التنظيم»، وأحيل إلى نيابة أمن الدولة العليا، للتحقيق معه، والتى كشفت المزيد عن تشابكات التنظيم الإرهابى وجرائمه فى حق المصريين العاملين فى ليبيا، وكيف التقى بأعضاء «التنظيم»، وعمل معهم؟ وما منهجهم فى ارتكاب جرائمهم؟

«أبوحسام» هو الاسم الحركى لمحمد رجب عبدالواحد حسن، عمره 38 عاماً، وحاصل على دبلوم تجارة، يقيم فى منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، وهو المتهم الأول فى القضية رقم 875 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا، التى تضم 9 متهمين آخرين، بينهم ليبيون ومصريون ارتكبوا جرائم الخطف والتعذيب للمصريين فى ليبيا عن طريق تنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا وعدم إطلاق سراحهم إلا بعد دفع فدية مالية يقدّرها أعضاء «التنظيم»، وفقاً لكل حالة.

وقال محمد رجب فى التحقيقات التى جرت بإشراف المستشار خالد ضياء الدين المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا إنه تردّد على دولة ليبيا للعمل هناك بين عامى 2004 و2011 وهناك ارتبط بعلاقات مع ليبيين مكّنته عند عودته إلى مصر من العمل فى مجال تسفير المصريين إلى ليبيا وفى عام 2015 تواصل معه شخص ليبى يُدعى محمد مصباح، وأخبره بأنه يحتجز أحد المصريين من محافظة المنيا منذ سبعة أشهر، وطلب منه البحث عن أهله ومطالبتهم بدفع ألفى دينار، لإطلاق سراح ابنهم، وهو ما قام به بالفعل، وحصل من الأسرة فى مصر على مبلغ 21 ألف جنيه مصرى، وأطلق سراح المصرى المختطف، وأعيد إلى الحدود المصرية عن طريق ليبى يُدعى «سالم»، أحد أعضاء كتائب مصراتة، لتبدأ رحلة أخرى طويلة من العمل على خطف المصريين، وتجميع فدية إطلاق سراحهم لحساب تنظيم داعش.

فى فبراير عام 2016، التقى «أبوحسام» كلاً من الليبيين مفتاح عبدالسلام، وشقيقه عياد عبدالسلام فى القاهرة، وتوطدت علاقتهم وبدأوا العمل معاً، وفى يناير عام 2017 علم من شقيقهم الثالث «عماد» خطف مجموعة من المصريين من مقرات الإيواء فى ليبيا وتعذيبهم، للحصول على أموال من عائلاتهم فى مصر، فتواصل حينها معه وطلب منه إمداده بأسماء المصريين المخطوفين، ومحال إقاماتهم فى مصر، واتفق معه على تسلم أموال الفدية من أهلهم وتحويلها إليهم فى ليبيا، وبالفعل فى أبريل من العام ذاته جمع قرابة نصف مليون جنيه من أهالى المختطفين، وأرسلها إلى ليبيا للخاطفين، بعد أن حصل على نسبة من المبلغ.

لم يتوقف ما فعله «أبوحسام» عند ذلك، لكنه اعترف فى التحقيقات التى باشرها أحمد عمران رئيس نيابة أمن الدولة العليا، بأنه جمع معلومات عن المصريين فى ليبيا، ومكان إقامتهم هناك، وطبيعة عملهم، واتفق مع أعضاء تنظيم داعش هناك على خطفهم، ليتواصل مع أهلهم فى مصر ويطلب منهم الأموال اللازمة لإطلاق سراحهم، وعلم فى يونيو 2017 بتسلل 300 مصرى إلى الأراضى الليبية، قام صديق له بتهريب 60 منهم، وصلوا جميعاً إلى منطقة طبرق، فأبلغ شركاءه فى ليبيا بذلك، وطلب منهم عدم التعرّض لمن هربهم صديقه، لأنه يعتمد عليه فى جمع المعلومات عنهم وعن غيرهم من المسافرين إلى ليبيا عن طريق محافظة مطروح.

فى يوليو عام 2017، عرف «أبوحسام» من شركائه الليبيين أنهم نقلوا 80 مصرياً إلى مقراتهم الخاصة بالجماعة، ونيتهم خطفهم، للحصول على 200 ألف جنيه من أسرة كل منهم، لإطلاق سراحه، واتفقوا على أن يمارس عمله ويحول تلك الأموال لهم، وأنه تنفيذاً للاتفاق بينه وبين شركائه، التقى أسر عدد من المصريين المخطوفين، وتسلم منهم مبلغ 420 ألف جنيه فدية لأبنائهم المخطوفين، حول منها 360 ألفاً، ثم اختطفوا ثلاثة آخرين حدّدوا فدية كل منهم بـ200 ألف جنيه، ثم خطفوا رابعاً كانت فديته 15 ألف دولار.

فى اعترافاته، قال «أبوحسام» إنه فى يونيو 2017 جمع معلومات عن المصرى ميلاد سعد جودة، ومكان إقامته فى ليبيا، وملاءته المالية من عمله فى المقاولات، وتحويل أموال العمالة المصرية من ليبيا إلى مصر، فاتصل بشريكه تامر رمضان، لمساعدته فى خطفه، وتواصلا بالفعل مع مروان الغريب قائد جماعة قوة الردع المسلحة فى ليبيا، واتفقوا على خطفه واحتجازه وتعذيبه لإجبار أهله على دفع الفدية المقدرة بـ128 ألف دولار، وأرسل إليهم وثيقة سفره، وتمت عملية الخطف فى رمضان عام 2017.

تحريات السلطات الأمنية المصرية فى القضية، كشفت أبعادها ودور المتهمين فيها وما حدث للمجنى عليهم، وتضمنت وفقاً للتحقيقات أن المتهم محمد رجب عبدالواحد حسن ارتبط من خلال سفره إلى دولة ليبيا فى غضون عام 2005 حتى 2011 بعدد من العناصر الليبية ذات التوجهات المتطرفة، وعقب عودته إلى الأراضى المصرية وقف خلال تواصله على انضمامهم إلى الجماعات المسلحة المسماة قوة الردع، المنضمة إلى تنظيم داعش الإرهابى، واتفقوا معه فى نهاية عام 2011 على معاونتهم بمجال تهريب المهاجرين المصريين إلى دولة ليبيا، برفقة آخرين، داخل البلاد، على أن يضطلع بمسئولية جمع المعلومات عنهم وذويهم وإمدادهم بها لانتقاء الصالح منهم لخطفه واحتجازه وتهديده بالقتل، وإرغام ذوى المخطوفين على دفع مبالغ مالية، نظير إطلاق سراحهم، لتوفير الدعم المالى لأعضاء تلك الجماعة.

الوقائع تمت بين 2012 و2017 والمتهمون استخدموا أسماء حركية وشرائح محمول مختلفة لتجنّب الرصد

وأضافت التحريات أنه نفاذاً لتلك التكليفات، وتعاونه مع أعضاء الجماعات المسلحة فى غضون الأعوام من 2012 إلى 2017، اتخذ أسماء حركية واستبدل شرائحه الهاتفية بصفة مستمرة، تلافياً للرصد الأمنى، وتسلمه أموال الفدية من ذوى المصريين، مستتراً بادعائه بالعمل بمجال الصرافة، وتحويلها إلى المتهم تامر رمضان عبدالحفيظ إبراهيم، «حركى تامر المسعودى»، بمكاتب الصرافة، وتحويل الأموال للتنظيم.

وتابعت: فى يونيو عام 2017، اضطلع بإمداد أحد شركائه بمعلومات عن ميلاد سعد عطية تضمنت طبيعة عمله ومدى سعة ملاءته المالية ومكان إقامته بمدينة طرابلس الليبية، والاتفاق على اختطافه واحتجازه، مقابل الحصول من ذويه على أموال فدية قدرها مائة وثمانية وعشرين ألف دولار، وتواصل مع عضو جماعة داعش المتهم مروان الغريب، لتنفيذ مخططاتهم، ونفاذاً لذلك تمكن الأخير وآخرون من أعضاء الجماعة من اختطاف المجنى عليه، وأعلم المتهم الأول بتنفيذه ما اتفقوا عليه، وكلفه بالتواصل مع شقيق المجنى عليه لتسلم مبلغ الفدية، مقابل حصوله على نسبته منها قبل تحويلها إليهم بدولة ليبيا.

وفقاً لتلك المعلومات، أصدرت النيابة العامة إذناً بتسجيل المحادثات الهاتفية التى تدور على أرقام الهواتف الخاصة بالمتهم محمد رجب «أبوحسام»، ومتابعة عناوين بريده الإلكترونى، التى أسفرت عن تعاونه مع شركائه وإمداده لهم بمعلومات عن المصريين ذوى الملاءة المالية من العاملين بدولة ليبيا، والاتفاق على خطفهم واحتجازهم وتعذيبهم، وتواصله مع ذوى المصريين، وتسلمه منهم أموال الفدية، وتسليمها إلى المتهمين عبر مكتب الغزالة لتحويل الأموال بدولة ليبيا.

التحريات الأمنية المصرية توصلت إلى أن أعضاء جماعة داعش الإرهابية اعتمدوا على أموال نقلها إليهم شركاء لهم فى مصر، وما أمدهم به المتهم محمد رجب من أموال؛ إذ نقل إليهم أموال فدية أربعة عشر مصرياً مقابل إطلاق سراحهم، وذلك بأن اتفق مع أحد المهرّبين بمحافظة مطروح وأعضاء جماعة داعش بدولة ليبيا سالفى الذكر، على خطف أربعة عشر مصرياً أثناء وجودهم فى ليبيا مقابل الحصول على مبالغ فدية من ذويهم، على أن يتولى هو تسلم مبالغ الفدية وتسليمها لأعضاء «التنظيم»؛ ووفقاً لاتفاقهم، تمكن المتهمون من خطف المجنى عليهم واحتجازهم بمنطقة بنى الوليد بالجماهيرية الليبية، وتمكينهم من التواصل مع ذويهم، مع تعذيبهم بدنياً أثناء إجراء تلك الاتصالات وتكليفهم بدفع أموال الفدية إلى المتهم الأول، ونتجت عن ذلك التعذيب وفاة أحد المصريين المختطفين لعدم قدرة أهله على دفع مبالغ الفدية المطلوبة.

قائمة المتهمين فى القضية التى أحالها النائب العام المستشار نبيل صادق مؤخراً إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ ضمت كلاً من محمد رجب عبدالواحد حسن، وهو المتهم الأول والرئيسى والوحيد المقبوض عليه والمحبوس فى القضية، وثلاثة أشقاء ليبيين هم عماد أحمد عبدالسلام الورفلى وشقيقاه «مفتاح وعياد»، والليبى مروان الغريب وكذلك المصريون تامر رمضان وعبدالحميد النبوى وشقيقه محمد النبوى وحسام صلاح مبروك ومحمد رجب جمعة العادلى.

وذكر قرار الاتهام الخاص بهم أنهم فى غضون الفترة من عام 2011 حتى 2017 تخابر المتهم الأول مع تنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا وكتائب قوة الردع هناك ومن يعملون لحسابهم، لارتكاب جرائم إرهابية ضد مصريين مقيمين بالخارج، بأن اتفق مع باقى المتهمين من عناصر الجماعات الإرهابية على جمع معلومات من داخل البلاد عن المصريين العاملين فى ليبيا، وإمدادهم بها، تمهيداً لخطفهم واحتجازهم وتعذيبهم لحمل ذويهم على دفع مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم.

كما أنه توسط وآخرون مجهولون فى ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين المصريين إلى دولة ليبيا بغرض الإضرار بمصلحة المصريين تنفيذاً لغرض إرهابى.

أما المتهمون من الثانى حتى الخامس، فاشتركوا مع المتهم الأول فى ارتكاب جريمة التخابر، فاتفقوا معه على ارتكابها، وساعدوه بأن أمدوه بوثائق سفر المصريين وأرقام هواتف ذويهم فى مصر، لجمع المعلومات عنهم، لتقدير مبالغ الفدية وتسلمها.

كما أنهم ارتكبوا جريمة الاتجار بالبشر، بالتعامل فى أشخاص طبيعيين، وذلك بخطف المجنى عليهم المصريين باستخدام القوة والعنف فى أحد المقرات التابعة لهم بقصد استغلالهم مادياً بأن طلبوا مبالغ مالية من ذويهم نظير إطلاق سراحهم، وقد ارتكبت تلك الأفعال بطريق التهديد بالقتل والأذى الجسدى والتعذيب البدنى والنفسى حال حملهم أسلحة نارية، وقد نتجت عن تلك الجرائم وفاة أحد المخطوفين.

ونسب قرار الاتهام إلى المتهمين أنهم ارتكبوا جريمة من جرائم تمويل الإرهاب لجماعة إرهابية بأن جمعوا وتلقوا أموالاً ونقلوها إلى الجماعة الإرهابية، وكذلك معلومات لاستخدامها فى ارتكاب أعمال إرهابية، وارتكبوا بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب عمل إرهابى خارج البلاد.

وقد تضمّنت أوراق القضية أقوال عدد من المجنى عليهم من المصريين الذين تعرضوا للخطف فى ليبيا على يد المتهمين من عناصر تنظيم داعش، وكذلك أقوال أفراد أسرهم، الذين تواصل معهم المتهمون المصريون لجمع أموال الفدية وتحويلها لعناصر التنظيم الإرهابى وفقاً للاتفاق المبرم بين المتهمين، حتى يطلق سراح المخطوفين، الذين بيّنت أقوالهم حكايات التعذيب الوحشى الذى تعرّضوا له، والذى أدى إلى وفاة أحدهم، نتيجة عدم تحمله الضرب والتعذيب وعدم تمكن أسرته من إرسال مبلغ الفدية المطلوب لإطلاق سراحه.

وترصد «الوطن» فى السطور التالية جانباً من روايات المجنى عليهم حول وقائع الخطف والتعذيب التى تعرّضوا لها من قِبل عناصر تنظيم داعش فى ليبيا، والتى امتدت لعدة أسابيع حتى تمكنت أسرهم من جمع مبالغ الفدية المطلوبة وتسليمها للمتهم الأول ومعاونى «داعش» فى مصر، لتحويلها إلى التنظيم فى ليبيا حتى لا يتعرّض أبناؤهم للموت، جراء التعذيب الوحشى الذى تعرّضوا له هناك بعد خطفهم، كما حدث مع أحد زملائهم المخطوفين.

أحد الضحايا: حبسونا فى منزل تابع لهم وقيدونا بالسلاسل وتبادلوا تعذيبنا بعصيان حديدية ولجأت إلى أهلى ليفتدونى

تضمنت فصول الخطف والتعذيب التى تعرّض لها المصريون العاملون فى ليبيا على يد عناصر «داعش» وحلفائهم مقابل الفدية صنوفاً من الوجع والعذاب دامت أسابيع، وفى بعض الأحيان استمرت شهوراً، حتى تمكنت أسرهم فى مصر من جمع مبالغ الفدية وتسليمها لمن سيحولونها للخارج حتى يتم إطلاق سراحهم.

المتهمون وسّطوا عائلات المجنى عليهم فى جمع أموال الفدية من بعضهم قبل تسليمها لمن سيرسلها إليهم

وقد وردت حكايات الخطف والتعذيب فى تحقيقات النيابة التى أدلى فيها المجنى عليهم الذين تعرضوا للخطف بأقوالهم أمام المحققين، كما أوضح أفراد أسرهم الذين تواصل معهم شركاء الإرهاب فى مصر لجمع مبالغ الفدية كيف تواصلوا معهم للحصول على الأموال وتحويلها إلى ليبيا ليحموا أبناءهم من الموت تعذيباً إذا لم يرسلوا الأموال.

وفى السطور التالية نرصد جانباً من تلك الحكايات والأقوال كما وردت على لسان أصحابها.

أحد المخطوفين تعرّض للتعذيب 54 يوماً قبل أن يتمكن من الهرب ويعود إلى مصر.. ومحمد الشربينى لم يتحمل ومات بين يدى الخاطفين

أحمد حسين محمد السيد، أحد المخطوفين الذين أدلوا بأقوالهم فى تحقيقات القضية، قال إنه فى غضون يناير لعام 2017 أثناء وجوده بالقُطر الليبى، جرى خطفه عبر المتهمين من الثانى حتى الرابع، وآخرين من أعضاء إحدى التنظيمات المسلحة بدولة ليبيا، إذ قبضوا عليه هو ومصرى آخر، كرهاً عنهما، واقتادوهما عنوة إلى أحد المنازل فى منطقة بنى وليد، وكبلوهما بالأصفاد، وحبسوهما بإحدى غرف المنزل المذكور. وبعد مضىّ يومين على ذلك، جلبوا إليهما مصريين آخرين مخطوفين، وقيدوهم بالسلاسل أيضاً، وتناوبوا على تعذيب المخطوفين كافة بوسائل شتى، وتعاقبوا على الاعتداء عليهم بضربهم بعصى حديدية بمواضع مختلفة من أجسادهم، وحرّقوا أجسامهم، وروّعوهم بأسلحتهم الآلية، وذلك كله بُغية الحصول من ذويهم على فدية لإخلاء سبيلهم، عبر قيام ذويهم بدفع مبالغ مالية لمعاونى الجماعة المسلحة بالقطر المصرى، فلحقته جرّاء ذلك جروح بظهره، وكسر بإحدى أسنانه. وخلّف التعذيب أيضاً وفاة المجنى عليه محمد جاد الشربينى، والتى أحدثها المتهمون الثانى والثالث والرابع، لعجز ذويه -أى المتوفى- عن دفع مبلغ الفدية المطلوب منه، فأوسعوه ضرباً، ثم هوى الثالث بعصاه فوق رأسه فشجّه، فسالت دماؤه، وظل يغالب جراحه قرابة العشرة أيام، فدخلوا -أى المتهمين- عليه تارة أخرى، وبادره الثانى بضربة أخرى بموضع إصابته الأولى، واستلّ عصاه وأدخلها فى دبره، فأحدث بالمجنى عليه إصابته التى أودت بحياته.

وأضاف أنه قد لجأ إلى ذويه لكى يفتدوه؛ إذ مكّنه خاطفوه من التواصل معهم عبر هاتف أحدهم، محددين له زماناً ومكاناً ووسيلة التقائهم المتعاون معهم -أى الجماعة المسلحة- ونفاذاً لذلك سلّم ذووه أولئك المتعاونين مبالغ مالية بلغ مقدارها نحو مائتين وخمسة آلاف جنيه، على دفعات متعاقبة.

وختم أقواله بأنه لم يعلم مَن المتعاونين المصريين مع الجماعة الليبية المسلحة سوى المتهم الأول، إذ إن خاطفيه تواصلوا معه غير مرة حال وجوده -أى الشاهد- فى قبضتهم، ووسّطوه فى تسلم مبالغ مالية لصالحهم، فاستجاب لتكليفاتهم حسبما سمع الشاهد من محادثات جرت بينهم إبان خطفه، وأنبأهم المتهم ببعض المبالغ التى حصّلها من ذوى المخطوفين، منها ذلك القدر الأخير من المبلغ الذى افتدى به، والذى بلغ خمسة وخمسين ألف جنيه.

الضحية الثانية شعبان طه محمد جوهر، وهو عامل من محافظة بنى سويف، أدلى بذات الوقائع، وأضاف وقوفه على اضطلاع المتهم الأول بإلحاق المصريين بطرق غير شرعية بدولة ليبيا بمعاونة آخرين بمحافظة مطروح، وأنه لحقت به إصابات جرّاء تعذيبه برأسه وظهره وساقيه.

وأيّد أقواله أحمد حامد حامد، وهو من محافظة دمياط، وأضاف وقوفه إبان احتجازه على علاقة المتهم الأول بالمتهم الثانى، إذ تناهى إلى سمعه فى غضون تلك الفترة اتصالات هاتفية جرت بينهما، اتفقا خلالها على وساطة الأول فى تسلم مبالغ الفدية من ذوى المخطوفين، وكاتفاقهما دفع المتهم الثانى المخطوفين إلى التواصل مع ذويهم، وتكليفهم بتسليم مبالغ الفدية إلى المتهم الأول، وهو ما جرى على الأثر، وكان له وقْعٌ فى إطلاق سراحهم.

وعلى ذات المنوال أدلى مجموعة من المصريين الذين تعرّضوا للخطف فى ليبيا بأقوالهم وتفاصيل تعذيبهم فى أنحاء متفرقة من أجسادهم، مما أدى لإصابتهم، وبعضهم تعرّض لعاهة مستديمة جرّاء التعذيب المتواصل الذى تعرّضوا له من قبَل الخاطفين من المسلحين فى ليبيا.

الحكايات التى تضمنتها تحقيقات القضية لم تتوقف عند المخطوفين، إذ امتدت لذويهم الذين أبلغوا باختطافهم وتهديد الخاطفين بقتل أبنائهم فى حالة عدم سداد الأموال، فقال وئام محمد جاد حامد الشربينى إنه فى غضون يناير عام 2017 تلقى اتصالاً من والده حال وجود الأخير بدولة ليبيا أعلمه خلاله باختطافه واضطلاع خاطفيه بتعذيبه بغرض الحصول على مبلغ فدية قدره واحد وسبعون ألف جنيه لإطلاق سراحه، فسعى إلى تدبير ما قدر عليه من أموال بلغت واحداً وثلاثين ألف جنيه.

ولوقوفه من الشاهدتين الحادية عشرة والثانية عشرة على تولى المتهم السابع تسلم الأموال لتحويلها إلى خاطفى والده، توجّه رفقتهما إليه وسلمه ذات المبلغ، وحال تسليمه له طمأنه المتهم على والده، مؤكداً إزماع الأخير على الاتصال به للتأكد من إطلاق سراحه، فانصرف على أثرها، وبانقضاء المهلة المحددة للتواصل، وقف فى أعقابها من ذوى المخطوفين على تسليمهم مبالغ فدية إلى المتهم الأول كتكليف أعضاء الجماعة المسلحة، فكان له الأثر فى إطلاق سراحهم. وبعودة الشهود من الثالث حتى السادس للبلاد، وقف منهم على قتل والده من قبَل المتهمين من الثانى حتى الرابع حال تعذيبهم له.

عمال وفلاحون وموظفون وربات بيوت تلقوا اتصالات تهددهم بقتل أبنائهم إذا لم يوفروا الفدية وتحويلها إلى ليبيا

وقالت سعدية طه محمود على إنها فى يناير 2017 وقفت على خطف زوج نجلتها أثناء وجوده بالقطر الليبى من قبَل بعض العناصر الليبية المسلحة، وطلبهم مبالغ فدية مقابل إطلاق سراحهم، فسعت إلى تدبيره، إذ أعدت واحداً وسبعين ألف جنيه سلمتها إلى المتهم التاسع بمحافظة البحيرة كتكليف الخاطفين، وفى غضون فبراير من ذات العام اضطلع هؤلاء الخاطفون بتهديدها بقتله عبر إرسال صور له شاهدت بها آثار تعذيبه، إذ كلفوها بتسلم أموال فدية الشاهد الثامن والمجنى عليهما عبدالحميد حمادة مطاوع، ومحمد صلاح سيد جودة من ذويهم ونقلها للمتهم السابع ليتولى تحويلها إليهم بدولة ليبيا.

ونفاذاً لذلك توجهت بصحبة أهالى مختطفين آخرين بمحافظة المنوفية وسلموه مبالغ الفدية، وبمرور بضعة أيام لم يُخلَ سبيل أى من أقاربهم، ثم أعاد الخاطفون الكرّة بطلب مبالغ فدية أخرى؛ إذ أعلمها أحد أقارب الضحايا عشر بتكليف الخاطفين له بتفويضهم المتهم الأول فى تسلم تلك المبالغ المالية، ونفاذاً لذلك دفع ذوو المخطوفين مبالغ الفدية إليه وقيمتها اثنان وخمسون ألف جنيه لكلٍّ على حدة بمسكنه الكائن بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة، وما إن تسلمها حتى أعلم الخاطفين بتسلمها، فكان له الأثر فى إطلاق سراح المخطوفين.

وقال حمادة صلاح جودة فى التحقيقات إنه فى غضون يناير 2017 هاتفه شقيقه المجنى عليه محمد صلاح سيد جوده وأخبره باختطافه حال وجوده بالقطر الليبى وطلب منه تدبير مبلغ مالى قدره واحد وسبعون ألف جنيه لإطلاق سراحه، وأضاف تنفيذه تكليف الخاطفين بتسلم أموال فدية من آخرين لتوصيلها لشريك المتهمين الليبيين لإرسالها لهم.

وقال نصر الدين على إنه تواصل مع المتهم الأول فى غضون فبراير 2017 بتكليف الخاطفين له لتسليمه مبلغ فدية نجل شقيقه، وبالتواصل معه طلب منه جمع أموال الفدية من ذوى المخطوفين الآخرين وتسليمها إليه مقابل إطلاق سراح قريبه، ومكّنه من التواصل هاتفياً بالأخير عبر اتصال أجراه المتهم الأول بأحد القائمين على احتجاز المخطوفين.

محاكمة المتهمين أمام "جنايات أمن الدولة طوارئ" واتخاذ إجراءات ملاحقة الهاربين للقبض عليهم

تحقيقات النيابة تضمنت أيضاً محادثات بين المتهمين اتفقوا فيها على ارتكاب جرائمهم، وثبت من اطلاع النيابة العامة على المحادثات النصية الدائرة بين المتهم الأول والمتهمين من الثانى حتى الخامس عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» الآتى:

التحقيقات شملت محادثات هاتفية وإلكترونية بين المتهمين تضمنت اتفاقهم على ارتكاب الجرائم وتجميع مبالغ الفدية وإرسالها إلى "داعش"

أ - محادثات نصية بين المتهم وبين مستخدم الحساب المسمى «عماد افليفل» أقر المتهم أنها دارت بينه وبين المتهم الثانى عماد أحمد عبدالسلام فى غضون الفترة من تاريخ 22-1-2017 حتى 24-8-2017 تضمنت إقرار الأول بزعامته بخطف المصريين واتفاقه مع المتهم الثانى على خطف المصريين العاملين بدولة ليبيا وإمداده له بصور ضوئية لبعض منهم وأسمائهم ومحال إقامتهم بدولة ليبيا، وكذا جمعه معلومات بشأن أحد المصريين يُدعى إسماعيل ورقم الهاتف المستخدم من الأخير بدولة ليبيا والاتفاق مع المتهم الثانى على الاتصال به وادعاء حاجته له لإنهاء أعمال مقاولات، وتكليف المتهم الثانى للمتهم الأول بتسلم مبالغ مالية مقدّرة بالجنيه المصرى بما يعادل خمسة عشر ألف دينار ليبى عن كل مخطوف، وذلك من ذويهم، ذكر من بينهم الشهود الرابع حامد عبداللطيف العجيرى، السابع محمد ربيع إبراهيم أبوبكر والثامن حسين عبدالعاطى على كمال الدين، وإعلام المتهم الأول للمتهم الثانى بالتقائه ذوى المخطوفين وتسلمه منهم المبالغ المالية وإرساله صور لها، وكذا اتفاقه مع المتهم الثانى على زيادة المبالغ المالية المطلوبة لإطلاق سراحهم، وكذا إمداده بمعلومات عن محل إقامة أحد المصريين من أبناء محافظة دمياط بدولة ليبيا، وطلب المتهم الثانى منه توفير مبالغ مالية له بدولة ليبيا لإزماعه والمتهم الثالث وآخرين اختطاف عدد ثمانين مصرياً، على أن يُفتدى كل منهم بمبلغ مالى قدره مائتا ألف جنيه مصرى، وكذا إنباؤه للمتهم الثانى بعدم تواصل ذوى ثلاثة من المخطوفين من أبناء محافظة أسيوط به، طالباً منه الضغط على المخطوفين، أعقبه إنباء الثانى له بشروع ذويهم فى التواصل معه، كما تضمنت إرسال المتهم الثانى بتاريخ 20-8-2017، كطلب المتهم الأول، صوراً ضوئية من وثيقة سفر المصرى أحمد عبدالعزيز عطية أبوبكر، المقيم بعرب أسمنت أبوقرقاص محافظة المنيا. وكذا إمداد المتهم الثانى له بأسماء المصريين عماد محمد إبراهيم، حجاج السيد عبدالفتاح، شعبان عبدالله صالح، من أبناء محافظة الفيوم، وسؤال المتهم الأول للمتهم الثانى عن مقدار المبالغ المالية المطلوبة لكل منهم واتفاقهما على مبلغ فدية قيمته مائة وأربعون ألف جنيه مصرى لكل منهم على حدة.

المتهم الرئيسى جمع الأموال من أهالى الضحايا فى مصر.. والفدية استخدمت فى تمويل عمليات إرهابية

ب - محادثات نصية بين المتهم وبين مستخدم الحساب المسمى «مفتاح افليفل» فى غضون الفترة من فبراير لعام 2017 حتى يوليو لذات العام، أقر المتهم بأنها دارت بينه وبين المتهم الثالث مفتاح أحمد عبدالسلام الورفلى تضمنت طلب المتهم الأول من المتهم الثالث أسماء المصريين من أبناء محافظات سوهاج وبنى سويف والمنيا والشرقية وأسيوط والاتفاق بينهما على تسلمه مبالغ الفدية من ذوى المصريين أبناء محافظتَى سوهاج والمنيا، كما تضمنت إرسال المتهم الأول لصورة ضوئية من وثيقة سفر الشاهد التاسع ميلاد سعد عطية جودة، وكذا حديثهما حول عدد خمسة عشر مصرياً جرى خطفهم لمدة خمسة عشر يوماً لدى المتهم الثالث، واتفاقهما على تمكين المختطفين من التواصل مع ذويهم ومطالبتهم بمبلغ فدية قدره خمسون ألف دينار لكل منهم، وكذا الاتفاق على كيفية تسلم أموال فدية قدرها مليون ونصف المليون جنيه مصرى من ذوى أحد المصريين المختطفين، وتأكيده لمحدِّثه على تمكُّن ثلاثمائة مصرى من العبور إلى ليبيا، من بينهم ستون فرداً تابعون لأحد معاونيه بمحافظة مطروح يُدعى ناصر القائم على مساعدته فى جمع المعلومات، وكذا إعلامه له بتواصل ذوى ثلاثة مصريين من أبناء محافظة أسيوط به للقائه وتسليمه مبلغ أربعمائة وعشرين ألف جنيه واتفاق الثالث معه على نصيب كل منهما من تلك الأموال، وإخطاره بتحويله للمتهم الثانى مبلغاً مالياً بقيمة ثلاثمائة وستين ألف جنيه مصرى تعادل قيمته مائة وواحد وأربعين ألفاً وأربعمائة دينار ليبى، وطلبه من محدِّثه زيادة نصيبه من مبالغ الفدية لتحمله مخاطر مقابلة ذوى المخطوفين بمصر واتخاذه التدابير اللازمة خشية رصده أمنياً وأن عليه إعلام المتهم الثانى بذلك لتقديره فى حصته المالية.

ت - محادثة نصية بين المتهم ومستخدم الحساب «عياد افليفل» أقر المتهم بأنها دارت بينه وبين المتهم الرابع عياد أحمد عبدالسلام تضمنت إمداد المتهم الأول لمحدِّثه بمعلومات عن مكان وجود اثنين مصريى الجنسية والاتفاق مع محدِّثه على خطفهما.

ث - محادثة نصية بين المتهم وبين مستخدم الحساب باسم مروان غريب أقر المتهم بأنها دارت بينه وبين المتهم الخامس مسئول كتيبة قوة الردع المسلحة، تضمنت سؤال المتهم الأول له عن وضع الشاهد التاسع ميلاد سعد عطية، وأكد له محدثه باحتجازه له، كما تضمنت تنبيهه لمحدِّثه بعدم تواصله مباشرة مع ذوى الشاهد، على أن يتم التواصل معهم عبر الشاهد، وكلفه بتهديد الأخير حال تواصله مع شقيقه لتحويل الأموال إليه -أى المتهم الأول- باسم مكتب أبوحسام لتحويل الأموال.

ج - محادثة نصية بين المتهم ومستخدم الحساب باسم «قذافى أصلى» أقر المتهم بأنها دارت بينه وبين المدعو هيثم وشهرته «قذافى أصلى»، ليبى الجنسية، تضمنت دعوة المتهم الأول لمحدِّثه لمشاركته فى تنفيذ وقائع خطف المصريين واحتجازهم بدولة ليبيا وتعاونه مع القائمين على خطف المصريين، ذكر من بينهم الميليشيات والكتائب والمنضمين لتنظيم داعش بمدينة مصراتة واتفاقه مع تلك العناصر على إخلاء سبيل المصريين عقب الحصول على المبالغ المالية، وإقراره بتحويل مبلغ مالى قدره مليون دينار لأحد القائمين على خطف ستين مصرياً بمدينة طرابلس الليبية.

وثبت من استماع النيابة العامة للمحادثات الهاتفية التى أقر المتهم بصحتها بالتحقيقات:

أ- محادثتان هاتفيتان دارتا بينه وبين المتهم الثانى عماد أحمد عبدالسلام، أولاهما بتاريخ 19-8-2017، تضمّنت الحديث حول تمكن الأخير من العثور على أحد الأشخاص، مشيراً للمتهم الأول بسابقة إخباره عنه وحضوره إليه اليوم، وكذا تمكنه من احتجاز عدد خمسين فرداً من صعيد مصر، وطلب الأول منه إمداده بأسمائهم والإسراع فى التخلص منهم بغرض الحصول على الأموال، وثانيتهما بتاريخ 20-8-2017 أخبره فيها المتهم الثانى بوصول المصرى أحمد عبدالعزيز عطية أبوبكر -المعنى بالمحادثة الأولى- لديه بمعاونة آخر بمدينة طرابلس واحتجازه بمخزن، وأنه اتفق معه على مبلغ فدية قدره عشرون ألف دولار، فأوعز إليه المتهم الأول زيادة مبلغ الفدية إلى خمسين ألف دولار، وتمكينه من التواصل مع ذويه عقب مرور يومين من اختفائه وإطلاق سراحه فور تسلمهم لها وطلب إمداده بوثيقة سفر المصرى المذكور.

ب - محادثتان هاتفيتان بينه وبين المتهم الرابع عياد أحمد عبدالسلام، أولاهما بتاريخ 16- 8-2017 دارت حول خطف واحتجاز أحد المصريين بمنطقة بنى الوليد والاتفاق فيما بينهما على طلب مبلغ مالى قدره مائتا ألف جنيه من ذويه بمصر، على أن يضطلع المتهم الرابع بتمكين المصرى من التواصل معهم لتوفير مبلغ الفدية ليتسلمها المتهم الأول منهم بدعوى عمله بمكتب المدينة لتحويل الأموال ويرسلها بدوره إليه عقب خصم نسبته المتفق عليه فيما بينهما، وثانيتهما بتاريخ 21-8-2017 تحدّثا فيها بكلمات مشفرة فسرها المتهم بأنها دارت بشأن عدد من المصريين المختطفين من قبَل المتهمين الثالث والرابع والاتفاق على إنهاء أمرهم بغرض الحصول على مبالغ الفدية من ذويهم، وطلب المتهم الأول معرفة موطن إقامة أحدهم بمصر حتى يتمكن من جمع المعلومات عنه، وأكد لمحدثه بعمله بمكتب تحويلات باسم العقيد على السلمونى القائم على تحويل الأموال من مصر إلى مكتب الغزالة لمصراتة.

ت - محادثة هاتفية بتاريخ 24-7-2017 دارت بين المتهم والمدعو عياد أقر المتهم بأن محدثه عياد سعد عطية شقيق الشاهد التاسع دعاه الأخير باسم أبوحسام مخبراً إياه بخطف شقيقه بدولة ليبيا من قبَل جماعة وطلبهم مبلغاً مالياً قدره خمسة آلاف دولار، فاستنكر الأول علاقته بواقعة الخطف وفاعليها، مقرراً له بأنه عامل بمكتب لتحويلات الأموال.

ث - محادثة هاتفية بتاريخ 24/7/2017 دارت بين المتهم وشخص دعاه بالأفندى، أقر المتهم بأن محدثه هو المتهم الخامس مروان غريب، وفسر ما دار بها، وتضمنت سؤال المتهم الأول عن الشاهد التاسع ونعته بالفاسد، ويُسمع خلال حديثهما صوتُ أنين لأحد الأشخاص، أقر المتهم بأنه صوت الشاهد التاسع حال تعذيبه من قبَل المتهم الخامس ومعاونيه، ثم أمر المتهم الخامس آخرين بإبعاده ليستكمل حديثه مع المتهم الأول، واتفق معه الأخير على أن يحرص حال محادثة الشاهد لشقيقه على عدم ذكره أى أسماء له، على سند أنه من طائفة الأقباط بمصر وأن الحكومة تهتم لأمرهم، مع تكليف شقيقه بتدبير المائة وثمان وعشرين ألف دولار لنجدته.

ج - ثبت بإسماع المجنى عليه التاسع ميلاد سعد عطية المحادثة آنفة البيان أنها جرت حال قيام المتهم الخامس وعدد من أعضاء كتيبة قوة الردع المسلحة بتعذيبه بدنياً، وأن الصوت الظاهر بها صوته حال تعذيبه بدنياً.


مواضيع متعلقة