في اليوم العالمي لمنع الانتحار.. علماء نفس واجتماع: "لحظة ضعف"

كتب: إنجي الطوخي

في اليوم العالمي لمنع الانتحار.. علماء نفس واجتماع: "لحظة ضعف"

في اليوم العالمي لمنع الانتحار.. علماء نفس واجتماع: "لحظة ضعف"

الحياة بعد محاولة الانتحار، والبدء من جديد، وتحقيق النجاح، قد يبدو حلما بعيد المنال، خاصة إذا كانت تجربة الانتحار مؤلمة لصاحبها، أو تركت أثرا لا يمحى سواء كان جسديا أو نفسيا.

ولكن بحسب علم النفس يبدو الأمر مختلفا قليلا، حيث تعتبر الدكتورة سوسن الفايد أستاذ علم النفس في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بمناسبة "اليوم العالمي لمنع الانتحار" الذي يوافق 10 سبتمبر من كل عام، أن بمجرد انتهاء لحظة الضعف الشديد التي يمر بها الإنسان، والتي تدفعه دفعا إلى اختيار الانتحار سبيلا للهروب من واقعه، ومواجهة مشكلاته، يبدأ في إعادة التفكير من جديد، ويدرك أن هناك حلول كانت غائبة عن فكره، وإذا استغل هذه النقطة جيدا فأنه يحقق النجاح المبهر في كافة تفاصيل حياته.

وقالت "سوسن"، إن للانتحار أسباب كثيرة، تجعل حياة الإنسان تهون عليه، ومع زيادة حدة تلك الأسباب، وضغطها الشديد على نفس الأنسان، يصل إلى لحظة تسمى "الخلاص"، أو "الذروة" حيث يقرر أن يتخلص فيها من حياته، ولكن إذا فشلت محاولته، فإنه يحصل على هبة عظيمة، قد لا تتاح لشخص غيره، وهي القدرة على مراجعة حياته، وبالتالي يستطيع وضع يده على المشكلة التي يمر بها جيدا، وفهمها وتحليلها من كافة النواحي، ويستطيع إيجاد حل لها سواء كانت مشكلة مع أحد أطراف الأسرة، أو عوامل اقتصادية، أو حتى مرض نفسي".

وتعتبر "سوسن" أن أحد أسباب اللجوء للانتحار رغم التقدم التكنولوجي، وما ساهم فيه من انتشار المعرفة الإلكترونية والطبية على وجه الخصوص بشكل كبير، هو غياب أحد العوامل التالية أما التعليم أو الثقافة أو أحيانا الوازع الديني: "أحيانا عامل واحد أو تلك العوامل متشابكة تدفع المرء لأن يصبح ضيق الأفق، وفاقد للأمل في الحياة، وفى نفسه، لذا فأنصح الكثيرين ممن حاولوا الانتحار  أن يبدئوا في القراءة كثيرا سواء دينيا أو ثقافيا أو حتى دراسيا، لأن ذلك يفتح عقولهم بشكل كبير، للتعرف على وجود بدائل مختلفة لمواجهة الحياة بكل ضغوطها وظروفها، كذلك التعرف على أناس جدد، والانفتاح على الآخرين، فذلك من شأنه أن يثرى حياتهم ويزيد وعيهم.

"الحياة بعد الانتحار لا تتم إلا بدعم المجتمع".. هذا هو رأى الدكتور طه أبو الحسن أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، مؤكدا أن من حاول الانتحار وفشل في التجربة، يكون مر بأقصى درجات فقد الأمل في شتى معاني الحياة، بالإضافة إلى الأوجاع النفسية: "بعد التعافي من آثار محاولة الانتحار، خصوصا لو كانت جسدية، يحتاج الشخص ممن حوله سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو حتى معارف طاقة تقدير واحترام هائلة، تخبره بأنه يمكنه الاستمرار في الحياة، وأنه يمكنه البدء من جديد، بل وتحتفى بنجاته".

واعتبر "أبو الحسن" أن لغة اللوم والتقريع التي يستخدمها البعض، في مواجهة من فشل في الانتحار أمر يجب تجنبه تماما، لأنه تأثيره سلبي جدا: "البعض أحيانا من خوفهم الشديد وقلقهم، يبدئون في تعنيف الشخص الذى حاول الانتحار، وهناك من يسخرون منه، فتكون الكلمات مثل سوط يجلدون به الشخص، بحجة الدين أو العادات أو حتى الشكل الاجتماعي، ولو كانت فتاة فالأمر يصبح مضاعفا، حيث يتم منعها تماما من الخروج والدخول، ويُفرض نظام حصار ومراقبة عليها، وهذا بالطبع أمر خاطئ تماما، فعلينا أن نستخدم لغة هينة فيها حب وتعاطف، تكون داعمة، بل ونخبرهم بأننا نراهم أشخاص جيدين، صالحين وأننا نعلم أن الأمر مجرد حدث طارئ".

ووصف "أبو الحسن" من فشل في الانتحار بأنهم مثل "العائدون من الموت"، ولكن هذا لا يمنع قدرتهم على تحقيق النجاح في حياتهم، بل صناعة إنجازات لم يصل إليها أحد، مؤكدا أن هناك الكثير من المشاهير التي كانت محاولة انتحارهم وفشلهم فيها نقطة تحول في حياتهم: "ما دام الإنسان فيه نفس، وعلى قيد الحياة، ويحصل على دعم وحب عائلته، ويرى أن نظرة المجتمع له فيها تقدير، فيمكن أن يعود له الأمل من جديد، ويبدأ حياة ناجحة من بعد الموت".


مواضيع متعلقة