"لا نفاق ولا واسطة والنجاح مهم".. دروس خيري شلبي لابنته: بقيت نسخة منه

كتب: ماريان سعيد

"لا نفاق ولا واسطة والنجاح مهم".. دروس خيري شلبي لابنته: بقيت نسخة منه

"لا نفاق ولا واسطة والنجاح مهم".. دروس خيري شلبي لابنته: بقيت نسخة منه

"أصبحت أشبه أبي كثيرا، مع الوقت وجدت نفسي أتحول إلى نسخة منه".. هكذا تحدّثت ريم خيري شلبي عن والدها الراحل في ذكراه الثامنة، مسلطة الضوء على الدروس الإنسانية التي تعلمتها من الرجل الذي كانت رواياته علامات للقرية المصرية، حتى أطلق عليه لقب "أديب المهمشين".

إبداعات عدة وألقاب وجوائز وإنتاج غزير، تركها خيري شلبي المولود في 31 يناير 1938، لكن إلى جانب إرثه الثقافي كان هناك إرث آخر أخلاقي، وإلى جانب دوره كواحد من أبرز كتاب الأدب العربي كان هناك دور آخر لخيري شلبي الأب، الذي لقّن ابنته دروسا شكلت حياتها، فاعتمدت عليها حتى أصبحت جزءا من شخصيتها.

موقف لن ينسى

تقول ريم إنّ "أعوام مرت ولا أزال أتذكر موقفا أصابني بالخوف، كنت صغيرة، واستضفنا شاعرا مبتدئا كان يريد عرض أشعاره على أبي والاستماع إلى نصائحه، وبعد أن قرأ والدي كتابات الشاب انتقده نقدا حادا، حتى أنّه قال له إنّ هذه الكتابات ليست أشعار وأعطاه عدة كتب ليقرأها ورزمة ملاحظات ليتبعها".

الموقف الصادم الذي شاهدته عن قرب وهي صغيرة، جعلها تخشى عرض ما تكتب على والدها، لكنها حين كبرت، قال لها الإعلامي عبدالرحمن رشاد رئيس الإذاعة المصرية سابقا ورئيس شبكة البرنامج العام وصوت العرب الأسبق، إنّ والدها في بداية مشواره كتب عنه مقالا صادما "لكن كان عنده حق"، هذا المقال هو من جعلني "عبدالرحمن رشاد".

ريم: 3 دروس شكلوا شخصيتي واتخذتهم نهجا في حياتي

تقول ريم خيري شلبي في حديثها لـ"الوطن": "بابا من النوع اللي مبيحبش يدي نصيحة مباشرة طول الوقت، لكن ممكن يقولك ده بطرق غير مباشرة أو عن طريق مواقف يفهمك الدرس اللي عايز يوصله، ودا بيعمله من وأنا طفلة، ورغم إني كنت كثيرا لا أدرك ما يفعل لكن هذه الطريقة علمتني فهم الناس دون كلام، وأحلل التصرفات من خلال الملامح والعيون، ولما كبرت وطلبت النصائح بشكل مباشر كان يوجه أسئلتي لمساحات أخرى من الحياة".

الدرس الأول: عامل الناس بما تحب أن يعاملوك

تقول ريم إنّه في يومها الأول للعمل بالإذاعة، انتظرت والدها ليتحدث معها بشأن الجدية والنجاح في العمل لكنه لم يتحدث في هذا الجانب، وبدأ شرح أمور إنسانية أخرى، أولها احترام الجميع ووضع مساحات احترام وعدم هدم الحواجز.

تتابع شلبي: "كنت بقول أستاذ للجميع، لم أكن أتملق أو أستخف بأحد، فالاحترام يقدم للجميع بنفس الدرجة، وخصوصا مع الأقل مكانة حتى لا تدخل الحساسية، فكنت أهتم بعلاقاتي الإنسانية مع الجميع في مساحات الاحترام المتبادل، وهو ما يجبر الجميع على تبادل الاحترام.

وتؤكد ابنة الكاتب الراحل: "هذا الدرس فادني بشكل كبير، فالجميع يتعامل معي دون احتسابي على أحد، فحاليا حين أمر في الإذاعة أصبحت أعرف الجميع وألقي التحية على الجميع".

الدرس الثاني: اثبتي نفسك ولا تعتمدي على اسمي.. "أنا مبحبش الواسطة"

الدرس الثاني جاء في صيغة تشبه الأمر الذي لا يقبل النقاش، وظل عبئا ثقيلا على الشابة التي تشق طريقها في بداية حياتها، تقول: "قالي لي أنا مبحبش الواسطة ولا أنزل بكرامتي لحد، فلا تضطريني لذلك، اثبتي لنفسك أنك ليست ابنة خيري شلبي، بل كيانا مستقلا".

وتحكي ريم موقفا عاشته خلال عملها في الهندسة الإذاعية بإذاعة البرنامج الثاني، مع الكاتب الكبير محمد إبراهيم أبوسنة، الذي كان صديقا مقربا لخيري شلبي، وعند بداية عملها سألها عن اسمها فقالت "ريم" فقط دون أن تقول اسمها كاملا أو تكشف عن هويتها كابنة لواحد من رواد القلم، رغبة في التعلم واكتساب الخبرة وتلاشي الحساسيات.

وتتابع أنّها في أحد الأيام كانت في غرفة التحكم وكان أبوسنة في الاستديو، ودخل خيري شلبي لها فسلم عليها وعانقها، فتدخل أبوسنة قائلا: "انت جاي تعاكس البنات عندنا؟"، فرد عليه قائلا: "دي ريم بنتي"، وهنا وجّه أبوسنة الكلام لها قائلا: "يعني انتي بتضحكي عليا؟".

الدرس الثالث: احذر من نفاق المجتمع حتى لا تقتل موهبتك

كان الدرس الثالث معاشا، وتحكي ابنة الراحل خيري شلبي العديد من المواقف لوالدها الذي كان كلما نشر رواية وتلقى إشادات لا يصدقها ولا يكترث لها تجنبا للغرور، تقول: "كان يتلقى مكالمات من شأنها أن تجعل من أي إنسان شخصا مغرورا لكنه لم يصدق أي من الإشادات".

وتضيف ريم: "كان يقولي لي (أكني مسمعتش)، لو صدقت أو عشت الغرور مش هكتب حاجة تاني، هخاف أقدم ما هو أقل أو أضع حسابات أخرى لردود الأفعال، لكن لازم أسيب نفسي للكتابة والكتابة دون انتظار ردود أفعال الناس".

وتتابع أنّها اتعلمت أنّه بعد كل موجة غرور يأتي ما يكسر هذا الغرور، فإن لم تكسره بنفسك يأتي ما يكسره داخلك، فاعتدت أن أسمع الإطراء والإعجاب وكأنّه مجاملة، وأتمّت: "في عالم التواصل الاجتماعي لو كل واحد صدق التفاعل (اللايكات) على اللي بيكتبه وقال إنّها مقياس نجاح هيقتل موهبته".


مواضيع متعلقة