المنشقون عن "فارك".. هل يعيدون كولومبيا إلى دوامة الحرب؟

المنشقون عن "فارك".. هل يعيدون كولومبيا إلى دوامة الحرب؟
أعلن المسؤول الثاني السابق في حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية "فارك"، إيفان ماركيز، وذلك بعد نحو عام على تواريه عن الأنظار، أنّه سيعود إلى السلاح برفقة قادة متمردين رفضوا اتفاق السلام الموقع مع الحكومة الكوليومبية في عام 2016.
وقال ماركيز في تسجيل فيديو نشر، اليوم، وكان يرتدي بدلة عسكرية خضراء وإلى جانبه القائد السابق في "فارك" المنحلة خيسوس سانتريك: "نعلن إلى العالم انطلاق الماركيتاليا الثانية تحت حماية القانون الدولي (نسبة إلى الانطلاقة التاريخية للتمرد في الستينيات) باسم الحق العالمي للشعوب بحمل السلاح في مواجهة القمع"، مضيفا: "لقد أجبرتنا الخيانة والغدر والاضطهاد القضائي وانعدام الأمن السياسي وقتل القادة الاجتماعيين والمقاتلين السابقين على حمل السلاح".
وكان ماركيز المفاوض باسم الجماعة في المحادثات التي قادت إلى اتفاق 2016 الذي أنهى نحو نصف قرن من النزاع المسلح في كولومبيا، ولكن منذ ذلك الحين، أبعد ماركيز وسانتريك نفسيهما عن الاتفاق، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".
من جانبه، قال رودريجو لوندونو القائد السابق في فارك والمعروف باسم "تيموشينكو" على "تويتر"، إن "الغالبية العظمى لا تزال ملتزمة بالاتفاق رغم كل الصعاب والمخاطر نحن مع السلام"، وفقا لما ذكرته وكالة "رويترز" للأنباء. وأدانت القوات المسلحة الثورية لكولومبيا والداعيمن للسلام هذه الخطوة في تغريدة مثبتة، وقالوا: "بشكل لا لبس فيه أكثر من 90% من المقاتلين السابقين ما زالوا ملتزمين بعملية السلام"، وفقا لما ذكرته قناة "تيلسور".
وكان اتفاق السلام الموقع مع "فارك" عام 2016، في عهد الرئيس الكولومبي السابق، خوان مانويل سانتوس، ينص على نزع سلاح سبعة آلاف مقاتل من أجل الانخراط في الحياة السياسية، وإقرارها بارتكاب جرائم خلال الحرب ودفع التعويضات للضحايا.
وكان الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، أعلن عند انتخابه في 2018، أنّه سيعمل على تعديل اتفاق السلام لأنّه يعتبره متساهلاً جداً مع "فارك". وقال دوكي، الوريث السياسي للرئيس السابق ألفارو أوريبي والمعارض بشدة للاتفاق التاريخي الذي وقع عام 2016 وأتاح نزع سلاح حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية وتحويلها إلى حزب سياسي: "هذا السلام الذي حلمنا به والذي يتطلب تعديلات، ستدخل عليه تصحيحات لجعل الضحايا في قلب العملية وضمان الحقيقة والعدالة والتعويض"، وفقا لما ذكرته قناة "فرانس 24" الفرنسية.
وكان تقرير للمخابرات العسكرية الكولومبية، أشار في يونيو الماضي، إلى أن ثلث المقاتلين في الجيش السابق لحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية "فارك"، عادوا لحمل السلاح متجاهلين اتفاق السلام لعام 2016، وحدد التقرير، عدد المقاتلين المنتمين لـ"فارك" بنحو 2300 في زيادة حادة عن نحو 300 وقت اتفاق السلام المثير للجدل. وأشارت المخابرات العسكرية الكولومبية، إلى أن 31 جماعة منشقة عن "فارك" تعمل في مناطق تزرع الكوكا التي تستخدم في صنع الكوكايين وفي مناطق التعدين غير المشروع للذهب.
من جانبه، قال قائد قوات الجيش الكولومبي الجنرال لويس فيرناندو نافارو: "إذا نظرتم إلى أماكن هذه الجماعات المسلحة المنظمة أو أماكن ظهورها تجدون ارتباطها بالجريمة حيث يظهر وجود كبير لتجارة المخدرات أو التعدين غير القانوني، كما تنشط هذه الجماعات في المناطق الحدودية خاصة قرب فنزويلا"، بينما أشار الحزب السياسي التابع لـ"فارك"، والذي تشكل في أعقاب اتفاق السلام، إلى أنه إلى جانب الضغوط الرامية لضم جماعات منشقة ضالعة في أنشطة غير مشروعة، فإن المقاتلين السابقين يحملون السلاح بسبب الإحباط الناجم عن نقص الفرص الاقتصادية والغضب بشأن العنف الذي يمارس ضدهم.
بدورها، ذكرت قناة "روسيا اليوم" الإخبارية الروسية، أنه مع توقيع الاتفاق سلم قرابة 13 ألف عضو من حركة "فارك" منهم أكثر من 6000 مقاتل أسلحتهم لتدميرها وأنهوا من جانبهم حربا استمرت عشرات السنين وحصدت أرواح ما يربو على 260 ألف شخص وشردت الملايين. وتعمل "فارك" الآن كحزب سياسي لها 10 مقاعد في "كونجرس بلادها" حتى 2026. ومنذ توقيع حكومة بوجوتا في 2016 اتفاقية سلام مع حركة "فارك"، يدور نزاع بين فصائل مسلّحة انشقّت عن الحركة وبين عصابات المخدّرات ومتمردي "جيش التحرير الوطني" للسيطرة على مزارع الكوكا وطرق تهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة وأوروبا.
وكانت السلطات الكولومبية، أعلنت في مارس الماضي، أن 3 جنود قتلوا أثناء تدميرهم محاصيل "كوكا" غير شرعية، إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها متمرّدون منشقّون عن "فارك" في توماكو، تضم أكبر مزارع للكوكا في العالم، جنوب غربي البلاد قرب الحدود مع الإكوادور. وذكرت قناة "سكاي نيوز عربية" الإخبارية، في وقت سابق، أنه يوجد نحو 1800 مقاتل يتبعون المنشقين منتشرين على نحو 30 وحدة.
وكانت "فارك"، قاتلت الحكومة لأكثر من 5 عقود، فيما أودى الصراع في كولومبيا بحياة أكثر من 260 ألف شخص. وقال وزير الدفاع الكولومبي جييرمو بوتيرو، في ذلك الوقت، إن 3 جنود لقوا مصرعهم في انفجار قنبلة بينما يدمرون نبتات الكوكا، المادة الخام لإنتاج الكوكايين، وفقا لما ذكرته وكالة "فرانس برس" الفرنسية.
وفي سياق متصل، حمل قائد الجيش الكولومبي الجنرال نيكاسيو مارتينيز، "جبهة أوليفر سينيسترا" المتمردة والتي انشقّت عن "فارك"، المسئولية عن مقتل العسكريين، وقال على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "لن نرتاح حتى نجد المسؤولين عن هذه الجريمة الجبانة".
وأعلن الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، في سبتمبر 2018، عن مقتل زعيم حركة "جوريللا الباسيفيك" المتمردة فيكتور ديفيد سيجويرا، خلال اشتباكات مع قوات الجيش الحكومي جنوب غربي البلاد، فيما ذكرت قناة "يورو نيوز" الإخبارية، أن ديفيد وحركته المكونة من 120 عضواً سابقاً بفارك استمروا في عمليات القتل والاختطاف وتجارة المخدرات بعد رفضهم لاتفاق فارك للسلام مع الحكومة.
ووضعت الحكومة الكولومبية جائزة قيمتها 50 ألف دولار أمريكي لمن يقدم أي معلومات تساعد في القبض على ديفيد، وفي 3 فبراير الماضي، قال "دوكي"، إن القوات المسلحة قتلت زعيما متمردا رفض وقف الأعمال القتالية وفقا لاتفاق سلام تم توقيعه بين الحكومة الكولومبية و حركة "فارك"، في 2016. والرجل المعروف بالاسم الحركي روديرجو كاديتي كان عضوا بارزا في فصيل من المتمردين السابقين من جماعة "فارك" والذي رفض الالتزام باتفاق السلام مع الحكومة، فيما أشار وزير الدفاع جييرمو بوتيرو، إلى أن كاديتي كان يجمع المنشقين لتشكيل جماعة جديدة، وجرى أيضا قتل 9 من مقاتلي العصابات واعتقال آخرين.
ولا تزال كولومبيا أكبر منتج للكوكايين في العالم، على الرغم من أنّ السلطات تخوض منذ عقود عديدة حرباً ضدّ المخدرات، وتشن شرطة مكافحة المخدرات الكولومبية حربا شرسة مع منتجي ومهربي المخدرات، وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في وقت سابق، إلى زيادة تهريب المخدرات بازدياد الطلب عليها في أوروبا والولايات المتحدة، موضحة أن عام 2017، شهد إنتاج 900 طن من الكوكايين ما يزيد من مخاوف البعض أن كولومبيا تخسر حربها ضد تجار المخدرات.