سيد قطب.. فيلسوف الإرهاب.. الأب الروحى للمتطرفين

سيد قطب.. فيلسوف الإرهاب.. الأب الروحى للمتطرفين
- إصلاح التعليم
- إعدام سيد قطب
- الإخوان المسلمين
- التاريخ الحديث
- الضباط الأحرار
- وفاة سيد قطب
- جمال عبد الناصر
- ثورة 23 يوليو
- دار العلوم
- المحفل الماسونى
- حسن البنا
- مؤسس جماعة الإخوان المسلمين
- إصلاح التعليم
- إعدام سيد قطب
- الإخوان المسلمين
- التاريخ الحديث
- الضباط الأحرار
- وفاة سيد قطب
- جمال عبد الناصر
- ثورة 23 يوليو
- دار العلوم
- المحفل الماسونى
- حسن البنا
- مؤسس جماعة الإخوان المسلمين
فى مثل هذا اليوم، 29 أغسطس، من سنة 1966، نُفذ الحكم القضائى الصادر بإعدام سيد قطب، ورغم ذلك ما زالت أفكاره، بعد أكثر من خمسين عاماً على رحيله، حية ومتقدة تثير العنف والفتن وتلهم المتطرفين فى كل مكان من العالم.
أديب ملحد تحول إلى صوفى.. وماسونى اعتنق فكر الإخوان
«الوطن» تسعى فى السطور التالية إلى الاقتراب من «فيلسوف الإرهاب» فى محاولة لكشف أفكاره الفاسدة وشخصيته المضطربة، التى جعلته مثل بندول ساعة الحائط العنيف، يتحرك بقوة بين أقصى اليمين واليسار ولا يستقر على وسط، فقد تحول من الإلحاد إلى التصوف، ومن الماسونية إلى اعتناق فكرة جماعة الإخوان، التى احتقرها سابقاً، ووصف مؤسسها حسن البنا بـ«حسن الصباح»، زعيم «جماعة الحشاشين»، ومن الدفاع عن ثورة يوليو إلى تكفير قادتها. كثير ممن أرخوا لسيرة قطب، ومنهم الباحثان حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق، والدكتور شريف يونس، أستاذ التاريخ الحديث، وجدوا فيه شخصية درامية «مركبة» لإنسان معذب تطرف حباً وكرهاً لكل شىء فى الحياة.
مؤلف "الأصولية الإسلامية": "برميل بارود" انفجر غضباً وإحباطاً فى عقول أتباعه
فى كتابه الرصين «سيد قطب والأصولية الإسلامية»، رسم المؤرخ الدكتور شريف يونس لسيد قطب ملامح شخصية رجل أقرب إلى «برميل بارود» انفجر لاحقاً غضباً وإحباطاً فى عقول كثير من المتطرفين، الذين آمنوا بفكرته أن «المجتمع الذى نعيش فيه كافر وقتاله واجب».
ولد سيد قطب لأم غذّت فيه الشعور بالتميز والاعتزاز بالنفس، وهى مشاعر دعّمها وضع الأسرة الميسور فى قرية فقيرة، ووضع والده، الذى كان عميداً للعائلة، فضلاً عن كونه الولد الأكبر فى الأسرة، لكن سرعان ما أدارت له الحياة ظهرها بعد أن فقد أباه، الذى وصفه بأنه كان «متلافاً مضياعاً»، ثروته الصغيرة قبل وفاته، التى ألقت بالطفل المدلل «لملامسة الرجولة» مبكراً، وتحمل هموم الحياة قبل الأوان.
لاحظ «يونس»، فى كتابه، أن سيد قطب ظل طوال عمره يشعر بغُصة بسبب هذا التحول المؤلم فى حياته، خصوصاً بعد أن اضطر لترك قريته والعيش فى القاهرة، التى فقد فى زحامها شعوره بالتميز، وظل يقسّم حياته إلى عالمين؛ الطفولة والشقاء، وأصبح الريف فى شعوره «دار نعيم ورضوان»، خلفه عهد «عبوس ظلوم» فى القاهرة، التى يتعامل فيها الناس بالأموال وليس بـ«البتاو»، كما كان الحال فى قريته البسيطة.
وفى القاهرة لم يحقق «قطب» شيئاً يذكر من أحلامه العظيمة، واضطر للعمل بعدما تخرج فى «دار العلوم» فى مهنة لا يحبها، وهى التدريس، التى وصفها لاحقاً بأنها مجزرة الأديب، ولم ينجح كشاعر، ما أصابه بإحباط كبير، إذ كان يرى فى قصائده نموذجاً يُحتذى ودرراً لا تجد «ألاعيب وسطحيات البحترى والمتنبى مكاناً بجانبها»!، وظل فى نظر النخبة الثقافية على أحسن تقدير «ناقداً متوسط القيمة»، فى حين أنه كان يعتبر نفسه أفضل نقاد جيله. شخصية سيد قطب المتعصبة اتسمت أيضاً بشعور مبالغ فيه بالعظمة، التى لا تجد من يقدرها، فالرجل كان، كما أشار إلى نفسه فى عدة مواضع، يعتبر نفسه «نسيجاً فريداً» و«عظيماً».
علاقة «قطب»، الذى ولد فى 9 أكتوبر 1906 بقرية «موشا» بأسيوط، وأُعدم فى 29 أغسطس 1966، بالأديب الكبير عباس العقاد مثال كاشف عن شخصيته المعقدة والمتطرفة فى مشاعرها، فقد بلغ فى حبه وإعجابه بأستاذه إلى حدٍ رفعه فيه إلى مصاف الآلهة، وذهب فى مدح شعر «العقاد»، الذى لم يكن أفضل شعراء جيله، إلى درجة اعتبار أن قدراته الشعرية «لم تجتمع قط لشاعر عربى ولا تجتمع لعشرة من شعراء العربية فى جميع العهود»، وقال فى سياق حرب أدبية بين «العقاد» وخصومه، فى أبريل عام 1938، فى مجلة «الرسالة»: «أنا لا أنكر أننى شديد الغيرة على هذا الرجل، شديد التعصب له، وليس أحب إلىّ من أكون تلميذاً ناجحاً فى مدرسة العقاد».
ولم يكتف سيد قطب «متطرف المشاعر» فى كيل المديح لأستاذه، بل قرن ذلك بالهجوم الشديد على خصومه، ولم يتورع عن اتهامهم بالانحراف النفسى والتشكيك فى رجولتهم وعقليتهم، ما دفع الأديب صالح جودت لاتهامه بأنه مجرد بوق، وقال: «العقاد، رعاه الله، قد أساء الاختيار عندما اختار سيد أفندى ستاراً له، فسيد أفندى ضئيل الجسم لا يستطيع أن يخفى وراءه مارداً كالعقاد».
وحاول «قطب»، تحت ضغوط هذه الاتهامات فى فترة لاحقة، الابتعاد عن «العقاد»، مؤكداً أنه «مستقل التفكير عن كل عقلية عامة وخاصة»، ثم عاد ليعترف أن كلامه الكثير عن الاستقلال عن «العقاد» لم يكن سوى صيحة الخائف، الذى يحدّث نفسه فى الظلام، وأن «العقاد هو الشخصية الوحيدة التى أخشى الفناء فيها».
وبقدر حبه لـ«العقاد» بقدر ما انهال عليه لاحقاً نقداً وانتقاصاً بعد أن أصابه الإحباط من عدم اعتراف الأديب بمواهبه، حتى وصل إلى حد رفض كتابة مقدمة لكتابه «مشاهد يوم القيامة». وكشف «قطب» عن مرارة تجاه أستاذه عبّر عنها فى رسالة إلى الدكتور أحمد أمين، نُشرت فى مجلة «الثقافة» فى سبتمبر 1951، بقوله: «لقد كنت مريداً بكل معنى الكلمة، مريداً لرجل من جيلكم تعرفونه عن يقين، لكن هذا الرجل وجيل الأساتذة كله لم يقدموا كلمة تشجيع مكتوبة لهذا المريد المتفانى، حين بدأ ينشر كتبه المتتالية بدءاً من عام 1945.. كلمة انتظرها كثيراً ولم ينلها».
قال عن الإخوان"جماعة الحشاشين" ثم اعتبرهم "الطليعة المؤمنة".. وأول من أطلق على "23 يوليو" ثورة ثم دعا لقتال "عبدالناصر"
تطرفه فى علاقته بـ«العقاد»، مدحاً وذماً، تكرر بصورة أكثر حدة مع جمال عبدالناصر والضباط الأحرار، فقد ألقى «قطب» فى البداية بكل ثقله وراءهم، وكان أول من أطلق على 23 يوليو 1952 اسم «ثورة»، واشتهر بعبارته الشهيرة لخصوم الثورة، التى يقول فيها: «الثورة أقوى من كل ما يظنون، إنها ستسحقهم سحقاً»، وأيد كل قرارات مجلس الثورة، بل وطالبه بمنع إذاعة «الأصوات الدنسة التى غنت للملك، مثل محمد عبدالوهاب وغيره»، ثم انقلب على رجال يوليو، ووصف «عبدالناصر» بأنه «طاغوت»، واعتبر نظامه «كافراً يجب قتاله وإسقاطه».
ولم يتوقف «بندول الساعة» عن التغيرات المفاجئة، ففى علاقته بجماعة الإخوان، عبّر فى سنوات حياته الأولى عن احتقاره لها، ووصفها فى 6 يناير عام 1947 بمجلة «الرسالة» بأنها «هزيلة الروح، ناضبة، خامدة، أضعف من أن تنفخ فى هذا الجيل الهابط المنحل»، ورفض نشر مقال لحسن البنا فى مجلة «الفكر الجديد»، التى كان يشرف عليها، ما دفع حسن البنا أن يأمر أتباعه بالامتناع عن شراء المجلة أو الإعلان فيها، ما أسهم فى قتل المجلة.
ويُقال إن «قطب» كان يطلق على حسن البنا والإخوان لقب «حسن الصباح وجماعة الحشاشين»، حسب رواية للمستشار الدمرداش العقالى، الذى كان انتمى فى شبابه لجماعة الإخوان، وربطته بسيد قطب صلة قرابة، لكن بعدما انتمى إليهم اعتبرهم «جماعة المسلمين»، وليس فقط «جماعة الإخوان المسلمين»، وكتب مقالاً بعنوان «حسن البنا وعبقرية البناء».
وحتى عندما اعتنق الأفكار الماسونية، تطرف فى الاعتزاز بها، فكان يحرص على كتابة افتتاحية مجلة «التاج المصرى»، التى تعبر عن «المحفل الماسونى»، المتهم فى مصر على الأقل منذ الأربعينات بالعمالة للحركة الصهيونية، وكتب ذات مرة: «أنا ماسونى بالفطرة، لكن كُنت بحاجة إلى الصقل، وتم صقلى داخل المحفل»، وقال فى موضع آخر: «إﻧﻨﻰ ﻣﺎﺳﻮﻧﻰ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺨﺎع».
وأعلن فى عام 1952 أنه «ظل ملحداً لمدة 11 عاماً»، ثم عبّر فى كتاباته خلال سنوات الإلحاد والماسونية فى بعض الأحيان عن مشاعر رجل صوفى يناجى ربه فيقول: «أيهذا الإله العظيم إننى أحبك لأنك غير المحدود الوحيد فى هذا الوجود».
يتيم ومثالى وفاشى سيطر عليه الشعور بالاضطهاد وعمل فى مهنة لا يحبها
وكما رصد «يونس»، فقد أظهر سيد قطب منذ سنوات عمره الأولى ميلاً للزعامة، فقد تزعم زملاءه فى مدرسة القرية للتنافس على حفظ القرآن، وتزعم المدافعين عن مدرسة الديوان، وكان «فى كل انتماءاته جميعها متعصباً ومعادياً للفرق المنافسة»، وينقل «يونس» عن صديق مقرب لـ«قطب» هو «عباس خضر»، أن سيد «كان طموحاً جداً إلى درجة قاتلة، وفى الوقت نفسه جاداً ومترفعاً لا يلجأ لوسائل ملتوية للوصول لأهدافه، وإنما يطالب، منطلقاً من إحساس زائد بالعظمة، بما يراه حقاً له، وكثيراً ما دفعه هذا المزيج من الغرور والصراحة إلى محاولة فرض نفسه».
رغبة سيد قطب فى «إعادة تنظيم العالم» واضحة جداً فى مراحل حياته المختلفة، فمثلاً بعد إلقائه محاضرة فى «دار العلوم» حازت إعجاب عميدها، بادر بتقديم خطة لتطوير الدراسة إلى حد تغيير المناهج ونظام الدراسة وعدد سنواتها فى أبريل 1939، وفعل الشىء نفسه فى وقت آخر مع وزارة التعليم، حين قدم مقترحات لتغيير نظام دراسة اللغة العربية فى عام 1943، ثم تغيير نظام دراسة التاريخ عام 1947، وبعد عودته من أمريكا عام 1950 أعد خطة لتطوير «الجهاز الفنى للوزارة وتقييم وتطوير نظم التعليم ومناهجه»، وخطة أخرى لتطوير الترجمة ومكتبات المدارس وخطة عامة لإصلاح التعليم كله، ضمن خطة أكبر للإصلاح الاجتماعى.
ويقول «يونس»: «كان ينقص قطب الحس العملى وإدراك طبيعة اللحظة والظروف والملابسات، إضافة للصبر، وهى كلها أمور جوهرية بالنسبة لمُصلح يرمى لتحقيق الإصلاح من داخل النظام»، ولاحقاً بعد أن استقر على هويته الإسلامية مع جماعة الإخوان واعتبار «الإسلام الحل الوحيد لإحياء الأمة»، وصل طموحه إلى حد «إعادة تشكيل وجدان وفكر طبقة المثقفين إلى ذروته»، فوضع برنامجاً كاملاً لتطهير التعليم والثقافة من كل ما هو غربى عدا العلوم البحتة.
وعلى عكس لسانه السليط وشخصيته الحادة الصدامية كشفت كتاباته وقصائده المبكرة عن أن «قطب» كما قال «يونس» فى كتابه «كان مختلفاً فى أعماقه عن صورة الأسد، التى كان يرسمها لنفسه تشبُهاً بالعقاد، فقد كان عالمه الشعرى يدور حول الشعور بالوحدة والاغتراب واللاهدف، وكان العالم الداخلى له يسيطر عليه الشعور بالظلم، وأن العالم الخارجى عالم عدوانى فج يعتدى على ذات الشاعر الحساسة ويضطهده كما يضطهد موهبته».
فشل فى الزواج من حبه الوحيد
تجربة حب وحيدة لم تكتمل مر بها هذا الرجل البائس ليقضى بعدها حياته، مثل أستاذه «العقاد»، بلا زوجة ولا أولاد ولا أصدقاء حقيقيين، فى مجتمع يراه ناكراً لمواهبه، فرحل تاركاً ميراثاً ثقيلاً من أفكار راح ضحيتها عشرات الآلاف على أيدى من آمنوا بفلسفته القاتلة وتنظيره لـ«الإرهاب».
- إصلاح التعليم
- إعدام سيد قطب
- الإخوان المسلمين
- التاريخ الحديث
- الضباط الأحرار
- وفاة سيد قطب
- جمال عبد الناصر
- ثورة 23 يوليو
- دار العلوم
- المحفل الماسونى
- حسن البنا
- مؤسس جماعة الإخوان المسلمين
- إصلاح التعليم
- إعدام سيد قطب
- الإخوان المسلمين
- التاريخ الحديث
- الضباط الأحرار
- وفاة سيد قطب
- جمال عبد الناصر
- ثورة 23 يوليو
- دار العلوم
- المحفل الماسونى
- حسن البنا
- مؤسس جماعة الإخوان المسلمين