حلمى النمنم:"قطب" يمثل وجه الإخوان المتطرف.. و"البنا" كان "فهلوى وألعوبان"

كتب: الوطن

حلمى النمنم:"قطب" يمثل وجه الإخوان المتطرف.. و"البنا" كان "فهلوى وألعوبان"

حلمى النمنم:"قطب" يمثل وجه الإخوان المتطرف.. و"البنا" كان "فهلوى وألعوبان"

قال الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق، إن مشكلة سيد قطب، الذى وصفه بـ«الأب الروحى للمتطرفين الإسلاميين» أنه كان رجلاً مشوشاً جمع بين الحماس والأسلوب الأدبى الجيد وضحالة الثقافة، ما جعل أفكاره فى النهاية شديدة التطرف. وأشار «النمنم» فى حوار مع «الوطن» إلى أن الرجل الذى وصف مجتمعنا بـ«الجاهلى والكافر»، اعتمد فى معظم كتاباته على نحو 20 كتاباً فقط من كتب الثقافة العامة، ولم يقرأ أمهات الكتب.

وأضاف أن المفكر الهندى أبوالأعلى المودودى، صاحب فكرة «الحاكمية وتكفير المجتمع الذى لا يحكم بشرع الله»، نصح قطب بالتراجع عن أفكاره لأنه يعيش فى مجتمع مسلم، وليس بين «عبدة البقر» كما هو الحال فى الهند، لكنه لم يستجب.. وإلى نص الحوار:

وزير الثقافة الأسبق: أفكاره حكمت مصر طوال فترة رئاسة "مرسى"

قلت ذات مرة إن سيد قطب حكم مصر من قبره عندما كان الإخوان فى السلطة ماذا كنت تقصد؟

- كنت أقصد أن المجموعة المسيطرة على الجماعة وقتها، أى محمود عزت ومحمد بديع وعصام العريان وخيرت الشاطر من «القطبيين». والرئيس الإخوانى الراحل محمد مرسى، قال نصاً فى عام 2009 فى حوار أداره ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات حالياً، فى حضورى، وأذيع على قناة «الفراعين»: «تعلمت الإسلام من سيد قطب»، هذا فيما يتعلق بالجماعة، التى يقال إنها تمثل التيار المعتدل. وينطبق تأثير قطب بصورة أكبر على التيارات الأكثر تطرفاً مثل «القاعدة» و«السلفية الجهادية» و«الجماعة الإسلامية» وغيرها، لذلك أنا مؤمن أن سيد قطب حكم مصر من قبره طوال فترة حكم مرسى.

ولماذا ربط انتهاء الإسلام بمقتل عثمان بن عفان؟

- لأن قطب اعتبر الدولة الأموية، التى جاءت بعد مقتل عثمان «جاهلية»، مع العلم أن سيدنا عثمان نفسه لم يسلم من لسانه، إذ اتهم «قطب» الصحابى الجليل بالفساد المالى ومحاباة الأقارب من بنى أمية، واتهم عمرو بن العاص بالرشوة، ومعاوية بن أبى سفيان بالفساد، فى مواجهتهم مع على بن أبى طالب، ورد عليه وقتها الشيخ أحمد شاكر، بمقال شهير بعنوان «لا تسبوا أصحابى»، دافع فيه عن صحابة الرسول، لكن قطب واصل هجومه عليهم.

وإذا كان الإسلام قد توقف أو مات منذ عثمان بن عفان، فمن يحييه وفقاً لتصورات سيد قطب؟

- تحييه «الطليعة المؤمنة»، التى يقع على أكتافها عبء إحياء الإسلام، وهذه الطليعة ليست جماعة الإخوان، لكن الجماعة المحيطة به من داخل الجماعة، والمعروفة إعلامياً بـ«تنظيم 65».

وما المنهج الفكرى الذى وضعه قطب لإعادة إحياء الإسلام؟

- كتابات سيد قطب ركزت كلياً على فكرة «الحاكمية» وليس الدولة، واختصر الحاكمية فى شخص الحاكم، والإخوان مثله يتحدثون طوال الوقت عن الحاكم وليس الدولة، فى عام 1950 كتب «قطب» فى كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية»، ثم لاحقاً فى «معالم على الطريق»، مخاطباً أتباعه من الإخوان وغيرهم قائلاً: «من يسألكم ما هو برنامجكم، يجركم إلى معارك جانبية، يجب أن نحكم أولاً ثم نُسأل عن البرنامج»، وهو الذى قال أيضاً عن القوى السياسية التى احتجت على إلغاء الضباط الأحرار لدستور 1923: «إن هذا الشعب مستعد أن يعيش 15 عاماً بلا دستور».

ومن هنا نستطيع أن نفهم موقف الإخوان الرافض لمؤسسات الدولة، فهم لا يستطيعون أن يستوعبوا أن تلغى المحكمة الدستورية مثلاً قراراً للرئيس، الذى يتصورونه فى أفئدتهم حاكماً مطلقاً يقف وراءه سيّاف لقطع رقبة كل من يعارضه.

"المودودى" نصحه بالتراجع عن أفكاره لأنه يعيش فى مجتمع مسلم وليس بين "عبدة البقر" فى الهند لكنه لم يستجب.. وكان مشوشاً وضحل الثقافة

هل نتجنى على قطب حين نصفه بالأب الروحى للجماعات التكفيرية؟

- لا، هو بالفعل الأب الروحى للجماعات التكفيرية فى العصر الحديث، وتأثر فى ذلك بكتب أبوالأعلى المودودى، لكنه لم يدرك أن المودودى كان يعبر عن أقلية مسلمة تعيش وسط «السيخ والهندوس» فى الهند، بل إن «المودودى» أرسل رسالة إلى جماعة الإخوان بعد صدامهم مع عبدالناصر يرجوهم فيها عدم الصدام مع السلطة والمجتمع، لأنهم يعيشون وسط مسلمين وليسوا «عبدة بقر» كما هو الحال فى الهند. وقال فى رسالته التى اطلع عليها عبدالعزيز كامل، عضو مكتب الإرشاد، ولاحقاً نائب رئيس وزراء أيام السادات: «لا تصطدموا بضباط الثورة لأنى أواجه عبدة النار لكنكم تعيشون بين مجتمع مسلم وليس كافراً».

هناك من يميز بين جماعة الإخوان والجماعات التكفيرية الأخرى ويقول إنها لا تمثل الإخوان، فما رأيك؟

- لا أوافق على هذا التمييز، لأن حسن البنا نفسه سبقه فى تبنى أفكار التكفير والحرب على المجتمع، لكن بطريقة مختلفة، مثلاً فى رسالة «دعوتنا» قال البنا إنه «ليس مسموحاً لعضو الجماعة إذا اختلف مع إخوانى آخر أن يلجأ إلى المحكمة أو مؤسسات الدولة، ولكن عليه أن يلجأ للجماعة، وإذا احتاج طبيباً أو صيدلياً أو حتى بقالاً فعليه أن يتعامل مع من هم داخل الجماعة وليسوا خارجها»، أى إن جماعة الإخوان كانت جاهزة حين جاء سيد قطب إليها بأفكاره الرافضة للمجتمع، فما دعا إليه البنا هو المفاصلة الشعورية بين الجماعة المؤمنة والمجتمع الجاهلى، وهى ذات الفكرة التى نادى بها سيد قطب تقريباً.

 

إذا كان سيد قطب لم يضف جديداً فلماذا يتهم بالتكفير فى حين يوصف البنا بالاعتدال؟

- أولاً لأن سيد قطب أصّل لهذه الأفكار، وثانياً وهو الأهم أن سيد قطب لم يكن له غير وجه واحد حقيقى، أما البنا فكانت له عدة وجوه أخرى يدافع بها مرة عن الملك فاروق، ويتفاوض مرة مع النحاس باشا، ويقابل إسماعيل صدقى باشا، ويُسمعهم ما يُرضيهم ويتلقى أموالاً من هنا ودعماً من هناك، البنا كان رجلاً «ألعوبان ومجرم بالفطرة»، ومثالاً لشخصية «الفهلوى المصرى»، على عكس «قطب» الذى لم تكن له سوى فكرة واحدة وأخذ الجماعة فى طريقه، وأرى أن سيد قطب هو الوجه الحقيقى للإخوان بدون «تزويق» مثل مرشدهم السابق «مهدى عاكف»، الذى كان حين يتكلم يظهر ما يُخفى الآخرون، وعاكف هو الذى قال «طز فى مصر».

كيف ترى التحولات الفكرية العنيفة لسيد قطب؟

- قطب كان صاحب تركيبة حادة ومتطرفة يتحمس بقوة ويكره بعنف، مثلاً كان من أقطاب الماسونية فى مصر ثم اتجه إلى «الإخوان» وتحمس لـ«الضباط الأحرار» بقيادة عبدالناصر ومحمد نجيب، وقال فى «روزاليوسف»: إن بطولتيهما «تفوق بطولات مطالع النبوات»، ثم انقلب عليهما، وتقديرى أنه كان رجلاً ضحل الثقافة مشوش التفكير، يتمتع بأسلوب وحماس شديد، وهذه التركيبة تخلق أزمات وأفكاراً متطرفة.

ولماذا تصفه بـ«الضحالة» الفكرية؟

- لأنه كان محدود الثقافة ولم يكن يقرأ إلا باللغة العربية، ولم يقرأ أمهات الكتب، فقط طالع كتب الثقافة العامة المتداولة بين الناس، فمثلاً حين كتب عن الإمام أبوحنيفة، اعتمد على كتاب لعبدالحليم الجندى، وحين كتب عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، اعتمد على كتاب «حياة محمد»، وليس مثلاً «سيرة ابن هشام» و«ابن خلكان» أو غيرهما من كتب التراجم والسيرة الكبيرة وهكذا، والحقيقة أن «قطب» اعتمد فى كتاباته إجمالاً على نحو 20 كتاباً لا أكثر، وربما أحد أسباب ذلك ظروفه الاجتماعية الصعبة التى دفعته للعمل مبكراً أثناء دراسته، ولم تسمح له بوقت كاف للقراءة العميقة.

تعذيبه كذبة إخوانية وما كتبه فى الزنزانة أكثر مما كتب طوال حياته

يقولون إن التعذيب الذى تعرض له فى السجن كان له تأثير سلبى عليه، ما رأيك؟

- غير صحيح أنه تعرض للتعذيب، والدليل على ذلك أن ما كتبه «قطب» خلال سنوات سجنه العشر بداية من 1954 أكثر من كل ما كتبه طوال حياته كماً وكيفاً، ففى السجن أعاد كتاب «فى ظلال القرآن»، 3000 صفحة، وألف «نحو مجتمع إسلامى»، و«هذا الدين»، و«المستقبل لهذا الدين»، و«خصائص التصور الإسلامى»، وغيرها، فضلاً عن أنه كان ضيفاً مقيماً فى المستشفى منذ عام 1957، ولا تنس أن علاقته كانت طيبة بعبدالناصر لأسباب منها أنهما كانا «بلديات»، فهما من قريتين متجاورتين بأسيوط، ثم لماذا يعذبونه؟ تعذيبه واحدة من أكاذيب الإخوان.

شوقى ضيف اتهمه بسرقه "النقد الأدبى".. وتطاول على الصحابة

لماذا رفض العقاد كتابة مقدمة لكتاب قطب «مشاهد يوم القيامة»؟

- لأنه ببساطة لم يكن مقتنعاً بمواهبه، ولم يكن ذلك موقف العقاد وحده، لكنه كان أيضاً موقف الدكتور أحمد أمين والدكتور طه حسين، وكلهم امتنعوا عن الحديث عنه مدحاً أو ذماً، وعندما نشر سيد كتابه «النقد الأدبى» اتهمه كل من الدكتور شوقى ضيف، وعزالين إسماعيل بسرقة الكتاب.

 


مواضيع متعلقة