بولندا تحيي الخلاف مع برلين حول تعويضات الحرب العالمية الثانية

بولندا تحيي الخلاف مع برلين حول تعويضات الحرب العالمية الثانية
- برلين
- الحكومة البولندية
- ميركل
- الحرب العالمية الثانية
- برلين
- الحكومة البولندية
- ميركل
- الحرب العالمية الثانية
بعد ثمانين عاما على انفجار أولى القنابل الألمانية في بولندا، عادت أصداء دويّها وارتفعت فجأة مع مطالبة وارسو بتعويضات حرب من ألمانيا تبلغ قيمتها مليارات اليورو، وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس": بدا أن برلين ووارسو، البلدان الجاران والعضوان في الحلف الأطلسي "ناتو"، طويا صفحة خلافهما الذي يعود إلى الحرب العالمية الثانية، لكن الوضع تبدّل مع انتقال السلطة في بولندا إلى قوميين محافظين جعلوا من التشكيك في الاتحاد الأوروبي وفي ألمانيا قضية جنوا منها مكاسب سياسية.
وردّد رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي الأسبوع الماضي إن "بولندا لم تتلق بعد التعويض المناسب، خسرنا ستة ملايين شخص خلال الحرب العالمية الثانية، أكثر بكثير من دول أخرى تلقت تعويضات كبيرة. هذا ليس عادلا ولا يمكن أن يبقى على حاله".
وزعيم حزب القانون والعدالة المحافظ ياروسلاف اتشينسكي هو الذي طرح هذه المسالة مجددا عام 2017. وقال النائب عن هذا الحزب اركاديوش مولارتشيك إن وارسو تعد تقريرا جديدا أوسع نطاقا من ذاك الذي صدر في 1947 وتضمن مبلغا يعادل 850 مليار دولار بالسعر الحالي.
وقال مولارتشيك الذي يترأس لجنة برلمانية مكلفة تقدير قيمة الأضرار التي يجب دفع تعويضات عنها، لوكالة "فرانس برس" الفرنسية: "مرت سنوات عديدة بعد انتهاء الحرب ولم تفكر ألمانيا بماضيها، بل فضلت التفكير في حماية استقرار ميزانيتها على اتباع القواعد الديموقراطية لدولة القانون واحترام حقوق الإنسان"، موضحا أن بولندا هي ضحية "تمييز".
وأقرت برلين بمسؤوليتها عن فظائع الحرب لكنها ترفض طلبات التعويضات الجديدة، سواء من اليونان أو من بولندا، وقالت متحدثة باسم سلطات برلين أولريكه ديمر، إن "موقف الحكومة الألمانية لم يتغير، قضية التعويضات الألمانية مغلقة قانونيا وسياسيا".
وأشارت ألمانيا، إلى أن بولندا تخلت في 1953 عن المطالبة بتعويضات حرب من ألمانيا الشرقية. وتمت تسوية القضية نهائيا بمعاهدة "2+4" بين الألمانيتين والدول الأربع المنتصرة في الحرب (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا). وفتح توقيع الاتفاق في سبتمبر 1990 الباب لإعادة توحيد ألمانيا، لكن المحافظين البولنديين يعترضون على اتفاق 1953 الذي أبرم في عهد الشيوعيين. وبما أنهم يخشون ربما نقاشا قانونيا معقدا، فهم يفضلون التركيز على "الواجب الأخلاقي" للألمان.
والبولنديون منقسمون حول قضية التعويضات. ورأى تادوش سيراندت الذي كان شاهدا على أولى عمليات القصف الألمانية في فيلون (وسط) في الأول من سبتمبر 1939، أن القضية انتهت مع قرار القوى الكبرى منح بولندا حوالى مئة ألف كيلومتر مربع في شمال البلاد وغربها، اقتطعت من ألمانيا، وحرمانها من حوالى 175 ألف كيلومتر مربع في الشرق لمصلحة الاتحاد السوفياتي.
وقال الرجل البالغ من العمر 88 عاما لوكالة فرانس برس "سأكتفي بهذه الأراضي التي تمت استعادتها في 1945"، بينما رأى المؤرخ تادوش أولينيك الذي يعيش في فيلون أن المطالبة بتعويضات يبقى أمر "مبرر أخلاقيا".
وأوضحت "فرانس برس"، أنه إن كانت الطبقة السياسية الأمانية تجمع على التأكيد أن هذا الملف أغلق، إلا أن الوضع مختلف تماما بالنسبة لاحتمال رد الاعتبار للجيش الألماني النازي وهو ما يطالب به قادة اليمين القومي الذي يشهد ازدهارا في شرق ألمانيا، وصرح رئيس حزب "البديل من أجل ألمانيا" ألكسندر جولاند في سبتمبر 2017 في أوج حملة انتخابية وطنية، أن بلاده يمكن أن "تعتز بإنجازات الجنود الألمان في الحربية العالميتين".
وأثارت هذه التصريحات استياء على الساحة السياسية الألمانية من اليمين واليسار. لكن كل هذه الإدانات لم تمنع انتخاب 94 نائبا للحزب اليميني القومي في اقتراع 24 سبتمبر 2017، في سابقة، وقال مالورتشيك "بما أن قضية (التعويضات) لم تحل، نصل إلى التقليل من أهمية الدور الذي لعبه الألمان خلال الحرب العالمية الثانية".
وتعرضت بولندا أيضا في 1939 لهجوم من الاتحاد السوفيتي، وقالت وزارة الخارجية البولندية لـ"فرانس برس"،إن "الجانب البولندي لا يطرح حاليا مسألة تعويضات الحرب حيال روسيا".