تجارة تصاريح الدفن.. بـ1000 جنيه دون كشف في "المنيرة"

كتب: خالد فهمى

تجارة تصاريح الدفن.. بـ1000 جنيه دون كشف في "المنيرة"

تجارة تصاريح الدفن.. بـ1000 جنيه دون كشف في "المنيرة"

حالة الفوضى والإهمال سيطرت على مكاتب الصحة، خاصة في القاهرة والجيزة خلال السنوات الأخيرة، أعطت الفرصة للكثيرين لاستخراج تصاريح دفن مقابل مبالغ مادية دون توقيع الكشف الطبي على المتوفى، ما أدى إلى انتشار ظاهرة بلاغات استخراج جثث المتوفين بعد دفنها بفترات متفاوتة، لتشريحها وبيان سبب الوفاة، ما يهدد ميزان العدالة ويتيح الفرصة لمرتكبى وقائع قتل للإفلات بجرائمهم.

"الوطن" تتبعت الظاهرة لرصد البلاغات والوقائع الغريبة، وتبيّن أنّ عددا ليس بقليل من هذه البلاغات ثبتت صحتها، حيث يكتشف الطب الشرعي بعد استخراج الجثة وتشريحها أنّ سبب الوفاة جنائي، رغم أنّ إجراءات الدفن تمت بشكل طبيعي وبطريقة صحيحة، وبناء على تصريح صادر من مفتش الصحة.

طبيب شرعي في مشرحة زينهم، طلب عدم نشر اسمه، قال إنّ أكثر من 90% من حالات الوفاة يتم إصدار تصاريح دفن لها دون الكشف عليها، إذ إنّ مفتش الصحة يعتمد على إجابات المبلغ عن أسئلته، كم سن المتوفى؟ وهل كان يعاني من أمراض مزمنة؟ وهل الوفاة حدثت في المنزل أم المستشفى؟ وهل توفي في المستشفى وتم نقله إلى المنزل؟ إضافة إلى الشكل العام للمبلغ، إذ يتم أخذ صورة من بطاقته وكتابة اسمه ي تصريح الدفن في خانة المبلغ بالوفاة، وإذا اطمأن مفتش الصحة لما سبق يصدر على الفور تصريح الدفن، لكنه إذا ارتاب في الأمر يطلب توقيع الكشف الطبي على الحالة.

وأضاف الطبيب الشرعي أنّ عمل مفتشي الصحة يسير على تلك الوتيرة، ما تسبب في انتشار ظاهرة بلاغات استخراج الجثث، فغالبا كل أهل المتوفى يعرفون أنّه مات مقتولا ويتفقون على التعتيم على الجريمة، وبعد فترة يحدث بينهم أي خلافات فيبلغون عن الواقعة.

وأوضح الطبيب الشرعي أنّ مكاتب الصحة تغلق أبوابها في الخامسة مساء، ويصبح مستشفى المنيرة للطوارئ هو المسؤول عن إصدار تصاريح الدفن لأهل القاهرة والجيزة، حتى التاسعة صباحا، ومن هنا جاءت فرصة بعض العاملين لاستغلال أسر المتوفين، فبات من المعلوم للجميع أنّ المواطنين الذين يأتون إلى المشرحة لتسلم جثث ذويهم يدفعون 1000 جنيه لأحد العاملين مع مفتش الصحة، نظير تصريح الدفن، وبالنسبة لحالات الوفاة في المنزل تدفع الأسرة 1000 جنيه أيضا نظير الحصول على تصريح دفن، دون الكشف على المتوفى، ما أدى إلى انتشار ظاهرة بلاغات استخراج الجثث لتوقيع الكشف الطبى عليها.

وقال مصدر بالطب الشرعي إنّ مفتشي الصحة بمستشفى المنيرة يتعاملون بلا مبالاة مع حالات الوفاة، ويعتمدون على شخص عاطل من خارج المستشفى يدعى "محمد. ش" وشقيقه أحمد، في الكشف على المتوفين، إضافة إلى أنّهم يتركون لهما تصاريح دفن مختومة على بياض، ومن هنا يأتي التلاعب واستغلال أسر المتوفين.

وزاد المصدر أنّ أغلب حالات الوفاة التي تم استخراج تصاريح الدفن فيها عن طريق "الشقيقين" عند استخراج الجثث وتوقيع الكشف الطبي عليها، تبيّن أنّ وراء الوفاة جريمة قتل، وأنّ المبلغ بالوفاة يذهب إلى مستشفى المنيرة للطوارئ، ويقابل أحد الشقيقين اللذين يعملان مع مفتشي الصحة، وإذا دفع 1000 جنيه يأخذ تصريح الدفن دون كشف، وإذا لم يدفع يذهب معه إلى منزله ويوقع الكشف على المتوفى ويصور الجثمان ويرسل الصور على "واتس آب" لمفتش الصحة، وتبدأ عملية ابتزاز أسرة المتوفى، إذ يخبرهم أنّ مفتش الصحة قلق من حالة الجثة ويشك في أنّ الوفاة جنائية ويريد أن يخطر النيابة، لكنه سيحاول معه لإصدار التصريح مقابل 1000 جنيه، وهنا ترضخ الأسرة وتدفع المبلغ من باب إكرام الميت دفنه.

وتابع المصدر أنّ الدكتور هشام عبدالحميد رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، كبير الأطباء الشرعيين، تقدم بعدة شكاوى من إهمال ولا مبالاة أطباء الصحة بمستشفى المنيرة للطوارئ، لكن دون جدوى.

وقال "م. ن" صاحب مكتب حانوتي بمنطقة أبوالريش، إنّهم يعانون من مستشفى المنيرة للطوارئ منذ أكثر من 15 عاما لتعرضهم لابتزاز يومي من قبل "محمد. ش"، وشقيقه أحمد، في أثناء استخراج تصاريح الدفن، مشيرا إلى أنّهما يطلبان مبالغ كبيرة تتجاوز 1000 جنيه مقابل إصدار تصريح الدفن، في ظل عدم وجود أطباء الصحة المكلفين بالكشف على المتوفين والتصريح بدفنهم.

وأضاف أنّ "محمد. ش" عاطل ولا يعمل في وزارة الصحة، لكن جميع الجهات تتعامل معه باعتباره مفتش الصحة، إذ إنّ رئيس مباحث السيدة زينب، وجميع الضباط وكل من هو له تعامل مع مكتب الصحة يتصل بـ"محمد. ش" وشقيقه أحمد لإنهاء الإجراءات دون علم مفتشي الصحة، وتابع أنّ الشقيقين جمعا ملايين من وراء التجارة في تصاريح الدفن.

وفي المقابل، قال الدكتور أشرف مفتش صحة مستشفى المنيرة للطوارئ، لـ"الوطن" إنّ "محمد. ش، حانوتي وهذا سبب وجوده الدائم أمام المستشفى، لكنه لا يعمل في وزارة الصحة"، مضيفا أنّه "مسؤول والدكتور وائل عن تصاريح الدفن خلال الفترة من الخامسة مساء وحتى الخامسة فجرا، ونوقع الكشف على الوفيات ونصدر تصاريح الدفن دون مقابل".

وتابع أنّه غير مسؤول عن بعض الأشخاص الذين ينصبون على المواطنين، من خلال وجودهم خارج أسوار المستشفى، لافتا إلى أنّه وزميله لا يتقاضيان أي مبالغ مالية مقابل إصدار تصاريح الدفن.


مواضيع متعلقة