فضيحة عمدة نيويورك

هناء فتحي

هناء فتحي

كاتب صحفي

هى فضيحة يعتبرها الأمريكان الذين يقطنون نيويورك من العيار الأشد ثقلاً، لأنها جاءت من عمدتهم «بل دى بلازيو» حاكم الولاية عن الحزب الديمقراطى، والذى ضبطته وصوّرته بالفيديو وبثت الخبر فى نشراتها المتتابعة إحدى كاميرات التليفزيون المحلية وهو داخل سيارته الـ4×4 السوداء الضخمة المسرعة والتى كان يقودها سائقه الخاص، الضابط السابق بالمرور، بسرعة 50 ميلاً متجاوزاً السرعة المقررة للوﻻية، وهى من 20 إلى 30 ميلاً، ، هنا قامت القيامة، واشتعلت المظاهرات والاحتجاجات اليومية ضد «بلازيو» والمستمرة منذ الأسبوع الماضى وحتى الآن فى أرجاء متفرقة من حىّ «كوينز»، حيث تم ضبط السيارة المسرعة وتوقيفها وسحب رخصة القيادة من السائق ومن العمدة الذى لم يمض على تعيينه فى منصبه سوى شهرين اثنين فقط. والطريف أن حاكم الولاية هذا كان قد تقدم قبل الواقعة بـ48 ساعة لبلدية نيويورك بمشروع يتعلق بسلامة الطرق!! ولم تتوقف الاحتجاجات ضده رغم ظهوره فى كل القنوات معلناً اعتذاره للأمريكان الذين لم يقبلوا اعتذاره، ليه بقى؟ لأن «الآخر» الأمريكى -داخل بلاده- لا يسمح لأحد أن يحك له طرف مناخيره أو يتجاوز حدوده أو يكسر قوانينه أو يعتدى على حقوقه حتى ولو كان الرئيس الأمريكى نفسه، لكن هذا «الآخر» الأمريكى هو نفسه -خارج بلاده- من يعصف بكل القوانين الدولية والأخلاق والمبادئ العامة والخاصة والقيم الدينية والمقدسات الإنسانية ويضرب بها عرض أضخم حائط دولى بعيداً عن القارة الأمريكية الشمالية. وإلا فقل لى: ما معنى أن يعلن الرئيس الفنان جورج دبليو بوش الابن عن عزمه افتتاح معرض فنى أوائل الشهر المقبل يضم لوحات زيتية وتماثيل قام برسمها ونحتها مستوحياً شخوصها من قتلى شعب دولة العراق الذين قتلهم هو بقرار أممى قائم على كذبة رسمها هو ومساعدوه بنفس الخفة التى يرسم بها لوحاته الآن، وشردهم وسرق أموالهم ونفطهم وآثارهم وقسم بلادهم ومحاها من فوق خريطة الأرض سنين سوف تطول ولم يتحرك أمريكى واحد محتجاً ليس ضد «السفاح» بوش الابن، بل حتى محتجاً ضد «الفنان» الرقيق المرهف بوش الابن ومنعه من استخدام اللون الأحمر والرسم بدمائنا. وأغلب الظن أن ذات الكاميرات التليفزيونية هى التى ستنقل المعرض على الهواء مباشرة وستصور الساسة ورجال الدين والفكر وهم يتسارعون فى شراء لوحات الفنان الرئيس القاتل السفاح الكاذب المخادع جورج جورج دبليو بوش الابن. أمس الأول انفردت نشرات الأخبار داخل ذات القنوات المحلية بنيويورك أيضاً بفيديو لضابط بوليس بملابسه الرسمية متسللاً من ماكينة تذاكر المترو إلى الرصيف دون أن يستخدم كارت الدخول ودون أن يقطع تذكرة، وتلك فضيحة جديدة سوف يعمل عليها الإعلام هنا طويلاً لكن ذات الإعلام ومعه الشعب الأمريكى كله لم يحرك ساكناً عندما وجدوا رئيسهم «أوباما» متلبساً بحالة تجسس دولية كبرى على كل شعوب الأرض وحكامها.. وهى ذات الشعوب التى لا تنفعل ولا تهتز من مشاهد الأطفال والنساء القتلى بالطائرات الأمريكية التى تقتلنا بالزمبلك ودون طيار. غريب أمر الشعب الأمريكى هذا، بارد وقاسى القلب ومنعدم الحس والضمير تجاه «الآخر» ما دام «الآخر» هذا بعيداً جداً عن أرضه ورئيسه وبيته الأبيض وحزبه الحاكم.