استشارى الطب النفسى: الأصغر سناً الأكثر تأثراً بالنزاعات.. ويحتاجون 6 أشهر متابعة

كتب: إيمان هلب

استشارى الطب النفسى: الأصغر سناً الأكثر تأثراً بالنزاعات.. ويحتاجون 6 أشهر متابعة

استشارى الطب النفسى: الأصغر سناً الأكثر تأثراً بالنزاعات.. ويحتاجون 6 أشهر متابعة

قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية، إن الأطفال الذين ينشأون فى مناطق نزاعات يحتاجون لرعاية خاصة نتيجة تأثرهم الشديد بأجواء الحروب التى تسببت فى تشريد الكثير من الأطفال وفقدانهم أهاليهم، وأضاف فى حواره لـ«الوطن» أن الأمراض النفسية التى يصاب بها هؤلاء الأطفال تتنوع ما بين اكتئاب وأعراض فصامية ووسواس قهرى ورهاب اجتماعى، مؤكداً أن درجة تأثر الطفل بالنزاع تختلف وفقاً لعمره، «فكلما كان أقل من ٤ سنوات ازداد تأثره بالأحداث المحيطة».. وإلى نص الحوار:

المنطقة التى يتعرض فيها الأبرياء للقتل دون سبب ويُستغل فيها الأطفال تعتبر "مناطق نزاع"

كيف يتأثر الأطفال بالنزاعات الدائرة فى بلدانهم؟

- يتعرض الكثير من الأطفال فى مناطق النزاعات للعديد من المآسى التى تتسبب فى إحساسهم بالضغوط والصدمات النفسية، نتيجة فقدانهم أقاربهم وانهيار منازلهم وتعالى أصوات الانفجارات والطلقات النارية المنتشرة فى محيط إقامتهم، والأطفال الذين يعانون من مشاكل مرضية أو لديهم «الجين المرضى» يتأثرون بتلك النزاعات بشكل أكبر عن غيرهم.

جمال فرويز: الاكتئاب الشديد أكثر الأمراض انتشاراً بين أطفال الحروب

وما أبرز الأمراض النفسية التى يصاب بها أطفال النزاعات؟ وما مدى خطورتها؟

- هناك العديد من الأمراض النفسية التى تتسبب فى مشاكل كبيرة للأطفال الذين ينشأون فى مناطق نزاعات، ولكن أبرزها الاكتئاب والوسواس القهرى وأعراض فصامية والرهاب الاجتماعى، ما يدفع الطفل للعزلة وتجنب التعامل مع الأشخاص المحيطين، وتلك الأمراض تتسبب فى أضرار سلبية على صحته وخطورة على حياته، وأحياناً قد تتسبب فى انتحار البعض نتيجة الإصابة بالاكتئاب الشديد.

وكيف يتم تحديد ما إذا كان الطفل مصاباً بمرض نفسى أم لا؟

- بعد إنقاذ الأطفال من منطقة الصراع يمكن ملاحظة إصابتهم بأمراض نفسية من خلال متابعة الطبيب لتصرفاتهم، حيث يظهر عليهم بعض التغييرات كاضطرابات فى النوم والأكل وفقدان الشهية ونوبات البكاء والخوف الشديدين، ومنهم من يكتسب بعض الصفات العدائية متأثراً بما شاهده من عنف، وآخرون يصابون بأعراض جسدية تظهر عليهم بوضوح.

وما أبرز المشاكل التى يعانى منها أطفال النزاع وتتسبب فى هذه الأمراض؟

- فقدان الطفل لأعزائه من الأب والأم والأشقاء أو ضياعه من أقاربه وتعرضه لمناظر الدمار والخراب فى بلده ورؤيته لمشاهد الأشلاء والجثث المتناثرة فى الأرجاء.

وهل يرتبط سن وجنس الطفل بدرجة تأثره بالنزاعات الدائرة فى بلاده؟

- هناك ارتباط قوى بين درجة التأثر بالنزاع وعمر الطفل نفسه، فكلما كان عمر الطفل صغيراً ازداد تأثره بهذه الصراعات، لأن قدرته على التحمل لا تزال ضعيفة، أما جنس الطفل سواء كان بنتاً أم ولداً فهو لا يؤثر كثيراً إلا فى حالة بلوغ الطفل مرحلة المراهقة، وهى المرحلة التى تشهد تغيراً فى الهرمونات، ففيها تصبح البنت أكثر حساسية وتأثراً بشكل أكبر من الولد.

ومتى يصنف منشأ الطفل كمنطقة نزاع ويفضل إبعاده عنها؟

- ما دامت توجد بالمنطقة جرائم حرب وصراعات مسلحة ويتعرض العديد من الأبرياء للقتل دون سبب ويُستغل فيها الأطفال؛ فتلك تعد مناطق نزاع، حيث يتم فيها تعذيبهم بطرق غير آدمية لإرضاء طرف آخر، ولذلك يفضل إبعاد الأطفال عنها بكل الطرق الممكنة، فمثلاً فى بعض المناطق يستخدمون الأطفال كألغام بشرية كما كان يحدث فى العراق وسوريا، ومن أشهر مناطق النزاعات هى الصومال وسوريا واليمن وبعض المناطق فى العراق وأفغانستان والكونغو ودارفور.

وكيف يجب التعامل مع الأطفال بعد انتشالهم من مناطق النزاعات؟

- لا بد من توفير الدعم النفسى لكل الأطفال على قدر معاناتهم، ومتابعتهم من قبل الإخصائى النفسى لمدة 6 أشهر على الأقل، ويتم ذلك من خلال رعايتهم والاهتمام بصحتهم ووجباتهم والاستماع لهم ومحاولة إدماجهم فى المجتمع وتوفير بيئة مناسبة للعيش، وإبعادهم عن أى مشاكل أو توترات بما يضمن لهم حياة كريمة والشعور بالأمن، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية وجميع أنواع العلاج المطلوب لحالة كل طفل.

وبالنسبة لمنظمات المجتمع المدنى، كيف تزداد فاعلية دورها؟

- مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بهؤلاء الأطفال تحتاج لتوجيه اهتمام أكثر لهؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى مزيد من الدعم المادى لابتكار مشاريع تخدم هؤلاء الأطفال، ولا بد أن يكون العمل فى مؤسسات المجتمع المدنى من خلال متطوعين ذوى اهتمام بقضية أطفال النزاعات وليسوا مجرد موظفين حتى يوفروا الرعاية اللازمة للأطفال.

وما الشروط المطلوبة فيمن يتعاملون مع هؤلاء الأطفال؟

- أن يكونوا متخصصين وذوى خبرة فى التعامل مع الأطفال ولديهم رأفة بالأطفال ويسعون لمساعدتهم، إذ يحتاج هؤلاء الأطفال رعاية خاصة تختلف من طفل لآخر، فكلما كان الطفل صغير السن يفضل أن تتولى رعايته متخصصة، أما الأكبر فيتعامل معه متخصص رجل، فعلى سبيل المثال الطفل الأقل من 10 سنوات ترعاه متخصصة أنثى لتمده بمشاعر الحنان التى حرم منها، أما الطفل الذى بلغ الـ15 يفضل أن يكون هناك متخصص رجل ومتخصصة أنثى، لأنه يحتاج للحنان والشدة، أما الطفل الأكبر من 15 فيحتاج لمتخصص رجل ليساعده على اكتساب مهارات التعامل مع الآخرين.


مواضيع متعلقة