ذكر ورواج اقتصادي.. مُريدو "الشاذلي" في خيام صوف بصحراء البحر الأحمر

كتب: شاذلي عبدالراضي

ذكر ورواج اقتصادي.. مُريدو "الشاذلي" في خيام صوف بصحراء البحر الأحمر

ذكر ورواج اقتصادي.. مُريدو "الشاذلي" في خيام صوف بصحراء البحر الأحمر

أحيا الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من المريدين والمحبين من الصوفية الليلية الختامية لمولد الشيخ أبو الحسن الشاذلي، والذي يعد ضريحه من أشهر الأضرحة في مصر، وذلك تزامنا مع الوقوف بجبل عرفات، أمس السبت، حيث يأتيه زواره من أغلب محافظات الجمهورية، إلى جانب الوفود العربية من دول مختلفة، خاصة دول المغرب العربي.

ويعود نسب الشيخ أبو الحسن الشاذلي، إلى المغرب، الذي يبعد 450 كيلو متر من مدينة الغردقة جنوب مرسى علم في قلب صحراء محافظة البحر الأحمر، بجوار جبل حميثرة.

يلقبه مريدوه بـ"قطب الأقطاب" ساكن قلوب البسطاء، له حكايات وروايات يعيشها متعلمين وأميين، جاؤوا إلى ضريحه، اعتقادا منهم أنه سيشفع لهم، ويلبي طلباتهم، ويتركوا على بابه الهموم والأحزان، كما يعتقدون.

وأقام مريدو الإمام ومحبوه، في خيام من الصوف والقماش، ليحتموا بها من حرارة الشمس، وللمبيت طوال فترة المولد في مناطق حول الضريح، والأقرب له لمن سبق في الوصول إلى وادي حميثرة، وبداخلها كل ما يحتاجه المريدون طول المولد.

وحمل المريدون والمحبون في طريقهم لإحياء ذكرى مولد قطب الصوفية، أبو الحسن الشاذلى، ما يحتاجونه من ماء وغذاء طوال فترة إقامتهم، كما تقوم مجموعات معينة من القادرين ماديًا ومريدي الإمام، بنحر الذبائح هناك.

وشملت مظاهر الاحتفالات بالمولد، الصعود أعلى جبل حميثرة، والذي يقترب ارتفاعه من الـ300 متر، وأيضا ترديد بعض التواشيح والأدعية وإقامة حلقات الذكر في الساحات المحيطة بالضريح، وذلك بحضور محافظ البحر الأحمر ووكيل وزارة الأوقاف وبعض مدريري المديريات، وسط تشديد للإجراءات الأمنية لتأمين الاحتفالات.

كما شهدت الساحات المتفرعة من الساحة الرئيسية في المنطقة، توافد الباعة، وعشرات الآلاف من المواطنين، الأمر الذي أحدث رواجًا تجاريًا يقصده الباحثون عن المهن الموسمية، ومريدو الأقطاب الصوفيون.

ورصدت كاميرا "الوطن" رسوم ونقوشات وعلامات وأسماء، تدونها "أم علي" صانعة الحناء الأسواني، تسجل بها على أذرع مريدي القطب الصوفي الشيخ أبو الحسن الشاذلي.

فيما يقوم "عم عبد البصير" صاحب الستين عاما، بسقيا المئات من المريدين، بعد توافدهم من جميع المحافظات للمشاركة في الاحتفال بالليلة الختامية.

ويقول "عبد البصير، إنه دائم المكوث إلى جوار الإمام الشاذلي، من أجل التأسي به، والصحبة الطيبة لأهل بيت رسول، الله صل الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أنه يداوم على عمله في سقاية المقبلين على الضريح منذ قرابة 40 عامًا.

ويوضح ساقي المريدين، أن الثواب والجزاء من عند الله كبير، عند سقاية الناس، خاصة وأن المكان يشتهر بالحرارة المرتفعة، وتكدس الجميع من المواطنين ومريدي الشيخ، داعيًا المولى أن يرزقه الإخلاص في العمل.

ومن جهته، أشار اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر، في تصريح لـ"الوطن"، إلى أن ذلك الاحتفال المهيب يتوافق مع وقفة عيد الأضحى المبارك، لافتا إلى أنه تم تخطيط القرية بالكامل، ورصف كل طرقاتها وشوارعها، كما تم تنظيم الاحتفال الخاص بالقطب الصوفي للعمل على راحة المواطنين.

وأوضح أنه تم إنشاء دورات مياه للرجال والسيدات، وتنظيم حركة البيع والشراء، وتوافد الباعة، حيث يعتبر مولد القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي، بابًا للرزق للمئات منهم، وسط توافد عشرات الآلاف من المواطنين والمريدين.

وقال إنه وجه بتنظيم قوافل طبية شاملة جميع التخصصات، وتنظيم ندوات توعية صحية للأهالي في قرية الشيخ الشاذلي وللزواركافة للوقاية من الأمراض، مؤكدا عمل الوحدة الصحية بصفة مستمرة خلال أيام الاحتفال بالمولد.

وأكد أن شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالبحر الأحمر، وفرت 2200 طن من مياه الشرب في خزانات التكديس بالقرية، وكذلك إمداد خزانات المشربيات سعة 300 متر مكعب بكميات المياه اللازمة لها، بالإضافة إلى خزانات المسجد.

 

فيما أوضح الشيخ حسن السناري، أحد اتباع الطريقة الشاذلية، في تصريح لـ"الوطن" أن الآلاف من أتباع الطريقة الصوفية، يشاركون في إحياء ذكرى مولد أبو الحسن الشاذلي بالساحات المجاورة لضريح الإمام، وذلك بعقيدته التي كان يعيش عليها، وتشمل "حلقات ذكر، وتصحيح العقيدة" بهدف تذكير الناس بالدين الوسطي من غير تزمت، و"التخلق بأخلاق أهل البيت قولا وعملا" بابتغاء وجه الله- سبحانه وتعالى-.

وقال إن الاحتفالات وإحياء ذكرى أولياء الله الصالحين، لها وجهين، أحدهما ديني، والآخر دنيوي، ويتمثل الأخير في البيع والشراء وانتعاش الحركة الاقتصادية، أما بالنسبة للأول فيتمثل في تجديد الإيمان بالله، وذكر رسول الله، في حلقات، والاقتداء بأولياء الله الصالحين، مختتما: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ".

  .

من جهته، قال الشيخ جمال عواد مدير عام أوقاف البحرالأحمر، إن المديرية أوفدت خطباء وشيوخا للتعريف بالقطب الصوفي، وشرح وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الاعتقادات الخاطئة، ومنها على سبيل المثال "تشبيه صعود جبل حميثرة كأنه صعود لجبل عرفة، وبدعة زيارة الضريح والصعود لجبل حميثرة كأنها الحجة الصغرى" مؤكدا أنها موروثات خاطئة.

والزاهد الصوفي، الإمام أبو الحسن علي بن عبد الله الشاذلي، تنسب إليه الطريقة الشاذلية، وولد سنة 1196 ميلادية في قبيلة الأخماس الغمارية بالمغرب، وينتهى نسبه إلى الإمام على بن أبي طالب.

حفظ القرآن ودرس السنة وتبحر في العلوم الدينية كثيرا حتى برع فيها، كما تفقَّه وتصوَّف في تونس، ثم انتقل إلى مدينة الإسكندرية وأقام بها.

وتوفي الشاذلي سنة 1258 ميلادية في وادي حميثرة بصحراء عيذاب جنوب محافظة البحر الأحمر، حيث كان في طريقه إلى مكة، متوجها لأداء فريضة الحج.

وفى عام 1258 ميلادية، كان في طريقه إلى الحج، وقبل أن يصل ميناء عيذاب نبَّأ أصحابه، بأن في حميثرة سيحدث شيء، وقال لأحدهم: "في حميثرة سوف ترى".

وعندما وصل وبعضا من أتباعه إلى وادى يسمى "حميثرة" وافته المنية به، فغسَّلَهُ أتباعه" وعلى رأسهم الشيخ المرسي أبو العباس" وصلوا عليه ودفنوه" وأقيم له ضريح فيه.


مواضيع متعلقة