مؤسس صالون سبت النور: "الثقافة الجماهيرية" قادرة على إشاعة التنوير فى مصر.. بشرط

كتب: إلهام زيدان

مؤسس صالون سبت النور: "الثقافة الجماهيرية" قادرة على إشاعة التنوير فى مصر.. بشرط

مؤسس صالون سبت النور: "الثقافة الجماهيرية" قادرة على إشاعة التنوير فى مصر.. بشرط

قال الكاتب حمدى أبوجليل، رئيس تحرير مجلة «الثقافة الجديدة» الأسبق، إنه يسعى من خلال صالونه الفكرى «سبت النور»، الذى أسسه مؤخراً إلى نقد التراث الإسلامى ونسخة الفقه التى بدأت عملية كتابتها بعد وفاة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) بـ300 سنة، مشيراً إلى أن التنوير الذى انطلق قطاره مع بدايات القرن العشرين لم يصل إلى نتيجة حقيقية بسبب تراجع من قادوه عن مشروعهم بعد الهجوم عليهم.

الكاتب حمدى أبوجليل لـ"الوطن": وزارة الثقافة لديها إمكانيات جبارة للمساهمة فى الحرب على الإرهاب

وأضاف فى حوار لـ«الوطن» أن دور وزارة الثقافة فى محاربة الإرهاب، أهم من دور وزارة الداخلية، وأنها تمتلك إمكانيات كبيرة لأداء هذه المهمة، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من المجتمع المصرى يتطلع إلى التنوير، بعدما فهم أن طرح «الإسلام الوسطى» مجرد أكذوبة، وأنه لا فرق بين طارق البشرى وفهمى هويدى وأسامة بن لادن والإخوان.. وإلى نص الحوار:

أسست الصالون لإيمانى بأهمية التنوير ونقد التراث ونعتمد على "السوشيال ميديا" فى الوصول إلى الآخر

لماذا فكرت فى تأسيس صالون «سبت النور» فى هذا التوقيت؟ وما المقصود بـ«التنوير» من وجهة نظرك؟

- سبب تأسيس الصالون هو إحساسى بأن هناك عدداً كبيراً من أبناء الشعب المصرى مهموم بموضوع التنوير، ونحن فى الصالون غير معنيين بالسياسة، ولا الدين، فمشكلاتنا ثقافية بالأساس، لأننا نريد مواجهة الأفكار الظلامية المتوغلة فى الثقافة المصرية، التى تحول بين المواطن وشعوره بـ«الرضا». ومن بين مشكلاتنا أن «العالِم» عندنا هو الشخص الذى يحفظ 7 آلاف حديث، والفيصل فى علم الحديث سمعة الراوى، لذلك يمر موضوع «إرضاع الكبير»، وغيره من الكوارث، لأنه لا يوجد تحكيم للعقل.

أما كلمة «التنوير» ليس لها تعريف واحد أو دقيق، لكن لها وقع واحد على كل من يسمعها، وفى رأيى هو «كشف الزيف»، لذلك فنحن نعتنى فى الصالون بالتعرض للنسخة الدينية الشائعة المقدسة، التى بدأ متدينون فى كتابتها بعد وفاة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) بـ300 سنة، وتشمل كل الأحاديث والفقه، وهى نسخة مشكوك فى أمرها من البداية، لأنها كتبت بعد وفاة النبى بثلاثة قرون، ونقلت عن فريقين متحاربين ومتقاتلين، خلال واقعة «الجمل» الشهيرة، التى سقط فيها أكثر من 10 آلاف من خيرة الصحابة، فهذا التاريخ أنتج لنا تراثاً يتصف بـ«الرحابة القاتلة»، كونها تهدف عند كل طرف إلى محاولة إثبات أحقيته فى «الإسلام الحقيقى»، وإلى إثبات «رجعية الآخر»، وهذه الآلية تعمل فى المجتمع حتى الآن.

بدأ الحديث عن ضرورة التنوير من القرن الماضى دون جدوى ملموسة، فلماذا فى رأيك؟، وما الذى يمكنك إضافته؟

- السبب أن المستنيرين فى مجتمعاتنا منذ بداية القرن العشرين، كانوا ينتقدون هذا التراث بمحاولة تهذيب وحذف كل ما يتجاوزه الزمن على فترات، ما أنتج خزعبلات من قبيل أن ضرب المرأة يكون بالسواك، وغيرها من محاولات التحايل، وعدم تحقيق نتيجة سببه تراجع المثقفين المصريين عن الاستمرار فى التنوير بعد الإقدام عليه، فلدينا محطات مهمة، مثلاً حين كتب طه حسين «فى الشعر الجاهلى»، قبل المحاكمة والتهذيب، لكن عندما هب عليه المجتمع هذب الكتاب وتراجع عن مشروعه التنويرى، وبعدها بنحو 50 سنة كتب نجيب محفوظ رواية «أولاد حارتنا»، وكذلك توفيق الحكيم تراجع بعد الهجوم عليه بسبب مقالات «حوار مع الله».

وفى عام 2000 اتهمت أنا وإبراهيم أصلان بازدراء الأديان، بسبب نشر رواية «وليمة لأعشاب البحر» للكاتب السورى حيدر حيدر، حيث كنت المتهم الثانى، بصفتى مدير تحرير سلسة «آفاق الكتابة»، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وكان «أصلان» رئيس التحرير، وهى كانت خدمة للمصريين، تنشر كتابات كبار المؤلفين العرب وتوزعها بأسعار زهيدة.

ودافعنا عن الرواية بمنطق معارضيها فقلت للنائب العام وقتها، إنها لم تتجاوز فى النسخة الإسلامية الشائعة، وقلت لوكيل النيابة إننا لا نحذف وجهات نظر الكفار فى رواية سيرة النبى محمد، وعلى هذا القياس علينا التعامل مع «وليمة لأعشاب البحر»، وكانت هذه آخر تجليات التراجع.

إذن لتبنى القضية ثمن فهل أنت على استعداد؟

- أنا شديد الإيمان بالقضية، ومعى آخرون لا أعرفهم بشكل شخصى، هؤلاء الذين وقفوا 18 يوماً فى ميدان التحرير فى 2011، وهم الذين خرجوا فى 30 يونيو 2013، لإسقاط حكم الإخوان. وهؤلاء يمثلون طائفة المؤمنين بضرورة التنوير، وهم أهم فئة منتجة فى المجتمع، ويحبون هذا البلد، ويعتبرون أن 30 يونيو ملكهم جميعاً، وهذه الثورة كشفت أنه لا يوجد ما يسمى «الإسلام الوسطى المستنير»، فلا فرق بين طارق البشرى وفهمى هويدى والإخوان، وأسامة بن لادن، كلها تجليات لمعنى واحد، الفرق أن فهمى هويدى وفريقه أذكى، حيث يعمل على تهيئة المجتمع لقبول الفكرة الرجعية قبل إعلانها على الملأ.

هيئة قصور الثقافة تصدر كتباً لا يقرأها أحد وتنتج مسرحيات يشاهدها أصحابها فقط

هل تنوى تحويل الصالون إلى جمعية أهلية أو أى كيان اعتبارى؟

- لا، والمرحلة الأولى على الأقل، سيكون هدفها هو الاجتماع والتعارف بين المؤمنين بالفكرة، ثم الخطوات التالية يتم رسمها فى مرحلة تالية، ورهانى على أننا نستخدم السوشيال ميديا للوصول إلى الآخر دون وسيط.

البعض يعتقد أن نقد التراث هو خصم من الدين فما رأيك؟

- هؤلاء من سماتهم أنهم ليسوا إخواناً بشكل صريح، لكن يتعاطفون معهم، وهم يمثلون الطائفة التى تنظر للتنوير على أنه ضد الدين، وكلمة «التنوير» لها تاريخ ورفعت فى كل الأمم واللغات، وقوبلت بمعارضة لكنها ربحت فى النهاية، فقد رفعها الأوروبيون وكسبوها، والهنود واليابانيون، مع الفارق بين كل بيئة وأخرى، وهؤلاء المعارضون تحدث عنهم الله تعالى فى القرآن بقوله «ختم الله على قلوبهم». وأحد الكتاب من الأصدقاء المعروفين هاجمنى بسبب إعلان موضوع الصالون، والتنوير لن يكون حاسماً إلا عندما نصل إلى المعسكرين: المعسكر المستنير والمعسكر الظلامى بشكل حاسم.

من المثقف فى رأيك؟ وما دوره؟

- المثقف ليس المتحصل على المعارف، بل هو الذى لا تمر عليه المعلومة مرور الكرام، ويحلل وينتقد أى معلومة، وربما لا يكون متعلماً. ودوره الأهم العمل على تبنى أفكار تنويرية، وأن ينضم إلينا.

ما موقفك من الدعوات التى انتشرت مؤخراً لإلغاء مؤتمرات الوزارة لعدم الإقبال الجماهيرى عليها، ومنها مؤتمر الأدباء؟

- المؤتمر هو مؤتمر أدباء نوادى الأدب، ولا أعرف سبب تسميته أدباء مصر، وهو نتيجة لهيمنة الثقافة الجماهيرية على الإنتاج الأدبى، ضيوفه حوالى 400 كاتب، ولا يحضر فعالياته أى فرد من الجمهور، ومن اليوم الثانى ينفض الجميع حتى المشاركون، عن حضور الفعاليات.

هل ترى أن طريقة عمل هيئة الثقافة الجماهيرية بحاجة إلى تحديث؟

- بكل تأكيد، فالثقافة الجماهيرية تطبع كتباً لا يقرأها أحد، وتخصص للنشر من مليون ونصف المليون إلى ثلاثة ملايين جنيه كل عام، والرقم يزيد وينقص تبعاً للمخصصات التى يتم توجيهها من بنود أخرى بالهيئة لصالح بند النشر، كما أنها تنتج مسرحيات لا يُقبل عليها إلا منتجوها، والثقافة الجماهيرية تحتاج تحديثاًَ لطبيعة عملها، فهى المؤسسة الوحيدة القادرة على إشاعة القيم التنويرية، خاصة أنها ممتدة فى كل أنحاء مصر، وهذه الهيئة يجب أن تتوقف عن الإنتاج الثقافى، وتتحول إلى مروج لإنتاج باقى قطاعات الثقافة، لخدمة الشعب المصرى، فلديها آلاف الموظفين القادرين على نشر الثقافة والفنون.

ووزارة الثقافة أهم من وزارة الداخلية فى مقاومة الإرهاب، ولديها إمكانيات جبارة، والرئيس عبدالفتاح السيسى تحدث فى خطاباته كثيراً عن أهمية الثقافة، ولم يفعل الموظفون أى شىء، بل إن أغلبهم ضد الفنون والرقص والفن التشكيلى والموسيقى.

هل طرحت هذه الرؤية على رؤساء الهيئة من قبل؟

- نعم.. طرحتها عليهم جميعاً، لكنهم وصفونى بـ«الخيالى»، دون التفكير فى تحديث ما عفا عليه الزمن.

فى روايتك الأحدث «قيام وانهيار الصاد شين».. لماذا قصدت الكتابة باللغة المحلية؟

- عند كتابة الرواية كان أمامى اختياران، الكتابة باللغة العربية الفصحى، وترشح بناءً عليه الرواية للجوائز، أو الكتابة بلغتى الشخصية، وهى خليط من لهجات «البدو والفيوم»، وانحزت لهذا الاختيار، انطلاقاً من أن الكاتب عليه أن يكتب بلغته وسيسمعه العالم.

على أى مصدر استندت فى كتابك «نحن ضحايا عك»؟

- «نحن ضحايا عك».. أنا لم آتِ بحرف من عندى فى الكتاب، بل كل ما ورد فى الكتاب هو من الكتب الفقهية والسير المعتمدة منذ «سيرة ابن هشام» إلى البخارى، وهذا هو الذى سيكشف المأساة، أن نوردها كاملة دون تجميل. فحسب هذه النسخة من الفقه، نجد هذا التاريخ مليئاً بسلسلة من القتل والدماء، وبالتالى «داعش» شرعية طبقاً لهذه القواعد.


مواضيع متعلقة