شعبان يوسف: الملابسات السياسية منعت "نوبل" عن محمود درويش

كتب: إلهام زيدان

شعبان يوسف: الملابسات السياسية منعت "نوبل" عن محمود درويش

شعبان يوسف: الملابسات السياسية منعت "نوبل" عن محمود درويش

تمر اليوم 9 أغسطس الذكرى الـ11 لرحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي يعتبر أحد الأصوات الشعرية العربية المتميزة، واستطاع من خلال أشعاره التعبيرعن القضية الفلسطينية، ما عرضه لدخول المعتقلات الإسرائيلية، بل لم يقف الشاعر الفلسطيني عند حدود القضية، وإنما تجاوز القضية السياسة إلى الإنسانية، واكتسب جماهيرية واسعة، ولذلك كان مرشحا لجائزة نوبل أكثر من مرة لكن الملابسات السياسية جعلته بعيدًا عن الحصول على الجائزة ، خاصة بعد أن كتب قصيدته "عابرون فى كلام عابر"، فبعدها أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها.

وخلال إحياء "الوطن" للذكرى الـ11 لرحيل الشاعر الفلسطيني، تحدثنا إلى الناقد والشاعر شعبان يوسف، الذى يرى أن محمود درويش أعظم الشعراء الذين استطعوا أن يعبروا عن الحالة السياسية دون فجاجة أو تقرير، ورغم أن قصائده تنطوى على صوت عال أحيانا، إلا أننا نجد داخلها إنسانية وعبقرية، كما أن له قصائد في العشق والإنسانيات، وبالرغم من أن محمود درويش بدأ شاعرا سياسيا، إلا أن أشعاره تجاوزت فيما بعد القضية المحلية إلى الإنسانية بشكل عام.

وأضاف يوسف لـ"الوطن" أن درويش كان مدرسا للغة العربية فى بداياته، وارتبط بالحركة السياسية اليسارية في فلسطين المحتلة، وفي بداية عمره كتب قصائدا باللغة العبرية، ونشأ في حركة شعر مقاومة كبيرة جدًا، والتي ضمت عددًا من الشعراء وهم: توفيق زياد، وسميح القاسم، وراشد حسين، وكان أستاذهم الشاعر الكبير حنا أبو حنا، والدراسات دائما تهمل حقه للأسف، مؤكدًا أن محمود درويش هو الأكثر تميزًا عن هؤلاء الشعراء كونه أكثرهم موهبة، وحضورا فاعلية.

وتابع شعبان: قبل 1969 خضع درويش لسجون الاحتلال بأشكال مختلفة، وكان أول من روج له في العالم العربى، القاص العظيم غسان كنفاني، من خلال مجلة "الهدف" التى كان غسان يرأس تحريرها فى بيروت، حيث كتب "كنفاني" وقتها عن أدباء المقاومة، وفى مصر، وبدأ الاحتفاء به قبل الخروج من الأرض المحتلة كذلك، الناقد رجاء النقاش، الذي كان أحد المهتمين بالترويج لمحمود درويش تحديدا فى مصر، وكان أول مقال ينشره عنه رجاء النقاش في 1967 فى مجلة "المصور"، كما نشر رجاء ديوان مهم للشاعر الفلسطيني بعنوان "آخر الليل" فى 1969.

وأشار شعبان إلى أن درويش، خرج في 1969 من الأراضي المحتلة، وبدأت قصائده فى تجاوز التعبير السياسي المباشر، وجاء إلى مصر 1970، وكان محمود نجما فى هذا الوقت، وجرى الاحتفاء به احتفاءً بالغا، ثم كتب عنه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وكان رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الهلال"، ومحمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام، وبالفعل تنازعت هاتان المؤسستان لاستقطاب محمود درويش، لافتًا إلى أنه في ذلك الوقت كان هناك حالة من التضافر بين الداخل والخارج، وكانت منظمة التحرير التي نشأت عام 1965 تُعرف بأبرز الشعراء في الأرض المحتلة، وكان أبرزهم محمود درويش.

وأضاف: محمود كتب مقالا مهما جدا فى مجلة "الاتحاد" الفلسطينة بعنوان: "ارحمونا من هذا الحب القاسي"، وكان هو رئيس تحرير المجلة، وأعادت مجلة الطليعة نشر هذا المقال فى سبتمبر 1969، وهذا الاحتفاء جعل درويش يخرج من بلده، وكتب سلسلة مقالات مهمة يدفع عن نفسه تهمة الهروب من المواجهة مع العدو في فلسطين، ونُشرت المقالات في كتاب بعنوان "شيء عن الوطن" 1972، يدافع فيها عن نفسه قائلا إنه خرج من فلسطين ليدافع عن بلاده من خلال آليات أكثر رحابة، ومكث في مصر عدة أشهر، اختار خلالها أن يرى القاهرة من خلال عيون الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، ثم تنقل بين عدة دول عربية، منها الأردن وتونس، ثم الاتحاد السوفيتي وبيروت، وخرج من لبنان فى 1982، ثم انتقل إلى باريس لتولي رئاسة تحرير مجلة "شئون فلسطينية"، لافتًا إلى أنه ورغم علاقاته القوية بياسر عرفات إلا أنه لم ينضو تحت لوائه وكتب قصيدته الشهيرة "في مديح الظل العالي".

كما أشار "شعبان" إلى أن درويش من مدرسة الشاعر نزار قباني، وهذه مفارقة، لكنه تأثر به تأثرا بالغا فى بداياته، وله ديوان "عصافير بلا أجنحة" الصادر في 1964، لكنه لا يعترف به بسبب تأثره بنزار، لأن أثر نزار واضح بالديوان.

وبالإضافة إلى أنه لم يحصر نفسه فى الشعر فقط، بل كان يكتب نثرا، وله كتابات نثرية لم تجمع في كتاب، ولكن منشورة في صحف منها "الكرمل"، "الجديد القديمة"، "شئون فلسطينية"، وهناك كتاب يضم الرسائل المتبادلة بينه وبين سميح القاسم، بعد المعركة التى دارت بين الاثنين في 1974، وتشاتما فيها بعد خروج محمود درويش من فلسطين.


مواضيع متعلقة