بلد عمر عبدالرحمن والشوقيين.. تاريخ الفيوم مع جماعات العنف

كتب: سلوى الزغبي

بلد عمر عبدالرحمن والشوقيين.. تاريخ الفيوم مع جماعات العنف

بلد عمر عبدالرحمن والشوقيين.. تاريخ الفيوم مع جماعات العنف

جاء إلى العاصمة مُنحدرا من بُعد يصل إلى 103 كيلومترات، مُحمّلًا بغمامة سوداء اتشح بها قلبه وعقله، عاقدًا العزم على إنهاء حياة أبرياء انتقامًا من الدولة، مثلما ترسخ في ذهنه أثناء نشأته في محافظة الفيوم، المعروفة بكثرة المنتمين منها إلى جماعات متشددة، بعضها تكفيري خاصة المعروفة بـ"الشوقيون".

على مساحة 23.87 كيلو متر مربع تمتد الفيوم، إحدى محافظات شمال الصعيد، ومنذ بزوغ نجم الجماعات المتشددة وهي تتربع على قائمة حاضنيها، ويعتبر خالد محمود عبد الرحمن، منفذ حادث معهد الأورام آخر الإرهابيين القادمين منها، الهارب من أمر بضبطه وإحضاره على ذمة إحدى القضايا الإرهابية عام 2018 المعروفة بـ"طلائع حسم".

وفي 2016 خرج من الفيوم أيضا "محمود شفيق محمد مصطفى"، الانتحاري الذي فجر نفسه بحزام ناسف داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية، أثناء إقامة قداس الأحد وكان سببًا في استشهاد 24 شخصًا معظمهم من السيدات والأطفال.

في أغسطس 2015، كانت الفيوم هدفًا لوزراة الأوقاف لمحاربة الجماعات المتشددة، بعد أن تمكنت مديرية الأوقاف بها من ضم 17 مسجدًا خاضعًا للجماعات المتشددة من الإخوان والسلفيين والجمعية الشرعية بمراكز المحافظة، إلى الوزارة ليكون تحت إشرافها.

وبالعودة إلى عام 1990، طفت الجماعات المتشددة بالفيوم على السطح، بعد أحداث قرية كحك بمركز أبشواي، وعُرف اسم المهندس شوقي الشيخ، القيادي البارز في تنظيم الجماعة الإسلامية، الذي انشق عن الجماعة ليُكوّن تنظيمه الخاص الذي سمي "تنظيم الشوقيين"، بعدما تتلمذ على يد الشيخ يوسف البدري في السبعينيات ثم تعرف على طارق الزمر في منطقة الهرم وانضم عن طريقه لتنظيم الجهاد، وظل على ولائه لتنظيم الجهاد حتى بعدما دخل السجن في سبتمبر 1981، حسب ما نشرت عنه الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وبعد خروجه من السجن بشهور عدة تردد في منتصف الثمانينات على منطقة الهرم لعله يظفر بخيط يوصله مجددا لتنظيم الجهاد لكنه لم ينجح، فانضم لتنظيم جهادي آخر عرف في عام 1986 بأنه محاولة لإعادة تأسيس تنظيم الجهاد.

انكشف التنظيم للأمن ودخل أقطابه السجن، وأصبح شوقي الشيخ نزيلًا في سجن استقبال طرة، وفي السجن تعرّف على بعض دعاة وأقطاب مجموعات "التوقف والتبين"، ودار بينه وبينهم نقاش متكرر نتج عنه أن تخلى شوقي الشيخ عن عقيدة تنظيم الجهاد، وتبنى عقيدة جديدة اشتقها هو بنفسه من عقائد مجموعات التوقف والتبين، وهي عبارة عن عقيدتهم كاملة لكنه أدخل عليها تعديلًا مفاده أنه ما دام أمر التوقف هذا بدعة فإنه عليه ألا يتوقف بل يبادر بالحكم بكفر من خالف عقيدته دون توقف، وبعدها لو اعتنق عقيدته فإنه يدخل الإسلام من جديد.

ومزج شوقي بين فكرة حمل السلاح ضد الحكومة التي تعلمها أيام عضويته لتنظيم الجهاد، وبين تكفير من ليس معه، وأدى ذلك لتسلحه هو والعديد من أتباعه وقيامهم بالعديد من الأعمال المسلحة التي سرعان ما أفضت لمواجهة واسعة بينهم وبين الشرطة، إثر قتل شوقي الشيخ لخفير نظامي واستيلائه على سلاحه الحكومي.

بعد مقتل شوقي الشيخ في هذه المواجهات في قرية كحك بأبشواي في الفيوم عام 1990، انطلق عنف الشوقيين بأشد ما يكون، وارتكب "الشوقيون" العديد من الأعمال المسلحة ضد الشرطة والمتعاونين معها، لكن أكثر أعمالهم كانت السطو المسلح على محلات ذهب مملوكة لمسيحيين، وكانوا يبيعون الذهب المسروق غالبا لتجار مسيحيين أيضا، ممن يتعاملون في الذهب المسروق بأقل من ثمنه ثم يشترون به سلاح، وكانوا ينفقون منه على معيشتهم حيث كانوا هاربين من الأجهزة الأمنية و يعيشون متخفين، وبعد القبض عليهم، عادوا إلى سيرتهم الأولى والفكر التفكري بعد خروجهم من السجون عقب ثورة 25 يناير 2011.

وفي نفس المحافظة، كان الشيخ عمر عبدالرحمن خطيبًا للمسجد الكبير بقرية فيديمين، وأصبح الأب الروحي للجماعة الإسلامية، ومسجون في الولايات المتحدة ويقضي فيها عقوبة السجن المؤبد بتهمة التآمر في قضية "تفجيرات نيويورك" سنة 1993، ولُقب بـ"مُفتي الإرهاب"، الذي تعهّد في 29 يونيو 2012 الرئيس المعزول محمد مرسي في أول خطاب له في ميدان التحرير أمام المتظاهرين، ببذل جهده والعمل على تحريره، وهنأ عمر عبدالرحمن، من داخل سجنه، الشعب المصري على فوز محمد مرسي بانتخابات الرئاسة، قبل أن يموت.


مواضيع متعلقة